سياسةمحليات لبنانية
قالت الصحف:المشهد القضائي يواكب غياب الحكومة ويصعد حالة الفوضى
الحوار نيوز – خاص
ركزت افتتاحيات الصحف الصادرة اليوم بنسختها الالكترونية على المشهد القضائي في ظل التمرد الذي تقوده القاضية غادة عون وما نتج عنه من ردد فعل ،في وقت ما يزال فيه تشكيل الحكومة في العناية الفائقة.
-
كتبت صحيفة النهار تقول: من ظاهرة تمرد داخل القضاء زادت من قتامة واقع المداخلات السياسية والحمايات السياسية السلطوية التي يعانيها الى ما هو أسوأ ويرقى الى التسبب بحالة فوضوية غوغائية أشبه ما تكون بحالة ميليشيوية. هذه كانت الخلاصة الشديدة القتامة والصادمة لما قامت به القاضية غادة عون أمس لليوم الثاني مدعومة بلا أي حرج وبكل معالم الدعم والإسناد من تيار العهد “التيار الوطني الحر” ورئيسه جبران باسيل إعلامياً “ولوجستياً” عبر مجموعات المتظاهرين الذين اعتدوا لليوم الثاني على الملكية الخاصة لشركة الصيرفة المملوكة من ميشال مكتّف.
والواقع أن القاضية غادة عون أحدثت سابقة في تاريخ القضاء لم يحصل مثلها في عز حقبات الحرب. فالانقسامات الجغرافية والطائفية في الحرب لم تبلغ حدود استحداث حالات تمرد على النظام القضائي والأصول أو عدم المبالاة بكل التداعيات التي يمكن أن تتأتى عن استقواء قاض أو قاضية بموقع نفوذ إلى درجة تحدي أعلى مرجعية قضائية هي مجلس القضاء الأعلى والنائب العام التمييزي ورئيس هيئة التفتيش القضائي مرة واحدة. وصل الأمر أمس بهذا التطور الخطير البالغ السلبية على صورة القضاء وهيبته واستقلاليته حدود تحدي القاضية عون لكل الهيكل القيادي القضائي ومعه السلطة الوزارية المعنية به أي وزيرة العدل ماري كلود نجم المحسوبة بدورها على المرجعية العونية عهداً وتياراً والتي تهربت بشكل واضح من اتخاذ موقف إدانة مباشر بحق غادة عون.
وكل ما أعلنته الوزيرة وحاولت من خلاله احتواء الموقف بدا أقرب الى غسل اليدين من هذه الفضيحة الجديدة المخزية. وبدا واضحاً وضوح نور الشمس أن القاضية المتمردة ما كانت لتمضي في تصعيد حركتها الفضائحية لولا الإسناد المباشر بل التحريض الواضح التي جاءها من رئيس التيار العوني جبران باسيل وعدد من نواب التيار بالإضافة الى توفير مجموعة متظاهرين محازبين وانصار للتيار العوني قاموا بعمليات الاعتصام والاقتحام وافتعال الصدامات أمام شركة مكتّف وعلى مداخلها في عوكر.
وإذا كان الاجتماع القضائي الذي عقدته وزيرة العدل انتهى إلى التشدد في ضرورة محاسبة التفتيش القضائي للقاضية المتمردة على قرار كف يدها عن الملفات المالية التي كانت تعالجها فإن تحديها المتجدد لقرارات الاجتماع وخلق حالة غوغائية بهذا الشكل وضع رئيس الجمهورية بصفتيه الشخصية والسياسية وكموقع أول على رأس الدولة أمام تحد لا يمكنه التهرب منه بذريعة عدم التدخل في القضاء وهو الذي جعل حالة غادة عون تتعاظم بهذا الشكل لأنه أوصد الباب على تشكيلات قضائية كان يمكن أن تبدأ معها فعلاً عملية حماية القضاء من المداخلات والوصايات السياسية.
إذن بعد رفضها الامتثال لقرار مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات أول من أمس وبعيد الاجتماع القضائي الطارئ، الذي عقد في مكتب وزيرة العدل امس عادت القاضية عون واقتحمت مكاتب شركة الصيرفة لميشال مكتف مجدداً أمس ترافقها مجموعة من مناصري التيار الوطني الحر، حيث فوجئ القاضي سامر ليشع الذي حضر بمؤازرة أمنيّة الى مكاتب الشركة بناءً على تكليف عويدات بوجودها هناك، متخطية تطابق مواقف رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود ومدعي عام التمييز ورئيس التفتيش القضائي بركان سعد وإجماعهم على ضرورة مثولها أمام التفتيش. وشهد الاعتصام صدامات مرات عدة بين المقتحمين وموظفي الشركة وحراسها كما حصلت أعمال تخريب داخل الشركة وحاولت عون شخصياً الحصول على أوراق من مكاتب الشركة فبعثرت في المكاتب الى أن قررت عون الانصراف مساء مع المقتحمين.
وزيرة العدل ماري كلود نجم كانت أعلنت بعد الاجتماع القضائي الطارئ، أنّ “ما حصل في الأمس مرفوض كلياً من جميع اللبنانيين و”اللي بدو يزعل يزعل”، مضيفةً: “لست هنا اليوم لأخذ موقف مع جهة سياسية بوجه الأخرى، ولا تبعية سياسية لدي. بغض النظر عن الأشخاص والأخطاء، نرى اليوم خلافاً قضائياً وانقساماً، والشعب يرى أن القضاء منقسم وتابع لمرجعيات سياسية، وهذا الأمر يقسم الشعب أيضاً، وأرفض وضع القضاء الحالي الذي يلغي نفسه ويسقط نفسه أمام الناس”. وسألت: “كيف لقاضٍ الوقوف على قوس المحكمة وهو مرتاح فيما هو منحاز لجهة سياسية؟ وهذا هو الواقع اليوم، فهناك قضاء عاجز عن مكافحة الفساد ويقاتل في معركة إعلامية؟” وتابعت: “هناك مرجع في القانون اسمه هيئة التفتيش القضائي، وطلبت منه منذ أسبوعين أن يضعه يده على ملف القضاء لتقييم أداء القضاة، وتصنيفهم بين المخطئ والصائب، وأطلب من التفتيش المضيّ بهذا الملفّ لأن الوضع لم يعد مقبولاً”. وناشدت نجم “القضاء الانتفاض على الواقع الحالي، لافتة إلى “أن المشكلة اليوم تدلّ الى فشل مؤسسات الدولة في ظلّ عدم الفصل بين السلطات”
وكان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل غرّد عبر “تويتر”، قائلاً: “إن الكلام عن الإصلاح ومكافحة الفساد لا معنى له إذا لم يكن هناك قضاء مستقل وجريء وفاعل؛ فالثورة الحقيقية هي ثورة القضاء النزيه الذي يلاحق قضايا الناس بوجه بعض القضاة الفاسدين الذين يخبّئون بعض الملفات ويقصّرون في بعضها ويعطّلون بعضها الآخر”. بدورها اصدرت الهيئة السياسية في “التيار الوطني الحر” بعد إجتماعها برئاسة النائب باسيل بياناً “حيت فيه كل قاضٍ يتجرّأ بالحق ويقوم بواجباته رغم ما يتعرض له أحياناً من ظلم “.
وفي الملف الحكومي جدد “التيار الوطني الحر” هجومه على الرئيس سعد الحريري معتبراً أن “اللبنانيين ملّوا من تكرار الأسباب التي تقف وراء امتناع رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري عن تشكيل الحكومة، إن هذا التأخير يرتد على حياة الناس ومعيشتهم ويفاقم من الإنهيار المالي والإقتصادي.إن التيار الذي يكرر مجدداً أنه لن يشارك في الحكومة، يؤكد أنه لن يتوقف عن فعل كلّ ما يلزم والمبادرة لحثّ الرئيس المكلّف على التأليف من ضمن الميثاق والدستور وهو يقوم مؤخراً بجهدٍ إضافي ومكثف بعدّة إتجاهات من أجل تشجيع رئيس الحكومة المكلّف على وضع مشروع حكومة متكامل يقدّمه لرئيس الجمهورية بحسب الأصول من أجل الإتفاق بينهم على تأليف حكومة تحصل على ثقة المجلس النيابي والمجتمع الدولي وكافة اللبنانيين”.
ورد “تيار المستقبل” فدعا “التيار الوطني الحر” إلى وقف المسرحيات الهزلية المملة, وإلى التوقف عن بث الأضاليل, فهو يعرف أن الرئيس المكلف قدم تشكيلة حكومية كاملة المواصفات منذ أكثر من أربعة أشهر استنادا الى معايير الدستور والميثاق والكفاءة ولكن للاسف حتى الآن فان رئيس الجمهورية يحتجزها الى جانب التشكيلات القضائية ومراسيم مجلس الخدمة المدنية”. وفي ملف القضاء اعتبر “تيار المستقبل” أن “ما يحصل في الجسم القضائي مسألة في غاية الخطورة، وهي سابقة لم تحصل في خلال الحرب الأهلية المشؤومة، ولا حتى في أيام سطوة النظام الأمني اللبناني السوري المشترك.
إن التباكي على بعض القضاة بعد تشجيعهم على مخالفة القوانين، والطلب اليهم فتح ملفات استنسابية للخصوم هو أمر لم يعد ينطلي على أحد من اللبنانيين. إن القضاء هو حصن العدالة وملاذ المظلوم ومتى سقط تسقط منظومة قيم الحقوق والواجبات ونذهب إلى نظام تسوده شريعة الغاب، فالتصدي لما يحصل من ممارسات غريبة عجيبة في القضاء تبدأ بالافراج عن التشكيلات القضائية المحتجزة في القصر الجمهوري لغايات كيدية وسياسية ,وما يشاهده اللبنانيون اليوم هو نتيجة طبيعية للاعتداء على صلاحية مجلس القضاء الاعلى ومخالفة القوانين عبر الاستمرار في توقيف التشكيلات القضائية دون أي مسوغ قانوني.
-
وكتبت صحيفة الأنباء الإلكترونية تقول: ما جرى في اليومين الماضيين في المشهد القضائي يدفع إلى الترحم على ما تبقى من دولة في لبنان. المشهد أشبه بورقة نعوة لكل النظام المؤسساتي الذي تتلاشى تباعاً هياكله، ولا من يتحرك من المسؤولين بل بالعكس هم المُمعِون في هدم الهيكل. ولعلّ تحذيرات رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط المتكررة من انتهاء لبنان الدولة والكيان هي أبرز ما يحضر الى الأذهان في ما عاشه اللبنانيون نهاية هذا الأسبوع، إذ لطالما رفع الصوت وتحرك بكل الاتجاهات لمنع الوصول إلى هذا الدرك، لكن أحدا لم ولا يريد أن يسمع أو أن يعي خطورة كل ما يحصل من المآسي المتتالية في الانهيار.
وفي قعر هاوية الانهيار فإن السابقة التي قامت بها النائب العام في جبل لبنان غادة عون والمخالفات التي سجلتها بحسب تأكيد أصحاب الاختصاص، تصبح حدثاً عادياً أمام الفشل التام في كل شيء.
هذا التصرف غير المسبوق يطرح الكثير من الأسئلة عن مستقبل القضاء في لبنان وواقعه واستخدام بعضه خدمةً لأغراض شخصية وسياسية، وعمّا سيكون موقف مجلس القضاء الأعلى ومدعي عام التمييز في حال استمرت عون على موقفها مدعومة من مراجع رفيعة في الدولة، بالاضافة الى بعض الأجهزة الأمنية، وفق ما أشارت الى ذلك مصادر قضائية عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية، وعمّا يمكن أن يفضي إليه الاجتماع الذي عُقد بالامس في وزارة العدل بعد التطورات الأخيرة.
وقد خرجت وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم وكأنها من عالم آخر، لتدعو إلى “انتفاضة قضائية”، فيما هي في موقع المسؤول المباشر وكان الأجدى بها قبل الوصول الى هذا الدرك ملاحقة التشكيلات القضائية ورفض عدم توقيعها، هذا بالاضافة الى الحل الجذري الذي يتمثل بإقرار قانون استقلالية القضاء.
وفي ضوء ذلك حذّر الحزب التقدمي الاشتراكي بوضوح من المساس بالجسم القضائي باعتباره الملاذ الأخير للمواطن اللبناني، داعيا في بيان صادر عن مفوضية العدل الى “تطبيق استقلالية القضاء قولاً وفعلاً ونصاً وروحاً وتنفيذا”.
الخبير القانوني والدستوري انطوان مسرّة علّق على ما جرى بالقول ان “الأمور بدأت تنفضح”، وإن “شعارات النزاهة والشفافية سقطت حتى ولو أن هناك بعض المخدوعين”.
مسرّة استغرب عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية “ذهاب قاض وبصحبته أنصاره بطريقة ميليشياوية للتحقيق في أمر معين”، واصفاً ما جرى “بأبعد ما يكون عن سلوك القاضي بغض النظر عما اذا كان الحق معه ام عليه”، مبديًا أسفه “لوجود فئة من اللبنانيين تغطي هكذا أمور لم نشهد مثيلا لها في ايام النازية”.
ورأى مسرة أنه “من الخطأ التلاعب بالناس واستغلالهم وإيهامهم بالدفاع عن حقوق المسيحيين، لأن هذه الحقوق كفلها الدستور وليست بحاجة لمن يدافع عنها، فهذه الظاهرة خطيرة لا يمكن السكوت عنها بأي شكل من الأشكال”، مطالبا “بإحالة القاضية عون على التأديب”، داعيا الجسم القضائي الى “الانتفاض بوجه من يحاول تسييس القضاء”، وطالب وزيرة العدل “إذا كانت جدية” بأن عليها ان “تطلب من رئيس الجمهورية بتوقيع التشكيلات القضائية”، متسائلا عن سبب عدم تحرك التفتيش القضائي بعد.
من جهته، عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب وهبة قاطيشا أشار عبر “الأنباء” الالكترونية الى أنه “لا يعجب كثيراً مما جرى لأن هذا هو “ميشال عون” على حقيقته، ومن لا يعرف هذا الرجل في الثمانينات لا يعرف شيئا، بفارق أنه في الماضي كان لديه جيش أما اليوم فالأمر مختلف تمامًا”، واصفا ما فعلته عون “بغير القانوني بعد ان تم كفّ يدها”.
واعتبر قاطيشا أن “ما جرى انقلاب على القضاء”، داعيا مجلس القضاء الأعلى لاتخاذ تدابير لإنهاء الوضع الشاذ في الجسم القضائي.
بدوره، الوزير السابق ادمون رزق أشار عبر “الأنباء” الإلكترونية إلى ان “القضاء سلطة مستقلة حسب الدستور ويجب التعامل معها على هذا الأساس”، مشيرا الى “صلاحيات ومرجعية ادارية لا قضائية لوزيرة العدل على القضاء بشكل عام”. وقال: “هناك الكثير من البلبلة في التعامل مردّه الى عدم التمرس والجدية وكثير من الجهالة”، سائلا: “حدا بيهاجم خيال صحرا؟ للأسف عندنا خيالات صحرا كثيرة في الدولة اللبنانية”.
رزق رأى أن “الوضع بشكل عام ملتبس بين السلطات، وهذا مردّه الى أمرين، جهل واضح من قبل المسؤولين وعدم انتظام عمل المؤسسات، وسبب ذلك عدم أهلية المرجعيات السلطوية التي تشكل ضمانة قد تحوّلت الى مسبب لما يحصل من أذى وخلل”.
مصادر تيار المستقبل طالبت أيضا عبر “الأنباء” الالكترونية “بوضع حد لتصرفات القاضية غادة عون لأنها تسيء الى القضاء اللبناني بشكل خاص من خلال ما قامت به من استنسابية في الاستدعاءات وملاحقة قضائية لفئة معينة من اللبنانيين دون غيرها واعتماد الكيدية في عملها القضائي”.
كما شددت مصادر عين التينة عبر “الأنباء” الالكترونية على “ضرورة معالجة الخلل الذي يتعرض له الجسم القضائي بشكل عام”، مطالبة “برفع يد السياسيين عن القضاء كي يثبت استقلاليته”، محذرة من “مغبة التدخلات السياسية في القضاء، فلبنان من دون قضاء نزيه يتحول الى دولة بوليسية”.
-
كتبت صحيفة الديار تقول: لا تزال عملية تأليف الحكومة على حالها من الجمود والمراوحة وكأنها تدور في حلقة مفرغة، ولقد بلغ بها الحال الى غرفة العناية الفائقة حيث تلفظ أنفاسها، رغم كل الدفع الخارجي تحت مسمى نصائح دولية بالتسريع في تشكيل الحكومة للحصول على المساعدات والقروض المالية أو عبر الضغوط وابلاغ المسؤولين عن ملف الحكومة عن اجراءات وعقوبات قد تطالهم في حال أصروا على مطالبهم التعجيزية وعلى وضع العصي في عجلات تشكيل الحكومة العتيدة.
ولم تنفع حتى الان التهديدات الدولية وبالأخص الفرنسية بفرض عقوبات على معرقلي الحكومة بالافراج عنها، فبالظاهر تبدو الأمور عالقة على من يستحوذ على وزارتي العدل والداخلية وعلى آلية تسمية الوزيرين المسيحيين من خارج حصة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، غير أن المعركة الحقيقية هي رفض عون ورئيس “التيار الوطني الحر” اعطاء حلف “بري- جنبلاط- فرنجية- حريري” مع حلفائهم النصف زائدا واحدا في الحكومة الموعودة، اذ يحتسب العهد وباسيل في العدد الجديد للوزراء في الحكومة بعد اقرار مبادرة بري ب 24 وزيرا، أن الوزيرين المسيحيين يجب أن يحتسبا في حصة عون حيث يشكل عون مع وزراء حزب الله الإثنين نصف الحكومة ما يقطع الطريق على الحلف الرباعي المذكور آنفاً أن يمتلك النصف زائدا واحدا في حكومة قد تبقى الى أواخر العهد الحالي في موقع المسؤولية وفي أسوأ الأحوال في خانة تصريف الأعمال.
على صعيد آخر، يمر القضاء اللبناني بأزمة لم يشهد لها منذ حرب السنتين، اذ لا تزال قضية كف يد مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون عن عدد من الملفات المالية آخرها قضية شركة “مكتف” للصيرفة من قبل المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات تتفاعل، ففي حين يرى البعض أن القاضية عون هزمت أمام ما يسمى “حزب المصارف”، رأت أوساط قضائية في تصرف عون تمردا واضحا على الهيكلية والانتظام العام في الجسم القضائي بدعم وتدخل سياسي واضح، هذا وتضامن مع عون عدد كبير من الشخصيات والسياسيين أبرزهم النائب باسيل من دون أن يسميها داعياً الى استقلالية القضاء ودعمه في ملاحقة الفاسدين، مع العلم أن باسيل متهم من قبل عدد من جهات سياسية وجمعيات مدنية في التدخل في القضاء ومع القاضية عون تحديداً واستعماله لمصالح سياسية ولملاحقة منتقديه. وفي السياق نفسه، برز كلام نوعي لوزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم، حيث طالبت في مؤتمر صحافي التفتيش القضائي بالتحرك والبحث في ملف القاضية عون وجميع الملفات الشائكة، حيث اعتبرت انه من المعيب أن يتم التجادل في الاعلام عن قاضٍ فاسد وقاضٍ مخطئ وعن الانتماءات السياسية لهذا أو ذاك، داعية الى التوقف عن هذه المهذلة وتبيان الحقائق كافة عبر الهيئات الرقابية القضائية.
الحكومة مكانك راوح
لم يتغير الواقع الحكومي المتأزم، فلا تزال الأمور على حالها من التشدد بالمواقف والتمترس خلف الطوائف والحقوق “الواهية”. وفي هذا الاطار، ترى أوساط مطلعة ورفيعة المستوى، أن العقد لا تزال على حالها، حيث يرفض الرئيس المكلف سعد الحريري أن تؤول وزارتي الدخلية والعدل الى حصة الرئيس عون، مطالباً أن تكون العدل من حصته على أن تكون الداخلية من حصة رئيس الجمهوية. غير أن المشكلة الاساس حسب الأوساط تكمن في انعدام الثقة كلياً بين عون والحريري، فالأول يتوجس من حكومة يسيطر عليها الحريري في حين قد تكون الأخيرة في عهده، لذا لن يتنازل للرئيس المكلف عما يعتبره حصته “الشرعية”، فيما الحريري لا يريد تكرار التجارب السابقة حيث كان لباسيل والعهد الكلمة الفصل في الحكومة، ويصر تحت عنوان الحفاظ على المبادرة الفرنسية اضافة الى مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، أن تكون الحكومة من الإختصاصيين وخالية من أي ثلث معطل، خاصةً لفريق عون وباسيل.
وفي السياق، كشفت مصادر قريبة من حزب الله عن امكانية تحرك فرنسي جديد في الساعات والأيام المقبلة بهدف كسر الجمود في الملف الحكومي اللبناني، خاصة بعد التماس الفرنسيين لمعطيات خارجية وداخلية تعرقل تأليف الحكومة، منها اغلاق أبواب السعودية في وجه الرئيس المكلف والهمس بأن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لا يؤيد عودة الحريري الى الحكم في حكومة يشارك فيها حزب الله، أما داخلياً، يبرز انعدام الثقة بين الحريري وعون وعدم رغبة الأخير بتشارك الحكومة مع سعد الحريري. هذا ولم تكشف المصادر عن ماهية وأسس هذا التحرك، غير انها أشارت الى اعادة تفعيل الاتصالات مع الأفرقاء الداخليين للخروج من الأزمة. أما عن الوساطات المحلية اللبنانية وبالأخص التي يقودها مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم فتفيد المصادر أنها جمدت منذ ما يقارب ال 6 أيام لاصطدامها بالعراقيل المذكورة آنفاً.
من جهة أخرى، يعقد يوم غد الإثنين اجتماع في مركز الاتحاد الأوروبي في بروكسل لوزراء الخارجية الأوروبيين، حيث توقعت مصادر دبلوماسية مطلعة أن يصدر موقف موحد حاد اللهجة تجاه المعنيين بتأليف الحكومة في لبنان، غير أن المصادر ذاتها استبعدت أن تفرض عقوبات نتيجة هذا الاجتماع رغم جدية الفرنسيين والأوروبيين باتخاذ اجراءات حاسمة تجاه الطبقة السياسية اللبنانية والمعرقلين لتأليف الحكومة الجديدة. وتشير المصادر أنه من غير المعروف حتى الان اذا كانت العقوبات(في حال صدورها) سوف تصدر باسم الدول أم باسم الاتحاد الأوروبي ، خاصةً أن بعض الدول الأوروبية ترفض أن تكون مشتركةً في عملية العقوبات لانعدام مصالحها في لبنان أو ضآلتها.
اجتماع طارئ وكلام نوعي لوزيرة العدل
وبعد أن أصدر أمس الأول مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، قرارًا يقضي بتوزيع الأعمال في دوائر النيابات العامة الإستئنافيّة في جبل لبنان على الشكل التالي: جرائم الإتجار بالمخدرات وترويجها_ القاضي سامي صادر؛ الجرائم الماليّة الهامة- القاضي سامر ليشع؛ جرائم القتل- القاضي طانيوس السغبيني. ومن نتائج هذه الخطوة كف يد القاضية غادة عون عن الملفات المالية، ما جعل الأخيرة تسارع الى مداهمة مكاتب “مكتف” للصيرفة ليل الجمعة، كما عاودت مداهمة شركة “مكتّف” للصيرفة ليل أمس مدعومة من حزبيين من التيار الوطني الحر في تحدٍ واضح لقرار كف يدها عن الملف من قبل عويدات. وكان مقرراً أن يحضر القاضي سامر ليشع بمؤازرة أمنيّة الى مكاتب شركة “مكتف بعد احالة الملف اليه من قبل مدعي عام التمييز ففوجئ بوجود القاضية غادة عون هناك، ما جعله يعود أدراجه لتجنب أي جدال مع عون.
هذا وضمن استنفار قضائي شامل لمنع الانهيار الكامل للقضاء اللبناني بعد رفض القاضية عون الامتثال لقرار القاضي عويدات، دعت وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم ليل الجمعة الى اجتماع طارئ في مكتبها في الوزارة أمس، وحضره رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات ورئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد، وخصص للبحث في قرار كف يد القاضية غادة عون كمدعية عامة استئنافية في جبل لبنان وما حصل بعد ذلك في شركة مكتف للصيرفة.
وبعد الاجتماع الذي استغرق ساعتين ونصف الساعة، خرج القضاة الثلاثة من دون الادلاء بأي تصريح، وعندما سئل عبود عن القرار الذي اتخذ، أجاب: “هلق بتشوفوا”.
بعد ذلك، أدلت نجم بتصريح قالت فيه: “دعيت اليوم لاجتماع طارئ لأن ما حصل أمس الاول وفي الآونة الأخيرة مرفوض من قبل الجميع “ويلي بدو يزعل يزعل”. أنا لا أنصب نفسي حكما ولن أدخل في لعبة الاصطفاف رغم محاولات جري إلى هذا المكان، وليست لدي أي تبعية سياسية بل مرجعيتي الوحيدة هي القانون والمؤسسات”.
وعبرت عن أسفها ل”الخلاف القائم داخل القضاء، وكيف يرى الشعب أن القضاء منقسم، فهذا القاضي يتبع لمرجعية سياسية، وقاض آخر يتبع لمرجعية أخرى”، وقالت: “أرفض وضع القضاء الحالي الذي يلغي نفسه ويسقط نفسه أمام الناس. القضاء يظهر نفسه عاجزا عن مكافحة الفساد، ويقاتل في معركة إعلامية، فيما السلطة عاجزة عن تكوين سلطة، ولا تزيح أو تحتكم إلى الناس. لا يعقل أن يكون هناك قضاة مع حاكم مصرف لبنان ومع المصارف وقضاة ضدهم، لأن القضاء يلغي نفسه بهذه الطريقة”.
وحثت هيئة التفتيش القضائي على “التدخل ووضع يدها على كامل هذا الملف، فتحدد القاضي الفاسد والمخطئ، وما إذا كان سيحاسب أم لا”. كما طالبت ب”تحريك كل الملفات العالقة في التفتيش القضائي”. وشددت على ضرورة أن “ينتفض القضاء على الواقع القائم، وأنا لم اترك كتابا الا ووجهته إلى مجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي والنائب العام التمييزي، لنصل إلى قضاء فاعل”.
وشددت نجم على أنها لن تكون “شاهد زور على انحلال القضاء، ولم نأت لتغطية فريق سياسي في وزارة العدل، ولا يمكنني الاستمرار بتصريف الأعمال في هذه الأوضاع الرديئة. القضاء يحتاج الى محاسبة داخلية وفورية لرفع واقع الظلم عن كل القضاة، وألا يترك البلد بدون سلطة قضائية أو يتحول القضاء إلى ضحية”.
هذا وأفاد الزميل روجيه شاهين أن التوجه الأسبوع المقبل لدى السلطات القضائية هو تخيير القاضية عون بين الاستقالة أو الفصل، الا اذا عادت والتزمت بالقانون والقرار الصادر عن النائب العام عويدات.
البزري للديار: جرعة “فايزر” الثانية بعد 6 أسابيع
وفي جديد خطة التلقيح الوطنية ضد وباء “كورونا”، قال الدكتور عبدالرحمن البزري للديار أن اللجنة الوطنية للتلقيح اتخذت قرارا داخليا بموافقة منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي بتأجيل الجرعة الثانية من لقاح “فايزر”بما أن الجرعة الأولى تؤمن حماية للمتلقي تصل الى 80%، وذلك بهدف تلقيح أكبر عدد ممكن من المواطنين.
كما أشار البزري الى اتخاذ قرار ثانٍ بتلقيح من اصيب بوباء “كورونا” بعد ثلاثة أشهر، خاصة بعد صدور دراسات تؤكد على فعالية أقوى للقاح على المتلقي في هذه الحالة كما أن جرعة واحدة من أي لقاح قد تكون كافية لمن أصيبوا سابقاً بالوباء.
أما عن لقاح “أسترازينيكا”، أكد البزري استمرار استعماله لمن يفوق عمره ال 50 عاماً، مع الأخذ بعين الاعتبار امكانية استبداله بلقاح “فايزر” لمن يعانون من أمراض مزمنة.