قالت الصحف:بين زيارة برّاك وتداعيات الحدث السوري

الحوارنيوز – صحف
رصدت الصحف الصادرة اليوم الزيارة المرتقبة للموفد الأميركي توم برّاك الى لبنان الأسبوع المقبل ،فضلا عن تداعيات الحدث السوري وجهود لبنان للحؤول دون امتداده .
- النهار عنونت: التداعيات اللبنانية للفتنة السورية تسابق عودة براك… سلام يرفض كلام قاسم عن تسليم السلاح لإسرائيل
وكتبت صحيفة “النهار” تقول:
بدا لبنان في سباقه بين الأولويات كأنه ولج مرحلة جديدة من التحديات الداهمة مع انعكاسات الانفجار السوري الجديد عليه فيما هو يستعد للمضي في التفاوض مع الموفد الأميركي توم براك الذي يصل إلى بيروت الثلاثاء المقبل
شكل الاجتماع الاستثنائي للهيئة العامة للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز في فردان عصر امس ابرز المؤشرات المتقدمة إلى مستوى الخطورة العالية التي بلغتها تداعيات الفتنة السنية الدرزية في منطقة السويداء في سوريا على لبنان اذ عكست المواقف والتحذيرات والنداءات التي تخللت هذا الاجتماع وأعقبته السقوف الاستثنائية لحال المخاوف والتوترات التي تعتري الدروز وسائر اللبنانيين حيال المجريات الخطيرة للقتال الأهلي الجاري في سوريا . ولم يكن هذا الاجتماع هو المؤشر الوحيد للتعبئة السياسية والدينية والسياسية وكذلك الأمنية التي يشهدها لبنان حيال تداعيات الفتنة السورية عليه اذ ان الإجراءات الأمنية للجيش والأجهزة الأمنية كانت اتخذت طابعا متسعا ومتشددا في الأيام الأخيرة وهي مرشحة للاتساع تباعا لمنع أي تمدد للفتنة الامر الذي ترجمه بيان رسمي علني لقيادة الجيش عكس الجدية الحاسمة التي تتعامل معها القيادة العسكرية مع ظواهر التوتر التي حصلت في الأيام السابقة في بعض المناطق . وعصرا نفذ اعتصام حاشد على طريق المصنع بدعوة من هيئة العلماء المسلمين في البقاع رفضا للاعتداء الإسرائيلي على سوريا “وانحياز الصهاينة في السويداء ” .
وبدا لبنان في سباقه بين الأولويات كأنه ولج مرحلة جديدة من التحديات الداهمة مع انعكاسات الانفجار السوري الجديد عليه فيما هو يستعد للمضي في التفاوض مع الموفد الأميركي توم براك الذي يصل إلى بيروت الثلاثاء المقبل حول الرد الأميركي على الرد اللبناني من دون اتضاح آفاق واضحة وحاسمة حيال ما يمكن ان يعقب الزيارة الثالثة التي سيقوم بها براك للبنان الأسبوع المقبل .
وكانت التطورات السورية احتلت حيزا من الاجتماع بين رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ، وغادر الرئيس بري قصر بعبدا من دون ان يدلي بأي تصريح. وأفيد ان عون وبري وضعا اللمسات الأخيرة على الردّ الأميركي بشأن حصر السلاح، كما تشاورا في سبل درء الخطر الامني عن البلاد. وتوقعت مصادر دبلوماسية عودة المبعوث الاميركي توماس برّاك الى بيروت الأسبوع لتبلغ الرد اللبناني.وبدا ان اجتماع عون وبري جاء بعد اجتماع عون ورئيس الحكومة نواف سلام سابقا لاستكمال توحيد الموقف من الرد اللبناني على الرد الأميركي .
وأفادت مصادر وصفت بانها مطّلعة على مسار المفاوضات الأميركية-اللبنانية أن المبعوث الأميركي توم باراك سيعود إلى بيروت يوم الثلاثاء المقبل في زيارة توصف بـ”المفصلية”، وسط تصاعد الضغوط المرتبطة بتنفيذ بنود الورقة الأميركية.
وتشير المصادر إلى أن الورقة تنص على بدء عملية حصر السلاح تدريجيًا، بدءًا من السلاح الثقيل والصواريخ الباليستية، مرورًا بـالمسيّرات والأسلحة المتوسطة، وصولًا إلى تحقيق ضبط كامل في سياق استراتيجية أمنية وطنية. وتؤكد المصادر أن باراك سينقل رسالة مباشرة من واشنطن إلى المسؤولين اللبنانيين، تشدد على ضرورة الالتزام بتنفيذ ما ورد في النسخة الأولى من الورقة، مع تحذيرات واضحة من ترك لبنان مكشوفًا أمام التصعيد الإسرائيلي في حال لم يتم التجاوب مع المطالب الأميركية.
واعلن الرئيس نواف سلام في حديث إلى محطة الجديد ليلا ان أفكار براك يجري مناقشتها تمهيدا للمحادثات التي ستجرى معه الأسبوع المقبل واكد انه ناقش الأفكار مع الرئيسين عون وبري وان التفاوض يجري على أساس تلازم الخطوات وتوازنها بين انهاء الاحتلال الإسرائيلي وتنفيذ اتفاق وقف النار واستكمال بسط سيادة الدولة اللبنانية وحصرية السلاح للدولة والمراحل التي ستتناولها الإجراءات. واكد أن أفكار براك تقوم على التلازم والمرحلية وعندما تنضج الأفكار سنعقد جلسة مجلس للوزراء . ونفى ان تكون أفكار براك هي اتفاق جديد بل هي لتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية وتتضمن الانسحاب الإسرائيلي الكامل من كل الأراضي اللبنانية . ورفض كلام الأمين العام لحزب الله عن الحرب الاهلية كما كلامه عن ان المطلوب تسليم سلاحه إلى إسرائيل مستغربا ذلك وسائلا من طلب منه تسليم السلاح لإسرائيل المطلوب حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية وحدها .
في المقابل، أفادت مصادر مقربة من حزب الله أن الحزب يرفض الورقة الأميركية رفضًا قاطعًا، معتبرًا أنها تمسّ بالسيادة الوطنية وتستهدف دور المقاومة في حماية لبنان. ودعت المصادر إلى “التفاهم الداخلي” على استراتيجية وطنية شاملة للسلاح تُبنى على حوار لبناني–لبناني، لا على إملاءات خارجية.
وهذا ما عكسته كلمة الأمين العام ل”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم مساء امس اذ اعتبر ان اتفاق وقف اطلاق النار نفذ بالكامل في جنوب نهر الليطاني والدولة اللبنانية نشرت الجيش حيث استطاعت”
وأضاف “نفّذنا كدولة لبنانية وحزب الله وكل المقاومين كل ما علينا من الاتفاق واسرائيل لم تنفذ شيئًا”، لافتاً الى أننا “لم نستطع أن نمنع إسرائيل من الاستمرار في العدوان لكن استطعنا أن نوقفها عند حد بالاتفاق الذي عقدته الدولة اللبنانية مع الكيان وأصبح لزامًا على إسرائيل أن تنسحب وتوقف عدوانها وهذا اتفاق تحت مسؤولية وعهدة الدولة”.
وأردف قاسم “اليوم أميركا تطرح اتفاقًا جديدًا يعني كل الخروقات خلال 8 أشهر كأنها لم تكن، وهو يبرّئ اسرائيل من كل فترة العدوان السابقة”، مضيفاً “المبرر الوحيد في هذا العدوان نزع سلاح حزب الله لأنهم يريدون من نزعه طمأنة “الاسرائيلي وهو مطلب اسرائيلي”.
وقال “نحن كحزب الله وحركة أمل ومقاومة وكخط سيادي يريد استقلال لبنان ونؤمن بأن لبنان وطن نهائي للبنانيين ونخضع جميعًا للطائف ومندرجاته نشعر بأننا أمام تهديد وجودي للمقاومة وبيئتها وللبنان بكل طوائفه”.
واما في ما يتصل بتداعيات الأحداث السورية فتتواصل الاتصالات في الداخل اللبناني لمنع انتقال المواجهات اليه. واجرى رئيس الحكومة نواف سلام اتصالاً بشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، وأثنى على “الدور المسؤول والرصين الذي أدّته المرجعيات الروحية، وفي طليعتها الشيخ أبي المنى، في تهدئة النفوس ووأد الفتنة والحفاظ على السلم الأهلي. كما تم التأكيد المشترك على أهمية صون وحدة سوريا، ورفض أي محاولة لزرع الانقسام بين أبنائها، والتشديد على أن ما يجري خارج حدود لبنان لا ينبغي أن يتحوّل إلى مادة للتأجيج الداخلي. وختم الرئيس سلام بالإعراب عن تقديره العميق لحرص شيخ العقل الدائم على وحدة اللبنانيين تحت مظلة الدولة.
من جهتها، أعلنت قيادة الجيش – مديرية التوجيه في بيان ان “لبنان يواجه في المرحلة الراهنة مجموعة من الظروف الاستثنائية، أبرزها استمرار الاعتداءات وانتهاكات السيادة الوطنية من جانب العدو الإسرائيلي، إضافةً إلى تحديات حفظ الأمن في الداخل وضبط الحدود، فضلًا عن التطورات المعقدة في المنطقة. إنّ الجيش لن يسمح بأي إخلال بالأمن أو مساس بالسلم الأهلي، ويؤكد في الوقت نفسه أنّ تجاوُز هذه المرحلة يتطلّب وحدة اللبنانيين وتضامنهم ووعيهم لخطورة المرحلة والتحلّي بالمسؤولية، وعدم القيام بأي عمل من شأنه أن يترك تداعيات غير محسوبة على أمن اللبنانيين”.
وفي اجتماع المجلس المذهبي أكد الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، أن ما تشهده سوريا يستدعي العودة إلى العقل قبل الانفعال، مشددًا على أن أبناء الطائفة هم “مذهب العقل والحكمة”، وأن الدخول في الإدانات لا يفيد في ظل تعدد الجهات والأسباب.
واستعاد جنبلاط ذكرى القائد الوطني سلطان باشا الأطرش، الذي غادر السويداء عام 1954 لتجنيب البلاد حربًا أهلية .وفي اقتراح لتجاوز الأزمة، دعا جنبلاط إلى وقف فوري لإطلاق النار في السويداء تمهيدًا لحوار مباشر بين الدولة السورية والفاعليات المحلية، مؤكدًا أن جبل العرب هو جزء لا يتجزأ من سوريا.
كما شدد على إدانة الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا ولبنان، ودعا إلى تشكيل لجنة تحقيق لكشف الجرائم التي ارتُكبت بحق أبناء السويداء والبدو. ورفض الحملات التحريضية في لبنان والخارج، منتقدًا الدعوات إلى قطع الطرقات، متسائلًا: “نقطع الطرقات على من؟ على أنفسنا؟”.
من جانبه أعلن الشيخ سامي أبي المنى تضامن المجلس الكامل مع أهلنا في السويداء، ومع الجرحى والمصابين جراء الأحداث المؤسفة الأخيرة. وأكد أن عبارات الإدانة وحدها لا تكفي للرد على ما جرى من انتهاكات صارخة، رافضًا إلقاء اللوم على أحد من أبناء الجبل، مع تحميل المسؤولية الكاملة للدولة السورية الناشئة، التي ما زالت بعيدة عن ترسيخ مؤسسات تحمي شعبها.
كما دان الشيخ أبي المنى الاعتداء على أهل السنة، رغم إدراكه أنه جاء كردّ فعل، مؤكدًا أن المجلس لا يبرر هذا النوع من الأفعال ولا يقبله، مهما كانت أسبابه.
ووجه تحذيرًا واضحًا من خطورة الدعوات إلى النفير العام ومهاجمة السويداء، واصفًا إياها بمحاولات لإشعال فتنة طائفية، كما رفض بشكل قاطع أي تدخل إسرائيلي في الشأن السوري.
وختم بدعوة المجتمع الدولي إلى فتح تحقيق شفاف في الأحداث الأخيرة ومحاسبة المسؤولين عنها، رافضًا تمامًا امتداد الفتنة إلى لبنان، مشيرًا إلى تواصل دائم مع دار الإفتاء والمفتي، والتشديد على رفض كل أشكال التطرف، والدعوة إلى محاسبة كل من يعبث بأمن واستقرار المنطقة.
- الأخبار عنونت: قاسم: لن نترك السلاح لأننا أمام خطر وجودي
وكتبت صحيفة “الأخبار” تقول:
وقال إنَّ «المُقاومة في لبنان منعت إسرائيل من الوصول إلى بيروت في معركة أولي البأس»، مشيراً إلى أن «المقاومة تواجه تهديداً وجودياً»، وحذّر من «التحريض على الفتنة، وإلحاق لبنان بقوى إقليمية أمرٌ خطير، ونحن لن نقبل الذل وقدّمنا تضحيات كثيرة ولن نتخلى عن قوتنا وحاضرون للمواجهة الدفاعية على قاعدة إمّا النصر أو الشهادة». وتابع: «لا استسلام ولن تتسلّم إسرائيل السلاح منا ولن نرضخ لأي نوع من أنواع التهديدات».
وذكر قاسم أنَّ «حزب الله التزم بما عليه في اتفاق وقف إطلاق النار والدولة اللبنانية نشرت الجيش حيث استطاعت»، مشيراً إلى أن «إسرائيل لم تلتزم به والعالم كله يشهد بذلك». وأضاف «خلال 8 أشهر والعدوان الإسرائيلي مستمر، وكل الدنيا تقول إن إسرائيل نفّذت 3800 خرق. مع هذا، فقد اكتشفت إسرائيل أن الاتفاق فيه مصلحة للبنان ولذلك اعتبرت مع الأميركيين أن المطلوب تعديل الاتفاق وتمّ الذهاب إلى الضغط الميداني علّه يؤدي إلى تعديلات، ويطرحون اتفاقاً جديداً يبرّئ إسرائيل من كل فترة العدوان السابقة. وما يريدونه هو نزع سلاح حزب الله لأنهم يريدون طمأنة العدو».
وأشار قاسم إلى أنه و«تحت عنوان أمن إسرائيل لا يبقى مخلوق في المنطقة يستطيع أن يرفع رأسه، ولا تبقى زاوية إلا ويطالبون بتفتيشها وقصفها، ويُمنع على أحد أن يقول لا لإسرائيل. وما يفعلونه اليوم في سوريا، هدفه أن تكون سوريا مجرّدة تماماً من السلاح وأن تكون تحت الأوامر الإسرائيلية أي إدارة إسرائيلية لسوريا».
وسأل قاسم: «هل يمكن أن نقبل بهذا الأمر في لبنان؟ ألم نرَ ما يحصل في غزة؟ إبادة جماعية للفلسطينيين بإشراف أميركي مباشر. والمسألة ليست سحب السلاح بل هذه خطوة من خطوات التوسّع لإسرائيل».
دعا الأمين العام لحزب الله إلى مراقبة ما يجري في غزة وسوريا وإلى تقديم الأخطار على ملف حصرية السلاح
وفي موقف لافت وهو الأول من نوعه قال قاسم: «إننا كحزب الله وحركة أمل ومقاومة وكخط سيادي يريد استقلال لبنان ونؤمن بأن لبنان وطن نهائي للبنانيين ونخضع جميعاً للطائف ومندرجاته نشعر بأننا أمام تهديد وجودي للمقاومة وبيئتها وللبنان بكل طوائفه»، مضيفاً: «إن كل الطوائف مهدّدة في لبنان، انظروا ماذا يحدث في سوريا وفلسطين حتى الكنيسة الكاثوليكية في غزة قُصفت. وانظروا ماذا يحدث في سوريا من بعض المجموعات المسلحة من ذبح. ونحن نعرف أنه إذا كان هناك قرار، فهم لا يحتاجون إلى وقت كبير للهجوم من شرق لبنان».
وقال قاسم إن «لبنان أمام ثلاثة مخاطر حقيقية، الأول تمثّله إسرائيل من الجنوب، والثاني يمثّله داعش من الشرق، وهناك الهيمنة الأميركية والوصاية على السلطة في الداخل». وتوجّه إلى بقية اللبنانيين قائلاً: «إن المهم اليوم هو مواجهة هذه الأخطار وبعدها نحن حاضرون لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية واستراتيجية الأمن الوطني»، داعياً الآخرين إلى «عدم الرهان على الخلاف الشيعي الشيعي فبيئة المقاومة متماسكة وحزب الله وحركة أمل بينهما حلف استراتيجي».
وكان الشيخ قاسم قد تحدّث في ذكرى تأبين القائد الجهادي علي كركي «الحاج أبو الفضل»، وقال إن الاحتفال سببه أن الشهيد سقط مع الشهيد السيد حسن نصرالله، ولم يتيسر أن يكون له تأبين خاص ولا مراسم خاصة، عارضاً لبعض الجوانب الخاصة به. وأضاف أن الحاج «أبو الفضل» هو شخصية بارزة يجب أن يتعرّف الناس إليها. وكان له دوره في العمل الإسلامي في بيروت منذ زمن بعيد، بعدما كان انتسب إلى حركة المحرومين (أمل) في عام 1974.
وأشار إلى دوره في تشكيل البنية العسكرية لحزب الله، وفي التصدّي للاجتياح الإسرائيلي سنة 1982، حيث أصيب بجروح بالغة في معركة خلدة، وأنه كان من خطّط مع الشهيد عماد مغنية لعملية الاستشهادي أحمد قصير وأسّس تشكيلات المقاومة في الشريط الحدودي. كما تولّى قيادة منطقة الجنوب من سنة 2006 حتى تاريخ الاستشهاد، كما لعب دوراً أساسياً في «طوفان الأقصى»، وكان يتابع بفعالية ورغم تعرّضه لعدة محاولات اغتيال لم يترك الجنوب. وهو كان مسؤولاً عسكرياً مركزياً ومعاوناً جهادياً للأمين العام السيد حسن نصرالله منذ عام 2008.
- الجمهورية عنونت: الرئيسان يبحثان الردّ و«الثلاثية» تقارب الثغرات واستنفار سنّي- درزي لمنع الفتنة.. والجيش يحذرّ
وكتبت صحيفة “الجمهورية” تقول:
ما يجري من نقاشات في كواليس اللجنة الرئاسيّة حول الردّ الأميركي على الردّ اللبناني على مشروع الحلّ الذي قدّمه الموفد الأميركي توم برّاك، يؤكّد أنّ الردّ الأميركي، وضع الجانب اللبناني أمام مهمّة وُصفت بأنّها شديدة الصعوبة والتعقيد، أولاً، لأنّ مضمون الردّ المتشدّد في الجانب المتعلق بسلاح «حزب الله» ليس بالسهولة حسمه بطريقة سلسة ربطاً بالتعقيدات الكبرى التي تعتري هذا الملف، واللاءات القاطعة التي يواجه فيها الحزب طلب تجريده ممّا يعتبره «قدس الأقداس» بالنسبة اليه، وعنصر القوة الوحيد المتبقي أمام لبنان في مواجهة العدوّين الإسرائيلي والتكفيري. وثانياً، لأنّ عامل الوقت يضغط، حيث ترى واشنطن انّه قصير وليس مفتوحاً إلى ما لا نهاية. وتبعاً لذلك، فإنّ زيارة برّاك المرتقبة تشكّل محطة فاصلة يتحدّد فيها مسار الأمور في لبنان، إما في اتجاه الانفراج بالشروط المنصوص عليها في الردّ الأميركي، وإمّا في اتجاهات أخرى حبلى بالاحتمالات.
عون وبري
الردّ الأميركي، والنقاشات الجارية حوله، كانت محور البحث بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري في اللقاء الذي جمعهما أمس في القصر الجمهوري في بعبدا، حيث أفيد أنّ الرئيسين تناولا التطورات الجارية، وما استُجد في المنطقة اخيراً، إضافة إلى الأوضاع العامة في البلاد من مختلف وجوهها، ولاسيما العمل المجلسي والحكومي. واستعرضا بشكل أساسي ما يتصل بمشروع الحل الأميركي والردّ الأميركي على الجواب اللبناني. وغادر الرئيس بري القصر الجمهوري من دون الإدلاء بأي تصريح.
ورداً على سؤال، أكّدت مصادر رسمية لـ«الجمهورية»، أنّ «الرئيسين عون وبري، كالعادة، عقدا لقاءً ودّياً، وهما يتشاركان النظرة والموقف حول هذا الأمر (مشروع الحل الأميركي)، والتأكيد الدائم على أنّ مصلحة لبنان وأمنه واستقراره وحفظ سيادته هي قبل أيّ أمر آخر».
وكان بري، قد دعا هيئة مكتب مجلس النواب ولجنة الإدارة والعدل إلى جلسة مشتركة عند الساعة الواحدة من بعد ظهر الاثنين 21 تموز الجاري في مقر رئاسة مجلس النواب في عين التينة. وذلك للبحث في تقرير اللجنة الثلاثية المرتبط بطلب وزارة العدل والنيابة العامة التمييزية، رفع الحصانة عن النائب جورج بوشكيان.
التطورات السورية
وكانت التطورات السورية، وما حصل من حوادث دموية في السويداء، قد فرضت استنفاراً سنّياً – درزياً على مستويات داخلية مختلفة، وحرّكت اتصالات على غير صعيد درزي وسنّي ورسمي سياسي، شاركت فيها قيادات سياسية ومراجع دينية، أكّدت على حماية السلم الأهلي والحؤول دون تمدّد الفتنة من سوريا إلى لبنان. ودعا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وشيخ عقل الطائفة الدرزية سامي ابو المنى، إلى عدم الوقوع في فخ الفتنة. وأعلنا رفضهما الخطاب التحريضي وتغطية أي أعمال استفزازية من شأنها أن تؤجج التوتر المذهبي وأن تعطي صورة غير حقيقية عن علاقة الطائفتين بعضهما ببعض.
تحذير الجيش
يأتي ذلك في وقت كثّفت فيه الأجهزة الأمنية من إجراءاتها في بعض المناطق لمنع حصول اي إشكالات وردود فعل. فيما لفت بيان لقيادة الجيش – مديرية التوجيه، أكّدت فيه انّ «لبنان يواجه في المرحلة الراهنة مجموعة من الظروف الاستثنائية، أبرزها استمرار الاعتداءات وانتهاكات السيادة الوطنية من جانب العدو الإسرائيلي، إضافةً إلى تحدّيات حفظ الأمن في الداخل وضبط الحدود، فضلًا عن التطورات المعقّدة في المنطقة».
وحذّرت من «أنّ الجيش لن يسمح بأي إخلال بالأمن أو مساس بالسلم الأهلي، ويؤكّد في الوقت نفسه أنّ تجاوز هذه المرحلة يتطلّب وحدة اللبنانيين وتضامنهم ووعيهم لخطورة المرحلة والتحلّي بالمسؤولية، وعدم القيام بأي عمل من شأنه أن يترك تداعيات غير محسوبة على أمن اللبنانيين».
لا تعايش مع السلاح
على صعيد الردّ الأميركي، تفيد معلومات «الجمهورية» من كواليس النقاشات الجارية حول هذا الأمر، بأنّه مرتكز على إصرار أميركي على سحب سلاح «حزب الله»، وما بين سطوره تأكيد حازم بأنّه لم تعد هناك أي إمكانية للتعايش مع سلاح الحزب».
وإذا كانت واشنطن من خلال ردّها على الردّ اللبناني، تعتبره «فرصة متاحة لحلّ ينهي مشكلة السلاح ويوفّر مصلحة لكلّ الاطراف، وللبنان بالدرجة الاولى». إلّا أنّ مرجعاً كبيراً مطلعاً على مندرجات الردّ الاميركي يؤكّد لـ«الجمهورية»، أنّ «الأميركيين يطرحون حلاً من وجهة نظرهم، ويريدون أن نسير به بمعزل عن أي اعتبارات او محاذير داخلية لبنانية او أولويات اخرى». أضاف: «نحن بالتأكيد مع كل فرصة لبلوغ حلّ، ولكن ليس أي حلّ، بل الحلّ كما نريده لمصلحة بلدنا، وليس على حسابه وضدّ مصلحته، ومن هذه الزاوية تتمّ مقاربة المشروع الأميركي المطروح، سواء في النقاشات الجارية في اللجنة الرئاسية أو من خلال الاتصالات المواكبة لها عبر قنوات سياسية ورسمية وديبلوماسية مختلفة».
ثغرات
إلى ذلك، ورداً على سؤال عن موعد إنجاز الردّ اللبناني على الردّ الأميركي، قال مصدر مطلع على نقاشات اللجنة الرئاسية لـ«الجمهورية»: «لا وقت محدداً لذلك، فالنقاشات جارية ومضمون الردّ دقيق جداً، ولكن بطبيعة الحال سيتمّ إبلاغ الردّ اللبناني إلى الموفد الأميركي حينما يزور لبنان في الايام المقبلة».
وكشف المصدر عينه، أنّ «النقاشات جادة وتحاول تشريح مضمون الردّ الأميركي بعناية فائقة، وخصوصاً انّه لم يعد خافياً أنّ مجموعة ثغرات جوهرية تعتريه وتتلخص كما يلي:
أولاً، انّه يناقض بتشدّده النبرة الهادئة التي تحدث فيها الموفد الأميركي توم برّاك بعد تلقّيه الردّ اللبناني.
ثانياً، أنّه لا يتضمن ايّ مرونة في ما خصّ الهواجس اللبنانية، التي جرى التعبير عنها بوضوح في اللقاءات مع الموفد الأميركي، وفي مضمون الجواب اللبناني السابق، وتركّز على أولوية الاستقرار الداخلي ووقف العدوان والالتزام بمندرجات القرار 1701، واتفاق وقف إطلاق النار الذي نسفته إسرائيل.
ثالثاً، إنّه يتوجّه إلى طرف واحد دون الآخر، إذْ أنّه يخاطب لبنان بمجموعة مطالب، فيما يتجاهل إسرائيل كليّاً، حيث أنّه يركّز على المطلب الأساسي المتعلق بسحب سلاح «حزب الله» ضمن مهلة معينة.
رابعاً، إنّه لم ينصّ بصورة مباشرة او غير مباشرة على ضمانات سياسية من قبل الأميركيين او التزامات أمنية من قبل إسرائيل، تسبق او تواكب او تلي مرحلة ما بعد سحب السلاح، بوقف العدوان والاغتيالات والخروقات الإسرائيلية وعدم تجدّدها، والإنسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، ولاسيما النقاط الخمس، والإفراج عن الأسرى اللبنانيين».
تأكيد المؤكّد
ووفق ما يُقال في كواليس النقاشات، فإنّ مقاربة الردّ الأميركي بصيغته التي جاءت رداً على الردّ اللبناني، مرتكزة في جوهرها على مسلّمة تُجمِع عليها كل المستويات الرسمية في لبنان، بتأكيد حقّ الدولة في احتكار حيازة السلاح واستخدامه، ومسؤوليتها وحدها في حماية المواطن وضمان الأمن في لبنان، والنأي به عن أن يكون منصة لخلق توترات. وتحقيق هذا الهدف يتمّ وفق آلية تراعي الواقع اللبناني وتوازناته وتركيبته الداخلية، ولا تؤدي إلى الإخلال بصورة مباشرة أو غير مباشرة بأمن البلد واستقراره. وبناءً على ذلك، فإنّ توجّه أعضاء اللجنة الرئاسية، وبناءً على توجيهات الرؤساء، هو صياغة ردّ على الردّ «يؤكّد المؤكّد»، ويُبرز الإصرار بصورة حازمة وقاطعة على مصلحة لبنان ورفض الإضرار بها بشكل من الأشكال.
الأبواب ليست مغلقة
إلى ذلك، وفي موازاة ما قيل عن تشدّد يعتري الردّ الأميركي، أكّد ديبلوماسي خبير في السياسة الأميركية لـ«الجمهورية»، أنّ الهدف الأميركي هو بلوغ حلّ وتبريد جبهة لبنان، وفي ردّهم على الردّ اللبناني لم يحيدواعن السياسة التي يتبعونها، وسبق وتحدث عنها توم برّاك، حينما أشار صراحة إلى سياسة العصا والجزرة. وبالتالي هم يطرحون الأبعد مدى ليصلوا إلى الأقرب مدى. ولذلك رغم التشدّد الذي وصف فيه الردّ الأخير، إلّا انّه في مكان ما ليس نهائياً، بل يبقى قابلاً لليونة. ومعروف عن الأميركيين أنّهم لا يغلقون الأبواب نهائياً بل يبقون المجال مفتوحاً للأخذ والردّ.
