سياسةمحليات لبنانية

فيصل كرامي “المظلوم انتخابيا”: استُهدِفنا لتغييب كتلة سنيّة وازنة عن البرلمان

أي قيمة للنيابة والوزارة والسلطة في ظل الإنهيار المريع؟

 

كتب واصف عواضة – خاص الحوار نيوز

ربما هي من المرات النادرة التي تغيب فيها العائلة الكرامية عن الساحتين النيابية والحكومية نتيجة الانتخابات الأخيرة. من عبد الحميد إلى رشيد إلى عمر ،عقد لواء آل كرامي إلى فيصل عمر كرامي الذي ركب صهوة الوزارة والنيابة بامتياز، لأن العائلة الكرامية وطرابلس صنوان منذ أمد طويل .. لا يمكن ان تٌذكر الفيحاء من دون الاقتران بهذه العائلة العريقة. 

في الإنتخابات  الأخيرة هوى جواد العائلة نيابيا ،فكانت المفاجأة التي لم يتوقعها الخبراء،ولا العرافون والمنجمون،فجاءت طرابلس بثلة من النواب الذين لم يخطر بعضهم على بال. لكن الصدمة لم تكن نتيجة إخفاق فيصل كرامي في العودة الى البرلمان ،إنما في آلية وطبيعة هذا الحدث الذي يُعدّه الكراميون مؤامرة واضحة في آلية الفرز واحتساب الأصوات وأشياء أخرى ،دفعتهم الى تقديم طعن أمام المجلس الدستوري، معزز بالوثائق والمستندات التي لا يمكن تجاوزها بحسب الضالعين في علم الإنتخاب. 

 

مساء أمس التقت ثلة من الزملاء الصحافيين الى مائدة فيصل كرامي في بيروت، وكان عائدا من لقاء مطول مع السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، وكان من الطبيعي أن يتناول الحديث مع الزملاء مصير الطعن استنادا الى المعطيات التي رافقت الانتخابات الأخيرة ،بدءا من الحملة الانتخابية وانتهاء بعمليات الفرز وما رافقها من شوائب،ليس أقلها إلغاء 372 صوتا تحت شعار “ورقة ملغاة”،فيما خسر فيصل كرامي بفارق 46 صوتا فقط عن الفائز الذي سبقه. 

لا يُخفي فيصل كرامي بداية أن خللا حصل في الماكينة الإنتخابية التي ادارت حملة اللائحة التي يرأسها ،حيث خرج منها أحد المسؤولين عن “الداتا” وسرب معلوماتها الى إحدى القوى المعروفة التي استغلت هذا الأمر، ولعبت لعبتها في تضليل بعض أنصار اللائحة. وعلى الرغم من ذلك لم يكن هذا الأمر وحده السبب الكامن وراء خسارته،بل ان التلاعب في عمليات الفرز هو الذي أدى الى ما أدى اليه. 

يروي كرامي: بعد الفرز قبيل منتصف الليل  اتصل بي القاضي رئيس لجنة القيد مباركا بالنجاح. لم يفاجئنا الإتصال،لكننا فوجئنا بعد ذلك بتصريح للمسؤول الاميركي السابق ديفيد شينكر يعلن على الملأ “لقد أسقطنا أرسلان والفرزلي ووهاب ..وفيصل عمر كرامي”( ذكرني بالاسم الثلاثي). وهنا دخل الإرتياب الى نفوسنا ،وجاء الصباح لنتأكد أن ما خشينا منه قد حصل ،وأن التلاعب في الفرز قد تم من خلال الاوراق الملغاة التي بلغ عددها 372 صوتا. 

 يتابع كرامي: درسنا كل المعطيات التي رافقت هذه النتيجة، وتشاورنا مع بعض الاصدقاء ،وقررنا تقديم الطعن أمام المجلس الدستوري. لكن مرجعا سياسيا نصحني بعدم تقديم طعن ،لأن الأربع سنوات تمضي بغمضة عين. 

لكنه يستدرك بهدوء لافت قائلا: حقيقة لا أعرف ما هي قيمة النيابة والوزارة والسلطة في ظل هذا الإنهيار المريع الذي يعاني منه البلد ..

ويستطرد: لكن الظلم الذي حصل لا يمكن السكوت عنه ،خاصة في ظل هذا القانون الانتخابي الاعوج. 

وقائع الطعن

يشرح أحد معاوني كرامي طبيعة الطعن المقدم فيقول إن فيصل كرامي اتّبع الاصول القانونية لطريقة تقديم الطعن، والتي تفرض عليه ان يطعن بنيابة نواب بأسمائهم المحددة، وهذا لا يعني استهدافاً لاحد بل هو تطبيق للقانون.فلائحته ( لائحة الارادة الشعبية) حصلت على ٢٩٢٧٧ صوتاً وفازت بحاصلين. واللائحة المطعون فيها هي لائحة التغيير الحقيقي، أي لائحة ايهاب مطر التي حصلت على ١٦٨٢٥ صوتا وفازت ايضا بحاصلين.والفارف بين اللائحتين ١٢٤٥٢ صوتاً، وهذا يدلل على عجائب القانون اللبناني.

