رأيمن هنا نبدأ

عندما يأخذ اليمين اللبناني البلد الى الهاوية مرة أخرى!(حسن علوش)

 

حسن علوش – الحوارنيوز

عندما تحدث المفكر مهدي عامل عن أولوية لدى الأنظمة العربية الحاكمة تتمثل بضرب الأحزاب الثورية (التغييرية) وأحزاب حركة التحرر العربي، كمقدمة لا بد منها لتصفية القضية الفلسطينية، لم يكن كلامه عبثاً أو نظرياً، بل كان يستند الى مسار طبيعي تسلكه هذه الأنظمة دفاعا عن مصالحها الوطنية على حساب فلسطين والقضية القومية.

والأنظمة العربية، على تلاوينها الشكلية، إلا أنها في جوهرها أنظمة يمينية تمثل بنية إجتماعية تربطها بالأمبريالية علاقة تبعية بنيوية”. ولهذه الأنظمة، إمتداد لبناني تشابكت مصالحهما، وصارت الأحزاب اليمينية المسيحية هي الممثل الشرعي لهذه الأنظمة من دون سواها.

تخوض هذه الأحزاب اليمينية المسيحية، باعتبارها أحزابا طائفية، معركتها الوجودية في وهج انتصار الأنظمة الرجعية العربية على أنظمة عربية أخرى، استبدت في الداخل، لكنها لم تبلغ مرحلة بيع القضية القومية أو التنازل عن الحقوق السيادية والوطنية في مفاوضاتها مع العدو الاسرائيلي.

تعيد الأحزاب المسيحية اللبنانية تجربة تمسكها بالنظام الطائفي الذي كان سائدا قبل الطائف (المارونية السياسية)، والهدف هذه المرة يتمثل في اعادة عقارب الساعة الى الوراء، واسقاط وثيقة الوفاق الوطني المعروفة باتفاق الطائف بالضربة القاضية، بعد أن نجحت في تجميد مضمونها الاصلاحي الذي كان من الممكن أن يؤسس لدولة المواطنة الفعلية…

أمام هذا المشهد، سيكون لبنان واللبنانيون أمام مرحلة جديدة من الفوضى السياسية، مع ترشيح تحولها الى فوضى أمنية اذا ما انعقدت مصالح الاحتلال جنوبا مع دعاة التنازل له في الداخل، وهي في طريقها الى الانعقاد…

وأمام هذا المشهد أيضاً، لا تستقيم الدعوات الى رفض التدخل بالشؤون الداخلية للبنان التي تساوي بين التدخل الاميركي الحقيقي والتدخل الإيراني الافتراضي، تحت عنوان الوسطية يدمج البعض بين تدخلين بصورة غير واقعية.

فالتدخل الأول ظاهر للعيان، أما التدخل الثاني فافتراضي وغير حقيقي.

المقاومة في لبنان لم تكن، تاريخيا، نتيجة تدخل خارجي أو مصالح خارجية، لا في بدايات سبعينيات القرن الماضي، ولا خلال المواجهات التي حصلت أبان الاجتياحات الاسرائيلية المتكررة، بل كانت نتيجة شعور بالواجب الوطني اولا وأخيرا.

واذا كانت المقاومة قد تعرضت لخسارة واحدة من معاركها نتيجة اختلال ميزان القوى الاقليمي وانهيار النظام السوري، وجلاء الموقف الرجعي العربي الملتحق بالمصالح الاميركية، فهذا لا يعني أن قضيتنا الوطنية ليست عادلة، وأن بات عكس الحقائق أمر طبيعي.

قضيتنا في غياب الدولة عن الجنوب منذ الاستقلال، وليست كما يحاول البعض تصويرها وكأن الجنوب مختطف من قبل الأحزاب اليسارية سابقا والثنائي حاليا.

قضيتنا بأن البعض لا يريد للبنان أن يتحول الى وطن بل أن يبقى مزارع مذهبية لضمان امتيازاته.

قضيتنا أن البعض في الداخل هو شريك في مشروع محاصرة قوى المقاومة سياسياً، ولهذا السبب يتحمس اليوم لمشاركة غير المقيمين في الإنتخابات النيابية، لا حبا بالمغتربين وحرصاً على المساواة.

لم يتعلم اليمين المسيحي من تجربة الحرب المشؤومة في العام 1975، ولم يتعلم من تجربة اجتياح العام 1982، وها هو يقود البلد بالتنسيق مع المحور الاميركي – الإقليمي مرة أخرى الى الهاوية!

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى