قالت الصحف:الجلسة الحكومية تفتح من جديد أبواب الخلاف السياسي
الحوار نيوز – خاص
فتحت الجلسة الحكومية المزمع الدعوة اليها أبواب الخلافات السياسية من جديد في ظل رفض التيار الوطني الحر إنعقاد مجلس الوزراء ،في وقت شكلت زيارة وزير الخارجية الإيرانية تحديا جديدا للحكومة لجهة القبول بالمساعدات الإيرانية.
الصحف الصادرة اليوم ركزت على هذه التطورات:
النهار عنونت: طهران تسابق لقاء باريس وعبداللهيان: نحن هنا… السلطة تنقضّ لتطويع أهالي ضحايا انفجار المرفأ
وكتبت صحيفة “النهار” تقول:
اذا كان وزير خارجية ايران حسين امير عبد اللهيان شكل محور الحركة السياسية اللبنانية نهارا، فان وليم نون سرق منه الاضواء ليشكل محور الاهتمام السياسي مساء، بعد توقيفه من المديرية العامة لامن الدولة اثر اطلاقه تهديدات باحراق قصر العدل، اذا لم يمض التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، متجاوزا الافخاخ والمطبات التي وضعها له عدد من السياسيين.
وقد بدت زيارة وزير الخارجية الايراني اكثر اقليمية من كونها لبنانية، اذ غالبا ما تعتمد طهران لبنان منصة سواء لرسائلها السياسية او العسكرية في الاقليم. فلم تحمل الزيارة اي جديد لبنانيا، الا كلام متكرر عن استعداد لدعم قطاع الكهرباء في لبنان، وقول عبد اللهيان ان “#إيران ستقف الى جانب لبنان وتدعمه في كل الظروف، وترغب في تطوير العلاقات وتفعيلها على الصعد كافة”.
واذا كانت الزيارة خرقت الجمود السياسي، في ظل انشغال داخلي بشرعية عقد جلسة لمجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي، فان الديبلوماسية الايرانية بدت تسابق اللقاءات التركية – السورية برعاية روسية، واللقاء الذي تنوي باريس عقده من اجل لبنان بالتنسيق مع واشنطن والرياض، من دون التواصل مع طهران، والتطورات الاسرائيلية، لتؤكد دورها الاقليمي الفاعل بدليل ما نقله عبد اللهيان بعد لقائه السيد حسن نصرالله بان “المقاومة في أبهى حالاتها سواء في لبنان أو في فلسطين”، وهو ملخص الرسائل الهادفة الى التذكير بعدم امكان تجاوز النظام الايراني رغم انشغاله بمشاكله الداخلية.
توقيف وليم نون
داخليا، بدت الدولة كأنها تنقض على اهالي ضحايا انفجار المرفأ لتغطية تقصيرها الفاضح في اجراءات سير العدالة، اذ تم توقيف وليم نون الذي هدد بتفجير قصر العدل، من دون محاكمة اي شخص من المسؤولين عن ادخال نيترات الامونيوم الذي سبب الانفجار. وقد طغى توقيف وليم نون على السجال الدائر حول جلسة مجلس الوزراء المتوقعة الاثنين، اذ أوقفت المديرية العامة لأمن الدولة – فرع الدكوانة على ذمّة التحقيق النّاشط وليم نون بعدما حققت معه منذ الساعة 1.30 بعد الظهر. وبحسب المعلومات ، فإنّ المديرية دهمت منزل نون عقب توقيفه. ولاحقا تم نقله الى مركز امن الدولة في السوديكو قبل نقله مجددا الى فرع الرملة البيضاء.
وقصد الاهالي مركز امن الدولة حيث نفذوا اعتصاما اكدوا خلاله انهم لن يغادروا قبل اطلاق نون، وتقدمهم النائب ملحم خلف مع مجموعة من المحامين لمتابعة قضية نون شقيق جو نون الذي ذهب ضحية انفجار المرفأ في 4 اب 2020.
وقد توالت الردود المستنكرة، فأكد عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب جورج عقيص، أن “توقيف وليم نون من قبل جهاز أمني يجب أن يكون الشرارة لإطلاق ثورة 02 على هذا النظام البوليسي العفن الذي يخاف من المتطاولين على الدولة ويرهب الساعين الى قيامها”.
وغرّد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل عبر تويتر فكتب: “عندما تنقلب الأدوار فيحاولون تحويل أهالي الضحايا إلى مجرمين نكون في آخر فصول شريعة الغاب”.
واعتبر أن وليم نون موقوف قسرًا لإسكات الأصوات الحرة وقمعها عن المجاهرة بالحقيقة، مؤكدًا أن قضية المرفأ لن تنتهي حتى كشفها.
بدوره غرّد النائب نديم الجميل: وين كان جهاز امن الدولة لما زعران الحزب القومي هجموا على العدلية يوم اصدار الحكم بقضية اغتيال بشير وهددوا القضاة بالقتل؟ وين كان لما جربوا البلطجية يهجموا عالعدلية “لقبع القاضي بيطار”؟ الشبيبة متأثرين كثير بالحرس الثوري الايراني..”.
وقال النائب زياد الحواط: محاولة توقيف وليم نون صورة عن اللادولة واللاعدالة والفلتان. بدل توقيف المجرمين في تفجير المرفأ تتم ملاحقة المطالبين بالعدالة والحقيقة.
وصدر عن الحزب التقدمي الاشتراكي الاتي: إن استمرار التعامل بطريقة بوليسية مع أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، وآخر ذلك توقيف شقيق الشهيد جو نون، وليم نون، والتمادي في تعطيل التحقيق والعدالة في هذه الكارثة المأساوية التي أصابت كل اللبنانيين، يدفعنا إلى تجديد المطالبة الصريحة بضرورة إحقاق العدالة بهذا الملف دون أي مواربة، ومحاسبة المسؤولين أيا كانوا دون أي إبطاء، والبحث عن الأسباب والمسببين لهذه الفاجعة بدل الاقتصاص من أهالي الضحايا الذين يستحقون بالحد الأدنى العدالة لأبنائهم.
وكان “تجمع أهالي شهداء وجرحى ومتضرري انفجار مرفأ بيروت” استنكر في بيان، “الوقاحة الفاضحة التي تمثلت باستدعاء أهالي ضحايا وشهداء للتحقيق على خلفية وقفة احتجاجية وتكسير بعض الزجاج في قصر العدل، بعد انتظارهم الحقيقة والعدالة سنتين ونصف سنة من دون جدوى”. ورفض “هذا الإجراء التعسفي القمعي في حقهم”، محذرا “بشدة من مغبة أي توقيف يطال أحدهم”، وقال: “سنتحرك كجسم واحد، رغم اختلافنا حول القاضي، فمصلحة قضيتنا فوق كل اعتبار، خصوصا أن ما جمعته الدماء والدموع والأشلاء لا يمكن لأحد أن يفرقه”.
مجلس الوزراء
الى ذلك، ينتظر أن يوجّه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الدعوة إلى جلسة حكومية الإثنين المقبل بعدما حسم أمر مشاركة “حزب الله” في الجلسة بشرط حصرها بملف الكهرباء وبالتالي تأمين النصاب من أجل إصدار المرسوم المتعلق بسلفة الخزينة التي تتيح فتح اعتماد مستندي لتغطية ثمن شراء كمية 66000 طن متري من مادة الغاز أويل لصالح “مؤسسة كهرباء لبنان”. وافاد وزير الطاقة وليد فياض انه لن يحضر الجلسة وانه حاول الاتصال بميقاتي، لكن الاخير لا يجيب على اتصالاته.
اما عن قانونية ما قام به فياض، يلفت الخبير القانوني عادل يمين الى ان الاخير “اجرى المناقصة تنفيذا لقرار مجلس الوزراء المتعلق بخطة الكهرباء وبناء على موافقة استثنائية موقعة من رئيس حكومة تصريف الأعمال بتسديد تكاليف باخرتي الفيول، وقد تمت المناقصة بإشراف هيئة الشراء العام، فلا يكون وزير الطاقة مسؤولا عن التأخر في تسديد نفقات وتكاليف الباخرتين، خصوصا أن المطلوب راهنا هو مجرد رسالة اعتماد”.
الأخبار عنونت: جلسة الحكومة نهاية الأسبوع المقبل: هل تُكسر الجرّة بين التيار والحزب؟
وكتبت صحيفة “الأخبار” تقول:
تهدّد جلسة الحكومة التي ينوي رئيسها نجيب ميقاتي الدعوة إلى انعقادها بكسر الجرّة نهائياً بين مختلف الأطراف السياسية، بما فيها حزب الله، والتيار الوطني الحر الذي يرفض «السطو على صلاحيات رئيس الجمهورية».
يُصرّ ميقاتي على عقد الجلسة لبتّ ملف تمويل شراء الفيول للكهرباء، باعتبار مجلس الوزراء الممرّ الإلزامي لإصدار مرسوم سلفة خزينة، بعدما منح وزير الطاقة وليد فياض موافقة استثنائية قبل أن ينقلب على قراره بالاتفاق مع وزير المال يوسف الخليل ورئيس مجلس النواب نبيه بري. في المقابل، يعتبر التيار أن «الموقف بات أبعد بكثير من إعطاء سلفة خزينة لكهرباء لبنان، بل هناك قرار يجري تنفيذه بكسر المكوّن المسيحي في لبنان، يشارك فيه كل من يشارك في جلسة مجلس الوزراء»، بحسب ما أكد تكتل «لبنان القوي» جيمي جبور في مقابلة تلفزيونية أمس، ما يثير علامات استفهام حول التداعيات السياسية لعقد الجلسة وتأثيرها على العلاقة المتوترة أصلاً بين التيار وحزب الله الذي أبلغَ ميقاتي أن وزراءه سيشاركون في الجلسة، من دون أن يصدر عنه أي موقف يؤكد ذلك أو ينفيه.
ووفق المعلومات، سيوجّه ميقاتي الاثنين المقبل دعوة إلى مجلس الوزراء إلى الانعقاد بين الخميس والجمعة، وسط إمعان رئيس الحكومة في استفزاز التيار من خلال دعوة مجلس إدارة كهرباء لبنان للمشاركة في الجلسة «لتقديم إجابات عن أسئلة الوزراء في ما يتعلق بالملف».
وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن ميقاتي اتصل بالمدير العام للمؤسسة كمال حايك، طالباً منه الحضور. لكن الأخير رفض لأن «لا صفة له، وأنه لا يُمكن أن يحضر في ظل غياب وزير الطاقة وليد فياض»، فما كانَ من ميقاتي إلا أن ردّ بأن طلب المشاركة هو «أمر»، فأجاب الحايك: «خير»!
وعكست أحداث الساعات الماضية اشتداد التعقيد في ملف إقرار سلفة شراء الفيول لمعامل إنتاج الكهرباء، حيث لا يزال المسار القانوني لتفريغ البواخر العالقة في البحر مجمداً بسبب الخلاف السياسي الذي وصل إلى حدّ رفض رئيس الحكومة الردّ أمس على اتصالات وزير الطاقة كما صرّح الأخير، مؤكداً أن «الحل لهذه الأزمة يُمكن أن يحصل بألف طريقة دستورية من خارج مجلس الوزراء». وقال في اتصال مع «الأخبار» إن «المشكلة تكمن في إخلال ميقاتي بالاتفاق الذي حصل بيننا». وأضاف فياض «لن أعطّل الحل، لكنني أعترض على الصيغة، فالحل الذي يتحدثون عنه هو جزء من الخطة التي وضعتها الوزارة، والمطلوب تأمين مبلغ 600 مليون دولار في دورة تستغرق خمسة أشهر لرفع ساعات التغذية إلى حوالي عشر ساعات». وفي هذا الإطار، رأت مصادر وزارية أن «أجندة رئيس الحكومة ومن يقف خلفه هي تخدير الناس وإعطاء نصف حل، فهل من الطبيعي أنهم يستطيعون تأمين ما يزيد على 700 مليون دولار خلال أيام لعمليات منصة صيرفة مع شركات الصرافة وتحويل الأموال، ولا يستطيعون تأمين 600 مليون لخطة الكهرباء»؟
من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان من بيروت استعداد إيران لتزويد لبنان بالفيول وتأهيل معامل الطاقة الكهربائية، مشيراً إلى «وعي التيارات السياسية اللبنانية لإيجاد مخرج للشغور الرئاسي». وشدد عبد اللهيان على أنّ إيران «مستعدة لبناء معامل الطاقة الكهربائية في لبنان وتأهيلها انطلاقاً من توافق مع الحكومة». وقال إنّ الجمهورية الإسلامية تقف «داعمة بشكل واضح للمقاومتين اللبنانية والفلسطينية في وجه الاعتداءات الإسرائيلية»، مؤكداً أنّ طهران «لا تتدخل في الأمور الداخلية للبنان الشقيق، وترحب بتلاقي وتحاور كل التيارات السياسية».