يضيف: المهم ليس هنا، المهم هو الفارق بالكسر الذي ادى الى فوز لائحة ايهاب مطر بحاصلين ،والذي ادى بشكل غير مباشر الى فوز رامي فنج بالمقعد السني الخامس، هذا الفارق هو ٤٦ صوتا، اي ٠،٠٠٣٣بالمائة. وصار معروفاً أن الوزير كرامي يمتلك ادلة مادية قوية دفعته الى تقديم هذا الطعن، وهو يعتمد في ادلته على عدد كبير (بالمئات) من الاصوات الملغاة لاسباب لا يعوّل عليها، ولأسباب واهية وغير حقيقية، وعلى اخطاء بشرية يفترض ان تكون غير مقصودة في عمليات الجمع والاحتساب ،خصوصا اننا كلنا نعلم ان هذه الحسابات تتم بشكل بدائي للغاية.كما علم ان هناك صندوقاً كاملاً لم يحتسب لاي لائحة (ضاع الصندوق) اي يمكننا ان نتحدث عما يسمى “لغز الصندوق الضائع” والذي نال فيه بحسب المحاضر الرسمية ٥١ صوتاً ،وهذا على سبيل المثال.

 

في النهاية -يضيف المعاون- هذا هو المسلك الطبيعي.وكما كان الدكتور فنج محظوظا وصاحب حظ جيد بأن النتيجة حسب القانون ادت الى فوزه ،فإنه بالمقابل في حال تم الاخذ بالطعن، فانه سيكون صاحب حظ سيء، وأن نتيجة الطعن ستؤدي الى خسارته للمقعد،خصوصا ان فيصل كرامي لم يطعن بأي امر يتعلق باصوات الدكتور فنج الذي حل بالمرتبة السادسة بين المرشحين السنة بعدد اصوات ٥٠٠٩ اصوات، وبهذا قفز الدكتور فنج من اول الخاسرين الى النائب الخامس، في وقت يحتل كرامي المركز الرابع وحصل على ٦٤٩٤ صوت.

 

ويتابع: فيصل كرامي في طعنه لم يتسهدف تيارا سياسيا بعينه، لا التغييرين ولا الانتفاضة ولا الحكومة ولا اعداء حزب الله ولا حتى تيار اصدقاء حزب الله، هذا الطعن قانوني وليس سياسيا، والدليل انه طعن بثلاثة، أولهم ايهاب مطر الميقاتي الهوى، وفراس سلوم الذي تبيّن انه من محور الممانعة، والدكتور فنج الدي يقول عن نفسه انه من تيار الانتفاضة والتغيير.فالاتهامات الغريبة التي تعتبر أن فيصل كرامي استهدف بصفته يمثل المنظومة، طبعا هو كلام مضحك، فكرامي يمثل النظام اللبناني بمعنى أن له صفة تمثيلية تتعلق بالنظام اللبناني ،أي انه صاحب ارث طويل عريض في تاريخ النظام اللبناني وليس المنظومة، ويمتد الى عشرينيات القرن الماضي تاريخ نشوء لبنان الكبير، مروراً ب ١٩٤٣ تاريخ استقلال لبنان، كتطبيق صيغة العيش المشترك، وصولاً الى اتفاق الطائف وتطبيق صيغة الوفاق الوطني الجديدة التي تنهي الحرب وتؤسس للسلم الاهلي.

هذا هو ارتباط فيصل كرامي بالنظام اللبناني وليس بالمنظومة الحاكمة، فالاتهامات الاخرى حول ان فيصل كرامي رمز من الرموز التي يتسهدفها التغييريون هو كلام سخيف ،خصوصا ان الاداء الذي نراه اليوم من التغيريين يعطينا صورة واضحة جدا عن مدى تعايشهم الواضح مع رموز المنظومة الحاكمة في كل الطوائف.

 

يختم: لائحة “انتفض” فازت بحاصل مؤكد، واذا لم يحصل عليه فنج فسيحصل عليه زميله حيدر ناصر، وهو من نفس اللائحة، وهذا يثبت ان التغييريين غير مستهدفين، فالمقعد سيحصل عليه حليفه وزميله وهو طبيب  يحمل نفس المبادئ، فالمقعد سينتقل من طبيب الى طبيب يحمل نفس المبادئ.ولائحة كرامي حصلت على اعلى الارقام في طرابلس بفارق يتعدى ١٥٠٠ صوت عن لائحة القوات واشرف ريفي. 

 

مآل الطعن

في الخلاصة يؤكّد اكثر من مصدر ان المجلس الدستوري سيقبل الطعن الذي تقدم به كرامي ،لكن على الارجح ان يصار الى اعادة الانتخابات ،اما وفق النظام الاكثري او النظام النسبي ،وهذا يتوقف على عدد النواب الذين سيطعن بنيابتهم في حال تجاوزوا الاثنين. 

ويعتقد الخبير الانتخابي محمد شمس الدين ان المجلس الدستوري لن يبت بالطعن قبل تشرين الثاني المقبل ،اي بعد الإنتخابات الرئاسية ،مستبعدا ان يتم الغاء نيابة أحد لصالح أحد آخر،مرجحا إعادة الانتخابات.

الا ان خبراء قانونيين يرون ان لا ضرورة لإعادة الانتخابات اذا كانت الأمور واضحة لدى المجلس الدستوري لجهة الأرقام ،فعندها يعلن فوز كرامي وخسارة أحد المرشحين المطعون بهم . 

يبقى أن فيصل كرامي يعتبر نفسه مستهدفا بحيثيات نتائج الانتخابات ،ويرى ان الهدف هو تغييب كتلة سنية وازنة عن مجلس النواب،كان يمكن ان يشكلها شخصيا ،ولذلك اقدموا على توجيه السهام اليه ،وهو لا يبرئ القوات اللبنانية من هذا العمل. 

وكان كرامي التقى نهار أمس في منزل العائلة في طرابلس السفير السعودي وليد البخاري على مدى ساعتين وربع الساعة وتطرق الحديث الى مختلف الشؤون اللبنانية الراهنة. وقد ابلغه السفير البخاري ان المملكة قررت صرف 22 مليون يورو للمستشفى الحكومي في طرابلس. 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى