
بقلم د. عماد عكوش – الحوارنيوز

موازنة لبنان لعام 2026 تتضمن عدة فجوات وتحديات هيكلية تعكس بشكل كبير الأزمة الاقتصادية والمالية العميقة التي يمر بها لبنان ، فهي بالاساس لا تعالج الازمة الهيكلية ولا تتضمن اي نفس اصلاحي ، ومن اهم هذه الفجوات:
العجز المالي المتوقع :
- العودة إلى سياسة العجز: بعد أن كانت موازنة 2024 متوازنة (عجز صفري) نظريا على اعتبار انه لغاية اليوم لم يتم قطع حساب الموازنة ، تخطط الحكومة لعجز قدره 17 تريليون ليرة لبنانية في موازنة 2025، وهو مؤشر على استمرار التحديات في تحقيق التوازن المالي في عام 2026 .
- عدم واقعية الإيرادات: تعتمد الموازنة على تقديرات غير دقيقة للإيرادات الضريبية، حيث إن قطع الحساب لم يُطبق بعد، ما يعني عدم وجود بيانات حقيقية عن الإيرادات المحصلة في السنوات السابقة وما تم البناء في الموازنة على ارقام عام 2021 المحققة وهي ارقام بعيدة عن الواقع .
عدم دقة الأرقام وغياب الشفافية :
- اعتماد أرقام تقديرية : تُبنى الموازنة على افتراضات ، خاصة في ما يتعلق بالإيرادات الضريبية والجمركية ، ومن دون وجود قاعدة بيانات دقيقة تبقى هذه الارقام غير مضمونة التحقق .
- غياب الرقابة والمحاسبة: عدم وجود آليات فعالة للشفافية والمساءلة في إدارة الموارد المالية ، ما يزيد من هدر الأموال العامة ويضعف ثقة المجتمع الدولي .
ضعف الرؤية الإصلاحية :
- غياب الحلول الهيكلية: لا يصاحب الموازنة رؤية واضحة للإصلاح الاقتصادي ، مثل إعادة هيكلة القطاع العام ، وخفض النفقات غير الضرورية ، أو تحسين كفاءة الخدمات (مثل الكهرباء والاتصالات).
- عدم معالجة الفساد الهيكلي : لم تصاحب الموازنة خطط جذرية لمكافحة الفساد أو هدر المال العام، وهو أحد الأسباب الجذرية للأزمة الاقتصادية .
تحديات تمويل العجز :
- الاقتراض من المصرف المركزي : بسبب عدم قدرة لبنان على الوصول إلى الأسواق المالية العالمية ، قد تلجأ الحكومة إلى الاقتراض من المصرف المركزي ، ما يهدد باستنزاف الاحتياطات وانهيار سعر الصرف مرة أخرى .
- غياب الدعم الدولي: عدم وجود إصلاحات ملموسة قد يحد من حصول لبنان على الدعم المالي والفني من المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي .
التأثير السياسي والطائفي :
- الخلافات حول القانون الانتخابي: قد تؤثر الخلافات السياسية حول القانون الانتخابي (مثل proposal الدائرة الانتخابية الواحدة) على استقرار العملية السياسية وتنفيذ الإصلاحات المالية .
- ضعف الإرادة السياسية: غياب الإجماع السياسي حول الإصلاحات يحد من فاعلية الموازنة ويؤخر تطبيق الخطط الأساسية .
غياب أولوية القطاع الخاص والنمو الاقتصادي :
- عدم تشجيع الاستثمار: لم تُدرج في الموازنة حوافز كافية للاستثمار الخاص في قطاعات حيوية مثل الطاقة والبنية التحتية، والتي تعتبر crucial للنهوض بالاقتصاد .
- تردي بيئة الأعمال: استمرار البيروقراطية والمعوقات الإدارية دون معالجة جذرية .
عدم تضمين الموازنة لكامل نفقات والتزامات الدولة :
- لا تتضمن المازنة كلفة الدين العام والفوائد المستحقة والتي لم يتم دفعها لغاية اليوم مع العلم ان الحكومة اللبنانية تنوي التفاوض مع اصحاب هذا الدين والبدء في دفع بعض المستحقات .
- لا تتضمن الموازنة المدفوعات المستحقة على كهرباء لبنان، خاصة بالنسبة للفيول العراقي والذي تراكم دينه في مصرف لبنان، ومن المفترض على الحكومة ان تجد حلا لهذه المستحقات .
- لا تتضمن الموازنة حصة الدولة وفق مشروع قانون معالجة الفجوة المالية، وبالتالي عملية دفع جزء من الودائع لاصحابها المستحقين والذي يعتبر دينا على الدولة اللبنانية .
ضريبة دخل مسبقة الدفع :
- تضمن مشروع الموازنة في مادتها الواحد والثلاثين مادة غير مسبوقة في تاريخ اعداد الموازنات ، مادة تسمح للجمارك باستيفاء نسبة 3 بالمئة من قيمة المستوردات على حساب ضريبة الارباح على ان يتم تصنيفها في بند خاص كسلفة على حساب ضريبة الباب الاول ويتم حسمها من الضريبة السنوية للمكلف .
فجوات موازنة لبنان 2026 تعكس أزمة حوكمة وهيكلية أعمق، وليس مجرد عجز مالي والحل يتطلب:
- إصلاح ضريبي وجمركي يعتمد على بيانات حقيقية.
- خفض النفقات عبر إعادة هيكلة القطاع العام.
- تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد.
- خطة واستراتيجية واضحة لتمويل العجز دون اللجوء إلى طبع النقد.
- إشراك القطاع الخاص ودعم الاستثمار في البنية التحتية.
ان الاستمرار بدون هذه الاصلاحات والتي يجب ان يسبقها اصلاح سياسي لتمكين مؤسسات الرقابة ، ومنع المحاصصة ، وتمكين القضاء من المحاسبة ، وبدون هذه الإصلاحات ، ستستمر الموازنة في كونها أداة غير فاعلة في مواجهة الأزمات الاقتصادية . .



