عياش يقرأ في شخصية ونفسية جعجع: إنفصام إلى حين
سمير جعجع، من الشخصيات القيادية اللبنانية التي طوّرت خطابها وحضورها ومحتوى واتجاه افكارها. عرفته الناس أثناء الحرب عسكريا صليبيا مشاغبا حتى ضدّ المسيحيين المعارضين لمواقفه. عرفته الناس آنذاك حاسما لأمره يميل الى البطش، ربما لأن مرحلة الحرب كانت تتطلب فرقة "قوة صدم" ودما و مجازر وقفزا فوق المشاعر والأحاسيس، فأمر بالقتل على الهوية وبالتنكيل والتهجير وبزرع العبوات الخ..
في السلم وبعد خروجه من السجن، عرف اللبنانيون شخصية قائد مختلف، مشبعة بهدوء وحكمة وتأنّي الراهب، دون أن يكون ثمة تبدل كبير في مواقفه الإستراتجية.
نجح في تقديم نفسه عبر ممثليه من نواب الى وزراء، ككوادر أخلاقية، تعرف كيف تقدم نفسها (تسويق).
لم يُعرف عنها فساد أو صفقات لا في العلن ولا في الكواليس، ما أضفى على القوات اللبنانية صفة جيدة في ذاكرة اللبنانيين حاليا، هذا جعل من سمير جعجع ان ينجح برهبنته المسيحية في تقديم نفسه كقائد في الحرب وكقائد في السلم، ولو أنه من الصعب وليس من المستحيل، ان يصدق أعداء الأمس، من تقاتل معهم من خلف الخطوط الحمر ومن خلف المتاريس أن نزعته التقسيمية كرأس حربة في خاصرة الأمة المكتئبة بعد ضياع فلسطين ،ما زالت حاضرة في باله وفي قلبه. من هنا، أهمية ان يوضح جعجع وبصراحة، موقفه النهائي من عروبة لبنان ومن تحرير فلسطين العربية، ومن توصيف إسرائيل كدولة مغتصبة لأرض عربية ومحتلة لأرض عربية بينها أراض لبنانية مئة بالمئة ،وبالتالي من المقاومة المشروعة. ربما هذا، يفتح دروبا سالكة و آمنة وسريعة نحو قلوب غالبية المسلمين والمسيحين العروبيين بالقناعة والإيمان، وليس بحكم الجغرافيا والمغلوب على أمرهم، كمثل حال القوات اللبنانية ومناصريها!
صحيح أن من كوادره الوزير ملحم رياشي صاحب شخصية الراهب المنفتح والهادئة، وشخصية الوزير غسان حاصباني المبتسم والمتفائل والقريب الى القلب والنظيف الكف، الا أن من رجالاته أيضا شارل جبور والوزيرة مي شدياق الانفعاليان-الطائفيان صاحبا الشخصية العسكرية الصدامية في الاعلام والتواصل والتخاطب ،العدوانيان مع الآخر، حفاري قبور الأحقاد التي يصعب ردمها إن صح التعبير .
من إذن يمثل القوات:شخصية جعجع العسكرية المتعطشة للدم أم شخصية الراهب عند السلم؟
صفوف القوات تعج بالشخصيتين ،والافضل تطوير شخصية الراهب المسالم، صاحب الحجة في الاقناع، الرسالي والداعي الى المحبة، المرغوب من الناس، دون ان ننسى ان أغلب اطفال المسلمين تعلموا ونشأوا في مدارس الراهبات ،ويكنون أعلى مراتب المحبة والاحترام للرهبان الأساتذة.
مع خالص التقدير .
*طبيب نفسي