انتخابات 2022سياسةمحليات لبنانية

في وقائع الجلسة النيابية الأولى : البرلمان الجديد مجموعة أقليات.. وأكثرياتها “على القطعة”(واصف عواضة)

الديموقراطية المشو"هة "لبننت العراق"..و"عرقنت لبنان"!

 

        كتب واصف عواضة – خاص الحوار- نيوز

  كانت جلسة مميزة في تاريخ المجلس النيابي،وهي استمدت تمايزها من تركيبة المجلس النيابي الجديد الذي جاءت به الانتخابات الأخيرة.

تبين نتيجة التصويت على الرئيس ونائبه وأعضاء هيئة مكتب المجلس،أن البرلمان الجديد مجموعة أقليات متصارعة ،لا يمكن أن تجمع أكثرية إلا “على القطعة”.وهذا يرجح المزيد من التناحر ولا يسهل دينامية الاستحقاقات المقبلة ،من رئاسة الحكومة الى تشكيلها الى انتخاب رئيس الجمهورية المقبل ،حتى إلى المشاريع واقتراحات القوانين التي ستطرح آنفا على بساط الندوة البرلمانية.

ويعني ذلك أن النظام السياسي العقيم الذي يحكم لبنان سوف يزداد عقما ،وأن الديموقراطية التوافقية التي حكمت لبنان سابقا سوف تتعرض لنكسات متتالية ،بما يفرض البحث الجدي في تطوير هذا النظام نحو المواطنة التي لا بد منها لإنقاذ ما تبقى من الوطن.

بهذه الخلاصة يخرج معظم من حضر أو شاهد وقائع الجلسة الأولى للمجلس النيابي التي انعقدت في مبنى البرلمان في ساحة النجمة، بعد أن تم ترميمه نتيجة إنفجار المرفأ،وبعد غياب لمدة سنتين عن هذا المبنى بسبب جائحة كورونا..فهذا الموزاييك تمكن بقدرة قادر من تمرير الاستحقاق الأول بأقل الخسائر ،ولكن “من تحت الطاولة”،على الرغم من المظهر الديموقراطي الذي رافق الجلسة،على مرأى ومشهد من الحضور الكثيف المحلي والعربي والدولي،من سياسيين وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية(كان لافتا للانتباه حضور قائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام لقوى الأمن الداخلي الواء عثمان والمدير العام للأمن العام اللواء إبراهيم والمدير العام لأمن الدولة  اللواء صليبا وضباط كثر بالبسة عسكرية ومدنية).

حضرت حكومة تصريف الأعمال برئيسها وكامل أعضائها ،واحتلت مقاعدها في القاعة،من دون أن تحرك ساكنا،لدرجة كانت في خانة الضيوف.وكان لافتا للانتباه مشاركة رئيس الحكومة السابق حسان دياب.

 حضرالسلك الدبلوماسي من سفراء وقناصل (سجل غياب السفيرة الأميركية والسفير السعودي) وشارك ممثلو الهيئات والمنظمات الدولية ، ووسائل الاعلام والصحافيون المحليون والأجانب الذين بلغوا المئات داخل قاعة المجلس وخارجها ،فضلا عن الرأي العام المحلي والخارجي حيث نقلت وقائع الجلسة مباشرة على الهواء.

كان نصاب المجلس كاملا (128 نائبا) ولم تسجل أي حالة غياب طوال الجلسة،وقد غصت مقاعد الضيوف بالمدعوين ،لدرجة اضطر البعض الى الوقوف أو الجلوس على “الأدراج” .

حضر النواب باكرا ،وامتلأت القاعة حتى قبل عشرين دقيقة من موعد الجلسة ،وقبل أن يدخل الرئيس على صوت المنادي ،ليقف الجميع “إحتراما” وفق التقليد المتبع.والمفارقة أن رئيس الجلسة هو رئيس السن وهو نفسه رئيس المجلس السابق والمجلس اللاحق،نبيه بري الذي يتربع على عرش البرلمان منذ ثلاثين عاما ،وهي أطول فترة في تاريخ المجالس النيابية اللبنانية.

عناق وقبلات وتعارف حتى بين المتخاصمين،حتى ليخال المرء فعلا أن “الخلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية”.الكثير من النواب لا يعرفون بعضهم البعض ،حتى أن النائب سليم عون تمنى على الرئيس بري أن يتمهل الأمين العام للمجلس في مناداة  النواب الى صندوقة الإقتراع للتصويت،”كي يتسنى لنا التعرف على بعضنا البعض”.وعلى الرغم من ذلك ظل الضيوف يسألون عن إسم هذا النائب أو ذاك.ربما وحدهم، النائب جميل السيد وقادة الأجهزة، يعرفون الجميع نتيجة الخبرة الأمنية الطويلة.

بعد تلاوة أسماء النواب والمواد الدستورية والقانونية لجلسة الانتخاب ،بدأ التصويت على منصب رئيس المجلس .نبيه بري المرشح الوحيد ،ولكن لا بد من الاقتراع.صوت النواب ال128 ،وبدأ الفرز بإشراف أميني السر الأصغر عمرا من النواب ،وهما النائبان ميشال الياس المر وأحمد رستم.وما كاد الأمين العام عدنان ضاهر يلفظ تعبير “ورقة ملغاة” فقط، حتى قامت القيامة من نواب التغيير والقوات اللبنانية ..”يجب أن تُتلى أوراق الإقتراع كما هي مدونة من قبل النواب”.تفهم رئيس الجلسة الرسالة،فنزل عند رغبة المطالبين.وخلصت نتيجة الفرز في الدورة الأولى إلى:

  • نبيه بري 65 صوتا(أكثرية مطلقة)
  • أوراق ملغاة 40 (19 ورقة باسم الجمهورية القوية،أوراق باسم “العدالة لضحايا انفجار المرفأ”،وأخرى متعددة التعابير)
  • أورق بيضاء 23

  تصفيق حاد عندما بلغ نبيه بري أصواته الخامسة والستين ،فأعلن نفسه رئيسا للمجلس ،وألقى كلمة ركز فيها على ضرورة الوحدة لمواجهة المرحلة المقبلة.

  بعد كلمة الرئيس بري تهيأ المجلس للمعركة الكبرى: نيابة الرئاسة.. “المرشحان الياس أبو صعب وغسان سكاف على حد علمي” .قال بري ،فاعترض البعض بأن لا ترشيح بالأسماء.جرت دورة الاقتراع الأولى فكانت النتيجة: 64 صوتا لأبي صعب،49 لسكاف،13 ورقة بيضاء ،2 ملغاة.

على الفور بدأت دورة الاقتراع الثانية فأثمرت:65 صوتا لأبي صعب،60 لسكاف،2 ورقة بيضاء وواحدة ملغاة.

نبيه بري رئيسا والياس أبو صعب نائبا له بأكثرية مطلقة.كانت نكسة أولى ل”قوى التغيير” في البرلمان وإن كانت الخسارة على الحافة. النتيجة لها معناها ومغزاها في حسابات الأقلية والأكثرية ،لكن الواقع أن لا أكثرية في مجلس النواب الجديد.

      استمرت الجلسة لانتخاب أميني السر وثلاثة مفوضين وسط جدل ساخن حول طريقة الانتخاب ،نظرا للإبهام الذي يحتمل الاجتهاد في مواد النظام الداخلي لمجلس النواب.وبين النص القانوني والدستوري ،وضرورات العرف الطائفي والمذهبي ،أمكن اختيار النواب الخمسة على النحو الآتي:

  • فاز النائب آلان عون بموقع أمين السر المخصص عرفا للموارنة ب65 صوتا، بينما نال النائب زياد حواط 38 صوتا وميشال دويهي 4 أصوات و9 أوراق بيضاء و10 ملغاة.
  • فاز أمين السر الثاني النائب هادي أبو الحسن بالتزكية بعد انسحاب النائب فراس حمدان. – تم التوافق على انتخاب النواب :آغوب بقرادونيان، ميشال موسى وعبد الكريم كبارة بالتزكية كمفوضين لهيئة مكتب المجلس.

        في الخلاصة أظهرت الجلسة الأولى لمجلس النواب عيوب الديموقراطية عندما تمارس بقوانين وأنظمة وأساليب مشوّهة ،وهو الواقع الذي يواجهه أكثر من بلد ،والنموذج الأقرب هو العراق.فقد سبق أن تلبنن العراق،واليوم يتعرقن لبنان.والحبل على الجرار.

 

على هامش الجلسة

  • صوت نواب اللقاء الديموقراطي بزعامة جنبلاط لصالح الرئيس نبيه بري لرئاسة المجلس ،وصوتوا لصالح النائب غسان سكاف لنيابة الرئاسة،بعكس كتلة التنمية والتحرير.
  • تردد أن خمسة نواب من التيار الحر صوتوا لصالح الرئيس بري ،بينما صوتت كتلة التنمية والتحرير بالكامل لصالح نائب الرئيس الياس أبو صعب.

 

  • حقق التيار الحر نصرين بالانتخاب بالأكثرية المطلقة:نائب رئيس المجلس وأمين السر آلان عون(65 صوتا)

 

  • لم يصوت النائبان جميل السيد وفريد الخازن لصالح الرئيس بري .الأول أعلن صراحة مساء الأحد أنه لن يصوت لأحد في الجلسة من حيث المبدأ ،والثاني فاجأ التوقعات .
  • حاول نواب التغيير ال13 التمايز عن بقية الكتل في الدورة الأولى من انتخاب نائب الرئيس فاقترعوا بورقة بيضاء ،لكنهم في الدورة الثانية اقترعوا لصالح غسان سكاف.
  • حضر العديد من النواب الى المجلس وهم يرتدون أحذية “تنس شوز” على سبيل “التقشف”،وهي ظاهرة تكاد تكون الأولى في تاريخ المجلس.لفت ذلك نظر سفيرة الأمم المتحدة ،فقيل لها إن هذا النوع من الأحذية أغلى سعرا من الأحذية العادية ،فردت بالقول :”صحيح.هو صراع بين الموضة وال elegance  (الأناقة)،وأنا أفضل ال elegance .
  • تميزت الجلسة بالتنظيم الجيد والمتقن أمنيا وإداريا وإعلاميا ،داخل المجلس وخارجه ،ولم تسجل أي إشكالات.
  • أسهمت الجلسة في فك الحصار عن ساحة النجمة بعد إقفال المنطقة لأكثر من سنتين ،ما قد يؤدي الى عودة الحياة إليها وفتح المتاجر والمقاهي والمطاعم.

 

  • هذه كلمة الرئيس بري خلال الجلسة بالصوت والصورة:

  

 

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى