التعطيل والتأويل في نظام المحاصصة.. والضحية الليرة والمواطن (عماد عكوش)
بقلم د. عماد عكوش – الحوار نيوز
أقرّ المجلس النيابي مشروع قانون موازنة العام 2022 في جلسته المنعقدة في 26/9/2022 ، بأغلبية 63 نائبا مقابل معارضة 37 نائبا وامتناع 6 آخرين . وقد حولت الى رئاسة الحكومة للتوقيع عليها من قبل رئيس الحكومة وتوقيعها من قبل رئيس الجمهورية ليقوم بأصدارها ونشرها .
أن إقرار موازنة العام 2022 كان من المفترض ان تكون نقطة بداية في عملية الاصلاح المالي على ان يتبعها اقرار موازنة العام 2023 ضمن المهل الدستورية ،إلا ان الحكومة لم تنكب على دراسة هذه الموازنة والتي لم يتم تقديمها من قبل وزير المالية لغاية اليوم وبالتالي دراستها وتحويلها للمجلس النيابي في شهر تشرين اول .
وعطفا على موضوع موازنة العام 2022 التي صادق عليها مجلس النواب ومن خلال الاضطلاع على بنود الدستور يتبين لنا ان المادة 56 نصت على إصدار رئيس الجمهورية للقوانين خلال شهر من أحالتها للحكومة، وقد جاء النص على الشكل التالي :
المادة 56 – معدلة
يصدر رئيس الجمهورية القوانين التي تمت عليها الموافقة النهائية في خلال شهر بعد احالتها الى الحكومة ويطلب نشرها.
اما القوانين التي يتخذ المجلس قرارا بوجوب استعجال إصدارها، فيجب عليه ان يصدرها في خلال خمسة ايام ويطلب نشرها. وهو يصدر المراسيم ويطلب نشرها، وله حق الطلب الى مجلس الوزراء اعادة النظر في اي قرار من القرارات التي يتخذها المجلس خلال خمسة عشر يوما من تاريخ ايداعه رئاسة الجمهورية.
واذا اصر مجلس الوزراء على القرار المتخذ او انقضت المهلة دون اصدار المرسوم او اعادته يعتبر القرار او المرسوم نافذا حكما ووجب نشره.
هذا وقد تم ربط الموازنة بالدولار الرسمي والذي تم الاتفاق على رفعه الى 15000 ليرة لبنانية، والسبب هو ان زيادة النفقات في الموازنة يحتاج الى واردات والعامل الاساسي في زيادة هذه الواردات هو الدولار الرسمي والذي يتم على أساسه أحتساب الرسوم الجمركية ، والضريبة على القيمة المضافة ، ورسم الطابع المالي للعقود المنظمة بالعملات الأجنبية، ورسوم أخرى لن ندخل في تفاصيلها .
ان المصادقة على الموازنة تم في جلسة مجلس النواب المنعقدة في 25 أيلول من العام الحالي وتم تحويلها الى مجلس الوزراء ليتم توقيعها من قبل رئاسة الحكومة ورئيس الجمهورية ليتم أصدارها خلال مهلة شهر من تاريخ الاحالة وألا تصدر تلقائيا وتصبح نافذة .
لقد مضى لغاية اليوم أكثر من شهر على المصادقة عليها ولم يتم اصدارها في الجريدة الرسمية ،وهي النشرة الطبيعية التي يتم استعمالها لنشرها وفقا للقانون اللبناني ، وكالعادة في لبنان فإن كل المواد مطاطة وكل القوانين عرضة للتأويل والتفسير ،فهل القوانين الواردة في هذه الموازنة أصبحت نافذة على اعتبار ان المهلة القانونية للنشر قد مرت ،وكيف يتم أحتساب هذه المهلة ، فهل يتم أحتسابها من تاريخ المصادقة عليها من قبل مجلس النواب ، أو من تاريخ إحالتها الى مجلس الوزراء ، وهل يتم اعتبارها نافذة من تاريخ مرور الشهر حتى ولو لم يتم نشرها في الجريدة الرسمية ، أو من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية ؟
كلها أسئلة تحتاج الى أجابة وسرعة في التنفيذ. فالواقع الاقتصادي والنقدي لا يحتمل المزيد من التعطيل ومن هدر الوقت ، وما لم يتم أصدار هذه الموازنة ونشرها مرفقة بتعديل سعر الصرف الرسمي للدولارالاميركي ،فإن مخاطر أعادة تخبط سعر صرف الدولار في السوق السوداء سيكون قائما ، فهل سيتم معالجة هذا الواقع أم ان التأويل والتعطيل سيكون سيد الموقف كالعادة ؟