سياسةمحليات لبنانية
قالت الصحف:الأجواء الإيجابية تطغى على رحلة تأليف الحكومة ..ولكن!
الحوار نيوز – خاص
ما تزال الأجواء الإيجابية تطغى على رحلة تأليف الحكومة الجديدة ،وهو ما يوحي به الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بعد لقاءاته اليومية مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والتي تتجدد اليوم أيضا ،لكن الحذر يلف هذه الأجواء في ظل العراقيل والشروط التي رافقت المرحلة الماضية.
كيف تعاطت الصحف الصادرة اليوم مع هذا الموضوع؟
-
كتبت صحيفة “الأخبار” تقول: نقطة التطابق الوحيدة في ملف تأليف الحكومة، هي مبادرة جميع الاطراف الى اشاعة اجواء ايجابية. الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي يؤكّد انه سيقدم لرئيس الجمهورية ميشال عون “كل يوم تشكيلة من دون توقف”، ورئيس الجمهورية يتحدث معه بود لافت، فيما يلاطفه جبران باسيل ويتغزل بقدراته ويحذر من دور تعطيلي محتمل من الرئيس المعتذر سعد الحريري الذي “لم يشكّل ولا يريد لأحد أن يشكّل”. اما الاخير، فيعمل مع نادي رؤساء الحكومات على تذكير ميقاتي كل لحظة بـ”قواعد اللعبة” مع تحذير من مغبة التنازل امام عون ما قد يحرمه الغطاء السني. ويعمد الرئيس السابق فؤاد السنيورة الى لفت انتباه سائليه الى ان موقف السعودية لا يزال سلبيا من اي حكومة لا تواجه حزب الله!
في جانب اخر، يحرص الرئيس المكلف على اشاعة اجواء ايجابية مع تركيز على موقف خارجي داعم. اما سفراء الغرب في لبنان فيحرصون على التأكيد ان لبنان يحتاج الى حكومة الآن، مع تشديد على انهم لا يتحملون مسؤولية تسمية هذا او ذاك من المرشحين، ومع تمايز فرنسي لجهة دعم ميقاتي واشاعة مناخات بأن “العالم الحر لن يدع لبنان يسقط”.
عملياً، ظهرت الاجواء الايجابية من مداخلات واتصالات اجراها الرئيس المكلف بعد اجتماعه الثاني مع عون. وقد قدم تشكيلة جديدة تراعي حسابات الحريري السابقة لكنها تقوم على مبدأ تثبيت عدم المداورة تاركا وزارة العدل لرئيس الجمهورية الذي يسأل عن وزارة الداخلية، ما يشير الى احتمال عودة الخلاف. علما ان ميقاتي أدخل، على ما يبدو، تعديلات في ما يخص موقع نائب رئيس الحكومة بحيث لم يعد المرشح منتمياً الى كتلة النائب السابق سليمان فرنجية كما كان الحريري يقترح، وهو ما كان عون يعدّه استفزازاً له. اما في ما يتعلق ببقية الحقائب فيقترح ميقاتي تركيبة لا تغضب احداً. لكنها لا تترك المجال لجهة واحدة للتحكم بالحكومة.
المتصلون بميقاتي يتحدثون عن تفاؤله بامكانية تشكيل الحكومة قبل الرابع من اب، وانه سيكون رئيساً مكتمل المواصفات قبل انعقاد مؤتمر باريس لدعم لبنان المقرر في 4 اب. لكن كل ذلك ينتظر اجتماعات اليوم التي قد تعيد خلط الاوراق من جديد في الخلاصة التأليف لا تزال دونه عقبات، لكنه ليس مستحيلاً، علماً أنه نقل ليل أمس أن الرئيس نبيه بري والحريري والنائب السابق وليد جنبلاط بري قرأوا في كلام باسيل في مقابلته التلفزيونية “شروط عون” الجديدة
“يُراكم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الإيجابيات لا السلبيات كما كانت الحال مع سلَفِه سعد الحريري”. هكذا يُلخص مقربون من الاثنين نتيجة اليومين الأولين من لقاءات عملية التأليف. لكن مَن يُقارِن التصريحات “المُندفعة” للرئيس المكلّف نجيب ميقاتي بكلامِه مع السائلين عن مستجدات التأليف، يستنتِج أن الإيجابية التي يُحكى عنها لا تتجاوز اتفاق الأحرف الأولى على حكومة من 24 وزيراً. أما النصف الآخر، من التوزيعة والثلث المعطل والحقائب وكل ما هو متصل بها، فأمر آخر. ويشكّل هذا الأمر بيت القصيد، كونه النصف الجوهري المُقلِق لميقاتي وللمعنيين بالملف الذين لا ينظرون إلى “ليونة” الرئيس ميشال عون وفريقه باطمئنان. ثمّة تنبّه واستعداد دائماً لـ “مفاجأة”، حيث يقود التسليم بأن الخلاف هو صراع على الحكومة “الرئاسية” التي سترث المزيد من صلاحيات الرئاسة الأولى بعد انتهاء ولاية عون (في حال عدم انتخاب خلف له)، إلى منحى أكثر تشاؤماً. حتى كلام المُوكلين بنقل أجواء عون والوزير السابق جبران باسيل عن أن “بعبدا ستكون متساهلة للحد الأقصى”، وتأكيد “بقاء رئيس التيار الوطني الحر على جنب”، لم يُبدّد الانطباع الغالِب بـ “وجود صعوبات”.
ما مِن إجابة حاسمة حتى الآن بشأن هذه الصعوبات، لكن ما يجدُر التوقّف عنده هو وتيرة حركة ميقاتي الذي زارَ بعبدا مرتين خلال يومين، حاملاً “لائحة بتوزيع الحقائب الوزارية، وأطلع عليها الرئيس عون تمهيداً لإبداء ملاحظاته عليها ودرسها في العمق بما يتناسب مع التوجهات العامة للحكومة الجديدة وسيستكمل البحث اليوم” بحسب بيان رئاسة الجمهورية. وهذه الوتيرة السريعة “كأن الحكومة ستولد غداً” يربطها ميقاتي بـ “الودّ الذي يراه من رئيس الجمهورية بمعزل عن اختلاف في وجهات النظر”، وهذا الودّ كما يقول مقربون من الرئيس المكلف “يشكّل عاملاً مساعداً لتكثيف اللقاءات والمداولات”. لكنهم في الوقت نفسه يؤكّدون أنه “مرتبط بالمناخ العام، ولا علاقة له بالتفاصيل الأخرى حيث يقتصر التفاوض حول حقيبة واحدة وإنما مجمل الحقائب هي محط أخذ وردّ، ولو أن وزارة الداخلية هي العنوان الأبرز”.
في اللقاء الذي جمع عون بميقاتي أمس، أبدى الأول ملاحظاته على التصوّر الأولي للرئيس المكلف وجرى الاتفاق على أن يخضع للمزيد من الدرس، وعلمت “الأخبار” أن “طراطيش كلام تناول بعض الأسماء، بينما يركّز ميقاتي في جلساته مع عون على شرح خطته للمرحلة المقبلة”. هذه المستجدات وضعها الرئيس المكلف في عهدة “رؤساء الحكومات السابقين الذين التقاهم في منزله فورَ عودته من بعبدا”، بناء على اتفاق مسبق مع “النادي” بأنه سيوافيهم بها “أولاً بأول”، في محاولة منه لطمأنتهم بالتزامه بيانهم قبل التكليف.
صحيح أن الجميع هذه المرة يستشعرون مدى خطورة الفشل في تشكيل الحكومة وما يُمكن أن يترتّب على ذلك من تداعيات، إلا أن أحداً منهم لا يريد أن يصدّق بأن باسيل “رح يقعد عاقل”، ومثل هذا الشعور يراود القوى الأخرى جميعها، بخاصة تلكَ التي دخلت وسيطة بين التيار الوطني الحر والرئيس سعد الحريري في الأشهر الـ 9 الماضية،. وعليه، فإن السؤال عن ملاحظات عون على اقتراحات ميقاتي يقترن دائماً بجواب “انتظار رأي باسيل”، إلا أن في بعبدا كلاماً من نوع آخر يُبنى عليه، ويقول إن “رئيس الجمهورية يُراكِم مع ميقاتي الإيجابيات لا السلبيات كما كانَ يحصل مع الحريري سابقاً”، وأن “تعديلات بسيطة أجريت على التشكيلة الأولى التي قدمها وفقاً لملاحظات عون”.
لكن قبلَ أسبوع من الموعِد الذي ضُرب لتأليف حكومة ميقاتي في الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت، سأل المتوجسون عن إمكانية حلّ عقد ثلاث أساسية في فترة وجيزة، وهي عقد حمّلها الحريري لميقاتي بعد تكليفه ولن يكون سهلاً عليه المساومة فيها وإن كانَ أقدر على المناورة. يقول هؤلاء إن “تحييد باسيل لنفسه عن مسألة التكليف لا يعني خروجه من المعركة، فمطالبه التي وقفت سداً منيعاً في وجه الحريري، سيشهرها عون بالنيابة عنه”. في مقابل إحجام غالبية القوى المسيحية عن المشاركة في الحكومة “سيصرّ عون على تسمية الوزراء الثمانية الذين هم من حصته ولن يقبل بأي تدخل أو مشاركة في التسمية”. أما وزارة “الداخلية” التي ضمنها عون في مبادرة الرئيس نبيه بري ثم تراجع عنها الحريري في تشكيلته الأخيرة ستكون أم المعارك “فهي حقيبة وزير الوصاية على الانتخابات النيابية المقبلة والتي يحسبها عون بأهمية كل الحقائب الأخرى من حصته مجتمعة”، لكن المشكلة في أن “ميقاتي لن يستطيع التنازل عنها بسهولة، بخاصة بعدَ أن أعادها الحريري لتكون من ضمن حصة الطائفة السنية على عكس ما نصت مبادرة بري”.
إذاً المهمة “لا شك صعبة” لكنها ليست “مستحيلة كما كانت الحال مع الحريري”، تقول مصادر مطلعة. إلا أن “الفشل هذه المرة لن يكون بلا ثمن”، فقد أشارَ مقربون من نادي رؤساء الحكومات إن هناك “قراراً واضحاً في حال منع ميقاتي من التأليف بالقيام بحملة مضادة. فإذا تبيَن بأن خطة عون وباسيل شعارها لا لأي رئيس مكلف قوي، فإن حملة سياسية مضادة حينها ستنشأ في وجههما عنوانها… لا للرئيس عون”.
باسيل لميقاتي: لا تكن ضحية للحريري
أمل رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل بتشكيل الحكومة قريباً، مشدداً على أن “على الجميع أن يقود معركة الرئيس ميقاتي في تشكيل الحكومة… 9 أشهر بيعلموا”. وقال إن إعطاء كتلته الثقة من عدمها، تحدده التشكيلة الحكومية وتركيبتها الميثاقية والبرنامج وأسماء الوزراء. لكنه شدّد على أنه لن يمنح الثقة إن تمّت المداورة على كلّ الحقائب باستثناء وزارة المالية، لعدم وضع أعراف جديدة. ورأى أن “ميقاتي شخصية ناجحة على المستوى الشخصي وقادرة، وحرام ان يدخل الى هذه التجربة من دون ان يخرج مخلصا للطائفة السنية وكلّ الطوائف، ولا أرى سببا لعدم تشكيل الحكومة أو يعرقل التشكيل قبل الرابع من آب”، معلقاً: “شايفها مسهّلة”. أما إذا “أتى الرئيس ميقاتي لا سمح الله بالمسار نفسه الذي سار فيه الحريري على قاعدة تفشيل الرئيس عون وعدم تأليف حكومة في عهده، ما رح نقعد نتفرّج ولدينا خيارات كثيرة”. و”إذا كان لا بد من نصيحة للرئيس ميقاتي، فهي ألا يتحول إلى ضحية خامسة للحريري بعد الصفدي والخطيب وطبارة وأديب”.
-
وكتبت صحيفة “النهار” تقول: إذا كانت وتيرة مسار التأليف مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي تتميز بسرعة قياسية على مقياس اجتماع كل يوم مع رئيس الجمهورية ميشال عون بدليل إنعقاد ثلاثة اجتماعات بينهما منذ تكليف ميقاتي، فإن ذلك لا يحجب واقع ان المخاض الشاق للتأليف بدأ عملياً امس في الاجتماع الثاني الذي عقداه حتى البارحة في اطار مسار التأليف. ويبدو ان الرئيس ميقاتي يبدو مغالياً في إضفاء الأجواء التفاؤلية التي يريد لها ان توحي ان ولادة الحكومة ستكون سريعة، ولو انه يتبع في ذلك الأسلوب الضاغط الضمني لاستعجال مسار التأليف، وعدم السقوط في هوة العرقلة والمماطلة والتأخير بلوغاً ربما الى التعطيل. لكن، ووفق المعطيات الدقيقة التي توافرت عن المناخات التي تتحرك ضمنها محاولة تشكيل الحكومة بسرعة، فإن الأمر يستدعي انتظار الأيام الفاصلة عن نهاية هذا الأسبوع، وليس اكثر من ذلك لتبين نقطتين أساسيتين سيكون مصير بت التأليف بسرعة متصلاً بهما : الأولى معاينة حقيقة الكلام الذي يتردد عن نية العهد التعاون مع ميقاتي بغية تسهيل الولادة الحكومية وهو أمر سيبدأ اكتشافه من اليوم مع طلائع جواب رئيس الجمهورية على التشكيلة التي طرحها امس ميقاتي، والمتضمنة 24 وزيراً اختصاصياً لم يسمهم ميقاتي وانما اعتمد توزيعاً طائفياً لهم وينتظر جواب عون عليها. والثانية ربما لا تظهر بسرعة وتتصل بحقيقة دعم “حزب الله” لميقاتي من خلال تسميته في الاستشارات والتشديد الإعلامي لنوابه على ضرورة تسهيل التأليف وهو الامر الذي يضع الحزب في عين المراقبة والرصد لتبين ما اذا كان سيترجم دعمه الكلامي بالضغط على العهد وتياره في حال بدأت عرقلة التأليف بحجج مستعادة من تجربة العهد السلبية مع الرئيس سعد الحريري.
وقد أكّدت مصادر مطلعة على لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي امس، أنّ الأخير قدّم لائحة بتوزيع الحقائب الوزارية الـ 24 من دون أسماء مشيرة إلى لقاء ثنائياً آخر سيعقد اليوم “للتوسّع في النقاش”.
كذلك، أشارت المصادر إلى أنّ رئيس الجمهورية أبدى ملاحظاته على تصوّر ميقاتي ويتوسّع في هذه الملاحظات بعد درسها بالإستناد إلى التوجهات المتّفق عليها فيما لا يزال التوزيع العام للحقائب محطّ أخذ وردّ، وحقيبة الداخلية قد تكون العنوان الأبرز، لكن كل عملية التوزيع ما زلت قيد البحث .
وقد أطلع ميقاتي رؤساء الحكومات السابقين في اجتماع عقدوه في مكتبه عصراً على مجريات مسار تأليف الحكومة في ظل الاجتماعين اللذين عقدهما مع رئيس الجمهورية .
وكانت بعبدا أعلنت رسمياً ان عون تابع امس مع ميقاتي درس موضوع تشكيل الحكومة العتيدة “وخلال الاجتماع، قدّم الرئيس المكلّف لرئيس الجمهورية لائحة بتوزيع الحقائب الوزارية، واطلع عليها الرئيس عون تمهيدا لابداء ملاحظاته عليها ودرسها في العمق، بما يتناسب مع التوجّهات العامّة للحكومة الجديدة”. وسيستكمل البحث بين الرئيسين عون وميقاتي بعد ظهر اليوم.
واكد ميقاتي بدوره انه اعطى اقتراحاته، “ومعظمها كانت موضع قبول لدى فخامته. وفي الوقت نفسه فإني آخذ في الاعتبار كل ملاحظات فخامته، وهي موضع قبول”.
أضاف: “نحن نسعى، وفقا لما يقال: “اسعَ يا عبدي لكي اسعى معك”. وان شاء الله نستطيع ان نصل الى حكومة في القريب”.
منع انتشار الحريق
وحذر ميقاتي من “تداعيات انهيار لبنان”، قائلا: “إذا وصل لبنان إلى انهيار كامل، فإن ذلك سيكون قنبلة تصدم الشرق الأوسط بأكمله”.
وبعد 3 أيام على تكليفه تأليف الحكومة، أوضح ميقاتي لوكالة “بلومبيرغ” الأميركية أنه “لن يستطيع إخماد الحريق”، وقال: “لكنني سأمنع انتشاره وآمل فعل ذلك في أول 100 يوم في المنصب”.
وفي تأكيد لتصريحاته السابقة، أكد ميقاتي أنه “يحظى بالدعم الدولي اللازم من جانب الاتحاد الأوروبي، لا سيما فرنسا”، وقال: “أنا واثق من أن الولايات المتحدة ستكون منفتحة لتقديم الدعم أيضا”.
وفي ظل اشتداد الأزمة، رأى ميقاتي أنه “يتعين على وزير المال العتيد أن يكون قادراً على التواصل مع صندوق النقد الدولي والشركاء المحتملين في الخارج والتعامل مع المصرف المركزي”. وأشار ميقاتي إلى “نيته الاضطلاع بدور رئيسي على مستوى صناعة القرارات المالية”، متحدثا عن “خبرته في عالم المال والأعمال”، وقال: “سأبدي رأيي بكل القرارات المتعلقة بالشؤون المالية والاقتصادية”. أضاف: “في ظل أزمة مماثلة، ثمة حاجة إلى صانع قرار”.
