عندما يدخل “التغييريون” في الزواريب السياسية (واصف عواضة)
كتب واصف عواضة – خاص الحوار نيوز
إنتهى الاستحقاق النيابي اللبناني،إنتخابا وقيادة وإدارة.سيطر أهل النظام السياسي على جميع مسالك البرلمان الجديد ،رئاسة ونيابة ومكتبا ولجانا.لم يجد “التغييريون” فرصة حتى لرئاسة لجنة أو مقرر لها.ولن يجدوا فرصة لتغيير النمط المجلسي السائد ما دامت عقيدتهم(أو بعضهم) تقوم على مبدأ النكد السياسي كما شهدنا مع فاتحة الجلسات المجلسية الأخيرة.
كنا قد نبهنا “نواب التغيير” في رسالة واضحة من الدخول في معارك الزواريب السياسية إذا كانوا فعلا يطمحون إلى التغيير.ليس المقصود هنا تسخيف مهمات ودور رئاسة المجلس وهيئة مكتبه واللجان النيابية.المقصود منهجية العمل النيابي والسياسي للتغييريين الذين ما يزال عودهم طريا أمام قوة النظام السياسي وأهله وأحزابه.
ولأن في الإعادة إفادة(ربما) فقد قلنا لهم:
“إن علة العلل تكمن في هذا النظام السياسي الطائفي البغيض، فلا تتركوا لخيولكم عنان الإنخراط فيه بأي شكل من الأشكال.فإذا كنتم تحلمون وتطمحون الى بلد ووطن ودولة وسيادة ،فإن هذا النظام لا يحقق شيئا من ذلك.ولا بأس أن تبدأوا من الطائف ودستوره ،فالمادة 95 بانتظاركم لتثبتوا صدق نواياكم”.
وقلنا لهم:
“بادروا الى اجتراح قانون انتخابي يصحح القانون الحالي الأعوج ،ويكون على مستوى البلد لا على مستوى الطوائف”.
وقلنا أيضا:
“ركزوا في تشريعاتكم على المشاريع المنتجة ،وفق رؤية إقتصادية سليمة (زراعة فصناعة فتجارة ،وليس العكس).فلا سيادة لدولة غير منتجة. وويل لأمة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تنسج”.
وقلنا أيضا وأيضا:
“اعملوا بصمت ،وإياكم ومغريات الإعلام وأساطينه.فلا تكبّروا حجركم إلا بما فيه الصالح العام،وإياكم أن تأخذكم العزة بما حققتموه ،فأنتم في بداية الطريق.هي خطوة في رحلة الألف ميل ،فاخطوا بتأن وحكمة وحذر”.
وقلنا أيضا:
“تجنبوا استفزاز زملائكم في البرلمان على قاعدة النكد السياسي ،فلا شك أن بينهم كثر يحلمون بوطن نظيف ويؤمنون بالقواعد السالفة الذكر.وابتعدوا عن الشخصنة كي لا تأكلوا بعضكم بعضا ،كما توقع ذلك “المرشد الأميركي” شينكر ،سليل “تاجر البندقية”.
هذا بعض مما قلناه نتيجة تجارب جيلنا الفاشلة مع هذا النظام السياسي.ربما لم تقرأوا،وربما قرأتم ولم تفهموا أو تتفهموا.لقد أخذتكم العزة بخطوة فرض الانتخاب لأول مرة في مجلس النواب بدل التفاهمات الجاهزة ،فلم تفشلوا فقط في إختراق اللجان المحضّرة مسبقا،بل فشلتم أيضا في امتحان تسفيه “الديموقراطية المجلسية السائدة”،فانتصر عليكم الآخرون ..وبالديموقراطية.
ربما نجحتم في أمر واحد مهم لعله يكون عبرة لكم.لقد اكتشفتم “التغيريين المزيفين” الذين حملوا اللواء وتعمشقوا هذا الجدار السميك،ونفضوا أيديهم من دم هذا النظام ،مع العلم أنهم أكثر من شركاء ،بل هم من المؤسسين الفعليين .
مرة أخرى ،لسنا من وعّاظ السلاطين ،
فقط كلمة مكررة:لا تضيّعوا جهدكم سدى.نريد أن نعوّل عليكم،أو على بعضكم..ولكن!