عوامل الإنفجار في المنطقة قائمة “على حد السيف” ..إلا إذا ؟(واصف عواضة)
كتب واصف عواضة – خاص الحوارنيوز
لا يتوهمن أحد أن عوامل الإنفجار في المنطقة قد انتفت، سندا لاتفاق وقف النار على الجبهة اللبنانية ،بل قد تكون محاولة تهدئة هذه الجبهة واحدة من محفزات هذا الإنفجار الكبيرالذي لن ينجو لبنان من تبعاته.
وحده التفاهم الأميركي – الإيراني في عهد الرئيس الإميركي العتيد دونالد ترامب، قد يجنب المنطقة هذه الكأس المرة،لأن العنصر الأساسي للأهداف الأميركية – الإسرائيلية في المنطقة في هذه المرحلة، يركّز على العامل الإيراني وحلفائه، والذي يجري التعبير عنه ب”محور المقاومة”.
صحيح أن خصوم الولايات المتحدة ومنافسيها في المنطقة لا يُختصرون بالجمهورية الإسلامية الإيرانية ومحور المقاومة ،ومنهم روسيا والصين على وجه الخصوص،لكن الأميركيين تمكنوا من إشغال روسيا في حرب ضروس في أوكرانيا، وحاليا في سوريا وربما غدا في مكان آخر.كما أن واشنطن تبذل جهدا منقطع النظير في مواجهة الصين تجاريا، وتهدد استقرارها في حدودها الشرقية عبر تايوان.
هذا من جهة، ومن جهة ثانية لم يثبت خلال الحرب الضروس التي تخوضها إسرائيل بدعم مطلق من أميركا والغرب منذ أربعة عشر شهرا ضد محور المقاومة ،لم يثبت أن روسيا والصين كانتا على مستوى التعاطي الفاعل مع هذه الحرب ،ما عدا بعض المداخلات الدبلوماسية التي لم تقدم أو تؤخر في تطورات هذه الأزمة ،بل تركت إسرائيل تتصرف وما تزال على هواها في هذه الحرب.
وعود على بدء،
إن عوامل الإنفجار في المنطقة قائمة في المستقبل القريب ،وهذه أبرز مؤشراتها:
- كان رئيس الوزراء الإسرائيلي واضحا كل الوضوح عندما أعلن الدوافع الإسرائيلية للموافقة على اتفاق وقف النار مع لبنان ،وأحد هذه الدوافع التفرغ ل”الخطر الإيراني”. وهذا يعني بلا أدنى شك الإستعداد للحرب مع الجمهورية الإسلامية.ولو لم تكن الولايات المتحدة بإدارتيها الحالية والمقبلة منخرطة في هذه التهديدات لما تجرأت إسرائيل على مثل هذه التصرفات.
- قرار الولايات المتحدة بتعزيز القدرات العسكرية الإسرائيلية بأسلحة جديدة وفتاكة ،بعد تقنين مارسته في هذا الإطار منذ أيار الماضي.
- مضمون رسالة الضمانات التي وقعتها الإدارة الأميركية مع إسرائيل في شأن لبنان ،والتي تترك لإسرائيل حرية التحرك العسكري على الأراضي اللبنانية،على الرغم من إتفاق وقف النار المعلن وما يحتويه من بنود يكتنفها الكثير من الغموض(راجع مقالة نقيب المحررين جوزف القصيفي المنشورة في “الحوارنيوز” اليوم).
- تحريك الساحة السورية عسكريا في وجه النظام السوري، حيث تمكنت المعارضة السورية في “لحظة غفلة” من إجتياح مدينة حلب والسيطرة على معظم أحياء عاصمة الشمال السوري،ما يعني إعادة تفجير الساحة السورية وإشغال الحكومة السورية وحلفائها الإيرانيين والروس في حرب جديدة.
- إتجاه إسرائيل لتصعيد حملتها العسكرية على الضفة الغربية ،وسط أنباء وتصريحات علنية إسرائيلية تبشر بجنوح إسرائيل نحو إعلان ضم الضفة الغربية إلى الدولة العبرية، ونسف كل الاتفاقات الموقعة مع السلطة الفلسطينية.
- إتجاه إسرائيل نحو إلغاء قطاع غزة من الوجود وإعادة تثبيت إحتلالها للقطاع بعدما دمرته بصورة شبه كاملة ،وسط دعوات إسرائيلية لإعادة الاستيطان فيه،ما يعني وضع مليوني فلسطيني في غياهب المجهول ،قتلا وتهجيرا واعتقالا ووصاية مذلّة.
- إن إلغاء الضفة الغربية وغزة ونسف اتفاقات أوسلو ومحو السلطة الفلسطينية من الوجود ،يضع نحو سبعة ملايين فلسطيني في فلسطين التاريخية في عالم المجهول ،فلا دولة فلسطينية ولا حتى اندماج في دولة موحدة ولا حقوق مدنية إنسانية ،كل ذلك يشكل في حد ذاته عامل تفجير خطير ،لأنه “سيخرّج” مقاومة فلسطينية جديدة تحت الأرض،ستكون أكثر عنفا من مرحلة الستينات والسبعينات ،ولسوف “تترحم” إسرائيل والعالم على وديع حداد وعلي حسن سلامة وخليل الوزير وليلى خالد وأمثالهم.
أمام ما تقدم من المعطيات الواضحة والجلية والمعلنة ،هل ثمة شك بأن عوامل الإنفجار في المنطقة قائمة وبسرعة فائقة؟ وهل تعي الولايات المتحدة وإسرائيل مخاطر هذا الإنفجار على الكيان الصهيوني أولا ،وعلى مصالح الولايات المتحدة ثانيا؟
ثمة أمل بتجاوز الإنفجار وتجنيب المنطقة والعالم هذه المخاطر،وهذا الأمل يعتمد على “حكمة” الرئيس دونالد ترامب ،لا جنونه المعهود،وهو قادر على ذلك من خلال استراتيجية مثلثة الأضلاع تقوم على ثلاثة تفاهمات :
أولا: تفاهم عادل مع إيران يعترف بحضورها في المنطقة.
ثانيا: تفاهم مع روسيا على تسوية في أوكرانيا.
ثالثا: تفاهم مع الصين يقوم على تجارة متوازنة مع أميركا والغرب.
قد تكون هذه الآمال من باب الطوباوية ،لكن “قمة الجنون” تستولد أحيانا نوعا من “الحكمة” ..فهل يفعل ترامب؟