قالت الصحف:الحكومة ومواقف باسيل والأخذ والرد
الحوار نيوز – خاص
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم على الموضوع الحكومي وكلام وزير الخارجية جبران باسيل ،من دون الإشارة الى الهجوم الصاروخي الإيراني على القواعد الأميركية في العراق ،باعتبار أن الهخجوم حصل فجرا .
• وكتبت صحيفة "النهار " تقول : لم ينفرط عقد الحكومة القيد التأليف بعد، ولم تتراجع علناً القوى الحليفة الداعمة لحكومة اللون الواحد، عن اتفاقها مع الرئيس المكلف حسان دياب على حكومة التكنوقراط، لكن دياب لجأ الى بعبدا، عارضاً للرئيس ميشال عون مسودته للحكومة الموعودة، منقوصة الاسماء الشيعية تحديداً، محاولاً تخطي بعض العقبات التي يتهم صهر بعبدا الوزير جبران باسيل بها، في حين ان العقبات تتجاوز باسيل الى مواقع أخرى عدة، منها أيضاً "تيار المردة" الذي عاد الى المطالبة بحقيبتين بدلاً من واحدة.
وفي المعلومات ان اجتماع بعبدا أفضى الى حل لمشكلة عالقة على خط دياب – باسيل، قضى باسناد حقيبة الاقتصاد من حصة الرئيس عون الى الوزير السابق دميانوس قطار، في مقابل اعطائه الخارجية التي ستسند الى شخصية يرضى عنها "حزب الله" في مرحلة ما بعد اغتيال اللواء الايراني قاسم سليماني ودخول المنطقة في دائرة المواجهة.
وأكدت مصادر مواكبة للقاء ان "أجواء اللقاء كانت ايجابية وقد توصل الى حلحلة في مسائل عالقة عدة". ونقلت المصادر المطلعة تفاؤل الرئيس المكلف الذي يرى أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح، وانه تمت جوجلة الأسماء المقترحة لوزارات. ولكن لم تجزم الأوساط بما اذا كانت الحكومة ستولد خلال الاسبوع الجاري.
من جهة أخرى، استرعى الانتباه موقف "كتلة المستقبل" الذي تحدث عن "معلومات متداولة عن محاولات وضع اليد مجدداً على الثلث المعطل وعن دخول جهات نافذة من زمن الوصاية على خطوط التأليف والتوزير واقتراح اسماء مكشوفة بخلفياتها الأمنية والسياسية، الأمر الذي يشي بوجود مخططات متنامية لتكرار تجربة العام 1998 وسياساتها الكيدية". وأكدت موقفها من الشأن الحكومي وامتناعها عن المشاركة في أي تشكيلة وزارية، سواء مباشرة أو بالواسطة.
وفي هذا الاطار، نقل عن مرجع قوله ان "تجربة التكنوقراط فشلت" قبل تبلور صورتها أو معرفة خيرها من شرها في ميدان السرايا الحكومية التي لا يمزال مفتاحها في يد الرئيس سعد الحريري الى حين صدور مراسيم تأليف حكومة دياب. ويبقى انه لم يعد ثمة فرق بين الوزير الحزبي الذي يعيّنه فريقه والتكنوقراط الذي يحظى بمباركة الحزب او الزعيم.
وربطاً بهذا الكلام، توقف مصدر متابع عند "ايحاء الثنائي الشيعي بأنه يسهل عملية التأليف، في حين أنه لا يقدم لائحة بأسماء مرشحيه الى الرئيس المكلف، ما يرسم أكثر من علامة استفهام حول نيته الحقيقية التسهيل، خصوصاً بعد اغتيال قاسم سليماني". وقال "إن حزب الله يتذرع بأنه منهمك بالشأن الاقليمي، أما الرئيس نبيه بري فيحتفظ باسم مرشحه الى اللحظة الاخيرة قبل صدور مرسوم التأليف. واذا ما سار كل الاطراف على هذا النحو، فإن جعبة الرئيس المكلف ستبقى فارغة، ولن يكون في امكانه اعداد لائحة اسمية يكون له رأي فيها، أو حتى حق الاعتراض عليها. وربما كان هذا ما تهدف اليه الجهات الداعمة له أمام الرأي العام".
