سياسةمحليات لبنانية
قالت الصحف:البيان الرئاسي ينسف الآمال بتشكيل الحكومة
الحوار نيوز – خاص
احتل البيان الرئاسي الذي صدر أمس عن المكتب الإعلامي في القصر الجمهوري صدارة اهتمام صحف اليوم التي رأت أنه نسف الآمال المعلقة على تشكيل الحكومة وقوض جهود الرئيس نبيه بري لتشكيل الحكومة.
-
وكتبت صحيفة ” النهار ” تقول : بين شارع الانتفاضة الذي بدأ يستعيد حركة الاحتجاجات مع التظاهرة التي نظمت امس في احياء بيروت، وشارع الحركة العمالية الذي سيطلق غداً اضراباً عاماً واسعاً وتحركات احتجاجية مطلبية، تقف البلاد امام مفترق آخر بالغ الصعوبة والدقة وحتى الخطورة بإزاء استفحال الازمات التي تشدّ بشراستها على خناق اللبنانيين وتنذر بإشعال الاضطرابات الاجتماعية والأمنية. يحصل كل ذلك فيما يطلق المشهد السياسي آخر خلجات العجز والقصور والتخبط المخيف امام معالم الانهيارات والأزمات التي تعصف بالناس والبلاد، بل ان الأنكى ان يسجل واقع السلطة والسياسة مزيداً من الانكشاف المخزي بفعل الصراعات المستميتة على محاصصات السلطة او لخدمة اهداف فئوية ونفوذية وشخصية صرفة.
آخر معالم الانكشاف السياسي الرسمي امام الانهيارات والأزمات تمثلت في ما يمكن اعتباره فتح رئاسة الجمهورية مباشرة حرباً ثلاثية الأضلاع لاسقاط مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري بالضربة القاضية او بالأحرى باطلاق رصاصة الرحمة عليها. اذ ان البيان الناري الذي أصدرته بعبدا امس استهدف عملياً وفي المقام الأول الرئيس بري من خلال اتهامه بالانحياز الى الرئيس المكلف سعد الحريري وبالتوسع في تفسير الدستور، ومن ثم شمل الرئيس المكلف والمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى ضمناً، واما الضلع الثالث المستتر في هذا الهجوم الثلاثي فيمكن اعتباره موجها الى الحليف، والأوحد تقريبا للعهد، أي “حزب الله” نفسه عبر ايحاءات هذا الموقف ودلالاته.
وبذلك ينكشف بما لا يقبل جدلاً في الأساس، ان بعبدا كانت تصمت على مضض على مبادرة الرئيس بري، وتتحين أي فرصة لإجهاضها، فاتخذت من المواقف المتقدمة والصريحة والواضحة لرئيس المجلس في الأيام الأخيرة ولا سيما منها على ما يبدو حديثه امس الى “النهار” عن عدم إمكان البحث في اعتذار الرئيس الحريري، كما عن رفض بري أي تلاعب بالدستور في عملية تأليف الحكومة لاطلاق النار مباشرة عليه من بعبدا. واذا كانت أصداء هذا الهجوم المباشر من الرئاسة الأولى على الرئاسة الثانية تمثلت في استهجان الحرب الدائرية التي تشنها بعبدا على رئاسة المجلس كما على الرئيس المكلف، فان التخفيف من وطأة الهجوم لم تُبْد في مكانها الواقعي مع حديث عن إكمال بري لمبادرته. اذ بدا من الصعوبة الفائقة، تصور أي بحث واقعي في وساطة او مبادرة يتولاها بري بعدما قال له رئيس الجمهورية بالفم الملآن انه “يتدخل” متجاوزاً قواعد الدستور، وكأنه يدعوه ضمنا الى وقف “تدخله” وترك المعركة حصرا بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. وفي هذا البعد حصراً لاحظ المراقبون ان الرسالة الرئاسية ستكون موجهة ضمنا الى “حزب الله” الذي اعلن مراراً دعمه القوي الثابت لمبادرة الرئيس بري. ولعل ما اثار الاستغراب ان “تكتل لبنان القوي” وفي اطار توزيع الأدوار بينه وبين بعبدا عمد مساء الى تضمين بيانه عبارة تؤكد ابداءه “مجدداً الايجابية المطلقة مع المسعى الذي يقوم به دولة الرئيس نبيه بري ومع أي مبادرة تؤدي الى التأليف مع وجوب ان تتسم بالحرص على الحقوق والدستور وتتسم بالايجابية والحيادية لكي تؤتي ثمارها”.
اذاً اشتعلت مجدداً حكومياً بين بعبدا وعين التينة وبيت الوسط، اثر بيان اصدرته رئاسة الجمهورية وشددت فيه على “ضرورة الاستناد الى الدستور والتقيد بأحكامه وعدم التوسع في تفسيره لتكريس اعراف جديدة ووضع قواعد لا تأتلف معه”. وأكدت “ان المادة 53 من الدستور هي الممر الوحيد لتشكيل الحكومة”، وانتقدت ”تصريحات ومواقف من مرجعيات مختلفة تتدخل في عملية التأليف، متجاهلة قصداً او عفواً ما نص عليه الدستور من آلية من الواجب اتباعها لتشكيل الحكومة، والتي تختصر بضرورة الاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف المعنيين حصراً بعملية التأليف وإصدار المراسيم”. واضافت “وحيث ان ثمة معطيات برزت خلال الايام الماضية تجاوزت القواعد الدستورية والاصول المعمول بها، فإن المرجعيات والجهات التي تتطوع مشكورة للمساعدة في تأليف الحكومة، مدعوة الى الاستناد الى الدستور والتقيد بأحكامه وعدم التوسع في تفسيره لتكريس اعراف جديدة ووضع قواعد لا تأتلف معه، بل تتناغم مع رغبات هذه المرجعيات او مع اهداف يسعى الى تحقيقها بعض من يعمل على العرقلة وعدم التسهيل، وهي ممارسات لم يعد من مجال لإنكارها”. ولفتت الى ما وصفته “بالزخم المصطنع الذي يفتعله البعض في مقاربة ملف تشكيل الحكومة” معتبرة ان “لا افق له إذا لم يسلك الممر الوحيد المنصوص عليه في المادة 53 الفقرات 2 و3 و4 و5 من الدستور “.
عين التينة “والمستقبل”
وفيما لزمت عين التينة الصمت وعدم الرد على بيان بعبدا، ردّ “تيار المستقبل”عبر اوساطه، فوصف بيان القصر بانه “هجومي ضد الرئيس نبيه بري وموقف المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى”. وقالت إن الرئيس ميشال عون “يقفل الابواب في وجه المبادرات ويعلن بالبيان الملآن انه لا يريد حكومة، لا يريد حكومة برئاسة الحريري لان اي تقدم في معالجة الملفات سينسب الى دور الحريري”. وأشارت الى أن “عون لا يريد حكومة برئاسة شخصية آخرى لانه يدرك انها لن تتمكن من الاقلاع، وبالتالي فإن عون يفضل ابقاء الحال على ما هو عليه، حكومة تصريف اعمال استقالت من تصريف الاعمال، وادارة شؤون البلاد بما يتيسر من القصر الجمهوري وعبر المجلس الاعلى للدفاع. وختمت المصادر “ان التعطيل في الجينات العونية، ولا امل بخرق حقيقي”.
وبينما جالت السفيرة الفرنسية آن غريو على كل من الرئيسين بري والحريري وبحثت معها تطورات الملف الحكومي، اعلن نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي بعد لقائه الرئيس الحريري “ان الرئيس الحريري في قمة الإيجابية، والرئيس بري لا يزال بانتظار الجواب على المساعي التي بذلت. وحتى تاريخه، لم يبلَّغ إلا بعض البيانات والتصاريح التي تحمل في طياتها موقفا سلبيا، نأمل ألا يكون إلا من باب التحفيز للإسراع في تشكيل حكومة. وإلا فيجب أن يخرج من البال أن هناك إمكانية لإحراج الرئيس الحريري ومن ثم إخراجه. الرئيس الحريري يعي تماما الدور الموكل إليه، ويعي تماما المهمة الملقاة على عاتقه، وهي مهمة دستورية من واجبه فيها أن يحمي الدستور ومندرجاته ومضمونه”.
اضراب الخميس
وسط هذه الأجواء تشهد البلاد غدا اضراباً عاماً دعا اليه الاتحاد العمالي العام وينتظر ان يستقطب قطاعات واسعة مع حركة تجمعات واعتصامات في مختلف المناطق ستحدد نقاطها اليوم. وأعلن رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر أن الاتحاد سيقوم بجملة تحركات يوم الخميس حيث ستكون تجمعات في مختلف المناطق اللبنانية التي سترفع الصوت عاليا، لافتاً الى أن العنوان الأساسي هو تشكيل حكومة انقاذ. وقال “لسنا هواة قطع طرق لكننا نريد أن نرفع الصوت إذ يُمارس القتل من دون رصاص ضد الشعب اللبناني”. وأكّد الأسمر أن تجمعات الاتحاد العمالي العام لا تبغي قطع الطرق أو تعطيل الأعمال، وإنما التواجد في الشارع من أجل المناشدة لتشكيل الحكومة. واعتبر أن استمرار الوضع الحالي هو انتحار، متوجهاً الى كل الفئات للتضامن مع الاتحاد العمالي خصوصاً القطاع المصرفي.
-
وكتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : تبخّرت المؤشرات الى احتمال الاتفاق على الحكومة العتيدة، وبدا انّ جبهة الاستحقاق الحكومي مقبلة على جولة جديدة من التصعيد، وذلك في ضوء بيان لمكتب إعلام رئاسة الجمهورية، اطلق النار السياسية على مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكذلك على الرئيس المكلّف سعد الحريري من دون ان يسمّيهما، ولكنه عبّر عن رفض تلك المبادرة وطروحات “بيت الوسط”. وجاء الردّ من الجانبين على هذا البيان الرئاسي، تمسكاً بالمبادرة وبالتكليف بعيداً من أي اعتذار، وذلك على وقع جولة للسفيرة الفرنسية آن غريو على بري والحريري، لم تشمل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
يدور ملف التأليف في دوامة المراوحة منذ اسبوع حتى اليوم، ولم يطرأ اي تطور على الحركة التي توقفت بعد تسريبات البياضة وما تبعها من ردود وردود على الردود لم تسلم عين التينة منها، بحسب مصادر متابعة لهذا الملف، مؤكّدة لـ”الجمهورية”، انّ “مبادرة الرئيس نبيه بري لا تزال قائمة وقوية، وهي على عكس ما يقول البعض، لم تدخل الى العناية الفائقة طالما انّها المتنفس الوحيد في الأزمة الخانقة”.
وكان مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية أصدر البيان الآتي: “في الوقت الذي يتطلع اللبنانيون الى تشكيل حكومة جديدة تنكبّ على معالجة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية في البلاد، لا سيما بعد مرور 10 اشهر على استقالة حكومة الرئيس حسان دياب و8 اشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، وفيما يبدي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كل استعداد وتجاوب لتسهيل هذه المهمة، تطالعنا من حين الى آخر تصريحات ومواقف من مرجعيات مختلفة تتدخّل في عملية التأليف، متجاهلة قصداً او عفواً ما نصّ عليه الدستور من آلية من الواجب اتباعها لتشكيل الحكومة، والتي تُختصر بضرورة الاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، المعنيين حصرياً بعملية التأليف وإصدار المراسيم.
وحيث انّ ثمة معطيات برزت خلال الايام الماضية تجاوزت القواعد الدستورية والاصول المعمول بها، فإنّ المرجعيات والجهات التي تتطوع مشكورة للمساعدة في تأليف الحكومة، مدعوة الى الاستناد الى الدستور والتقيّد بأحكامه وعدم التوسع في تفسيره، لتكريس اعراف جديدة ووضع قواعد لا تأتلف معه، بل تتناغم مع رغبات هذه المرجعيات او مع اهداف يسعى الى تحقيقها بعض من يعمل على العرقلة وعدم التسهيل، وهي ممارسات لم يعد من مجال لإنكارها.
إنّ رئاسة الجمهورية التي تجاوبت مع كثير من الطروحات التي قُدّمت لها لتحقيق ولادة طبيعية للحكومة، وتغاضت عن كثير من الإساءات والتجاوزات والاستهداف المباشر لها ولصلاحيات رئيس الجمهورية، ترى انّ الزخم المصطنع الذي يفتعله البعض في مقاربة ملف تشكيل الحكومة، لا افق له إذا لم يسلك الممر الوحيد المنصوص عليه في المادة 53 الفقرات 2 و3 و4 و5 من الدستور. ولا بدّ من التساؤل اخيراً، هل ما يصدر من مواقف وتدخّلات تعوق عملية التأليف يخدم مصلحة اللبنانيين الغارقين في أزمة معيشية واقتصادية لا سابق لها ويحقق حاجاتهم الانسانية والاجتماعية الملحّة، التي لا حلول جدّية لها إلّا من خلال حكومة انقاذية جديدة؟”.
بعبدا تفسّر بيانها
في تفسيرها لبيان المكتب الإعلامي للقصر الجمهوري، قالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية”، انّ البيان “شكّل مناسبة للردّ على الحملة المنظمة التي شاركت فيها مرجعيات مختلفة، تتجاهل رئاسة الجمهورية وتشير الى تحميلها مسؤولية ما حصل من تعثر في عملية التأليف للحكومة الجديدة”.