وفي ما يتعلق بقرار التخلف عن سداد إصدارات “اليوروبوندز” وعدم دفع المستحقات (يقدر حجم جميع إصدارات الدولة اللبنانية من هذه السندات يبلغ 31,1 مليار دولار)، أشار ميقاتي إلى أنه كان “ليتفاوض مع الدائنين لإعادة جدولة الدين وإعادة تمويله، بدلا من التخلف عن السداد”، وقال: “أضر قرار التخلف عن السداد بالبلاد والمصارف التي تضع أموالها في “اليوروبوندز” وسندات الخزينة والودائع في المصرف المركزي”. وإذ اعتبر أن “التخلف عن السداد حصل”، قال: “نريد العمل على كيفية حل هذه المسألة”.
الحريري : نادم
في غضون ذلك أعرب الرئيس سعد الحريري، في مقابلة مع “سكاي نيوز عربية”، عن شعوره “بالندم” على التسوية التي أوصلت ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، مشدداً على دعم نجيب ميقاتي في تشكيل الحكومة، داعياً أيضاً إلى رفع الحصانات عن الجميع في قضية انفجار مرفأ بيروت . واعتبر الحريري أن “مصلحة لبنان تكمن في أن ينجح الرئيس ميقاتي في تشكيل الحكومة”، مضيفا: “نحن ندعمه بقوة”
وقال الحريري: “لم أكن أتوقع بحياتي أن يكون (عون) بهذه النفسية، لكني أبرمت التسوية لوقف الانهيار والاقتتال”. وبيّن أنه اعتذر عن تشكيل الحكومة، “لاقتناعه بأن الأمر أصبح شخصيا” مع الرئيس عون. وأضاف الحريري: “المشكلة بالنسبة لتشكيل الحكومة تكمن بوجود فريق يواصل فرض شروطه، ويريد حكومة يوجه وزراءه فيها عبر الهاتف حتى يعطل عمل الحكومة. وأنا لن أعمل وفق هذه الشروط”. وأوضح أن “المشكلة قائمة في تطبيق الدستور طالما هناك حزب مسلح وحزب آخر يفسر الدستور بحسب مزاجه السياسي”. وتابع قائلا: “لم ندخل في سياسات تحرق البلد، وتجلب فتناً إلى لبنان كما فعل آخرون”. وفي ما يتعلق باتفاق الطائف، قال الحريري: “نحن ضد تغيير اتفاق الطائف، لكن مواقف الأحزاب المسيحية من ميشال عون إلى سمير جعجع، للأسف هي لتثبيت الفراغ”.وختم قائلا: “الثورة التي نراها في لبنان ستكرس وجودها في نتائج الانتخابات البرلمانية المقبلة”
الى ذلك، وغداة اعلان الرئيس سعد الحريري اقتراح كتلته تجميد كل الحصانات لتهسيل التحقيقات في انفجار المرفأ، قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، في بيان “طالما ان موضوع رفع الحصانات أصبح “على الموضة” بعد ان كنا قد نادينا به بصوت عالٍ فترة طويلة، ندعو جميع الذين يطالبون برفع كل الحصانات إلى البدء بما هو عاجل وضروري وهو الطلب من رئيس مجلس النواب نبيه بري عقد جلسة عاجلة لرفع الحصانات عن كل الذين طلب قاضي التحقيق في جريمة المرفأ برفعها عنهم. فلا حجة لأحد برفض دعوة الهيئة العامة وتلبية طلبات المحقق العدلي برفع الحصانات في جربمة المرفأ، وتغطية رفضه بانتظار تحقيق المطلب الأبعد”.
-
وكتبت صحيفة الجمهورية تقول:في اليوم التالي لاستشارات التأليف الحكومي النيابية والمشفوعة ببعض المشاورات السياسية التي يجريها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي علناً او بعيداً عن الاضواء، برزت مؤشرات على رغبة لدى الجميع بتوليد الحكومة العتيدة قريباً وإذا امكن قبل الذكرى السنوية الاولى لانفجار مرفأ بيروت في 4 آب المقبل. وكان من أبرز هذه المؤشرات لقاء ميقاتي الثاني مع رئيس الجمهورية ميشال عون في خلال 24 ساعة، على أن يكون لهما لقاء ثالث بعد ظهر اليوم في ظل تأكيد ميقاتي إمكان “ان نصل الى حكومة في القريب”، مشيراً الى انه قدّم لرئيس الجمهورية لائحة بتوزيع الحقائب الوزارية، وانّ اقتراحاته لاقت بمعظمها قبولاً لدى رئيس الجمهورية، مؤكداً أنه اخذ بالاعتبار “كافة ملاحظات فخامته وهي موضع قبول”.
المناخ السائد منذ تكليف الرئيس نجيب ميقاتي يبعث على الاعتقاد بأنّ نفسا سياسيا جديدا سيُقارب تأليف الحكومة.
قد يصح هذا الإعتقاد، وفي ذلك مصلحة للبنان حتماً، لكن تجربة التعطيل التي امتدت على نحو سنة من المماحكات تبعث على الحذر الشديد من ان يكون المناخ السائد حالياً مجرّد نوبة تفاؤل مؤقتة، سرعان ما سينتهي مفعولها عندما يغوص الرئيسان ميشال عون ونجيب ميقاتي في تفاصيل التشكيلة الحكومية اكثر فأكثر، علماً أنّ بعض الاشارات قد بدأت تتعالى في اجواء اللقاء الثاني الذي عقد بينهما امس، توحي بضابية داكنة، توازَت مع كلام عالي السقف من جانب الفريق الرئاسي يحذر الرئيس المكلف من أن يكون ضحية جديدة من ضحايا الرئيس سعد الحريري.
في هذه الأجواء، زار الرئيس المكلف القصر الجمهوري للمرة الثانية خلال 24 ساعة وبحث مع رئيس الجمهورية في مسودة حكومية من 24 وزيراً. تقاطعت المعلومات حولها بأنّها مشوبة بعقدة كبيرة تتمثّل في مصير وزارة الداخلية، خصوصاً انها مُحاطة برغبة عون في أن تبقى من حصته، فيما يتمسّك الرئيس المكلف بأن تكون من ضمن الحصة السنية.
وعكس الرئيس المكلّف، بعد اللقاء مع عون الذي استمر لنحو نصف ساعة، أجواء غير متشنجة بقوله: “نسعى والرئيس عون إلى تشكيل حكومة بأقصى سرعة، وقدمتُ اقتراحاتي ومعظمها لاقى قبولاً لدى الرئيس عون، وأنا آخذ كل ملاحظات فخامته في الاعتبار، وان شاء الله نصل إلى حكومة قريباً”. وخلص إلى القول: “إسعَ يا عبدي لأسعى معك، وانشالله يكون في حكومة قريباً”.
وفيما افادت مصادر مطلعة انّ عون وميقاتي سيلتقيان اليوم ايضاً من اجل مزيد من النقاش، تحدثت معلومات عن انّ رئيس الجمهورية أبدى ملاحظاته على تصوّر ميقاتي على ان يتوسّع بالملاحظات بعد درسها بما يتناسب والتوجهات المتّفَق عليها. وقالت المصادر: “الموضوع لا يقتصر على حقيبة بل انّ التوزيع العام للحقائب ما زال محط أخذ ورد، وكل عملية التوزيع ما زالت قيد البحث”، معتبرة أنّ حقيبة وزارة الداخلية قد تكون واحدة من العناوين البارزة.
واعلنت رئاسة الجمهورية انّ عون تابعَ مع الرئيس المكلف درس موضوع الحكومة العتيدة، وانّ ميقاتي قدم له لائحة بتوزيع الحقائب الوزارية واطلع عليها تمهيداً لإبداء ملاحظاته عليها ودرسها في العمق بما يتناسب مع التوجهات العامة للحكومة الجديدة، وستستكمل البحث بعد ظهر غد (اليوم).
وفي رواية ثانية كشفت مصادر، اطّلعت على مضمون اللقاء الثاني بين عون وميقاتي، انّ الاخير سلّم رئيس الجمهورية لائحة بتوزيع الحقائب الوزارية على الطوائف وهي تشكيلة من 24 وزيراً، كما تم الاتفاق منذ اللقاء الاول بينهما بعد الاستشارات النيابية غير الملزمة التي اجراها ميقاتي أمس الأول.
وقالت المصادر لـ”الجمهورية” انّ عون سجل سلسلة من الملاحظات بعد الاطلاع على الهيكلية التي قدمها ميقاتي، خصوصاً انه اقترح إبقاء وزارتي الداخلية والعدل في عهدته ووضعهما في لائحة الوزراء السنة، مع انّ ميقاتي يعرف ان رئيس الجمهورية يطالب بهما.
وقالت المصادر انّ عون سجل ملاحظات على حقائب اخرى من الحصة المسيحية، ولم توفّر الهيكلية الجديدة له ما أراده من توزيعتها. وبينم لم تَشأ المصادر الاشارة الى الحقائب التي خضعت لملاحظات عون، قالت ان حقيبة وزارة الطاقة ليست من بينها ولا حقيبة الشؤون الاجتماعية.
واكدت المصادر القريبة من بعبدا انّ المناقشات كانت جدية، ونقلت عن ميقاتي قوله انه سيتشاور مع مَن سمّاهم حلفاءه قبل العودة اليوم الى بعبدا.
وعلمت “الجمهورية” انه في نهاية اللقاء اتفق الرئيسان على العودة الى لقاء يعقد اليوم بينهما لاستكمال البحث في عملية توزيعة الحقائب بعدما اعتبرت بعض ملاحظات الرئيس حول الحقائب غير الامنية والعدلية قابلة للنقاش، ما يعني انّ باب المفاوضات لم يقفل كما حصل من قبل بين عون والحريري.
في المدار الايجابي
وفي رواية ثالثة، اكدت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” انّ ملف تشكيل الحكومة لا يزال في المدار الايجابي. واضافت انّ التفاوض لا يزال في الـ positive zone ونفس الايجابية يطغى على المفاوضات بين عون وميقاتي طالما لا يزال البحث في الاطار العام، ولم يشهر أي طرف بعد سلاح الشروط والمطالب الاساسية في انتظار الانتقال الى العمق. وكشفت المصادر انّ عون لم يعترض على التوزيعة الطائفية للحقائب السيادية التي قدمها ميقاتي وهي التوزيعة التقليدية ولم تشملها المداورة، واكتفى بوضع الملاحظات على نقاط تتعلق بتوزيعة الحقائب الاخرى، كما انه لم يبدِ تمسكاً بوزارة الطاقة. ورأت المصادر انّ المناخ السائد حالياً يسمح بالقول ان التأليف يمكن ان يتجاوز بعض الالغام، لكنّ العبرة تكون عند الدخول في الاسماء وإسقاطها على الحقائب والتوزيعة النهائية لها، وصولاً الى الثلث المعطل الذي سيبرز حتماً عند إسقاط الاسماء وتوزيع الحصص.
ميقاتي
وفي موقف لافت، حذر ميقاتي، عبر وكالة “بلومبيرغ” الأميركية، من “تداعيات انهيار لبنان”، قائلاً: “إذا وصل لبنان إلى انهيار كامل، فإنّ ذلك سيكون قنبلة تصدم الشرق الأوسط بكامله”. ولفت إلى أنه “لن يستطيع إخماد الحريق”، وقال: “لكنني سأمنع انتشاره وآمل فعل ذلك في أول 100 يوم في المنصب”.
وفي تأكيد لتصريحاته السابقة، أكد ميقاتي أنه “يحظى بالدعم الدولي اللازم من جانب الاتحاد الأوروبي، لا سيما منه فرنسا”. وقال: “أنا واثق من أن الولايات المتحدة ستكون منفتحة لتقديم الدعم أيضاً”، وذلك إلى جانب المساعدات الأميركية للجيش، كما لفتت الوكالة. وردا على سؤال، قال: “يتعيّن على وزير المال العتيد أن يكون قادراً على التواصل مع صندوق النقد الدولي والشركاء المحتملين في الخارج والتعامل مع المصرف المركزي”، مشيراً إلى “نيته الاضطلاع بدور رئيسي على مستوى صناعة القرارات المالية”، متحدثاً عن “خبرته في عالم المال والأعمال”، وقال: “سأبدي رأيي بكل القرارات المتعلقة بالشؤون المالية والاقتصادية”.
باسيل
ولفت في السياق الحكومي، موقف لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، حيث قال: “اذا كان لا بد من نصيحة أعطيها للرئيس ميقاتي فهي الا يتحوّل ضحية خامسة لسعد الحريري بعد محمد الصفدي وسمير الخطيب، وبهيج طبارة ومصطفى اديب، وصَفّى نفسه”.
واشار باسيل إلى “اننا نحن وحدنا الذين سمّينا وزراء غير منتمين الينا سياسياً في حكومة حسان دياب و3 من بينهم لم أكن اعرفهم، واليوم نقول: أعطونا إصلاحات وخذوا ثقة. صيغة الثلاث ثمانات لم تولد اصلاً، ولم نكن لنسمح بولادتها لأنها نوع من انواع المثالثة”. وقال: “لن نمنح الحكومة الثقة اذا تمّ تثبيت وزارة المال للشيعة، وجرى تدوير الحقائب المتبقية”.
قاسم
وقال نائب الامين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم: “اذا تم تخطّي الخلاف الذي كان قائماً مع الرئيس الحريري، فنحن امام فرصة ثمينة لانتشال البلد وتشكيل حكومة”.
قلق روسي
وكانت الخارجية الروسية قد اصدرت بيانا لافتا في مضمونه أعلنت فيه “في 26 تموز 2021 بناء لنتائج الاستشارات النيابية الملزمة كلّف فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون السياسي نجيب ميقاتي، الذي كان قد شغل منصب رئيس الوزراء مرتين، بتشكيل مجلس الوزراء”.
وأضاف البيان: “مع الأخذ في الاعتبار الواقع اللبناني، سيواجه الرئيس نجيب ميقاتي مهمة صعبة. ومع ذلك، فإننا نأمل في التشكيل السريع لحكومة ذات كفاءة تتمتع بدعم القوى السياسية الأساسية اللبنانية ويلبي ذلك المصالح الوطنية الحقيقية للجمهورية اللبنانية التي تربط روسيا بها العلاقات الودية التقليدية. ونعتبر أن الأداء الفعّال لمؤسسات الدولة هو المفتاح لضمان سيادة لبنان ووحدة أراضيه”.
ووفق البيان: “ندعو ممثلي جميع الأوساط الاجتماعية والسياسية والطائفية اللبنانية إلى إبداء نهج مسؤول والاستعداد للحوار البناء ولإيجاد الحلول التوافقية مراعاةً للتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها لبنان”.
إستعجال بريطاني
في السياق نفسه أكد وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جيمس كليفيرلي أنّ “الشعب اللبناني يحتاج إلى حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الموعودة منذ فترة طويلة، ولا ينبغي لقادة لبنان أن يضيعوا مزيداً من الوقت”. وأشار في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أنّ “المجتمع الدولي على استعداد للمساعدة ولكن يجب أن يتحركوا الآن”.
حذر سياسي
الى ذلك، قال مرجع مسؤول لـ”الجمهورية”: ان لا مجال للتفاؤل وسط هذا الغموض، ولنكن صريحين، لا أحد يستطيع ذلك لأن تفاءلنا في السابق فأخفقنا، ودعونا لا نفشل من جديد، ولنتفاءل عندما نرى الحكومة وقد تشكّلت”.
ولفت المرجع الى “ان لا أحد ممّن لهم علاقة بالملف الحكومي يملك ادنى معلومة عما اذا كانت الاسباب التي عطلت تشكيل الحكومة لنحو سنة قد انتفت ام انها ما زالت موجودة. انا من جهتي اشعر انه لم يتبدل شيء حتى الآن، واخشى ان نصطدم بالحائط مجدداً”. وقال: “انا اسعى الى جواب عن سؤال من شقين ولا اجده، الشق الاول ماذا لو ان اسباب التعطيل السابقة ما زالت موجودة، هل ثمة مجال لتفاهم الرئيسين على حكومة؟ والشق الثاني، ماذا لو ان هذه الاسباب قد زالت بالفعل، فعلى اي أسس جديدة سيبنيان هذا التعاون؟”. واستدرك قائلاً: “انا مِمّن يستبعدون الاحتمال الثاني بأن اسباب الخلاف السابقة قد زالت، ولذلك، ما احذّر منه هو ان التفاهم يجب ان يكون سريعاً بين عون وميقاتي، وان يكون التعاون بينهما على قاعدة وحيدة هي مصلحة البلد، وليس مصلحة السقوف التي ارتفعت وعطّلت تأليف الحكومة في السابق وجرّت البلاد الى الخراب”.
وخلص الى القول: “ان عدم التفاهم، والمراوحة في الجدل العقيم، وتكرار زيارات للرئيس المكلف من دون ان تصل الى الهدف المنشود، معناه هذه المرة انّ حلبة التأليف ستفتح على جولات جديدة من نزاع الشروط والمعايير والصلاحيات، وهذا معناه كسر كل إمكانيات الانفراج، واعادة إشعال توترات وحريق سياسي ينحدر فيه حال البلد الى وضع مستحيل ان يُحتوى في صعوبته”.