بقلم د.عماد عكوش – الحوار نيوز
يكثر الحديث اليوم عن الفجوة في حسابات مصرف لبنان والدولة اللبنانية، وبعضهم يقدرها بسبعين مليار دولار، والبعض الاخر بما يزيد عن خمسة وسبعين مليار دولار ، وبعضهم يحمل مسؤولية هذه الفجوة للمصارف، وبعضهم يحملها للحكومة، وآخرون يحملونها لمصرف لبنان ، فما هي حقيقة قيمة هذه الفجوة ، ومن يتحمل مسؤولية هذه الفجوة، خاصة بعد اعادة تبويب مصرف لبنان لبعض بنوده بعد استخدام سعر 15000 ليرة بشكل رسمي للدولار الواحد ؟
انطلاقا من ميزانية مصرف لبنان المنشورة في 15 شباط 2023 يتبين لنا ما يلي :
المركز المالي بالعملات الصعبة دون الذهب :
الموجودات مليون دولار
احتياطي عمات صعبة 9.784
يوروبوند 5.030
قروض للقطاع العام 16.505
مجموع الموجودات 31.319
المطلوبات
ودائع المصارف بالعملات الصعبة 85.359
ودائع القطاع العام بالعملات الصعبة 3.500
مجموع المطلوبات 88.859
العجز بالعملات الصعبة 57.540
ان هذه القائمة تمثل المركز المالي لمصرف لبنان بالعملات الصعبة ،وهي وفقا للأرقام التي نشرها مصرف لبنان في منتصف شباط 2023 ، وهذا يعني أنه حتى مع كامل الاعتراف بهذه الارقام وخاصة ما تم تدوينه من قبل مصرف لبنان لناحية ديون الدولة اللبنانية والتي هي عبارة عن سلفات بالعملات الصعبة تم سحبها بحسب زعم مصرف لبنان خلال السنوات الماضية وبلغت حوالي 16.5 مليار دولار .
هذه الفجوة بالطبع لا تتضمن أيضا حجم الواردات والمداخيل التي كان مصرف لبنان يحصل عليها نتيجة توظيفاته في سندات اليوروبوند والتي كان وما زال يملكها .
كما لا تتضمن حجم الواردات التي كان يتلقاها مصرف لبنان من مداخيل شركتي الخليوي والتي هي بالدولار الأميركي، في حين ان معظم مصاريفهم كانت بالليرة اللبنانية . فعلى صعيد الايرادات والنفقات بين عامي 2010 و2018، بلغ مجمل إيرادات الشبكتين 14 مليارا و440 مليون دولار. أما مجمل التحويلات الى وزارة الاتصالات فسجّل 9 مليارات و954 مليون دولار .
كما لا تتضمن حجم رسوم المسافرين والرسوم المستوفاة بالعملة الصعبة من قبل وزارة الاشغال والتي يتم تحويلها لمصرف لبنان والتي تبلغ سنويا حوالي 300 مليون دولار .
كما لا تتضمن أصدارات اليوروبوند والتي بلغت حتى تاريخ بدء الازمة حوالي 29 مليار دولار ، أضافة الى تقديمات الصناديق الدولية والدول للبنان، سواء الهبات او القروض والتي لم يتم تسديدها لغاية اليوم .
فأذا جمعنا كل هذه الاموال التي دخلت مصرف لبنان والتي تعود ملكيتها للدولة اللبنانية ،فهي تتجاوز قيمتها بالدولار الاميريكي الخمسين مليار دولار ، فهل الدولة سحبت من مصرف لبنان هذا الكم من الدولارات خلال الثلاثين سنة الماضية ، وبالتالي فأن حجم الفجوة التي أحدثها الحاكم طيلة فترة حكمه للمصرف تتجاوز 57 مليار دولار .
في النهاية ألا تستحق هذه الفجوة والتي تراكمت منذ استلام رياض سلامة حاكمية مصرف لبنان، أي خلال أكثر من 27 عاما ، التدقيق والتحقيق لمعرفة تفاصيلها وأين صرفها مصرف لبنان وكيف تصرف بها ؟ ..خاصة وأنه يدعي ان ما صرفه ودفعه للحكومات المتعاقبة سجله ضمن قروض للقطاع العام، وبالتالي فإن حجته بتمويل الدولة بطلت، فهو بذلك يعترف بأن حجم ما قدمه للدولة اللبنانية خلال فترة حاكميته بالدولار الاميركي هو 16.5 مليار دولار، فأين ذهب بالباقي ؟
ما نعلمه ان حاكم مصرف لبنان كان كريما جدا في نفقات مصرف لبنان ،وخاصة مع الموظفين ومتعهدي الخدمات ، كما كان كريما جدا مع المصارف، وهو الذي هندس لها القروض وأعطاها مليارات الدولارات لتسددها بالليرة اللبنانية على سعر 1500 ليرة لبنانية ، وهو كان كريما مع بعض المؤسسات الاعلامية ومع بعض الاعلاميين ، وهو كان كريما مع الطبقة السياسية ، وهو كان كريما بعملية بيع موجودات مصرف لبنان العقارية ، لكن تبقى الحقيقة الدامغة التي تحتاج الى التدقيق والتحقيق في سجلات مصرف لبنان لتبيان الحقائق .