في سبيل مصالحة مع الإصلاح*(حيان حيدر)
بقلم د.حيّان سليم حيدر
بعد إصدار المجموعة الشعرية الكاملة، وبعد تنظيم باقي مؤلفاته وتجهيزها للنشر، بادرت إلى قراءة ما تبقى من “متفرقات” في بعض محفوظات (أرشيف) سليم حيدر، وفيها صفحات وقصاصات، أفكار وخواطر مخطوطة على الهوامش، هوامش محطوطة على المسطحات، وما شابه من أمور. في متن هذه القصاصة، المحظوظة، قرأت تفسيرًا بالعمق الفلسفي والأدبي واللغوي والبلاغي والإدراكي والعملي لمفهوم الإصلاح، هذه الكلمة – الطلسم، هذا المطلوب المستحيل المنال عند البشر عمومًا وعند اللبنانيين بشكل خاص.
يكتب سليم حيدر في مسوّدة لكلمة أعدّها، في تاريخ غابر، للمناقشة في مجمع بعبدا، تحت عنوان:
” متى يصبح المتعدّي لازمًا “
” في سياستنا، في إدارتنا، في حياتنا الإجتماعية، بل في مطامحنا التي لا تحدّ، قد يكون الحقّ على صيغة الفعل. لا يشذّ عن هذه القاعدة أمر من أمورنا، حتى الإصلاح الإداري الذي كرّس له مجمع بعبدا.
صيغة الفعل هي المشكلة. كتب اللغة تقسم الفعل بحسب طبيعته إلى لازم ومعتد وكثيرًا ما يشتق المعتدي من اللازم، بإضافة ألف إلى أول الفعل، أو تشديد عينه. مثال ذلك: صالح (لازم)، أصلح أو صلّح (متعدٍ). ونحن، بحسب طبيعتنا، لا نتكلّم إلّا بصيغة المتعدّي. ولذلك لا يتحدّث أحد عن الصلاح. تلك هي المشكلة. إنها مجرّد سوء تفاهم.
سوء تفاهم يعني، في البدء، سوء تفهّم. يعني قلب الأمور رأسًا على عقب. فالإصلاح يجب أن ينبثق من الصلاح ليؤدّي إلى الصلاح.
حلقة مفرغة؟
شكلًا. وفي الدول النامية، لا بدّ من هذه الحلقة المفرغة.”
مقاصد ودروس.
من المقاصد: صيغة الفعل هي المشكلة، اللازم والمتعدّ في الصلاح أدّيا إلى سوء تفاهم فَسوء فِهم،
ومن الدروس: نحن لا نتكلّم إلّا بصيغة المتعدّي، ونتعمّد قلب الأمور رأسًا على عقب، ويحلو لنا العيش في حلقة مفرغة، إذ نحن جزء من الدول النامية.
هلّا أدركتم حالنا؟ وهل يمكن تغيير الحال؟
بيروت، في 5 حزيران 2022م.
*رَشْفة من أرشيف سليم حيدر” – 1