سياسةصحفمحليات لبنانية

قالت الصحف:المشاورات مستمرة لإخراج الاستحقاق الحكومي من عنق الزجاجة وتفادي المزيد من الإنهيار

 

الحوار نيوز – خاص

تواصلت المشاورات لإخراج الاستحقاق الحكومي من عنق الزجاجة والدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف الرئيس العتيد للحكومة وتفادي المزيد من الإنهيار،في وقت بدت فيه الأجواء ملبدة بين القوى السياسية بما يوحي بالكثير من العقد التي تواجه هذا الاستحقاق.

الصحف الصادرة اليوم عكست في افتتاحياتها هذه الأجواء:

  • صحيفة الأخبار عنونت: جنبلاط سيشارك في الحكومة بوزيرين… وجعجع وحيداً: عون يطرح بدائل لميقاتي

 وكتبت “الأخبار” تقول: تتّجه الأنظار مطلع الأسبوع المُقبِل إلى موعِد الاستشارات النيابية المُلزِمة الذي سيُحدّده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لتكليف شخصية بتشكيل حكومة ما بينَ الانتخابات النيابية والرئاسية. وفيما أودعت الأمانة العامة لمجلس النواب المديرية العامة لرئاسة لجمهورية لائحة بأسماء النواب، بحسب الكتل البرلمانية والمستقلّين، (أرسِلت أسماء النواب «التغييريين» بشكل منفرد بسبب عدم توحّدهم في كتلة)، رجّحت مصادر مطّلعة أن يدعو عون إلى الاستشارات بعدَ انتخابات اللجان النيابية.

 

وعلمت «الأخبار» أن رئيس الجمهورية يدرس إمكان عقد لقاءات جانبية مع القوى السياسية، قبل الدعوة، لاستمزاج آرائها ومحاولة تقريب وجهات النظر، بما يؤدي إلى توافق مبدئي يجعل التسمية تتويجاً له، استناداً إلى سوابق التسمية التي كانت تنتهي غالباً بمهلة مفتوحة للرئيس المكلف تستنزف كثيراً من الوقت قبل التأليف، وخصوصاً أن البلد يمُرّ بمرحلة انتقالية في غاية الدقة والخطورة. وفي هذا الإطار، برزت معطيات عدّة؛ من بينها:

أولاً، التسويق لفكرة الإبقاء على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي كما هي أو إعادة تعويمها من خلال مرسوم، باعتبار أن لا حاجة لتأليف حكومة لن تستمر أكثر من أشهر، وقد يستنزف تشكيلها ما تبقى من ولاية رئيس الجمهورية للاتفاق على توزيع الحقائب، وهو سيناريو يؤيده ميقاتي نفسه.

 

رئيس الجمهورية يقترح لرئاسة الحكومة صالح النصولي الذي زار عين التينة

ثانياً، إعادة تكليف ميقاتي بتأليف حكومة جديدة، وهو أمر يؤيده الفرنسيون ولا يضع السعوديون فيتو عليه، مهمتها الإمساك بالبلد حتى موعد الانتخابات الرئاسية. وهذا خيار لا يعارضه حزب الله وحركة أمل. غير أن تسمية ميقاتي لا تزال موضع خلاف بين الثنائي والتيار الوطني الحر. إذ عاد رئيس الجمهورية والنائب جبران باسيل إلى طرح أسماء سبق أن اقترحاها قبل تكليف ميقاتي تشكيل الحكومة الحالية، من بينها جواد عدرا وصالح النصولي، وهو خبير اقتصادي ومالي عمل لفترة طويلة في صندوق النقد الدولي. وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن النصولي التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأن الزيارة نسّقها باسيل.

على مقلب «التغييريين» وقوى الاعتراض، لا تقلّ الصورة إبهاماً. فبعدَ إعلان رئيس حزب القوات سمير جعجع أنه لن يُشارك في حكومة يشارك فيها حزب الله، يبدو الأخير عاجزاً حتى الآن عن وضع نواب «التغيير» تحت جناحه تماماً، فيما تسود الخلافات بين هؤلاء بين راغب في التعاون مع القوات ورافض للاصطفافات السياسية، وداعٍ إلى التعاون مع كل الأطراف «على القطعة» وفي كل ملف على حدة. هذا الخلاف ينذر بانفراط عقدهم، وخصوصاً أنهم فشلوا حتى في جمع أنفسهم في كتلة واحدة للمشاركة في استشارات التكليف.

 

أما في ما يتعلق بموقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، فلفتت مصادر مطّلعة إلى أن «جنبلاط لن يفرّط بالانتصار الانتخابي، وسيشارك في الحكومة الجديدة بوزيرين، على عكس ما يروّج له جعجع أمام مسؤولين عرب وأجانب بأن كل قوى الاعتراض ستقف معه». وأضافت إن جنبلاط «سيُكمِل في مسار التفاهمات الذي بدأه في مجلس النواب، وفي هذا الإطار، طالبت كتلته برئاسة لجنتَي الصحة والرياضة النيابيّتين».

 

 

 

  • النهار عنونت: عودة السباق المحموم بين الاستحقاقات والانهيار

 وكتبت “النهار” تقول: لم تصمد المعالجات الاحتوائية الظرفية والموقتة لحمى ارتفاعات أسعار #الدولار والمحروقات التي خرقت الأسبوع الماضي الخطوط الحمراء سوى أيام، عادت بعدها الدوامة العبثية إياها الى اثارة حالة من الفزع حيال تخطي الأسعار كل ما تبقى من قدرات المواطنين على الاحتمال. فان يتجاوز سعر صفيحة البنزين امس الـ 635 الف ليرة وسط معطيات تؤكد ان الأسعار الى سقوف مرتفعة جديدة في قابل الأيام، فهذا يثير تساؤلا كبيراً عما سيكون عليه جدول الأولويات الذي سيرسم للاستحقاق الحكومي تكليفا وتاليفا. وبمعنى أوضح فإن مجمل ما يسمعه اللبنانيون منذ انتهاء انتخابات رئاسة مجلس النواب وهيئة مكتبه، هو أي اسم سترسو عليه الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة الجديد او الحالي او القديم من نادي الأسماء التي تطرح في التداول لتأليف الحكومة. لكن تغيب تماماً عن المشهد الطالع النقطة الجوهرية في سلسلة الاستحقاقات الدستورية المتعاقبة والان تحديدا في مقاربة الاستحقاق الحكومي وهي المتصلة باولويات المرحلة الخانقة الحالية وطبيعة الحكومة التي يحتاج اليها لبنان قبل تفصيل ماذا تريد الكتل والقوى وبمن تقبل ومن ترفض. تبعا لعودة الحمى المقلقة في سعر الدولار وأسعار المحروقات وكل معالم الاضطرابات المعيشية والاجتماعية التي تعتمل بها البلاد، يتردد في الكواليس السياسية والنيابية ان الأيام الفاصلة عن منتصف الأسبوع المقبل، بدأت تشهد وستشهد تباعاً حركة اتصالات ومشاورات متعددة القنوات في كل الاتجاهات للتعجيل في اجراء استشارات التكليف وتسمية رئيس الحكومة المكلف، وكذلك لبذل محاولة متقدمة لبلورة حد ادنى من قواسم مشتركة حول طبيعة التركيبة الحكومية العتيدة، لئلا تتفاقم المواقف المتصادمة من هذه التركيبة بما يشل تماماً مهمة أي رئيس مكلف تأليف الحكومة. وإذ تبدو كفة إعادة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي راجحة على الخيارات الأخرى لتسمية شخصية من النواب المنتخبين الجدد او من خارج المجلس النيابي، تقول أوساط مواكبة للاتصالات التي ارتفعت حرارتها بشكل ملحوظ في الساعات الأخيرة ان صعوبات كبيرة تبدو في افق انجاز استحقاق التكليف، لان جس النبض الاولي لمختلف الكتل النيابية وللنواب المستقلين ونواب “ثورة ١٧ تشرين” اظهر عمق التباين والانقسام بين الجميع حيال اسم الرئيس المكلف كما حيال طبيعة الحكومة التي يفترض تأليفها. وهذا الواقع ينذر برمي أي رئيس مكلف في حال تمت تسميته بسلاسة في وسط حقل الغام يصعب معه استعجاله تأليف الحكومة التي لن يكون امامها الا اشهر ثلاثة على الأكثر لانجاز بعض الاولويات الأشد الحاحاً قبل ان تصبح بحكم المستقيلة بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون في نهاية تشرين الأول المقبل. ولذا تضيف الأوساط نفسها فان ما توافر من معطيات عن حركة المشاورات التي بدأت امس، يعكس وجود تعقيدات كبيرة تعترض إمكانات التوصل بسرعة لتسويات حول الحكومة الامر الذي قد يشجع العهد على مزيد من المماطلة في تحديد موعد الاستشارات والتريث فيها الى ان تتضح معالم الخيط الأبيض من الخيط الأسود.

 

ورئيس الجمهوية الذي تسلم اول من امس اللائحة الاولية للكتل النيابية من البرلمان، يتريث في توجيه الدعوة الى الاستشارات النيابية لتكليف رئيس للحكومة، والتي لن تحصل قبل موعد جلسة انتخاب اللجان النيابية الثلثاء المقبل، لمزيد من المشاورات والاتصالات السياسية، وهو استقبل بعد الظهر الرئيس نجيب ميقاتي وتناول اللقاء ملف الاستحقاق الحكومي، كما تطرق الى التطورات في البلاد كما الى الواقع الأمني اذ قفز الهمّ الامني الى الصدارة امس بعد الاشتباكات العنيفة في بعلبك بين الجيش وعصابات المخدرات.

 

مواجهة بعلبك

ففي حي الشراونة في بعلبك اعلن الجيش استشهاد عسكري واصابة 5 آخرين أثناء عملية دهم نفذتها قوة من الجيش وأسفرت عن توقيف عدد من المطلوبين. واستقدم الجيش المزيد من التعزيزات العسكرية الى المنطقة واستعان بمروحية وطائرة استطلاع لتحديد مواقع المطلوبين الفارين، فيما عملت القوّة على محاصرتهم. وفي حين نفى مصدر عسكري فرار المطلوب “ابو سلة” وهو تاجر مخدرات كبير وخطير، بعد انتشار رسالة صوتية منسوبة له تفيد أنّه استطاع الهروب من الطوق الذي فرضه الجيش على حي الشراونة وتل الأبيض، وأكد أنّ العملية العسكرية مستمرة وأنّ الشائعات التي تُبث تهدف إلى التمويه وتشتيت العملية العسكرية.

 

المحروقات تلتهب

اما معيشيا، فارتفع سعر البنزين بنوعيه 95 و98 أوكتان 23000 ليرة لبنانية، كما ارتفع المازوت 45000 ليرة، والغاز 7000 ليرة واصبحت الاسعار على الشكل الآتي: بنزين 95 أوكتان: 624000 ليرة. بنزين 98 أوكتان: 635000 ليرة. المازوت: 619000 ليرة. والغاز: 365000 ليرة. وعطفا على بيانها المتعلق بالتسعيرة التوجيهية للمولدات الخاصة عن شهر ايار المنصرم طلبت وزارة الطاقة من أصحاب المولدات الخاصة ألا تتدنى ساعات التغذية عن 16 ساعة يومياً خصوصاً بعد تحسين قيمة الشق الثابت من التسعيرة. وتمنت على وزارة الاقتصاد والتجارة متابعة وتشديد الرقابة على هذا القطاع وذلك للمزيد من الحماية للمواطنين.

 

الاستجارة بالعرب

وسط هذه الاجواء الضاغطة اقتصاديا ومعيشيا، اكد رئيس الجمهورية ميشال عون ان “لبنان بحاجة الى توطيد الأمان الاجتماعي بمختلف أنواع شبكاته، لا سيما في هذه الظروف الصعبة التي يجتازها، وهو يتطلع في هذا الاتجاه الى دعم اشقائه العرب الذين لطالما كانوا الى جانبه في مختلف الازمات التي مر بها”. وقال “لبنان تعرض لكوارث هي بالواقع اقسى من أزمات، بدأت بالحرب على سوريا التي أغلقت كل منافذنا البرية الى الدول العربية التي تشكل لنا مدانا الحيوي، وما استتبع هذه الحرب من نزوح سوري كثيف ضاعف من الكثافة السكانية عندنا، الامر الذي سرع في أفقار الشعب اللبناني، بالنظر الى ما استتبعه هذا النزوح من تكاليف على الخزينة اللبنانية واضرار نفسية واجتماعية واقتصادية وصحية، ضاعف من حجمها تفشي وباء كورونا على مستوى العالم”. وأشار عون خلال استقباله في قصر بعبدا، وفد المجلس التنفيذي لوزراء الشؤون الاجتماعية العرب، الى ان “هذه الكوارث باتت ضاغطة اقتصاديا واجتماعيا وشكلت خللا كبيرا على الديموغرافيا اللبنانية، الأمر الذي ينذر بمضاعفات خطيرة على الكيان اللبناني تستدعي المعالجة السريعة. وقد زاد من حدة الانهيار الاقتصادي الذي اتى نتيجة عوامل متراكمة عدة، انفجار مرفأ بيروت”.

 

بدوره، دعا رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، خلال استقباله الوفد الذي زار عين التينة ايضا، الى “مضاعفة الجهد العربي من أجل مؤازرة لبنان عربيا ودوليا في هذه المرحلة الصعبة”. وقال”إننا ننتظر من أشقائنا العرب أن يتفهّموا واقعنا جيداً، ويؤازروننا في هذه المرحلة بالذات، لتجنيب لبنان الأخطار ولمساعدته على تحمّل الأعباء التي فاقت قدراته وليستعيد عافيته”.

 

 

 

  • الجمهورية عنونت: إستعجال دولي للحكومة.. عون يتريّث بالاستشارات.. بري: لنتشارك في الانقاذ

 وكتبت “الجمهورية” تقول: صارت كرة تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس حكومة ما بعد الانتخابات، في الملعب الرئاسي، وعلى ما يُقال في الصالونات السياسية المعنية بهذا الاستحقاق، فإنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد يبادر الى إصدار بيان مواعيد النواب في الاستشارات في اي لحظة. يتزامَن ذلك مع ما تشير اليه بعض الاوساط السياسية حول انّ موعد الاستشارات الملزمة في الحجر الرئاسي، وان رئيس الجمهورية الذي التقى امس رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، يتريّث في تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لمزيد من المشاورات، وانّ هذا الموعد قد رحّل فعلاً الى ما بعد جلسة انتخاب اللجان النيابية في مجلس النواب المقررة الثلاثاء المقبل.

إذاً، العيون كلّها شاخصة في اتجاه القصر الجمهوري رصداً لصدور دخان الاستشارات الابيض من المدخنة الرئاسية، بالتوازي مع تساؤلات من غير اتجاه سياسي عن موجبات التأخير في إطلاق هذه الاستشارات. وعلى ما تؤكد مصادر سياسية ان لا موجب سياسياً او تقنياً لتأخير الموعد، ذلك أنّ ضرورات البلد توجب أن يُدقّ الحديد وهو حامٍ، لتعبيد الطريق امام تشكيل حكومة؛ استجابة اولاً لمتطلبات البلد التي يوجِب وضعه المتهالك ولادة سريعة لحكومة بمهام محددة في عمرها القصير من الآن وحتى انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية، وفي مقدمها اقرار الموازنة العامة، وقانون الكابيتال كونترول وإتمام برنامج التعاون مع صندوق النقد الدولي. فبهذه المهام المحددة لهذه الفترة الانتقالية التي يفترض أنها قصيرة الأمد، يمكن لهذه الحكومة أن تلبّي بعضاً من كثير يتوق اليه اللبنانيون، بوضع بلدهم على سكة الخروج من الازمة الخانقة.

 

لا مبرّر للتأخير!

واذا كان القصر الجمهوري لم يصدر عنه ما يبرّر التأخّر في تحديد موعد استشارات التكليف، فإنّ مصادر سياسية مسؤولة أكدت لـ»الجمهورية» انّ «وضع لبنان يواصل، وعلى مرأى الجميع، الدوران على تخوم الجحيم، وكلّ دقيقة تمرّ من دون ان تستغل ويُستفاد منها، تعجّل في المسار الانحداري نحو الجحيم، أو بمعنى أدق الى الدرك الاسفل من النار على حدّ تعبير رئيس مجلس النواب نبيه بري. فالانتخابات انتهت، وثمة فرصة تلوح امام اللبنانيين ينبغي التقاطها قبل فوات الأوان، ونبكي على اطلال من صنع ايدينا.

 

شهران وإلّا..؟!

وبحسب ما تؤكد مصادر اقتصادية مسؤولة لـ»الجمهورية» فإن لبنان استنفد كلّ الوقت الذي اتيح امامه لاعادة ترتيب اموره، ولم يبق امامه ليعود ويتنفس سوى فترة زمنية قصيرة جداً لا تزيد عن شهرين لإعداد طبخة الانقاذ والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والّا فإن لبنان على باب الدخول في مرحلة جمود شديد السلبية، لبضعة اشهر اضافية تمتد الى ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية الجديد، وهذه المرحلة في ظل وضع داخلي فالِت على كل المستويات، مُرشّحة لأن تشهد سيناريوهات غير محسوبة وغير محمولة في سلبياتها وضغوطها، لا يملك أحد تقدير مَدياتها التي قد تبلغها، حيث لا كوابح فيها للدولار وكذلك للاسعار، ولا حدود فيها للانهيارات في ما تبقى من قطاعات ومؤسسات».

 

وتدق المصادر الاقتصادية الجرس والانذار ممّا تسمّيه «الخطر الأكبر» التي يلوح في أفق لبنان، وتقول: لبنان في هذه الفترة، يعاني نزيفاً حاداً في الاحتياط النقدي يتراوح في اقل تقدير بين 30 الى 35 مليون دولار يومياً، وهذه الاموال بالتأكيد هي اموال المودعين، واذا ما استمرّ هذا النزيف من دون ان تبادر الجهات المسؤولة في الدولة، سواء على المستوى الرئاسي او الحكومي او النيابي الى بلورة العلاجات السريعة والفورية لوقف هذا النزيف، فلن يتأخر الوقت ليصل لبنان الى الافلاس الحقيقي، على ما وصلت اليه سيريلانكا قبل ايام، التي شحّ احتياطها من العملات الصعبة بالكامل، وباتت تتوسّل العالم لكي يمدّها بالقمح والمحروقات. فهل تريد المكونات السياسية المتنافرة مع بعضها البعض إيصال لبنان الى «الشحادة» التي قد لا يجد في هذه الحالة من يمد له يد العون»؟

 

تأليف الحكومة ممكن!

اللافت في المسار الحكومي، هو انّ الاوساط السياسية تعبق بالحديث عن موانع لتشكيل الحكومة، والتداول بسيناريوهات تفترض انّ تشكيل الحكومة في المدى المنظور أمر شديد الصعوبة وذلك لتعذّر التوافق السياسي حيالها، فضلاً عن ان تشكيل مثل هذه الحكومة قبل اشهر قليلة من الاستحقاق الرئاسي الذي يوجِب تشكيل حكومة جديدة بعده، لن يقدّم او يؤخر، بل انّ المخرج الأسلم هو الابقاء على حكومة تصريف الاعمال، وقيادة البلد بالحد الادنى من الاضرار.

 

الا انّ هذه المقولة يرفضها مرجع سياسي مسؤول، ويعتبرها وصفة خبيثة لدفع الوضع الداخلي في لبنان الى مزيد من الاهتراء. وقال لـ»الجمهورية»: انّ مثل هذه الترويجات إمّا هي نابعة عن جهل، وامّا هي نابعة عن خبث متعمّد، الا انّ نتيجتها واحدة وهي رَمي لبنان في التهلكة.

وأضاف: خلافاً لكل ما يقال، فإن تشكيل الحكومة ممكن وفي فترة قياسية إن صفت النوايا السياسية، ورفع كل الاطراف مصلحة لبنان فوق كلّ الاعتبارات. لقد آن الاوان لكي يتحلى الجميع بشيء من المسؤولية.

 

السفراء يستعجلون الحكومة

الى ذلك، علمت «الجمهورية» انّ الملف الحكومي يشكّل اولوية في جدول اعمال االبعثات الديبلوماسية في لبنان. وهو ما بَدا جلياً في الزيارات الاخيرة التي قام بها بعض السفراء والديبلوماسيين الاجانب لمقرّات رئاسية ووزارية.

وكشف مرجع كبير لـ»الجمهورية» انّ فترة ما بعد الانتخابات النيابية شهدت حركة ناشطة لسفراء عرب وأوروبيين وغير أوروبيين، (من ضمنهم الاميركيون والفرنسيون) وفي أجندتهم مجموعة من الاسئلة حول مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، ومتى ستتشكل الحكومة؟

 

وبناء على ما يطرحه السفراء، قال المرجع: «انّ كل العالم ينتظر منّا أن تتشكّل الحكومة في وقت عاجل من دون إبطاء، وايّ خطوات ستُقدم عليها هذه الحكومة لإنقاذ لبنان، مع التشديد على البرنامج الذي سبق للمجتمع الدولي ان اكد عليه لناحية مبادرة لبنان الى الاسراع في إجراء الاصلاحات بما يفتح باب المساعدات الدولية لهذا البلد».

 

العلّة عندكم

الى ذلك، نقلت مصادر في الهيئات الاقتصادية عن ديبلوماسيين اوروبيين نظرة غير مشجّعة حيال الوضع في لبنان، حيث اكد هؤلاء الديبلوماسيون على ما مفاده «انّ المجتمع الدولي ينتظركم، من غوتيريش الى الاميركيين والفرنسيين والاتحاد الاوروبي والعرب… كل العالم ينتظركم، فماذا تنتظرون… الانتخابات انتهت، وباتت امامكم كلبنانيين نافذة فرج، والدخول منها شَرطه الاساس ان تساعدوا أنفسكم. كل دول العالم تريد ان تساعد لبنان، لكن مع الأسف تأخّرتم وماطَلتم لأنّ العلّة هي عندكم».

 

ولفتت المصادر الى «اننا لمسنا كل استعداد لديهم في أن يساعدوا لبنان، ونحن نصدّقهم، مرات عديدة اكدوا لنا انّ عليكم في لبنان ان تساعدوا أنفسكم لنساعدكم، ما زالوا يفتحون امامنا ابواب المساعدة، ونحن في لبنان نرتكب الخطأ الفظيع ان اعتقدنا انهم سيمدّون لنا يد المساعدة اذا بَقي الداخل اللبناني على ما هو فيه من تنافر وتناحر وتناقض وسوء ادارة للدولة».

وفي سياق ديبلوماسي متصل، اعلنت السفيرة الايطالية في لبنان، خلال حفل أقامته لمناسبة العيد الوطني الايطالي «انّ هذه السنة ستكون حاسمة بالنسبة إلى لبنان وبالنسبة إلى تجديد مؤسساته الديموقراطية ضمن التقويم الدستوري». وقالت: «تشكّل الانتخابات البرلمانية التي أنجزت لتوّها خطوة مهمة في العملية نظراً للدور الرئيسي الذي يضطلع به البرلمان جنباً إلى جنب مع الحكومة للمضي قدماً في الإصلاحات التي باتَ لبنان بأمسّ الحاجة إليها، ولتوفير الخدمات الأساسية للسكان».

 

وأكدت انه «يمكن للبنان مواجهة التحدي بفضل خلفيته الحيوية على الصعيد الأكاديمي ودوره الريادي في مجال الأعمال، ومجتمعه التعددي والمتنوّع، ورأس المال البشري الموهوب، والعديد من الأصدقاء في المجتمع الدولي، ومن بينهم إيطاليا».

 

أجواء بري

وفي السياق، لفتت اجواء عين التينة الى أنّ خريطة طريق الخروج من الأزمة، رَسمها الرئيس بري في خطابه امام الهيئة العامة للمجلس الثلاثاء الماضي، والتي دعا فيها الى «أن نكون 128 نائبا من أجل لبنان».

 

وعلمت «الجمهورية» ان الرئيس بري يؤكد لمَن يلتقيه من السفراء العرب والاجانب والامميين «انّ ما يُمكّننا في لبنان من بلوغ الخلاص هو ان يتضامن اللبنانيون في ما بينهم، ولا خيار امام اللبنانيين سوى التضامن والتوحّد».

 

افتح يا سمسم!

وينقل عن الرئيس بري قوله في هذا السياق: وحدتنا وتضامننا مرادفهما «افتح يا سمسم»، وهي الجملة السحرية لفتح باب الفرج، وباب الفرج مفتاحه وحدتنا وتضامننا».

