بقلم مارون ه. بطرس
بصرف النظر اذا كانت القاضية غادة عون قد خالفت القانون بعصيان قرار مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات ، وعدم المثول امام هيئة التفتيش القضائي ، واقدامها على اقتحام مؤسسة ميشال مكتّف لشحن الاموال ونقلها، فانها بحركتها الاعتراضية سلطت الضوء على ما يعاني القضاء اللبناني من قصور في الدفاع عن حقوق الشعب، وكشف سارقيه والفاسدين الذين افرغوا خزانته حتى آخر بارة.
منذ تشكيله لم يقدم مجلس القضاء الأعلى ولا النيابة العامة التمييزية،على اي خطوة تجعل الرأي العام اللبناني يطمئن الى مصير ودائعه في المصارف، وسرعة البت في قضاياهم العالقة منذ سنوات طوال امام المحاكم. اضافة الى ان انتظاره طال من دون ان يلمس مسعى جادا لتطهير الجسم القضائي من الفاسدين والمفسدين ، وهم كثر.
المواطنون في الحقيقة باتوا على ارتياب من الجسم القضائي، ويخشى ان يأتي يوم ، لا يحتكمون فيه اليه، بل يعمدون الى تسويات رضائية او عشائرية توفر عليهم ذل الانتظار الطويل والممل للبت في مراجعاتهم وقضاياهم.
المهم ان القاضية عون كسرت حلقة الركود، واسقطت ورقة التين ،ولم يعد المواطن ينظر اليها كمشاغبة، شعبوية، منحازة لفريق دون الآخر ، بل كقاضية نجحت في تحويل قضيتها الى قضية رأي عام.
قد ينقسم الرأي العام حول سلوكها، وخلفيات الاسباب التي دعتها الى كسر الجرة مع مجلس القضاء الاعلى، ولكنه يتفق معها كليا في الموضوعات التي قررت التصدي لها، سواء في ما خص ملفات حاكم لبنان المطلق رياض سلامه والمصرفي انطون الصحناوي ورجل الاعمال ميشال مكتّف. ويرى ان المزيد من الرؤوس يجب ان تكون في غربال المحاسبة،فإما تبقى فوقه او تسقط من بين ثقوبه.
ما كان أغنانا عن حركة القاضية عون ،لو ان للبنان قانونا لاستقلال قضائه ، ولو أن مجلس القضاء الاعلى قام بمهماته، فبادر ، وطحش، وكان هو القائم بثورة على ذاته والآخرين انتصارا لصدقيته ولحقّ لبنان واللبنانيين.
زر الذهاب إلى الأعلى