في خطاب السيد الهادئ:الاستسلام مرفوض!
د.أحمد عياش
ليست كلمة عابرة. العابرون اليوم في اتجاه المعركة الفاصلة والوجودية قلّة، والقلّة السالكة هم الذين لم يستوحشوا طريق الحق وهم الفاقدون للأصحاب الصادقين لتمسكهم بالحق .
لا يحرك التاريخ مجموعة رجال سكارى في السياسة ولا لاعبي قمار مع مبادىء ،ولا هواة سلاح في معركة وجودية أضعف ما فيها من شراسة معركة هرمجدون وأقوى ما فيها من عزّ ظهور مخلص الشعوب.
لطالما تمنينا الا يخاطب السيّد الا من هم رؤساء في دولهم وان يترك الرد على اطراف الداخل لنواب الحزب .
جميل وواجب اخلاقي ان يبدأ السيد كلامه بتقديم المواساة والعزاء والشكر لدولة عربية شقيقة ، لدولة الكويت التي ما بخلت يوما مع شعب لبنان في محنه المتعددة.
حيّى السيد الجيش اللبناني وعائلات شهدائه والناس بعد معركة واحداث الشمال الأخيرة ضد مجموعات متطرفة كاحد اشكال امتدادات داعش.
نبّه السيد وذكر ان الحدود مع فلسطين تشهد حذرا وسط جيش العدو، كما تشهد جهوزية المقاومة ،ثم انتقل مباشرة للرد و ساخرا على مزاعم رئيس حكومة العدو بوجود صواريخ في منطقة "الجناح"طالبا لمن يهمه الامر وللاعلاميين لزيارة المنشآت المحددة من نتنياهو للتأكد من مزاعمه الخاطئة.
في موضوع تأليف الحكومة اللبنانية والمبادرة الفرنسية اصرّ السيّد على الوضوح في كلامه، ليؤكد ان نادي رؤساء الحكومات السابقة زكوا تسمية السيّد مصطفى اديب الدمث الاخلاق الذي لا خلاف معه، انما ارادوا من خلفه شطب دور رئيس الجمهورية في ابداء الرأي بأسماء الوزراء كصلاحية دستورية له ،واكثر من ذلك انتقلوا الى فكرة المداورة في الحقائب ،قافزين عن فكرة التشاور مع الكتل النيابية التي تمثل طوائفها او احزابها ،وهذا ما كان مرفوضا وخطيرا لخروجه عن المألوف والاعراف السائدة ،وقدّم امثلة من الماضي معترفا بقبوله فكرة عدم حزبية الوزراء وان الامور كلها خاصعة للنقاش انما من دون الغاء الاكثرية النيابية .
اوضح السيد الاشكالية بين ما جاءت به المبادرة الفرنسية الاصلاحية التي لا تحدد عدد الوزراء ومداورة الحقائب ولمن ستؤول المناصب، وبين نوايا رؤساء الحكومات السابقين المعرقلة للتوافق الطامحة لاستلام البلد من دون نقاش ،محذرين و مستغلين العقوبات الآتية ما يلغي فكرة "حكومة انقاذ".
اوضح السيد ان الضغوط من حيث اتت لا تفيد ،غامزا من اسلوب ومن التهديد غير المباشر للرئيس الفرنسي في مؤتمره الصحفي.
شرح السيد ان وجود وزراء الحزب في الحكومة ضرورة لحماية ظهر المقاومة كي لا تقع البلاد في خطأ تكرار حكومة الرئيس السنيورة في 5آيار من سنة 2085 .فالاحتياط الزامي من حكومة توقع لبيع املاك الدولة وللقبول الاعمى بما يطلبه الصندوق الدولي و رفع الضريبة على القيمة المضافة.
نجح السيد في خوفه على اموال المودعين في المصارف، ملمحا الى ان مشاركة الثنائي امل-حزب الله لمنع التصرف بها من حكومة الرؤساء السابقين للحكومات المجهولة النوايا، محملا اياهم عرقلة المبادرة الفرنسية، كما رفض المساواة بالمسؤولية بين كافة الاطراف التي تحدث عنها الرئيس الفرنسي بما فيه رئيس الجمهورية.واضاف ان الحزب لم يخلف بالوعود التي اطلقها ليلام من قبل السيد ماكرون، وان على الرئيس ان يعلم ان ليس الحزب الذي ينكث بوعد وان الحزب وبالتأكيد يختار الديمقراطية امام الاحتمالات السيئة ،ودافع عن تدخل الحزب في سوريا بناء على طلب الحكومة هناك لمحاربة المتطرفين الذي تقول فرنسا انها تحاربهم.
اكمل السيد كلامه ان الاستسلام كما يتمناه آخرون مرفوض.
تمنى السيد على الادارة الفرنسية عدم اقحام ايران بالمسائل اللبنانية لان ايران لا تتدخل وان الثنائي امل-حزب الله مستقلان بقرارهما اللبناني.
رفض السيد تهمة الخيانة ،وبحال كان لدى فرنسا اي ملف فساد ضد مسؤولي حزب الله فلتحيله فورا للقضاء اللبناني ،مشددا على اهمية الصداقة، رافضا الوصاية ،طالبا اعادة النظر بشكل ومضمون راي الادارة الفرنسية ،تاركا الباب مفتوحا للمبادرات من دون ضغوط ومن دون مواربة موضحا ان الكرامة الوطنية اللبنانية لا تمسّ.
كان خطاب السيد هادئا غير استفزازي وخال من التهديد لاي كان بما فيها اسرائيل ،مقدما اسلوبا راقيا في التخاطب يقارب الاسلوب المهذب المعروف عن الدبلوماسية الفرنسية.
اجمل ما جاء في خطاب السيد هو وتعهده بالدفاع عن اموال المودعين اللبنانيين في المصارف جنبا الى جنب حماية ضهر المقاومة في الحكومة.
ختم السيد خطابه في تحية الرافضين من الشعوب للتطبيع وان التطبيع مصيره الفشل حتما.
لا حل من دون البندقية ومن دون درب الكفاح المسلح.