صعوبة إضافية
مما لا شك فيه، أنّ لمطلب سحب سلاح «حزب الله» شعبيته الواسعة داخلياً وخارجياً. وثمة شخصيات سياسية ورسمية ترى وجوب أن يليّن «حزب الله» موقفه ويستجيب لمندرجات مشروع الحل الأميركي، وهذا ما تنصح به جهات دولية تعتبر «أنّه آن الأوان لكي يقدّم «حزب الله» مصلحة لبنان على مصلحة إيران، ويُقدِم على قرار يجنّب لبنان مخاطر كثيرة، ورفضه التخلّي عن سلاحه من شأنه أن يتسبّب بالكثير من المخاطر، وهو ما تلوّح به اسرائيل».
على أنّ الحزب في موازاة ذلك، يخالف هذا الامر، وموقفه الثابت عبّر عنه أمينه العام الشيخ نعيم قاسم لناحية رفض التخلّي عن السلاح. وبالأمس أعادت «كتلة الوفاء للمقاومة» التأكيد على هذا الرفض بمقاربة سلبية لمشروع الحل الأميركي، حيث قالت: «انّ ورقة الاقتراحات الأميركية التي قدّمها الموفد الأميركي، هي مشروع اتفاق جديد، في حين انّ هناك اتفاقاً منذ 27 تشرين الثاني 2024، التزم لبنان بتطبيقه كاملاً، ولم ينفّذ العدو الإسرائيلي أي بند منه. لذلك فإنّ المطلوب اولاً هو إلزام العدو بتطبيق مندرجات ورقة الإجراءات التنفيذية للقرار 1701 قبل الانتقال للحديث او البحث في اي إجراء آخر».
وعلى ما يقول مطلعون على أجواء الحزب لـ«الجمهورية»، فإنّ تمادي إسرائيل في اعتداءاتها اليومية على لبنان، وما يرافقها من اغتيالات لعناصر الحزب، يجعل الحزب يتمسك اكثر فأكثر بسلاحه، يُضاف إلى ذلك ما استُجد في الأيام الأخيرة على الساحة السورية، أضافت ما سمّاها هؤلاء المطلعون صعوبة جديدة أمام أي مطالبة بسحب السّلاح، حيث انّ ما حصل في السويداء والتطورات الدموية التي شهدتها والمشاهد الصعبة التي تناقلتها الشاشات والانتهاكات والتنكيل بالمدنيين العزّل من فئة معينة دون تفريق بين شباب ومسنين، قد يحصل على أيدي تلك الجماعات أو على يد إسرائيل، في أيّ مكان آخر سواء في سوريا أو في لبنان. فكيف أمام هذا العدو وخطره يمكن ان نقبل بتجريدنا من سلاح الدفاع عن بلدنا وعن أنفسنا ووجودنا»؟
تسليح الحزب
على أنّ اللافت للانتباه في هذا السياق، هو تزامن مشروع الحل الأميركي، مع تركيز أميركي على سعي إيران لإعادة تسليح «حزب الله». وجاء في تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال»، أنّ «إيران تعيد بناء وجودها في بلاد الشام بإرسال صواريخ إلى «حزب الله» وأسلحة من العراق إلى سوريا». ونقلت معلومات إسرائيلية تشير إلى انّ هناك اتجاهاً متزايداً في الأشهر الأخيرة لمحاولات التهريب عبر سوريا أو انطلاقًا منها» إلى «حزب الله». وقالت: «رغم الجهود المكثفة لمنع «حزب الله» من إعادة بناء ترسانته، فقد تمكنت الجماعة، على غرار الحوثيين، من تحقيق بعض النجاح. ووفقًا لمصدر مطلع على عمليات الجماعة، فإنّ «حزب الله» يُنتج طائرات بدون طيار وصواريخ متوسطة المدى، كما أعاد هيكلة شبكات التهريب الخاصة به إلى حدّ ما، وتمكن من تهريب بعض صواريخ «كورنيت» وغيرها من الأسلحة المتطورة».



