العلامة الخطيب دعا في خطبة الجمعة إلى “توحيد الموقف الداخلي والحوار مع المقاومة للخروج من الأزمة”

الحوارنيوز – محليات
دعا نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب إلى “توحيد الموقف الداخلي لمصلحة لبنان ولمعالجة قضايا الناس بدل الشغب ومحاولة تعطيل مصالح اللبنانيين لمصالح انتخابية باستعراضات بهلوانية”.ورأى في خطبة الجمعة “أن الحوار مع المقاومة بدل إشهار سيف العداء لها ، هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة ووضع لبنان على السكة الصحيحة” ،منوها بموقف رئيس الجمهورية في التواصل الدائم وفتح الأبواب أمام التفاهم ،لأن الاستقرار الداخلي هو الكلمة الفصل في مواجهة الضغوط الخارجية التي يسعى البعض إلى استجلابها بشتى السبل ،وقد خبرنا سابقا نتائج الرهان عليها والتي لم تكن في صالح لبنان وشعبه ،بل خلّفت المزيد من المآسي والمعاناة”.
أدى العلامة الخطيب الصلاة اليوم في مقر المجلس على طريق المطار وألقى خطبة الجمعة ،فاستهلها بالحديث عن صفة التمرد في وجه الأنبياء وكيف كانت عاقبة عدم الإنصياع للحق ،وقال:
لقد ثبت بالتجربة البشرية أنها افتقدت الامن والسلام وحفلت بالصراعات التي لا تنتهي، واصبحت الحياة عبارة عن دوامة من العنف والقتل والحروب المستمرة والفقر والمظالم. ولذلك اضطرت للتخفيف منها الى انشاء المنظمات الدولية لتحقيق نوع من السلام الدولي والمنظمات الانسانية للتخفيف من اثار الحروب والازمات الناشئة عنها، وهي في الواقع لم تنشأ الا بسبب الوقائع، فسادت المبادئ التي تقوم عليها الانظمة الاجتماعية والعلاقات الدولية القائمة على مبدأ القوة والصراع، ومع هذا فإن الاجراءات المتخذة لم تُطبق الا على القوى الضعيفة من دون القوى الممسكة اساسا بالنظام الدولي ،ما يسمى بمجلس الامن الدولي ومنظمة الامم المتحدة والمنظمات التابعة لها، بما فيها منظمة الاونسكو التي يفترض انها تعتني باشاعة المعرفة وقضايا التربية، حيث تستخدم لتعميم الثقافة التي تحقق المصالح التي تخدم الغرب على حساب الشعوب المستضعفة وثقافتها وتاريخها، للتمهيد لسيطرة الغرب الثقافية الاستعمارية وترويض شعوب العالم المستضعف للقبول بها، اي الاستعمار الثقافي الأخطر، اذ لم تكن المنظمات الدولية سوى ادوات ناعمة للسيطرة الغربية المطلقة التي تقتل في الشعوب الإحساس بذاتيتها وروح المقاومة والرفض لها، وان الصراع تحول الى صراع بين القوى الكبرى على هذه الأدوات، بعدما تمت السيطرة على الشعوب المستضعفة واخمدت انفاس المقاومة فيها ثقافيا، وهو الأساس، ثم اقتصاديا ثم عسكريا، فتحولت المنظمات الدولية الى منظمات لادارة الصراع بينها، من دون ان يكون للمبادئ الاخلاقية والانسانية اي اعتبار سوى العناوين والاسماء المضللة.
ولقد اسفرت الحضارة المادية الغربية عن اسوأ النتائج واخطرها على البشرية، بعد ان حولت العالم الى غابة من الوحوش المتصارعة ،وباتت البشرية ضحايا لها تدوسها اقدام المتصارعين، وحتى المنظمات الدولية، بما فيها مجلس الامن الدولي الذي اصبح فاقدا لوظيفته وغير قادر على ادارة الصراع الموكل إليه، بديلها الفوضى الدولية وشريعة الغاب الغربية، تنشر الرعب في كل مكان، فلا قواعد تحكم الصراع الآن سوى السعي من الغرب إلى فرض سيطرته الكاملة على الثروات الاستراتيجية ومنابع القوة والممرات الاستراتيجية، للتحكم بالاقتصاد العالمي بعد ان انتهت قواعد اللعبة بين الكبار التي تشكل فيه منطقتنا العربية والاسلامية الساحة الكبرى لهذا الصراع، حتى في فترة تحقق التوازن الدولي وحسم السيطرة عليها لصالح الغرب، بعد توزيع مناطق النفوذ بين القوى التي حسمت نتائج الحربين العالميتين لصالحها.
وهي اليوم بعد التحولات العالمية الجديدة ومحاولة القوى الغربية المهيمنة ابقاء السيطرة على منطقتنا خوفا من القوة الصينية الصاعدة، وبعد الضعف الذي اصاب الغرب وشعوره بخطورة ارتداداتها على المنطقة العربية والإسلامية، ونشوء المقاومة التي هددت مصالحها ونفوذها وسيطرتها على المنطقة، خصوصا بعد تحرير جنوب لبنان واخراج العدو الاسرائيلي منه قصرا، كتحرير جنوب لبنان عام 2000 ، والتي حاولت الحد منه وايقافه واضطرت الى الدخول في المواجهة المباشرة لإدراكها ان صنيعتها الكيان الصهيوني، لم يعد قادرا على القيام بالمهمة، والذي تلاه عدم تمكنها من الاستقرار في العراق ثم خروجها المذل من افغانستان ثم التهديد الذي مثله طوفان الأقصى، اضافة الى ظهور اليمن كلاعب مؤثر في المواجهة،وقد فشلت في التعامل معه واضطرت الى مهادنته، كما فشلت في اخراج المقاومة في لبنان من المعادلة ولم تستطع حسم معركة غزة لصالحه، وكانت آخر محاولاته الفاشلة مهاجمة الجمهورية الاسلامية في ايران رأس المحور وقاعدته الاساسية في الصراع.
لقد فشل الغرب حتى الان في حسم الصراع لمصلحته، بل هو اقرب لليقين بان معركته مع قوى المقاومة فاشلة، وان زمن الخروج منها لم يعد بعيدا رغم بعض النجاحات التكتيكية التي حققها، والتي لم يستطع تثبيتها لصالحه، فهي لن تؤثر في مصير المعركة النهائية.
اما على صعيد لبنان فمن مصلحة الجميع تمتين الوحدة الداخلية، فدخول بعض الادوات في الصراع الداخلي السياسي نصرة للغرب يضر باصحابه، وهو من دون اثر على المسرح، ولا يعدو كونه اكثر من تأثير بعوضة تلدغ، فليعرف كلٌ قدره، فلربما احس خفة بالانتفاخ فحسب انه أسد، اذ سرعان ما سيزول الوهم ويذهب الانتفاخ ويدرك حجمه الحقيقي.
لذا ندعوه الى التواضع والتعاطي بموضوعية، وكفى استنجادا بالراحلين والخاسرين. فالمقاومة عصية على التطويع، وهي التي تشكل الذراع القوي للبنان وللبنانيين، والحريصة على الجميع حرصها على نفسها وبيئتها وجمهورها.. تعالوا الى توحيد الموقف لمصلحة لبنان ولمعالجة قضايا الناس بدل الشغب ومحاولة تعطيل مصالح اللبنانيين لمصالح انتخابية باستعراضات بهلوانية.
إن الحوار مع المقاومة بدل إشهار سيف العداء لها ، هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة ووضع لبنان على السكة الصحيحة ،وحسنا يفعل رئيس الجمهورية في التواصل الدائم وفتح الأبواب أمام التفاهم ،لأن الاستقرار الداخلي هو الكلمة الفصل في مواجهة الضغوط الخارجية التي يسعى البعض إلى استجلابها بشتى السبل ،وقد خبرنا سابقا نتائج الرهان عليها والتي لم تكن في صالح لبنان وشعبه ،بل خلّفت المزيد من المآسي والمعاناة. ومن الحكمة الإعتبار من تجارب الماضي .. “فاعتبروا يا أولي الأبصار” .والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



