في مثلث الاحزان مفترق.. وحسناء
إنه مثلث الأحزان
والمكان مجدداً ليس كأي مكان
المكان تقعرٌ وتجويفٌ ملتوٍ في خارطةٍ
صيغت بإسقاطٍ جودزيٍ فأحالت
قاطني هذي الأرض هامشاً
تذروه عادياتٌ…ونكباتٌ…ونسيان…
عند المفترق الخالي من كثير عابرين
ما بين صور وجوهٍ لجنودٍ متأهبين
وبعض محال تقاوم جور الهامش
واستبداد النسيان
في عمق ضوع قهوةٍ مرةٍ تجمعُ
تنوع الطوائف من الجيران
الجيران يحذوهم أملٌ وإيمان
كلٌ يصلي ليله بخشوعٍ وتفان
وفي النهار معاشٌ لهم
وجزيل أشجان
القهوة المرة في هذي النواحي
رقراقةٌ لا تنضبُ
تنسكب للعابرين بودٍ وتحنان
وما فوق الرؤوس شمسٌ ما زالت تسطعُ
على الطرقات الخالية إلا
من بردٍ ورياحٍ
ومزيد أشجان
بعض الشجيرات لا تقي صقيعاً هنا
ولا تمتد لتظلل أحداً
حتى الحسناء الخجولةَ العابرة هذي البقعة
هذه الإحداثيات… وهذا الزمكان
الحسناء تتأبط همومها ومحفظةً
وابتسامةً خجولةً كحالها
تسكن منها ذابل الشفاه
وبريق العينان
فلكأنها وردةٌ تنبت في الصخر
لكأنها نفحةُ عزفٍ خافتةٍ قد هربت
من فوهة قيثارةٍ، أو سبطانة نايٍ
أو قصف كمان…
الحسناء العابرةُ كوردةٍ يانعةٍ
تنشد لنفسها سبيلاً وتسارع خطى
عساها ترحل عن المكان
لا الإسفلت المرهق يحمل إشاراتٍ
وكل الجهات هنا متاهةٌ
وهذيان
يا ذات الأهداب الواجمةِ
لا تحاولي عبثاً ترك المكان
فكل شيءٍ بشريٍ هنا
قد يشبه صورة إنسان
إلا أنه عالقٌ ومفقودٌ
مصلَّبٌ على خشبة الوجدِ
وسحرٍ غاوٍ يسكن الآفاق المنسدلة
فوق تلك التلال والربوعِ
وعميقاً في ساحق ما يحدنا
من خِلالٍ…ووديان
لن تقلكي أي راحلةٍ
لن تغادري يا حلوتي
لن تفلحي فاهدئي
وإلا أصابك الضنك
انقطعت منكِ الأنفاس
ذبل التويجُ البهي
وهوى منك البنيان
فعلى ثرى هذي الأرض وجهةٌ واحدةٌ
هي ما تحته فلا تستعجلي الرحيلَ
وابقي عذبةً فيه حتى
يحين موعد الذبولِ
وتفعل الأيام ما هي فاعلةٌ
ولا شيء لنا…سوى الإذعان
دعي المفترق أيتها الحسناء
عودي أدراجكِ
ولكن مهلاً دليني
أين أدراجكِ؟!
إلى من ستعودين؟!
فقد ضاعت الجهات مجدداً
وسط تزاحم الظنون والهواجس
في خضم معترك الخواطرِ
ومعتركها آلامٌ مقيمةٌ ها هنا دائماً
وها هنا مكانٌ ليس كأي مكان
ها هنا شيءٌ ما دائماً سيبقى
إسمه " مثلث الأحزان"….