وتردد أمس أن حركة "أمل" أعدت اسماً جديداً هو عباس مرتضى المسؤول عن العمل البلدي في الحركة. واذا صحّت التسمية فيكون طرحه نسفاً لمبدأ التكنوقراط بعيداً من المسؤوليات الحزبية. كذلك امتنع "حزب الله" عن التسمية، فيما تتردد في أوساطه اسماء علي ضاهر وحمد حسن وعلي حيدر بعدما سقط اسم عبد الحليم فضل الله.
على صعيد آخر، وقّع رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابرهيم كنعان كتاب احالة مشروع موازنة 2020 على رئيس مجلس النواب بعد ورود الجداول المعدلة من وزارة المال وفقاً لتعديلات لجنة المال والموازنة مرفقاً بمواد القانون والاعتمادات والتوصيات.
• كتبت صحيفة "الأخبار" تقول: لا تقدّم في تأليف الحكومة. الغليان يشتد داخلياً وخارجياً، لكنه لا ينعكس سرعة في التأليف. ببلادة يتعامل المؤلّفون مع كل ما يجري من حولهم. أولويتهم تحقيق المكاسب وتقاسم الحصص، ولذلك عنوان الخلاف حالياً هو وزارة الخارجية… ويمكن أن يكون غداً أي شيء آخر
تأليف الحكومة تحوّل إلى أحجية. حُلّت العقد. لا لم تُحلّ. اقترب التأليف. لا لم يقترب. منذ نحو شهر والمشهد على حاله. وكل ما يجري حكومياً، لا يأخذ التطورات الداخلية والخارجية بعين الاعتبار. صراع الحصص والمكاسب يبدو مقززاً. لا أحد يتحدث عن خطة لمواجهة الأزمة أو رؤية لاستعادة ثقة الناس. شكل الحكومة أهم. هل هي حكومة حسّان دياب أم جبران باسيل؟ الأول يريد أن يثبت أنه هو من يؤلف فعلاً لا قولاً، والثاني يريد أن يعود إلى الحكومة محافظاً على الوزن الذي كرسّه في الحكومة السابقة. بالنتيجة، فإن الحكومة المتّهمة بأنها حكومة اللون الواحد غير قادرة على الاتفاق حتى على الأساسيات. الصراعات المستمرة تقلل من فرص الإنقاذ.
الانهيار المالي والاقتصادي يترسخ يوماً بعد يوم. أمس سجلت المصارف أعداداً قياسية من المودعين الساعين إلى سحب ما أمكن من أموالهم. قبل نصف ساعة من الإقفال، سجل في أحد المصارف وجود 230 زبوناً ينتظرون دورهم. الذل اليومي الذي يتعرض له الناس صار عادة، لكن ماذا عن الهزة التي شهدها الإقليم باغتيال قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني؟ هل حقاً ثمة من يعتقد أن لبنان سيكون معزولاً عن تداعياتها؟ إن كانت الإجابة بلا، فهل تعدّلت حسابات التأليف؟ حتى اليوم لا يزال الأمران معزولين عن بعضهما البعض. الاتفاق على حكومة تكنوقراط ساري المفعول، والخلافات اليوم، تندرج في إطار مختلف. لكن الأكيد أن في 8 آذار من خرج ليقترح العودة عن الموافقة على حكومة تكنوقراط صرف، انطلاقاً من أن البلد بحاجة إلى مواجهة التحديات الخارجية بمقدار حاجته لمواجهة التحديات الداخلية. ولذلك، عادت المطالبة بحكومة تكنوسياسية تتجدد. مع ذلك، فإن حزب الله يكاد يكون أخرج يديه من التأليف. أولياته صارت في مكان آخر، بالرغم مما نقل سابقاً عن مصادر قريبة منه بأنه لا يزال حريصاً على تشكيل الحكومة بأسرع وقت من دون أي تعديل في شكلها.
في مطلق الأحوال، وبالرغم من الكلام عن خلافات تتعلق بحقيبة الخارجية تحديداً، يبدو أن الاتفاق على المبادئ لم يتم بعد. ليس خلافاً على اسم دميانوس قطار بقدر ما هو خلاف على مبدأ حصول دياب على حقيبة مسيحية أساسية (الخارجية أو الدفاع). باسيل يعتبر أن الخارجية من حصته، ويصر عليها وعلى "الطاقة" و"الدفاع". لكن قبل الدخول بالأسماء، لم يُتّفق على الحصص. رئيس التيار الوطني الحر مصرّ على الثلث المعطّل، أي أن يحصل رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر معاً على سبعة مقاعد، فيما يذهب مقعد لكل من المردة والطاشناق. وهو الأمر الذي استدعى رداً من كتلة المستقبل، التي نبهت في اجتماعها إلى "المعلومات المتداولة عن محاولات وضع اليد مجددا على الثلث المعطل". عملياً حصول دياب على الخارجية أو الدفاع، يعني تلقائياً سقوط الثلث المعطّل من يد باسيل، إضافة إلى سقوط حقيبة وازنة من حصته.
الخلاف في اللقاء الأخير بين الطرفين وصل إلى حد تعبير دياب عن امتعاضه من طريقة عمل باسيل. قال: "أنا رئيس الحكومة ولا يمكن أن تؤلف من دون أن يكون لدي فيها شيء". الخلاف وصل إلى حد إبداء التيار الوطني الحر استعداده للانتقال إلى المعارضة وترك دياب يؤلف كما يشاء في حال لم يحصل على المقاعد التي يريدها. لكن دياب رد بالقول: كيف تريدون أن تكونوا في المعارضة وأنتم طيّرتم حكومة سعد الحريري لتكونوا في الحكومة. فكان الجواب: مستعدون لإعطائك الثقة وإن كنا في المعارضة. بنتيجة انسداد أفق التفاهم مع باسيل، قرر دياب عدم التواصل معه. ما زاد من حدة المشكلة، كان الإعلان عن مقابلة تلفزيونية مع باسيل، يتحدث فيها عن الشأن الحكومي. لكن باسيل لم يسهب في الحديث عن الحكومة. قال إن "معيارنا الوحيد هو امكانية نجاح الحكومة في اخراجنا من الوضع الحالي ونحن كغيرنا من الكتل نعطي رأينا وتشكيل الحكومة يقوم به رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف".
وبالفعل، زار دياب رئيس الجمهورية أمس، وتردد أن الزيارة حققت إيجابيات ملحوظة. لكن هذه الإيجابيات لم تساهم في زيادة التفاؤل باقتراب تشكيل الحكومة.
الى ذلك، استقبل باسيل أمس السفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد وجرى البحث، بحسب مصادر مطلعة، "في حماية لبنان من نيران المنطقة وامن الاميركيين في لبنان".
• كتبت صحيفة "نداء الوطن " تقول : صدق من قال "الناس بالناس والقطة بالنفاس"… فبينما المقومات الحياتية والحيوية للبنانيين تتهاوى وقد تجاوزت الخطوط الحمراء، مع تدهور القدرة الشرائية للمواطن وتناقص المستلزمات الاستشفائية للمرضى وفقدان المازوت في بعض مناطق الشمال والغاز في بعض بلدات الجنوب، لا يزال أهل السلطة غارقين مستغرقين في حياكة بزّة تكنوقراطي من هنا واختصاصي من هناك لتلائم قياس هذا الفريق السياسي أو ذاك، في حين أنّ رقعة الشرخ المتنامي بين الموالاة والمعارضة، لا سيما بين قصر بعبدا و"بيت الوسط"، آخذةً بالاتساع أكثر فأكثر وسط هواجس "مستقبلية" من عودة رموز الوصاية الأمنية إلى مقاليد المؤسسة التنفيذية تحت عباءة "التوزير المقنّع"، إلى درجة بلغ معها التلميح والتصريح مستوى تشبيه مجريات الأمور في عهد الرئيس ميشال عون بعهد الرئيس إميل لحود، حسبما بدا من تحذير كتلة "المستقبل" النيابية أمس من وجود "مخططات متنامية لتكرار تجربة العام 1998 وسياساتها الكيدية"، ربطاً بما كشفته عن "دخول جهات نافذة من زمن الوصاية على خطوط التأليف والتوزير واقتراح اسماء مكشوفة بخلفياتها الأمنية والسياسية".
إذاً، وبانتظار ترقب ما إذا كان "العهد العوني" سيسلك طريق العودة بعقارب الزمن إلى أيام صراع "العهد اللحودي" مع الحريرية السياسية، تتسارع جهود رئيس الجمهورية باتجاه الدفع نحو الانتقال بالملف الحكومي من مربع التكليف إلى مربع التأليف، وقد أعربت مصادر قصر بعبدا لـ"نداء الوطن" عن ثقتها جازمةً بأنّ حكومة حسان دياب ستبصر النور "هذا الأسبوع"، بعد الانتهاء خلال اليومين المقبلين من وضع اللمسات الأخيرة على خريطة الأسماء والحقائب.
وفي الغضون، طفت على سطح التشكيل ملامح كباش مستجد بين الأكثرية الحكومية غداة واقعة مقتل قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، في ظل اختلاف حاصل في التوجهات ووجهات النظر بين الثنائية الشيعية التي ترى أنّ الأوضاع الإقليمية باتت تحتم تشكيل حكومة غير خالية من الدسم السياسي، وبين "التيار الوطني الحر" بمؤازرة الفريق الرئاسي الذي لا يزال متمسكاً بصيغة التكنوقراط، بغية إقفال الباب أمام إمكانية تسلل فكرة إعادة تكليف الرئيس سعد الحريري إلى أذهان الثنائية الشيعية، وإفشال عملية إقصائه التي كان قد شكّل الوزير جبران باسيل رأس حربتها. وهو كباش لم يخفه باسيل نفسه خلال إطلالته المتلفزة مساءً عبر شاشة "الجديد"، من خلال تأكيده وجود تساؤل في أوساط القيّمين على تشكيل الحكومة عما "إذا كانت التشكيلة الاختصاصية قادرة على مواجهة الوضع الراهن في المنطقة بعد مقتل اللواء سليماني"، ليضيف مستطرداً: "برأيي نعم". أما في ما يخص مقابلة "حساب باسيل" التي جرت رياحها بعكس ما يشتهيه المتابعون الذين انتظروا عبثاً إجابات شافية ووافية على التساؤلات المتعاظمة في الأذهان، حيال حقيقة ما أوصل البلد إلى ما هو عليه اليوم من انحدار وانهيار على كافة المستويات، فقد استرعى الانتباه التوتر الواضح في أداء رئيس "التيار الوطني" في معرض تقديمه "عرضاً طوباوياً"، يتنصّل فيه من منظومة الفساد القائمة، مقابل عدم قدرته على إخفاء تحامله على تعاطي الناس المنتفضين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى درجة أنه أجاب رداً على سؤال قائلاً ما حرفيته: "هناك خلل كبير بالأخلاق في مجتمعنا اللبناني"!
بالعودة إلى الملف الحكومي، فإنّ مصادر أكثرية 8 آذار كشفت لـ"نداء الوطن" عن "نقاش جدي يجري حالياً بين أصحاب القرار في هذه الأكثرية النيابية يتمحور حول وجود رأيين: الأول يقول بالعمل سريعاً على ولادة الحكومة وفق صيغة التكنوقراط، وهذا الرأي يرجحه فريق العهد، والثاني يقول بالانتقال إلى حكومة سياسية بالكامل لأنّ الظرف الراهن والتطورات العسكرية الأخيرة في المنطقة، تحتاج الى حكومة قادرة على التعامل مع أي مستجد وهذا ما لا تستطيعه حكومة من طراز التكنوقراط، لذلك لا بد من حكومة سياسية برئاسة دياب إذا قبل بذلك أو الشروع في تسمية غيره بعد اعتذاره، وهذا هو توجّه الثنائي الشيعي".
وفي السياق نفسه، نقلت مصادر رفيعة متابعة لمجريات عملية التأليف لـ"نداء الوطن" أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري كان "قد نصح عقب اغتيال سليماني بالتريث في مسار التأليف، تماشياً مع ضرورات المرحلة وتحدياتها"، مشيرةً إلى أنّ "أغلب العقد التي كانت تحوم حول مسألة توزيع الحقائب حُسمت، وآخرها اتفاق عون ودياب أمس على استبعاد دميانوس قطار عن وزارة الخارجية وتوزيره في حقيبة أخرى كالاقتصاد، وبالتالي لم يعد هناك ما يحول دون إعلان ولادة الحكومة سوى الضوء الأخضر النهائي من الثنائية الشيعية"، متوقعةً أن تحسم الساعات الـ48 المقبلة المشهد ليظهر خيط التأليف الأبيض من الأسود بحلول نهاية الأٍسبوع.
• كتبت صحيفة "الديار " تقول : في ظل إستمرار الإحتجاجات الشعبية في عدّة مناطق لبنانية وإستمرار القيود المصرفية التي تُعطل عمل العديد من الشركات وتضّغط على المواطن في حياته اليومية، عاد الملف الحكومي إلى العلن بقوّة مع الزيارة التي قام بها الرئيس المكلّف حسان دياب إلى فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتي أدّت إلى حلحلة العديد من العقد وتُظهر أن مسار التأليف يسير على خطى ثابتة مع مُسلّمات ثابتة على رأسها إصرار الرئيس المكلف تشكيل حكومة إختصاصيين.
مسار التأليف
مخاض الحكومة مُستمر، فزيارة الرئيس المكلّف البارحة إلى القصر الجمهوري ولقائه فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حلحل العديد من النقاط العالقة والأجواء كانت إيجابية. والظاهر من التعقيدات التي تُعرقل تشكيل الحكومة أن معايير التشكيل المُعتمدة من قبل الرئيس المكلّف بالتعاون مع رئيس الجمهورية هي معايير تعتمد على مقاييس العمل للوزراء المرشّحين وليس على الوجوه.
الطابع الإختصاصي للحكومة يفرض عليها إعتماد مخطط عمل يناقض عمل 11 حكومة أتت من قبلها وستقوم بعمل عكس ما قامت به كل سابقاتها. وبالتالي يظهر عمل هذه الحكومة على أنه إنتقام من الحكومات السابقة.
ولكن في ظل وجود حكومة وزراؤها من الإختصاصيين وليسوا من خلفية سياسية أو مارسوا السياسة سابقًا، مَن هو العقل الذي سيحكم عمل هذه الحكومة خصوصًا أن رئيسها هو أكاديمي قبل كونه وزيرًا في حكومة الرئيس ميقاتي؟. من الواضح أن هذا الأمر سيفرض وجود ضغط كبير على رئيس الحكومة الذي سيجد نفسه بمواجهة مع الأحزاب في كل الملفات السياسية أو التي لها بعد سياسي.
لبنان الذي ينتظر إقتصاديًا تحرير أموال مؤتمر سيدر وفي ظل الواقع الإقتصادي الحالي السيئ، سيجد نفسه مرغمًا بالتعاون مع العواصم الغربية لوضع خطّة النهوض. ومن المتوقّع أن تقوم الحكومة الجديدة بوضع خطّة عمل بالتنسيق الكامل مع الوزير الفرنسي ولكن أيضًا مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، مما يعني أن مُخطّط هذه الحكومة (أقلّه الإقتصادي) سيكون غربياً بإمتياز.
على كلٍ القرارات التي ستتخذها حكومة الإختصاصيين، ستكون مبنية على خيارات علمية وبالتالي ستضع مجلس الوزراء المؤلف من وزراء إختصاصيين بمواجهة مع مجلس النواب السياسي المذهبي. هذا الكباش يطرح السؤال عن طبيعة هذه العلاقة التي لم تعتَد عليها الحياة السياسية اللبنانية في تاريخها الحديث حيث أن كل شيء كان يتم من خلال التوافق السياسي على حساب المواطن والعلم.
هذا الكباش بين مجلس الوزراء وبين مجلس النواب يطرح السؤال عن موقف رئيس الجمهورية الذي ومن دون أدنى شكّ سيقف إلى جانب الحكومة وسيدّعمها في كباشها مع المجلس النيابي نظرًا إلى أنه هو من ساهم في تأليفها مع الرئيس المكلّف.
وتبقى عقدة مُهمّة أمام خروج التشكيلة الحكومية إلى العلن وهي مُشكلة الوزراء السنّة. فالحكومة حاصلة على الغطاء المسيحي والشيعي وينقصها الغطاء السنّي وهذا الأمر سيُشكّل مُشكلة كبيرة نظرًا إلى أن الميثاقية التي وُضعت بُعيد إتفاق الطائف غير متوافرة.
في الواقع هذا الأمر سيدّفع الرئيس المُكلّف إلى وضع كل ثقله مع المملكة العربية السعودية لترويض الأحزاب السنّية في لبنان للحصول على الغطاء السني المطلوب. وهذا الأمر هو أمر شبه محسوم خصوصًا أن موقف دار الفتوى هو موقف مُعتدل لم يُهاجم الرئيس المُكلّف ولم يُطلق موقف رافض لتكليفه.
ملفات ساخنة بإنتظار الحكومة
مسار تشكيل الحكومة الذي أصبح في ساعاته الأخيرة سيفرض على الوزراء الجدد الولوج إلى ملفاتهم بعمق وإيجاد الخيارات المُناسبة كلٌ في مجاله.
ومن بين هذه الملفات هناك ملفان أساسيان: الأول هو قطاع الكهرباء والثاني إستخراج النفط. هذان الملفان اللذان بقيا في عهدة التيار الوطني الحر على مدى عشر سنوات، سيكونان تحت مجهر الوزير الخبير الجديد الذي تمّ طرحه من قبل شركتي إكسون موبايل وتوتال وعمل 12 عامًا في مجال الطاقة في كل من قطر وأبو ظبي والمملكة العربية السعودية ولا خلفية سياسية له أي أنه مُستقل. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "الديار"، فقد وافق التيار الوطني الحرّ على تولّي هذا الخبير وزارة الطاقة والمياه شرط أن لا ينقض خطط وزراء التيار. وهنا تبرز المُشكلة إذ أن نظرة هذا الخبير مُختلفة كليًا عن نظرة التيار خصوصًا في ما يتعلّق بالملف النفطي، فهذا الوزير الخبير يرى أن المنطقة الإقتصادية الخالصة التابعة للبنان يجب أن تكون مقسومة إلى ثلاث رقع بحرية بدل العشرة الحالية، وأن البرّ اللبناني يجب أن يكون مقسومًا إلى أربع رقع. وبالتالي سيعمد إلى نقض كل المناقصات التي قامت بها وزارة الطاقة والمياه وعلى رأسها المناقصات التي تمّت في قطاع النفط.
هذا الإختلاف وإصرار الرئيس المكلّف عليه، دفع بوزراء ونواب التيار الوطني الحرّ إلى البدء بانتقاد هذه الوزير الخبير من دون تسميته. والظاهر أن فخامة رئيس الجمهورية قدّ أعطى موافقته على هذا الوزير الخبير وهو من سيُوفّق بينه وبين الوزير جبران باسيل في المستقبل.
أيضًا هناك ملف أخر سيكون محطّ خلاف أساسي وهو ملف الصندوق السيادي المُستقلّ حيث أن هناك توجهين أساسيين بين القوى السياسية: الأول ينص على أن يكون هذا الصندوق تحت وصاية وزارة الطاقة والمياه أو وزارة المالية، والثاني ينص على أن يكون هذا الصندوق مُستقلاً كليًا. على كل الأحوال هذا الملف سيكون محور نقاش طويل بين الوزراء الخبراء وسيكون القرار من دون أدنى شكّ محور تجاذب في المجلس النيابي عند تقديم مشروع قانون إنشاء الصندوق السيادي من قبل الحكومة الجديدة.
تداعيات إقتصادية… إيجابية
خبر قرب تشكيل الحكومة ألقى بتداعيات إيجابية على بورصة بيروت حيث سجّلت بعض الأسهم المدرجة على البورصة إرتفاعًا ملحوظًا مثل شركة سوليدير، شركة هولسيم لبنان وبنك بيبلوس.
أمّا التطورات الإقليمية التي تمثّلت بإغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سُليماني على يد الأميركيين وتوتر العلاقة بين العراق والولايات المُتحدة الأميركية وتهديدات الأخيرة بإتخاذ إجراءات بحق العراق الذي طالب بإنسحاب القوات الأجنبية الموجودة على أرضه، زادت من المخاوف من فرض عقوبات إقتصادية على العراق وخصوصًا على قطاعه المصرفي مما أدّى إلى بدء توافد الودائع العراقية إلى لبنان خوفًا من العقوبات الأميركية على شخصيات عراقية وعلى القطاع المصرفي العراقي. الجدير ذكره أن الوضع المتأزّم في لبنان أدّى إلى تراجع الودائع في القطاع المصرفي اللبناني، إلا أن الظاهر أن الفرج قد عاد من البوابة العراقية.