سياسةصحفمحليات لبنانية
فتنة اسرائيل تعمق خلافات دول المغرب العربي – 2 (جواد الهنداوي)
د. جواد الهنداوي – الحوار نيوز
تراقب الجزائر و تونس استراتيجية التطبيع بين المملكة المغربية و اسرائيل ، و اقول عنها ” استراتيجية ” ، لانًّ العلاقة الاسرائيلية المغربية اصبحت هي الاساس ،الذي ،بموجبه تقوم المملكة برسم علاقاتها السياسية و الدولية سواء في الجانب السياسي والتعاون الدبلوماسي او في الجانب الاقتصادي ، وليس فقط على اطار جغرافية المملكة ، وانما على اطار القارة الافريقية .
حتى انَّ الحكومة الفرنسية قلقة عن تطّور العلاقات المغربية الاسرائيلية ، والتعاون بينهما اقتصادياً وعسكرياً في قارة افريقيا ؛ فرنسا قلقة على دورها و مصالحها في القارة السمراء ، وتدرك جيداً ان التعاون المغربي الاسرائيلي ، و بواسطة القوة الناعمة ( الدين وعلاقات الجوار و الاستثمارات الاسرائيلية الاماراتية و المغربية ) سيكون له ( واقصد التعاون المغربي الاسرائيلي ) دوره واثره .
فلا عجب اذاً من ان تتخذ الجزائر خطوات سياسية و عسكرية استباقيّة لمواجهة الطارئ الجديد ،والمتمثل بقدوم اسرائيل قرب حدودها و انشائها لقواعد عسكرية ، وبالتعاون مع الشقيق الخصم ( واقصد المملكة المغربية ) .
ستستضيف الجزائر مناورات عسكرية مشتركة مع الجيش الروسي ، تحت اسم ” درع الصحراء ” على الحدود المغربية ،في شهر نوفمبر لهذا العام . و لا احد يشكُ بان هذه المناورات المُرتقبة هي رد على المناورات المغربية الامريكية ، والتي جرت بتاريخ ٢٠٢٢/٦/٢٠، وبمشاركة عشرة دول اوربية و افريقية .
ستستلم الجزائر من روسيا صفقة طائرات مقاتلة متطورة ( اولى قاذات 34 -SU ) نهاية هذا العام .
و استلمت الجزائر خلال هذا العام طائرات ( سو 57 ) وهي اول دولة في العالم تستحوذ على هذا النموذج من الطائرات المتطورة . تستمر الجزائر في جهودها بتطوير سلاحها و معداتها العسكرية وبالتعاون مع روسيا ، وكأنها تّردُ على ما تقوم به المغرب من انفاق وجهود من اجل التسليح من اسرائيل و امريكا ،حيث ابرمت المغرب مع اسرائيل اتفاقيات لتعزيز التعاون العسكري ،بموجبه ستقوم اسرائيل بتحديث طائرات مقاتلة وتزويد المغرب بالدرونات و الصواريخ . كما اعلنت المغرب رسمياً عن نيتها لبناء قواعد عسكرية مشتركة بينها وبين اسرائيل على بعد ٤٠ كيلومتر عن مدينة مليلة المحتلة من قبل اسبانيا ، وتتحدث انباء ايضاً عن انشاء قواعد عسكرية مغربية اسرائيلية في الصحراء المغربية المتنازع عليها، لاسيما وان امريكا اعترفت رسمياً بالسيادة المغربية على الصحراء المتنازع عليها .
يبدو انّ نشاط العلاقات المغربية الاسرائيلية حفّز تونس على تجاوز المحذورات تجاه المغرب في علاقاتها ( واقصد علاقات تونس ) الدولية و السياسية . لم تكترث على مايبدوا تونس ،برّد المملكة المغربية ،حين استقبل الرئيس التونسي رئيس جبهة البوليساريو يوم ٢٠٢٢/٨/٢٦ في مكتبه الرسمي ، الامر الذي دعا المغرب ان تستدعي سفيرها في تونس للتشاور.
كيف يفكّر البلدان ( الجزائر و تونس ) وما هي توقعاتنا ؟
يشعرُ البلدان ( الجزائر و تونس ) بأنّ المملكة تجاوزت ،في علاقاتها مع كيان مُحتلْ ومغتصب ، ومُصنف لديهما بعدو ، الشعور الرسمي والشعبي المشترك لبلدان المغرب العربي . أدرك البلدان ايضاً بأنَّ اندفاع المغرب بوتيرة تطوير العلاقات العسكرية مع اسرائيل له بعد استراتيجي و مستقبلي ، ويساورهما الشكْ بانّ الصحراء المغربية ،ستتحّول الى قواعد عسكرية اسرائيلية تراقب وتجول في المنطقة وفي القارة السمراء ، وهذا ما يشكّل خطراً أمنياً استراتيجياً لكل من الجزائر و تونس .
اعتبرَ البلدان ( الجزائر و تونس ) بأنَ التصريحات الرسمية المغربية ، والتي تعتبر العلاقة مع اسرائيل هو شأن سيادي للمملكة ، تصريح استفزازي ، ويضرب عرض الحائط المصالح المغاربية المشتركة والخطوط الحمراء لهذه المصالح . لهذا السبب اقدمت تونس وبدون تأخير وسابق انذار على استقبال رئيس جبهة البوليساريو .
نعتقد بأنَّ البلديّن ( الجزائر و تونس ) ستكثفان جهودهما في بناء علاقات مع جبهة البوليساريو . سينسّق البلدان جهودهما للحيلولة دون تحّول الصحراء الى قواعد عسكرية او اقتصادية او استيطانية اسرائيلية .
لم تعترف امريكا بالسيادة المغربية على الصحراء ” لوجه الله عز وجلْ “، ولا لاجل مصلحة المملكة ، وانما ، على مايبدو ، لمصلحة اسرائيل .
سيكون المشهد السياسي المغاربي اكثر وضوحاً في التمحّور نحو اسرائيل و امريكا بالنسبة للمملكة المغربية ،ونحو روسيا والصين بالنسبة للجزائر وتونس .
لمْ تأتْ مواجهة توجّه المملكة المغربية و هرولتها تجاه الشراكة الاستراتيجية مع اسرائيل مِنْ ايران و لا من حزب الله ، وانما جاءت و بقوة من الجزائر و تونس ، وسيتعاون البلدان سياسياً و عسكرياً مع جبهة البوليساريو ، والتي ستنضم لذات المحور الصيني الروسي ، والهدف هو الحيلولة دون استقواء المملكة المغربية على اشقائها المغاربة بالتعاون العسكري المتطور مع اسرائيل ، والحيلولة دون استثمار الصحراء اسرائلياً .
يبدو ان بعض دولنا العربية وللاسف لن تغادر قاعدة التعامل السلبي مع بعضها البعض ، وهي ( واقصد القاعدة ) ؛ كيف تجعل جارك وشقيقك ضعيفاً ،و تستقوي عليه بالعدو المشترك .