 

ويلفت بري، وبحسب ما ينقل عنه العالم، الى ان «العالم يريد ان يساعدنا إن ساعدنا أنفسنا، ويجب ان نعلم ان أي دولة في العالم مهما كانت عاطفتها تجاه لبنان، ومهما كانت تحب لبنان، فلن تكون كعاطفتها تجاه نفسها وكحبها لنفسها وشعبها، فإن لم نساعد انفسنا فكيف ننتظر منهم ان يساعدونا. علينا ان نقتنع ان لا احد سيساعدنا ان لم نقرر نحن ان نساعد انفسنا، والسبيل الى ذلك هو معبر إلزامي لا مجال لانقاذ بلدنا الا من خلال عبوره، وهو أن نتضامن ونتوحّد في هذه المرحلة، ونطوي صفحة الانتخابات واختلافاتها، لا أقول ان نتكامل كأحزاب وقوى سياسية مع بعضنا البعض، او نندمج ببعضنا البعض، بل ان نتوافق ونتعاوَن ونتشارك وننسق مع بعضنا البعض ونشتغل لأجل لبنان، وندخل معا الى حلبة ايجاد العلاجات لأزمته وانقاذ اللبنانيين من الكارثة التي هم فيها. هذا هو الطريق الذي علينا سلوكه، وغيره سيؤدي الى الويل والخراب والانتحار».

 

وقال بري: «امامنا فرصة علينا ان نستفيد منها ولا نفوّتها، فلنشكّل حكومة، تجتمع حولها كل الاطراف، وفي إمكاننا ان نجعل المجلس الينابي بكل مكوناته خلية عمل رافدة للحكومة بكل دعم يُمكّنها من الانجاز السريع، وأن نُنجز مجموعة من الامور التي تعني اللبنانيين وتخفف من وطأة الازمة عليهم .. بيدنا ان نحوّل مجلس النواب الجديد الى مطبخ لإنضاج العلاجات التي تطعم كل اللبنانيين، وتخفف من معاناتهم وتطمئنهم الى أن ارادة الانقاذ والخلاص صادقة لدى الجميع».

 

وكان الرئيس بري قد تلقى امس رسالة تهنئة بانتخابه رئيساً للمجلس النيابي لولاية جديدة من وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح، أكد فيها «أننا نتطلع للتعاون والعمل سوياً على المستويين الحكومي والبرلماني لمد جسور التعاضد والتكاتف وتعميق أوجه التواصل بكافة المستويات وعلى مختلف الاصعدة».

 

إنحدار أمني ومعيشي

وسط حال الترقّب الداخلي لتحديد موعد الاستشارات الملزمة، قفز الوضع الامني الى الواجهة مجدداً مع فلتان «الزعران» في اكثر من منطقة، وجديدها امس ما حصل في حي الشراونة في بعلبك من اعتداء على الجيش خلال مداهمة نفّذها لتوقيف عدد من المطلوبين، ما ادى الى استشهاد احد العسكريين واصابة خمسة جنود بجروح.

 

وفي الوقت الذي يلوح فيه شبح الشح في مادة الطحين وسائر الاساسيات الحياتية، انحدر الوضع المعيشي اكثر فأكثر مع التحليق الجنوني لأسعار المشتقات النفطية وارتفاع سعر صفيحة البنزين الى 624 الف ليرة، بالتوازي مع الارباك الخانق الذي رافَق تسعيرة المولدات، حيث كان لافتاً بالامس «الليونة» التي أبدَتها وزارة الطاقة والمياه حيال اصحاب الموالدات وتحكّمهم بالتسعير، ومخاطبتهم بلغة التمني بدل إلزامهم بانتهاج السبيل الذي لا يرهق المواطنين.

 

وقالت الوزارة في بيان امس: «إزاء اللغط الحاصل حول طريقة احتساب المصاعد والاقسام المشتركة التي تشترك بقدرات ثلاثية الأطوار Triphasé، فإنّه ينبغي على صاحب المولد احتساب الشق الثابت من التسعيرة على أساس قدرة الطور الواحد (monophasé). على سبيل المثال، إذا كان اشتراك المصعد والأقسام المشتركة بقاطع ثلاثي الأطوار 3×15 أمبير يُحتسب الشق الثابت على أساس قدرة 15 أمبيرا وليس 45 أمبيرا أي 340.000 ليرة. وطلبت وزارة الطاقة من أصحاب المولدات الخاصة ألا تتدنّى ساعات التغذية عن 16 ساعة يومياً خصوصاً بعد تحسين قيمة الشق الثابت من التسعيرة. وتمنّت على وزارة الاقتصاد والتجارة متابعة وتشديد الرقابة على هذا القطاع وذلك للمزيد من الحماية للمواطنين.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى