في مثل هذا اليوم ،9 آذار 1919 ،إندلعت في مصر ثورة عارمة ضد الاستعمار البريطاني بقيدة سعد زغلول ،واصطلح على تسميتها ب”ثورة 19″،وقد استمرت بضع سنوات وانتهت ببعض الإصلاحات ومنها عودة الدستور،لكنها لم تنجح بإزالة الاحتلال البريطاني الذياستمر حتى ثورة 1952.
بدأت أحداث الثورة في صباح يوم الأحد 9 مارس 1919، بقيام الطلبة بتظاهرات واحتجاجات في أرجاء القاهرةوالأسكندرية والمدن الإقليمية. تصدت القوات البريطانية للمتظاهرين بإطلاق الرصاص عليهم، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى. استمرت أحداث الثورة إلى شهر آب/ أغسطس وتجددت في أكتوبر ونوفمبر، لكن وقائعها السياسية لم تنقطع واستمرت إلى عام 1922، وبدأت نتائجها الحقيقية تتبلور عام 1923 بإعلان الدستور والبرلمان.
كان لتأليف الوفد المصري المنوط به السفر إلى مؤتمر باريس للسلام، لمناقشة القضية المصرية بعد انتصار الحلفاء، أثره الكبير كمقدمة أدت إلى اشتعال الثورة. فقد اعتقلت بريطانيا سعد زغلول وثلاثة من زملائه لتشكيلهم الوفد ونفيهم إلى جزيرة مالطا، الأمر الذي أدى إلى بداية الاحتجاجات في مارس 1919.
انطلقت تظاهرات في العديد من المدن والأقاليم المصرية وكانت القاهرة والأسكندرية وطنطا من أكثر تلك المدن اضطرابًا، الأمر الذي دفع السلطات البريطانية إلى الإفراج عن سعد زغلول وزملائه، والسماح لهم بالسفر لباريس. وصل الوفد المصري إلى باريس في 18 إبريل، وأُعلنت شروط الصلح التي قررها الحُلفاء، مؤيدة للحماية التي فرضتها إنجلترا على مصر.
أُوفِدت لجنة ملنر، للوقوف على أسباب هذه التظاهرات.وصلت اللجنة، في 7 ديسمبر وغادرت في 6 مارس 1920. دعا اللورد ملنر الوفد المصري في باريس للمجيء إلى لندن للتفاوض مع اللجنة، وأسفرت المفاوضات عن مشروع للمعاهدة بين مصر وإنجلترا ورفض الوفد المشروع وتوقفت المفاوضات. استؤنفت المفاوضات مرة أخرى، وقدّمت لجنة ملنر مشروعاً آخر، فانتهى الأمر بالوفد إلى عرض المشروع على الرأي العام المصري. قابل الوفد اللورد ملنر وقدموا له تحفظات المصريين على المُعاهدة، فرفض ملنر المناقشة حول هذه التحفظات، فغادر الوفد لندن في نوفمبر 1920 ووصل إلى باريس، دون أي نتيجة.
دعت بريطانيا المصريين إلى الدخول في مفاوضات لإيجاد علاقة مرضية مع مصر غير الحماية، فمضت وزارة عدلي باشا بمهمة المفاوضات، ولم تنجح المفاوضات بعد رفضها لمشروع المُعاهدة، فنشر سعد زغلول نداءً إلى المصريين دعاهم إلى مواصلة التحرك ضد الاحتلال البريطاني فاعتقلته السلطة العسكرية هو وزملاؤه، ونفي بعد ذلك إلى سيشيل.
حققت الثورة مطالبها، ففي 28 شباط/فبراير ألغت بريطانيا الحماية المفروضة على مصر منذ 1914. وفي 1923، صدر الدستور المصري وقانون الانتخابات وألغيت الأحكام العرفية. ولم تستطع الثورة تحقيق الاستقلال التام، فقد ظلت القوات البريطانية متواجدة في مصر.
في 15 مارس 1923، شَكل يحيى إبراهيم الوزارة الجديدة، بحيث كانت وزارة إدارية دون برنامج. وضع أعضاء لجنة الدستور احتجاجًا على التعديلات التي أجراتها وزارة توفيق نسيم. في 19 أبريل 1923 صدر الأمر الملكي بالدستور، طبقًا للمشروع الذي أقرته اللجنة محذوفًا منه النصّان الخاصان بالسودان. أعقب صدور الدستور؛ إفراج السلطة العسكرية البريطانية عن أعضاء الوفد المُعتقلين، وتم الإفراج الباقين في جزيرة سيشيل.
في 30 أبريل صدر قانون الانتخابات في ظل الدستور الجديد. في 30 مايو، أصدرت الوزارة القانون رقم 14 لعام 1923 المُسمى “قانون الاجتماعات العامة والتظاهرات في الطرق العمومية”، والتي قيدت فيه حق الاجتماعات والتظاهر بقيود شتى، وفي 31 مايو فكت السلطات البريطانية اعتقال أعضاء الوفد المُتواجدين في جزيرة سيشيل.
في 26 يونيو، اصدرت الوزارة قانونا يقضي بجواز تطبيق الأحكام العرفية كلما تعرض الأمن المصري للخطر سواء بإغارة قوات للعدو أو وقوع اضطرابات داخلية، والتوسيع من صلاحيات الحاكم العسكري. وفي 5 يوليو، جرت مفاوضات بين الوزارة ودار المندوب السامي حول إلغاء الأحكام العرفية، وأصدر اللورد اللنبي أمرًا بإلغاء الأحكام العُرفية، مقابل إصدار الحكومة لقانون التضمينات والذي يقضي بإجازة كل ما قامت به السلطة العسكرية البريطانية طوال مدة تنفيذ الأحكام، وعدم أحقية مصر في طلب تعويضات عن تطبيقها، كذلك صدر العفو عن بعض المحكوم عليهم من المحاكم العسكرية بعقوبات أقصاها 15 عام.
عاد سعد زغلول إلى مصر في 17 سبتمبر 1923، واستقبل بحفاوه من قبل المصريين، كذلك عاد أعضاء الحزب الوطني المبعدين إلى أوروبا.