الجمهورية عنونت: توتير يسبق جلسة الحكومة.. الدولار يشتعل .. اللبنانيون يسألون: من يرعى الفلتان؟
وكتبت صحيفة “الجمهورية” تقول:
يشي المسار الإنحداري الذي بدأ يتسارع بشكل خطير في الايام الاخيرة، بأنّ يداً خبيثة تسلّلت من خلف الانسداد السياسي، لتحضير الواقع اللبناني لمنزلقات دراماتيكية وتداعيات لا حصر لها في كلّ مفاصل الحياة اللبنانية، وتكمل الإجهاز على اللبنانيين. الواقع مرعب، وركائز البلد تتهاوى على كلّ المستويات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، فيما اطراف الانقسام السياسي ماضون في التأسيس لمستقبل متهالك، وجعله أكثر مأساوية ورعباً. وماضون ايضاً في الكذب والدجل، ومحاولة تبرئة انفسهم من هذه الجريمة الفظيعة التي تُرتكب بحق لبنان واللبنانيين، فيما هم بأدائهم المتمادي في التعطيل، ورهن البلد لحساباتهم ومصالحهم، وسدّهم لأبواب الانفراج وحرمانهم البلد حتّى من جرعة مسكّنات موضعية على جروح الأزمة، متّهمون إلى ان يثبت العكس، بانّهم رعاة هذه الجريمة، وناسجو خيوطها المؤدية الى فتح ابواب الجميع وإهلاك البلد وأهله.
من يحمي الفلتان؟
في هذا الواقع المرعب، لا تنطلي على اللبنانيين كذبة البراءة، حيث لم يلمس اللبنانيون منذ بداية الأزمة الاقتصادية والمالية، وكذلك السياسية والرئاسية ما يثبت عكس ذلك، او تمتع كل العناوين والشعارات والبكائيات والمطولات التي اطلقها أطراف الانقسام، بشيء من الصدقية. على انّ السؤال الذي ينبري في وجه هؤلاء جميعهم: من يحرّك اليد الخفية؟ ومن يحمي أوكار والغرف السوداء التي تشعل الدولار، ودفعه الى سقوف خيالية؟ ومن يحمي الفلتان الخطير وما قد يؤسس له من انهيارات بالغة الخطورة تعدم كل مقومات الحياة؟ ولماذا لا تبادر اجهزة الدولة المالية والأمنية الى كبح مخربين يتحركون بكامل حريتهم ودون حسيب او رقيب؟
مصادر معنية بالشأن المالي اكّدت لـ»الجمهورية»، انّ التلاعب بسعر الدولار، تنفّذه «عصابات صيرفة وصرافون وتجار عملة ومهرّبون» معروفة بالأسماء ومقرّاتها والجهات المرتبطة بها، لدى مصرف لبنان وسائر الاجهزة اللبنانية. واخطر ما في الامر انّ هذه العصابات تتمتع بحمايات من قبل الجميع، وخصوصاً انّ هذه اللعبة تدرّ ارباحاً خيالية على هؤلاء اللاعبين بمئات الآلاف من الدولارات «الفريش» يومياً».
وإذ اكّدت المصادر «أن ليس ما يبرر اقتصادياً ومالياً هذه القفزات الخطيرة في سعر الدولار»، لفتت إلى انّ «هذا الارتفاع هو في مجمله سياسي»، وحذّرت من ترويجات تسري في اوساط مالية واقتصادية وكذلك سياسية، حول قفزات غير مسبوقة، وقد تكون كارثية في سعر الدولار، جرى التمهيد لها منذ ما قبل نهاية السنة الماضية، وبدأت ترجمتها الفعلية في الايام الاخيرة، وصولاً الى يوم امس، حيث أنّ الدولار، وكما تمّ الترويج له قبل نهاية السنة، بدأ يلامس عتبة الـ50 الف ليرة في عملية تشليح مفضوحة للمواطن اللبناني».
تهريب وتحويل؟!
واما الأخطر في هذه الصورة، ما كشفته مصادر اقتصادية مسؤولة لـ»الجمهورية» عن انّه «في الوقت الذي يحرم فيه اللبنانيون من ودائعهم، فإنّ عمليات تحويل الاموال مستمرة إلى الخارج، تضاف اليها عمليات تهريب منظّمة للاموال خصوصاً في اتجاه سوريا». وحذّرت من انّ لبنان مهدّد بحريق مالي واقتصادي كبير، وشرارته الضرب النهائي للعملة الوطنية، وجهود لصوصية لإنهاك لبنان وتجفيف الدولار وسائر العملات الصعبة فيه».
ونسبت المصادر الى مسؤول مالي دولي قوله إلى مسؤولين لبنانيين في الساعات الاخيرة: «انّ كل المعطيات المالية الدولية، تنذر بعواقب وخيمة باتت على وشك ان تضرب الواقع اللبناني، فقد ضيّع اللبنانيون على انفسهم وقتاً طويلاً وفرصاً متعددة لإعادة انعاش اقتصاد بلدهم، وهم لا يزالون امام فرصة ربما اخيرة لإطلاق مبادرات سريعة تعيد انتظام الادارة السياسية والحكومية للبلد، وتسرّع في خطوات العلاج».
الدولار والاجور
إلى ذلك، وفيما أقرّت لجنة المؤشر أمس رفع الحدّ الأدنى للاجور الى 4 ملايين وخمسماية الف ليرة، وزيادة بدل النقل اليومي الى 125 الف ليرة، كان الدولار يسجّل رقماً قياسياً كان اقترب منه قبل تدخّل مصرف لبنان قبيل نهاية 2022. وشقّت العملة الخضراء طريقها نحو الـ50 الف ليرة، ولا احد يضمن انّ هذا السعر سيشكّل محطة يستريح عندها الدولار، بل انّ المؤشرات توحي بأنّ الدولار سيستمر في الارتفاع في الفترة المقبلة. وقد ارتفعت اسعار السلع بشكل جنوني، بما فيها اسعار المحروقات، والتهمت مفاعيل الزيادة في الاجور وبدل النقل قبل ان تُنفّذ.
هذا الوضع المستجد، وفق ما يؤكّده مصدر اقتصادي لـ»الجمهورية»، يقود الى استنتاجين:
اولاً- انّ قدرة مصرف لبنان على التدخّل في سوق الصرف لتهدئة ارتفاع الدولار اصبحت محدودة.
ثانياً- انّ اعتماد الاسلوب الكلاسيكي في معالجة تآكل الاجور، ومحاولة الحفاظ على القدرة الشرائية للموظف لم تعد تجدي نفعاً.
انطلاقاً من هاتين النقطتين، يعتبر المصدر الاقتصادي، انّ مسألة توحيد سعر الصرف لم تعد ممكنة سوى من خلال ترك السوق تأخذ مداها، لأنّ ما تبقّى من اموال المودعين في مصرف لبنان لا يجوز ان تُستخدم اكثر من ذلك في محاولة للجم انهيار الليرة.
ثالثاً- انّ تصحيح الاجور في ظروف كالتي يمرّ فيها لبنان ينبغي ان ترتبط بجدول متحرّك للاجور مربوط بسعر صرف الدولار. أي ينبغي ان يتمّ تحديد الحدّ الأدنى للأجور بالدولار، وان يتمّ تعديل الأجر بالليرة شهرياً. شرط ان يكون الرقم منطقياً، وقابلاً للتطبيق في الوضع الاقتصادي والمالي القائم، والذي توحي المؤشرات حتى الآن بأنّه سيطول، ولا مؤشرات حلول في الأفق المنظور.
حضور ايراني
سياسياً، برز امس حضور ايراني في المشهد الداخلي تجلّى في زيارة وزير الخارجية الايرانية حسين عبد اللهيان الى بيروت، ولقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، ووزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بو حبيب.
وفي اللقاء معه، اكّد ميقاتي أنّ «الاوضاع في لبنان صعبة، ولكننا نعمل على تسيير الامور، ولدينا الثقة والعزيمة للعمل على الخروج من هذه المحنة». فيما شدّد الوزير الايراني على «انّ ايران ستقف الى جانب لبنان ودعمه في كل الطروف، وترغب في تطوير العلاقات وتفعيلها على الصعد كافة».
وفي مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية، قال عبداللهيان: «انّ إيران ستبقى دائماً وأبداً الصديق الوفي للبنان في السراء والضراء»، لافتاً الى انّ «التعاون بين إيران ولبنان ينعكس إيجاباً على مصلحة شعبينا». واعلن انّ «فريقاً تقنياً لبنانياً زار إيران واجتمع مع المعنيين لتأمين الفيول والمحروقات التي يحتاجها لبنان من أجل الكهرباء». واشار الوزير بوحبيب الى «اننا سمعنا من عبد اللهيان حرص إيران على استقرار لبنان وأهمية انجاز الاستحقاق الرئاسي». وأكّد انّ «لبنان حريص على استقرار إيران ويرفض تدخّل اي دولة في شؤون دول اخرى».
مجلس الوزراء
حكومياً، استُكملت التحضيرات لعقد جلسة لمجلس الوزراء مطلع الاسبوع المقبل، والاكيد حتى الآن غياب وزراء «التيار الوطني الحر» عن الجلسة على اعتبار انّ الاولوية كما يعتبر التيار، هي لانتخاب رئيس للجمهورية، وليس افتعال مشكلات تتجاوز الفراغ في سدّة رئاسة الجمهورية، والقفز فوق صلاحياته وإناطتها لحكومة غير موجودة وكسر صلاحيات الرئيس بذريعة الحاجات الملحّة، وهو الامر الذي لا يمكن القبول بتمريره او تكريسه مهما كلّف الامر.
وفيما بات مؤكّداً حضور سائر الاطراف ومن بينهم وزراء «حزب الله»، تبدو الاجواء في المقلب الحكومي متجاوزة ما وصفتها مصادر حكومية عبر «الجمهورية» بـ»النرجسية السياسية التي تتحكّم بفريق التعطيل، حيث انّ هذا الفريق يريد ان يملي إرادته على الجميع، في محاولة فاشلة لأن يستعيد ملكاً أفلت من يده، ولا يصدّق انّه اصبح خارج دائرة التحكّم والقرار التي عانى منها اللبنانيون اسوأ معاناة خلال ست سنوات». وقالت لـ»الجمهورية»: «لقد اعتدنا على محاولات التهويل، من قبل فريق يصرّ على نهج التعطيل الذي كلّف البلد اثماناً باهظة.. هذا النهج اثبت فشله، ولا يمكن في اي شكل من الاشكال مماشاته، او الرضوخ لمشيئته».
ولفت في هذا السياق ما اورده موقع «لبنان 24» التابع للرئيس ميقاتي حول انّ «مشكلة «التيار» ليست في جدول اعمال مجلس الوزراء وبنوده، انما مع رئيس الحكومة الذي لا يجاريه في اقتراحات تعطيلية او بدع دستورية، كمثل اقتراح اصدار مراسيم جوالة، تعيد اللبنانيين الى حقبة الحرب والانقسامات». وسأل الموقع، «هل انّ التعطيل بالعناد يخدم مصلحة البلد أم الذهاب نحو انتخاب رئيس للجمهورية ووضع الأطراف الثانية أمام مسؤولياتها؟ وهل أنّ رئيس الحكومة أم مجلس الوزراء عطلا انتخاب رئيس الجمهورية؟». وقال: «إذا كنا سنعتمد «منطق التيار» باستبدال جلسات الحكومة عند الضرورة بمراسيم جوالة، يوقّعها الوزراء جميعاً، فالسؤال البديهي المطروح هو «هل انعقاد مجلس الوزراء يشكّل تعدّياً على صلاحيات رئيس الجمهورية وحقوق المسيحيين، وإصدار «مراسيم جوالة» لا سند دستورياً لها يحفظ هذه الصلاحيات والحقوق؟».
ونسب الموقع إلى اوساط حكومية استغرابها «موقف بعض القيادات المسيحية الكبرى التي تكيل بمكيالين في موضوع الحكومة، فمن جهة تجاهر بالإعتراض على عمل الحكومة، بينما تؤيّده خلف الكواليس وفي الجلسات واللقاءات المغلقة». واعتبرت «انّ هذه المزايدات الطائفية هي للتعمية على المشكلة الأساسية، وهي عدم قيام النواب المسيحيين بانتخاب رئيس للجمهورية، لتقول «حري بمن يتبجح بصلاحيات الرئيس أن يذهب لإنتخاب رئيس للجمهورية».
وأشارت الى انّ رئيس «التيار» يستخدم «ورقة الحكومة» للتعمية على ازمته الحقيقية في عدم قدرته على الترشح لرئاسة الجمهورية او الضغط على»حليفه الأساسي «حزب الله» للعدول عن موقف دعم ترشيح سليمان فرنجية». وقالت: «انّ باسيل يحاول المقايضة بين الورقة الحكومية، وسلة مطالب وضمانات من «حزب الله» تتعلق بحضور تياره في الدولة والمؤسسات خلال السنوات الست المقبلة بعد انتهاء العهد. ومتى إطمأن رئيس «التيار» الى حصوله على ما يريد، عندها تلحق «حقوق المسيحيين» بسواها من الشعارات التي طوتها المصالح والتفاهمات المصلحية السابقة التي نسجها مسيحياً واسلامياً وانقلب عليها لاحقاً».
الحرب على المخدرات
من جهة ثانية، برزت امس زيارة قائد الجيش العماد جوزف عون الى عين التينة ولقاؤه رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتناول البحث شؤوناً امنية وعامة. كذلك زار قائد الجيش المستشفى العسكري المركزي اثنين من العسكريين الجرحى الذين أصيبوا أثناء عملية دهم خلية تقوم بتجارة المخدرات وترتكب جرائم قتل في حي الجورة – برج البراجنة في الضاحية الجنوبية بتاريخ 12/1/2023، واطّلع على وضعهما الصحي متمنياً لهما الشفاء العاجل. وكذلك تفقّد قيادة فوج التدخّل الرابع في ثكنة هنري شهاب حيث استمع إلى إيجاز حول العملية، والتقى بعناصر الفوج ومكتب أمن الضاحية الجنوبية التابع لمديرية المخابرات بمَن فيهم بقية العسكريّين الجرحى الذين أصيبوا أثناء العملية.
وتَوجّه قائد الجيش إلى العسكريين بكلمة جاء فيها: «لمستُ من رفاقكم الجرحى ومنكم عنفوانَكم وإيمانَكم بالمؤسسة العسكرية وبلبنان، وإصرارَكم على تنفيذ مهماتكم بإقدام واحتراف على الرغم من الصعوبات، واستعدادَكم لتقديم التضحيات بكل قناعة. أنتم فخرٌ لقيادتكم ولبلدكم الذي يكبر بكم، وأنتم عمودُه الفقري الأساسي والأمل في إنقاذه، ولولاكم لما بقي صامداً، وتاريخُنا يشهد على ما حلّ بوطننا في غياب الجيش. إنني أنحني أمام تضحياتكم وشجاعتكم.» وأضاف: «وحداتُ الجيش كافةً تحارب المخدارت على امتداد الأراضي اللبنانية، فهي أخطر من الإرهاب وواجبنا حماية أهلنا في الضاحية وسائر المناطق من هذا السمّ الذي قد يدخل إلى كل بيت وعائلة، وأن نوفّر لهم الأمان ونَرُدّ عنهم وعن أولادهم شرّ هذه الآفة. نحن مصممون ومصرّون على خوض حربنا ضدّ المخدرات مهما طالت. الشعبُ بجميع أطيافه وانتماءاته داعم لكم في هذه الحرب، فكونوا على قدر آماله».
وهنّأ العماد عون العسكريين على نجاحاتهم المتواصلة في أداء الواجب بكل اندفاع على الرغم من الأزمة القائمة، مؤكّداً أنّ قيادة الجيش تقف إلى جانبهم في هذه الظروف العصيبة، وداعياً إياهم إلى الصبر لتجاوز هذه المرحلة.
تهديد اسرائيلي
في مكان آخر، كشف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي المنتهية ولايته الجنرال أفيف كوخافي، أنّ «الجيش الإسرائيلي بلور خلال العام المنصرم ثلاث خطط لشن هجوم في إيران، كضربة انتقامية لا علاقة لها بالبرنامج النووي، لتدمير المنشآت والمنشآت النووية الداعمة للمشروع النووي».
وأضاف كوخافي، في حديث مع وسائل الإعلام الإسرائيلية قبيل مغادرته المنصب، أنّه «لو تعلّق الأمر بدخول معركة كبيرة، فستدخل مواقع عسكرية وأصول إضافية إلى قائمة الأهداف».
كما لفت الى أنّ «إيران تمتلك اليوم مواد مخصبة تكفي لإنتاج أربع قنابل نووية – ثلاث بمستوى 20% وواحدة بمستوى 60%»، محذّرًا «حزب الله» من أنّ «الجيش أعدّ خططًا هجومية لها أيضًا إذا قررت تصعيد الوضع».
وقال قائد الجيش الإسرائيلي: «نحن نعمل على أمرين مهمين: الأول هو تحديد موقع الصواريخ الإيرانية لكي نقوم يوم التنفيذ بضرب أكبر عدد ممكن منها. والأمر الثاني إنشاء نظام دفاع جوي لتحييد هذه الصواريخ».
وتابع: «نحن نفترض افتراضًا عمليًا أنّ هجومًا في إيران قد يؤدي إلى حملة ضدّ إيران وحملة في المنطقة الشمالية، يشارك فيها «حزب الله» وربما يقودها، واسرائيل في هذه الحالة مستعدة لإعادة لبنان 50 عاماً إلى الوراء إذا دخلت في حرب مع «حزب الله، لأنّها لن تكتفي باستهداف هذا الحزب، بل ان الجيش الإسرائيلي أعدّ خططاً هجومية لاستهداف الأراضي اللبنانية، خاصة البنية التحتية، إذا قّرر الحزب تصعيد الوضع».
ووصف كوخافي اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان بأنّه «جيد»، مشيرًا إلى أنّ «جميع المصالح الأمنية لإسرائيل تمّ ايفاؤها في هذه الاتفاقية». وقال: «هذه الصفقة تخدم كلاً من إسرائيل والجيش الإسرائيلي، ولهذا السبب دعمناها»، مؤكّدا أنّ «حزب الله» كان يستعد «لتصعيد الأمور في حال انهيار المحادثات بشأن الاتفاق، والجيش الإسرائيلي مستعد للردّ حسب الحاجة»، مشيراً أنّه «كانت لدينا خطط طوارئ في حالة قيام «حزب الله» بإحداث تصعيد، أي إجراء من جانبه كان سيثير ردّ فعل مضاعف من جانبنا».