عودة النازحين السوريين تصطدم بمعوقات دولية:أسباب سياسية أبعد من التبريرات الإنسانية والأخلاقية !
عوامل مستجدة تدفع لبنان إلى تفعيل عملية العودة
الحوار نيوز – خاص
ما تزال عودة النازحين السوريين من لبنان إلى ديارهم تصطدم بمعوقات دولية مختلفة ،آخرها موقف منظمة العفو الدولية (أمنستي) التي تعبر بشكل أو آخر عن الموقف الدولي.
وبشكل صريح جدا طالبت المنظمة أمس الجمعة لبنان، بوقف خططه لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بشكل جماعي. وقالت ديانا سمعان، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في “أمنستي” : “تعمل السلطات اللبنانية على توسيع نطاق ما يسمى بالعودة الطوعية، وهي خطة قائمة منذ 4 سنوات، في وقت أصبح فيه من الثابت أن اللاجئين السوريين في لبنان ليسوا في موقف يسمح لهم باتخاذ قرار حر ومستنير بشأن عودتهم”.
ورأت المنظمة في بيانها، أنه “لكي تكون عودة اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية طوعية فعلا، يجب أن تستند إلى موافقتهم الحرة والمستنيرة، إلا أن الظروف القاسية في لبنان تلقي بظلال من الشك حول قدرة اللاجئين السوريين على إعطاء موافقة حرة حقا”.
وكان الرئيس ميشال عون أعلن قبل يومين أن “مديرية الأمن العام ستبدأ بإعادة اللاجئين السوريين إلى ديارهم على دفعات اعتبارا من الأسبوع المقبل”، وفق بيان لرئاسة الجمهورية.
وقال المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إنه ستتم إعادة ألف و600 لاجئ سوري بعد موافقة الحكومة في دمشق.وأبلغ اللواء إبراهيم وفدا من نقابة المحررين الصحافيين أن عدد السوريين في لبنان يبلغ مليونين و80 ألفا،بينهم أكثر من مليون ونصف مليون نازح ،باعتبار أن نحو نصف مليون سوري يتواجدون في لبنان عادة للعمل منذ ما قبل الأزمة السورية.
آلية العودة
وهنا تجدر الإشارة إلى أن آلية عودة النازحين التي يتبعها لبنان تدحض التبريرات الدولية والموقف الأخير لمنظمة العفو ،حيث تحرص السلطات اللبنانية على عودة آمنة ومدروسة وحرة جدا ولا تعرض العائدين لأي خطر.
فقد فتحت المديرية العامة للأمن العام 27 مركزا على كامل الأراضي اللبنانية ،تتيح للراغبين بالعودة تسجيل أسمائهم بحرية كاملة.وكلما توفرت مجموعة من المسجلين تقوم السلطات اللبنانية بعرض هذه المجموعة على السلطات السورية لاستطلاع ما إذا كان أحد المسجلين مطلوبا بدعاوى قضائية أو أمنية.عندها تعود السلطات اللبنانية وتعرض على المطلوبين المفترضين خيار العودة من عدمها ،بحيث لا تجبر أحدا على العودة.
وتنفي السلطات السورية بشدة أن يكون أحد من العائدين قد تعرض لأي أذى ،خاصة وأن الرئيس السوري بشار الأسد أصدر أكثر من مرسوم عفو عن السوريين المطلوبين بدعاوى قضائية وفرار من التجند.
ويعتقد مصدر لبناني متابع أن الموقف الدولي يتجاوز التبريرات الإنسانية والأخلاقية المعلنة ،ويعتبر أن القضية سياسية بامتياز وتتعلق بالأزمة السورية بشكل عام وعدم رغبة المجتمع الدولي بمعالجتها.وقد حاول لبنان جاهدا معالجة كل التبريرات والذيول المتصلة بهذه القضية ،خاصة بالنسبة للمساعدات المالية الدولية التي تقدم للنازحين في لبنان، ولكن من دون جدوى.
قبل فترة إجتمع اللواء عباس إبراهيم بالمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي (UNHCR)وسأله: ما الذي يمنع تقديم المساعدات المالية للنازحين على الأراضي السورية بعد عودتهم إلى أرضهم؟
رد المفوض السامي بأن السلطات السورية لا تسمح للمفوضية بالتحرك بحرية على الأراضي السورية.
ذهب اللواء إبراهيم إلى سوريا وعاد بتعهد رسمي من السلطات السورية بالسماح للمفوضية بالتحرك بكامل حريتها في سوريا،وأبلغه الى فيليبو غراندي رسميا.ذهب الرجل ولم يعد.
في أي حال تعتقد السلطات اللبنانية أن ثمة عناصر وعوامل جديدة دخلت على خط عودة النازحين ،تدفع لبنان إلى إعادة تحريك وتفعيل هذه العودة .أبرز هذه العوامل تدفق النازحين في الفترة الأخيرة من جديد عبر البحر إلى الدول الأوروبية ،وهو ما يدفع هذه الدول إلى تخفيف التعقيدات وتحفيز لبنان على تفعيل عملية العودة ،وهو ما يعمل عليه الآن بالتنسيق مع السلطات السورية وفي إطار الآلية السالفة الذكر.
يؤكد المسؤولون اللبنانيون أن لبنان لن يجبر أحدا على العودة ،لكنه لا يستطيع أن يتحمل أعباء هذه الكمية من النازحين على أراضيه إلى ما لا نهاية،خاصة في ظل أزمته الاقتصادية الاجتماعية المعيشية.