محليات لبنانية

في مشهدية “مُتَخادِمة التعطيل”(*)

حيان سليم حيدر

مشهدية لبنان المُعاصِر – التي عصرت قلوب الناس ومُدّخراتهم – تمثّلت في آخر مستجدّاتها بما بات يُعرَف بالتعطيل المُتبادَل (أم هو المُتَبَهْدَل)، تعطيل كلّ أمر وكلّ شيء وكلّ موضوع حيوي. ذكّرتني هذه المشهدية بوصف ساخر، من عهد بهيم دائمًا ما يتجدّد، للوضع في لبنان والقائل (بالعامية): “ذكّرني (وضع لبنان) بواحد أخرس حكي لواحد أطرش إنّو في واحد أعمى شاف واحد مُكرْسَح عم يركض ورا واحد أصلع ليشدّو بشعراتو”.

ومع ذلك.  يكون من الطبيعي أن تنحدر الأمور، كلّ الأمور، إلى الدرك الأسفل – بكلّ معاني السفالة – ممّا يذكّر بالمقولة الفرنسية التي تقول: “ما مِن حالة سيئة لا يمكن لها أن تكون أسوأ”.

ثمّ أنّ بعض الحلول، “الخلّاقة” دائمًا ما تكون، المطروحة (أرضًا) تأخذ بمسامِعنا إلى بيت الشعر:

” ألقاه في اليمّ مكتوفًا وقال له

إيّاك إيّاك أن تبتلّ بالماء ”

و بالعودة إلى طاولات الحوار والمطالبة بِعَقْدِها (والأفضل يكون بقراءتها: بِعُقَدِها)، فإلى المُطالبة بحوار تحت رعاية الدول “الصديقة” عادت إليّ صرخة الشاعر:

“بئس الحوار كلام في النهار هدًى         وفي الظلام صواريخ ونيران !”    … ليُضيف

” ونَبْقَى  في حلقة سوداء  مفرغةٍ          ندور… واليأس أشكال وألوان !” (1)

وفي تحديد المشكلة من القضية، يأتيني في الختام القول الرئيس:

“في النظر فيما بين القضية والمشكلة: “صاحب المشكلة يغدو في نفسه هو القضية” “(2)

 

وما بين الأخرس والأطرش إختلطت المشكلة بالقضية.

هذا ليس بابًا للتَيْئيس… هذه نافذة من أجل التنفيس !

بيروت، في أول آذار 2021م.                                                    حيّان سليم حيدر.

                                                                                      مُحاور … من خارج المَحاور.

(*) “مُتَخادِمة التعطيل”، أي أنّ التعطيل المُتَبادَل يخدم بعضه البعض الآخر.  هي تسمية لمرض نفسي متحوّل، على غرار مُتلازِمة ستوكهولم أو ما شابهها من مُتلازِمات، … وهذا المرض يُشكى منه، حصرًا، في لبنان… !

(1) سليم حيدر – ديوان “لبنان” – قصيدة “المحنة الكبرى” – 1975 شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ش.م.ل. – 2016.

(2) سليم الحص – من مقال صادر في 20-6-2004.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى