كارول شبلي تويني – الحوارنيوز خاص
أي حق دستوري هذا الذي يتمسك به الرئيس ميشال عون ويرى انه يعطيه حق تسمية الوزراء المسيحيين داخل الحكومة؟ وهل يجيز هذا الحق المحكي عنه لرئيس الجمهورية الذي أقسم اليمين على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه ان يعرقل امكانية الاصلاح المرجو في هذه الظروف المأساوية ويشهد على تدمير لبنان وتفككه وتجويع اهله واذلالهم وتعريضهم للفوضى العارمة من دون ان يحرّك ساكناً ،عوضاً من ان يتّخذ قراراً شجاعاً وصائباً يوقف انزلاق لبنان الى الموت المحتم؟ انه لواقع يشبه مشهد نيرون يقف مبتسماً وهو يغني ويعزف على قيثارته بينما روما تحترق!
انه مشهد فظيع ورهيب يوحي بنرجسية قاتلة تتحكم بالرئيس ما لم يكن قد فقد بعد أهليته للحكم وقدرته على التمييز .
لقد حددت المادتان ٥٣ و٦٤ من الدستور،بشكل واضح وصريح، دور رئيس الجمهورية في عملية تشكيل الحكومة وخصّتاه فقط بالتوقيع على مرسوم التشكيل(المادة ٦٤) واصداره( المادة ٥٣) فيما خصّ الدستور الرئيس المكلف باجراء الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة (المادة ٦٤).
اما “الاتفاق” مع الرئيس المكلف على اصدار مرسوم تشكيل الحكومة الوارد في المادة ٥٣ الفقرة ٤ فهو يُفسَّر من باب ضرورة عدم تعارض الاسماء المقترحة مع مصلحة الدولة التي اوكل الدستور امر حمايتها الى رئيس الجمهورية بموجب المادة ٤٩.
فمن أين استمد الرئيس حقه في اختيار اسماء الوزراء المسيحيين؟ وماذا ينفع الرئيس عون ولبنان خلق أزمة دستورية وهمية، فيما المطلوب اليوم هو اختيار اسماء مستقلة ومتخصصة لا تخضع ولا تذعن لمشيئة الاحزاب وزعمائها؟ وهل الوزراء المسيحيون الذين وعد الرئيس المكلف بانتقائهم من المستقلين واصحاب الكفاءة والاختصاص اقل مسيحية من اولئك الذين يطمح الرئيس عون الى توزيرهم؟
تقولون يا فخامة الرئيس بضرورة الحفاظ على التوازنات السياسية لانها تحفظ حقوق المسيحيين وتزعمون من اجلها امتلاك حق تسمية وزراء المسيحيين. لكنكم تتناسون ان الثورة قامت ضد كل هذه التوازنات. وفي وقت نحتاج فيه الى حكومة انتقالية تفرمل هذا الانهيار وتهيء لانتخابات نيابية تعيد بناء السلطة المهترئة تصرّون على حكومة انقاذية وتفشلون في تشكيلها وكل ذلك تحت شعار الحفاظ على حقوق المسيحيين.
لقد سكت اللبنانيون طويلاً عن هذا الوضع الشاذ والمستفز ولم يعد بامكانهم تحمل المزيد من هذه العبثية. لقد اضحت توازناتكم السياسية تهديداً خطيراً على لبنان في وقت يجتاح معظم اللبنانيين شعور عارم بأن وطنهم ليس منهوباً ومسلوباً وحسب، وانما محتل ويتم تغيير هويته اليوم بشكل ممنهج.
لقد آن الاوان لتتوقفوا عن المتاجرة بحقوق اللبنانيين وان تتخذوا موقفاً وطنياً يجنّب لبنان المزيد من الانحلال والتفكك ويخفف حدة الظلم عن كاهل اللبنانيين والاّ فإنتاريخ لبنان سيدوّن في سجلاته ان في عهدكم بيع الوطن بأبخس الاثمان.
زر الذهاب إلى الأعلى