ولفتت هذه المصادر، إلى انّ البيان لا يقف في مضمونه عند مضمون كلام الرئيس نبيه بري لـ”الجمهورية” امس الاول، وحديثه عن الحاجة الى موافقات مختلف رؤساء الاحزاب والقوى اللبنانية لتشكيل الحكومة الجديدة، من دون اي اشارة الى رئيس الجمهورية الذي أعطاه الدستور وبموجب المادة 53 من الدستور الحق في تشكيل الحكومة بالاتفاق مع الرئيس المكلّف لتشكيل الحكومة دون غيرهما”.
وقالت المصادر: “انّ التذكير بهذه الصلاحيات كان خطوة لا بدّ منها لوقف ما يجري على الساحة اللبنانية، وانّ في امكان الرئيس المكلّف الاتصال مباشرة برئيس الجمهورية للبحث في عملية التأليف”.
وعن مصير مبادرة بري لفتت المصادر، إلى “انّ بعبدا تنتظر نتائج مساعيه. وانّ الإضاءة على ما يقول به الدستور لا يعوق المهمة”.
تزايد التعقيد
في هذه الاثناء، أبلغت اوساط سياسية واسعة الاطلاع الى ”الجمهورية”، انّ “البيان الرئاسي الموجّه ضدّ الرئيس نبيه بري من دون أن يسمّيه، انما زاد الأمور تعقيداً بدل تسهيلها”، متسائلة: “هل يصح ان تتمّ مواكبة مبادرة بري بهذا التشنج والتصعيد، بينما المطلوب ملاقاتها بالايجابية والمرونة من كل الأطراف؟”.
وتوقفت هذه الاوساط عند نفي المكتب الاعلامي لبري صدور اي ردّ على بعبدا على لسان مصادر منسوبة الى عين التينة، معتبرة “انّ هذا النفي يؤشر الى انّ بري يحاول ان يتجنّب الانزلاق الى سجال مباشر مع رئيس الجمهورية في هذا التوقيت”. واشارت الى “انّ المستغرب هو ان يوجّه قصر بعبدا انتقادات الى مواقف بري، بينما يعكس بيان تكتل “لبنان القوي” برئاسة جبران باسيل انفتاحاً على مسعى رئيس المجلس”.
وتوقعت الاوساط ان يحاول بري إنقاذ مبادرته لحلحلة الازمة الحكومية على رغم انّ الظروف المحيطة بها باتت اكثر سوءاً بعد “رسالة” بعبدا.
وكان المكتب الاعلامي لبري اصدر امس البيان الآتي: “تداول احد المواقع الاخبارية مواقف منسوبة لمصادر عين التينة. يؤكّد المكتب الاعلامي للرئيس نبيه بري انّ كل ما ورد في هذا الاطار غير صحيح وانّ لا شيء في عين التينة اسمه “مصادر”.
وكانت مواقع الكترونية نسبت الى “مصادر مقرّبة من عين التينة” رداً على بيان رئاسة الجمهورية، قالت فيه: “إنّ هذا البيان يُراد منه القول لكل من يريد سعد الحريري “لا تتدخّل”. واذا كانت الرئاسة الثانية هي المقصودة فلا نريد أن نسمع. ومن يريد الحريري كثر”. وأضافت المصادر: “هذا البيان يشكّل اساءة جديدة لموقع رئاسة الجمهورية، وردّ الاعتبار لا يكون بهكذا بيانات، وإذا كانت سياسة لن نسكت بعد اليوم. هي السياسة المتّبعة والمعممة حالياً من قِبل “التيار الوطني الحر” فنحن نردّ: لا نوم بعد اليوم”.
القدرة على الصبر
الى ذلك، كشف مواكبون للمشاورات السياسية في الكواليس، “انّ قدرة الحريري على الصبر تراجعت بعد نحو 8 اشهر من تكليفه، وبالتالي فهو سيقرّر الاعتذار قريباً اذا لم يحصل تبدّل إيجابي في الوقائع السياسية ضمن مهلة قصيرة”.
وفي اول ردّ فعل على البيان الرئاسي، لم يتأخّر تيار “المستقبل” في قول كلمته، فوصفه بأنّه “هجومي ضدّ الرئيس نبيه بري وموقف المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى”. وقالت اوساطه، “إنّ الرئيس عون يقفل الابواب في وجه المبادرات، ويعلن بالبيان الملآن، أنّه لا يريد حكومة، لا يريد حكومة برئاسة الحريري لأنّ اي تقدّم في معالجة الملفات سيُنسب الى دور الحريري”.
وأشارت هذه الاوساط، الى “أنّ عون لا يريد حكومة برئاسة شخصية أخرى، لأنّه يدرك انّها لن تتمكن من الاقلاع، وبالتالي فإنه يفضّل ابقاء الحال على ما هي عليه، حكومة تصريف اعمال استقالت من تصريف الاعمال، وادارة شؤون البلاد بما يتيّسر من القصر الجمهوري وعبر المجلس الاعلى للدفاع”. وختمت: “التعطيل في الجينات العونية، ولا أمل في خرق حقيقي”.
… ولا يطاول باسيل
وفي هذه الاجواء اعتبرت اوساط سياسية معنية بالتشكيلة الحكومية لـ”الجمهورية” انّ البيان الرئاسي “لا يطاول حركة رئيس “التيار الوطني الحر” الذي بدأ مشاوراته مع ممثلي “الثنائي الشيعي” ولم يصل بعد إلى تشكيل الحكومة التي هي من اختصاص رئيس الجمهورية، وهو أبلغ الثنائي عند البحث عن الاسماء بالتوجّه الى بعبدا لاستكمال عملية التأليف فور التفاهم على هيكلية الحكومة والمبادئ والمعايير التي تحدث عنها رئيس الجمهورية التي تحكم تسمية الوزيرين المسيحيين والحصص التي لم يتجاوزها الحوار لا في البياضة ولا في اللقلوق”.
المستجيب والسمّيع
وفي غضون ذلك قال نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي بعد زيارته الحريري انّ الرئيس المكلف “في قمة الإيجابية، وروحية هذه الإيجابية ومضمونها وشكلها هي في كَنف دولة الرئيس نبيه بري ويده، المسؤول أن يؤتمن ائتماناً كاملاً على مسألة المسار في إيجاد الحلول لإخراج البلد من أزمته. فهل هناك من مستجيب؟ هل هناك من سمّيع؟ هل هناك من مجيب؟ لا أدري”.
وأضاف: “حتى تاريخه، الرئيس بري لا يزال في انتظار الجواب على المساعي التي بذلت. وحتى تاريخه، لم يبلَّغ إلا بعض البيانات والتصاريح التي تحمل في طياتها موقفاً سلبياً، نأمل ألا يكون إلّا من باب التحفيز للإسراع في تشكيل حكومة. وإذا كانت هذه هي الغاية فأهلاً وسهلاً ونحن لها، وإلّا فيجب أن يخرج من البال أنّ هناك إمكانية لإحراج الرئيس الحريري ومن ثم إخراجه”. واشار الى انّ الحريري “ليس في وارد التخلي عن المضمون الدستوري للمهمة التي يقوم بها”.
”لبنان القوي”
وشدد تكتل “لبنان القوي” على “ضرورة وأولوية تأليف الحكومة” برئاسة الحريري. وأبدى “مجدداً الايجابية المطلقة مع المسعى الذي يقوم به الرئيس نبيه بري، ومع أي مبادرة تؤدي الى التأليف، مع وجوب ان تتسِمّ بالحرص على الحقوق والدستور وتتسمّ بالايجابية والحيادية لكي تؤتي ثمارها”.
وقال: “من أغرب الأمور أن يتمّ شنّ حملات إعلامية على رئيس ”التكتل” بسبب تجاوبه واستقباله لمبادرين حملوا إليه مطلباً واضحاً بالمشاركة في الحكومة المرتقبة ومنحها الثقة، وهو قرار يعود اتخاذه حصراً للتكتل وأحزابه وشخصياته واعضائه، وليس لرئيس الجمهورية الذي يحفظ له الدستور صلاحية المشاركة في تأليف الحكومة والموافقة على تسمية كل وزير فيها، وذلك بالاتفاق مع الرئيس المكلّف. وهذا الأمر لا ينزع من التكتل حقه الدستوري في ان يوافق او لا يوافق على المشاركة ومنح الثقة من دون فرض من أحد، بل بقناعة ذاتية وقرار مستقل عبّر عنهما مراراً وتكراراً”.
واكد التكتل انّه “يقوم بكل ما يلزم لولادة الحكومة ضمن الدستور والأصول، من دون طلبات خاصة، سوى التزام الإصلاح والتأكّد من تطبيقه بلا شروط مسبقة”.
-
وكتبت صحيفة ” اللواء ” تقول : يقال في الامثال الشعبية: “للمحامي تلت القتلة”. هل هذا يصح على الرئيس نبيه برّي، الذي أخذ على عاتقه، برعاية دولية السير بمبادرة، تقضي في ما تقضي، باستمرار المشاورات من أجل تأليف حكومة جديدة، قادرة على وقف الانهيار، وبالتالي التعامل مع المجتمع الدولي، الصديق والشقيق، الذي أبدى استعداداً للمساعدة في تجاوز الوضع، واستعادة العافية للدولة ومؤسساتها والليرة، ودورها في التنمية الاقتصادية والمعيشية..
من المتفق عليه، في الأوساط السياسية ان البيان الذي صدر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية يطال مهمة الرئيس نبيه برّي ووساطته، في اشارته إلى “المرجعيات والجهات التي تتطوع مشكورة للمساعدة في تأليف الحكومة، مدعوة إلى الاستناد إلى الدستور والتقيد بأحكامه وعدم التوسع في تفسيره لتكريس اعراف جديدة ووضع قواعد لا تأتلف معه، بل تتناغم مع رغبات هذه المرجعيات أو مع أهداف يسعى إلى تحقيقها بعض من يعمل على العرقلة، وعدم التسهيل، وفي ممارسات لم يعد من مجال لانكارها..
والانكى في هجوم قصر بعبدا وصف ما يجري من تقدّم بـ”الزخم المصطنع” الذي يفتعله البعض في مقاربة ملف تشكيل الحكومة، لا أفق له إذا لم يسلك الممر الوحيد المنصوص عنه في المادة 53..
وبعيداً عن التجاهل أو التفسير الخاطئ وصف مبادرة برّي بالتدخل في عملية التأليف، فجاء في نص البيان: تطالعنا من حين إلى آخر تصريحات ومواقف من مرجعيات مختلفة تتدخل في عملية التأليف، متجاهلة قصدا او عفوا ما نص عليه الدستور من آلية من الواجب اتباعها لتشكيل الحكومة، والتي تختصر بضرورة الاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف المعنيين حصريا بعملية التأليف وإصدار المراسيم.
وفي وقت لاحق، قالت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية لـ”اللواء” أن البيان الذي صدر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية لا يهدف إلى التصعيد أو التعطيل إنما تذكير من يجب بصلاحيات رئيس الجمهورية ودوره ومسؤولياته وإن ما من أمر يحصل بمعزل عنه لأنه في الفترة الاخيرة صدرت مواقف ومبادرات عن أن هذه الجهة أو تلك أو هذا التجمع وذاك يشكلون الحكومة كما يبدو ويفرضون واقعا قائما، فأتى البيان ليذكر بالاصول الدستورية وبان الحكومة تلد بأتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف. واذ أوضحت المصادر نفسها أن المساعي مشكورة لفتت إلى أنه يجب أن تكون ضمن الاصول الدستورية المتبعة وقالت: ليس صحيجا أن البيان هو ضرب لمبادرة رئيس المجلس النيابي.
واعتبرت ان البيان يترجم التوجهات التي كانت سائدة سابقا لدى الرئيس عون ولم تتبدل موضحة ان من يسعى إلى وساطة أو مبادرة لا بد من أن يدرك من أن القرار يعود إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف كما أن عليه أن يدرك أنه لا بد من أن يكون محايدا وليس طرفا لأنه إذا كان ذلك فليس في إمكانه أن يقوم بمسعى أو مبادرة وعليه بالتالي اتخاذ موقع الوسط والدستور واضح في عملية تأليف الحكومة.
وأفادت أن هذا البيان يلمح بشكل أو بآخر إلى أنه إذا كانت جميع المرجعيات تتحدث وتدلي بمواقفها ولم تتمكن من إقناع الحريري أو جعله يؤلف الحكومة فما معنى لكل ما يحصل وبالتالي ستبقى المشكلة قائمة. وكررت القول أن البيان لا يهدف إلى نسف أو اسقاط مبادرة الرئيس بري إنما وضع النقاط على الحروف.
عين التينة: لا مصادر لدينا
ولم تتأخر مصادر مقربة من “عين التينة” في الرد على بيان رئاسة الجمهورية، وقالت لموقع “لبنان الكبير”: “إن هذا البيان يُراد منه القول لكل من يريد سعد الحريري “لا تتدخل”. واذا كانت الرئاسة الثانية هي المقصودة فلا نريد أن نسمع ومن يريد الحريري كثر”. وأضافت المصادر: “هذا البيان يشكّل اساءة جديدة لموقع رئاسة الجمهورية، ورد الاعتبار لا يكون بهكذا بيانات، وإذا كانت سياسة لن نسكت بعد اليوم هي السياسة المتّبعة والمعممة حالياً من قبل ”التيار الوطني الحر” فنحن نرد: لا نوم بعد اليوم”.
ولاحقاً، اصدر المكتب الاعلامي للرئيس بري بياناً جاء فيه: تداول احد المواقع الاخبارية مواقف منسوبة لمصادر عين التينة يؤكد المكتب الاعلامي للرئيس نبيه بري ان كل ما ورد في هذا الاطار غير صحيح وان لاشيء في عين التينة اسمه “مصادر”.
وفي سياق متابعة مبادرته بالتنسيق مع فريق المهمة المكلف في الاليزيه، عقد لقاء في عين التينة بين الرئيس برّي والسفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو، التي زارت بيت الوسط أيضاً والتقت الرئيس المكلف سعد الحريري.
وإزاء هذا التطور، حدثت اتصالات شارك فيها حزب الله، لوقف تداعيات بيان بعبدا، مما اضطر الرئيس برّي إلى الايعاز باصدار بيان عن مكتبه الإعلامي ينفي كلام “المصادر” لموقع لبنان الكبير..
في هذا الوقت، تحدثت مصادر عن انزعاج إقليمي من دور برّي في ما وصفوه بـ”تعويم” دور الرئيس الحريري، خلافاً لرغبات دول “نافذة في المحور”.
ومضت المصادر ان نائباً له ارتباطات معروفة، يلعب دوراً في احراج رئيس المجلس، في إطار تحضيرات بدأت لفتح معركة رئاسة المجلس النيابي، قبل نهاية عهد الرئيس عون، تمهيداً لمرحلة سياسية جديدة..
وقال مصدر قيادي لـ”اللواء” ان معركة الحكومة الآن تخفي حقيقة “الصراع الكبير” الجاري بين منظومتين، احداهما مدعومة من عاصمة قريبة، ترغب في ابعاد ما تصفه الطبقة السياسية التي خذلتها في مرحلة سابقة.
وكشفت مصادر متابعة انه بعد تفاعل الخلاف بين بعبدا وعين التينة على خلفية المبادرة التي طرحها الرئيس بري لحل الازمة الوزارية وتسريع الخطى لتشكيل الحكومة الجديدة عن بعض دوافع الخلاف الناشب أساسا منذ تواتر الاحاديث عن مبادرة يعد لها بري منذ مدة، ولم تلق ارتياحا لدى رئيس التيار الوطني الحر منذ وضعها بالتداول جديا وقد بادر إلى التصويب عليها بشكل غير مباشر عبر مصادر قريبة منه، لقناعته بانها تواكب توجهات رئيس الحكومة المكلف وتدعم حركته لتشكيل الحكومة الجديدة بمواجهة الفريق الرئاسي.
وزادت في حدة الخلاف موقف رئيس المجلس النيابي وتعاطيه المتعارض مع رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون الى المجلس النيابي واصداره توصية اعتبرت بمثابة صفعة محكمة لرئيس الجمهورية وتاكيدا لدعمه المتجدد لتكليف الحريري في مواجهة بعبدا.ولعل ما زاد الطين بلة حسب المصادر المذكورة، انفتاح الرئيس المكلف وتعاطيه الإيجابي مع مبادرة بري وإبداءالاستعداد الكامل لترجمة تنفيذها عمليا، ما ادى الى حشر رئيس التيار الوطني الحر بالزاوية، لاسيما بعد التغطية القوية من الامين العام لحزب الله حسن نصرالله لهذه المبادرة.
ولم يطل الوقت لانكشاف موقف باسيل السلبي من تحرك بري، وكانت المشادة الحادة التي نشبت بينه وبين المعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل في اللقاء الشهير ألذي جمعهما مع ممثلي حزب الله، حسن خليل ووفيق صفا، من مظاهر الخلاف الحادة حول المبادرة المذكورة.
واشارت المصادر الى ان تغطية الحزب لبري على هذا النحو وتكبير حجم اتصالاته، زادت في اغضاب فريق بعبدا تجاهه وتوسيع هوة الخلافات بينهما وتحولها الى التراشق بالبيانات على اعلى المستويات.وحددت المصادر احد الاسباب المباشرة لانكشاف الخلاف الحاصل ومرده تقدم بري بطرح مقبول كمخرج لازمة تشكيل الحكومة، يعتبره مرضيا لبعبدا وبيت الوسط، وحاز على تأييد حزب الله. وبعدما تسلمته الرئاسة الاولى نهاية الاسبوع الماضي لم ترفضه بالمطلوب. وكان منتظرا ان تعطي جوابها النهائي عليه مطلع الاسبوع الحالي. وعلى ضوء هذا الجواب الذي لم يرفض في البداية، كان يتم التحضير للقاء بين الرئيس المكلف ورئيس المجلس النيابي، لترجمة مفاعيله والمباشرة بإخراج عملية تشكيل الحكومة من دوامة التعطيل المتعمد.
الا انه وخلافا لما كان متوقعا، انقلب رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل رأسا على عقب ومتجاوزا التاييد المبدئي للرئيس عون ومعلنا رفضه القاطع له، ومبررا موقفه هذا بانه لايحق لرئيس المجلس النيابي بصفته رئيسا للسلطة التشريعية ممارسة هذا الدور الواسع على هذا النحو وكان له اليد الطولى بتشكيل الحكومة وحسب ما نقل عنه: ”الحكومة ما بتتشكل عند بري” ونحنا ممنوع علينا نحكي بالحكومة بالبياضة. الحكومة بتشكيل بالقصر الجمهوري ببعبدا. وبعد هذا الموقف السلبي لباسيل واجهاض طرح بري، لم يعقد اللقاء الذي كان منتظرا بين بري والحريري لانتفاء سبب انعقاده، بينما نشطت المساعي على خط حزب الله وبعبدا لاستيعاب تداعيات الخلاف الحاصل والسعي لاعادة التواصل لحل ازمة تشكيل الحكومة التي باتت شبه مستعصية حتى اليوم.
وهكذا، وفي الوقت الذي تشاع فيه أجواء انفراجية على مستوى التأليف أكّد مصدر وزاري سابق لـ”اللواء” ان الأمور ما تزال مقفلة، وان ما يطرح من أسماء للتوزير لا يوحي بالثقة كون ان غالبية هذه الأسماء هي بمثابة ظل للسياسيين الحاليين.
ولفت إلى ان مشكلة التأليف أبعد من داخلية وهي تتعلق بشكل مباشر بما يجري في الخارج اما على مستوى الملف النووي، أو المحادثات غير المعلنة بين الرياض وطهران، وفي غياب التوافق الداخلي لا بدّ من انتظار وفاق خارجي يتأتى من هذه المسارات، مستبعدة ان يكون الرئيس عون في وارد ان يعطي الفضل للرئيس برّي في عملية حل أزمة تأليف الحكومة.
فقد اضاف بيان رئاسة الجمهورية حول المعايير الدستورية لتشكيل الحكومة تأزماً جديداً في علاقات الاطراف السياسية وتعقيداً إضافياً على تشكيل الحكومة، حيث طال اكثرمن طرف وإن كان البعض قد فسّره على انه يستهدف الرئيس نبيه بري ومبادرته، لا سيما بعد اعلانه مؤخراً دعمه للرئيس سعد الحريري وتأكيد الاخير على هذا الدعم بقوله ان بري هو الوحيدالذي يقف معه ويدعمه. وبعد كلام نائب رئيس المجلس ايلي فرزلي من بيت الوسط عن تمسك الرئيس المكلف بالدستور لتشكيل الحكومة.فيما يستمر التأزم المعيشي والحياتي على ابواب محطات البنزين والصيدليات، بينما يتحضر الاتحاد العمال العام للإضراب غدا الخميس بحيث يشمل كل المناطق.
إذاً، وسعت بعبدا دائرة الاستهداف، فاطلقت محطة الـT.V النار على نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي، عندما قال من بيت الوسط: الرئيس الحريري في قمّة الإيجابية وروحية ومضمون وشكل هذه الإيجابية هي في كنف ويد دولة الرئيس نبيه بري، المسؤول أن يؤتمن ائتمانا كاملا على مسألة المسار في إيجاد الحلول لإخراج البلد من أزمته. فهل هناك من مستجيب؟ هل هناك من سميع؟ هل هناك من مجيب؟ لا أدري.
وفي موقف يحمل أكثر من دلالة، قال الفرزلي من بيت الوسط: الرئيس برّي ما زال بانتظار الجواب على المساعي التي يبذلها ضمن مبادرته، وحتى تاريخه لم يبلغ الا ببعض البيانات والتصاريح التي تحمل طياتها موقفاً سلبياً آملاً الا يكون ذلك الا من باب التحضير للإسراع في تشكيل حكومة.
وقال: إذا كانت هذه هي الغاية فأهلاً وسهلاً، ونحن لها، والا فيجب ان يخرج من البال ان هناك إمكانية لإخراج الرئيس الحريري، ومن ثم اخراجه كونه يعي تماماً مضمون المهمة الدستورية الملقاة على عاتقه..
وليلاً، اجتمع الرئيس الحريري في بيت الوسط مع كتلته ونقل عنه قوله لنوابه: “انا عاطي فرصة هلق لمبادرة الرئيس بري ولهيك بعد ما اعتذرت وبس يقول بري أنا كعيت بعتذر وانا ما ح اقبل كون شاهد زور على انهيار البلد” وتابع: ”واضح ان عون وباسيل لا يريدان تشكيل حكومة برئاستي”.