فوضى التعيينات في حكومة تصريف الاعمال: ترشيح سفير لمنصب قاضٍ في محكمة العدل خارج الأصول الدستورية (حسن علوش)
حسن علوش – الحوارنيوز خاص
خلال “عجقة” الانشغال بمشاورات تأليف الحكومة الجديدة، قامت حكومة تصريف الاعمال بترشيح السفير مصطفى أديب لمنصب قاضٍ في محكمة العدل الدولية في محاولة لاستكمال ولاية رئيس الحكومة المكلف نواف سلام في المحكمة، والتي تنتهي في شهر شباط من العام ٢٠٢٧.
إن ترشيح السفير مصطفى أديب، بالرغم من كفاءته في السلك الدبلوماسي يستدعي عدّة ملاحظات:
هل بالإمكان ترشيح شخصية لبنانية إلى هذا المنصب من دون مداولات في مجلس الوزراء؟
هل تم استطلاع رأي وزيري العدل والخارجية بشأن الترشيحات؟
هل تمّ اختيار السفير أديب من بين عدة مرشحين وتبين أنه الاكفأ أم تم تهريب الترشيح خلسة؟
هل تمّ إطلاع فخامة رئيس الجمهورية على الترشيح؟
هل أصبح هذا المنصب محجوزاً للطائفة السنيّة الكريمة؟
وهنا يُسأل دولة رئيس الحكومة المكلف، وهل إن معيار اختيار قاض مكانه يختلف عن معيار تخصيص وزارة المالية للطائفة الشيعية الكريمة؟
وهل دائماً تقع الحكومة اللبنانية في نفس الخطأ وترشح دبلوماسيين لمنصب قضائي دولي؟ وهل خلا القضاء اللبناني من قضاة ذي مستوى رفيع؟ ولماذا لا تلجأ الحكومة لترشيح أهل الاختصاص، خصوصاً وأن هناك عددا لا بأس به من القضاة والمحامين المتمرسين في القضاء الدولي؟ وهل يعلم من قام بالترشيح أن تعيين قاض في محكمة العدل الدولية يستدعي تصويتاً من قبل مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة؟ وبالتالي سيتساءل ممثلو الدول عن المعايير اللبنانية لاختيار قاضٍ دولي؟
إنها خطوة ناقصة من حكومة تصريف الأعمال في بداية عهد رئاسي جديد يسعى للمساواة بين اللبنانيين وفقا للكفاءة وليس وفقاً للانتماء المذهبي والسياسي والأمني والخارجي.
ينتظر اللبنانيون من الرئيس المكلف توحيد المعايير ليصار إلى تصحيح الخطأ عبر اختيار قامة قانونية لوزارة العدل، وليس تعيين مراهقين في المهنة، أكانوا من القضاة أم من المحامين أم من الموظفين في الجمعيات. إن العدل رسالة وليس جائزة ترضية!
تصريح الرئيس المكلف بشأن عدم صحة الأسماء المرشحة للتوزير يطمئننا، لأن ما نقرأه من ترشيحات متداولة لحقيبة العدل يضاعف خوفنا على العدالة ونزاهتها واستقلاليتها.
جهات قضائية دولية ودول صديقة فوجئت بطلب لبنان دعم ترشيح السفير أديب للمنصب في محكمة العدل الدولية، وطلبت في المقابل ضمانات بألّا يقوم السفير أديب بتقديم استقالته من المحكمة ليتكلّف برئاسة الحكومة خلفاً لدولة الرئيس سلام في حال فشله واعتذاره.
كلّ الرهان على رئيس الجمهورية لعدم اغتيال العدالة مرتين، وأن تسلك هذه القضية المسار الدستوري الصحيح على قاعدة الكفاءة في الاختصاص.