عندما تفقد بكركي دورها في الحوار الوطني(حسن علوش)
حسن علوش – الحوارنيوز
تعطيل الحوار في لبنان كوسيلة سلميّة لحلّ النزاعات السياسية في ظلّ فراغ المؤسسات وصمت الدستور، يؤدّي إلى حلّ النزاعات بالطرق غير السلميّة ويشرّع الباب على التدخّلات الأجنبيّة.
في أوقات المحن الوطنيّة في لبنان، ينتظر الجميع مبادرة البطريركية المارونية لعقد قمّة روحيّة تجمع رؤساء الطوائف بصدد تهدئة الصراعات السياسية وتحكيم لغة العقل وطمأنة النفوس. منذ فترة، غابت القمّة الروحيّة أو تمّ تغييبها. وهنا تطرح تساؤلات عن غياب بكركي كراعٍ أساسي للحوار السلمي.
لقد نجح السياسيون بالتعاطي مع البطريركية كمرجعية سياسية، ونجحوا للأسف بتحويلها طرفاً سياسياً أصبح له أخصام لدودون من دون أيّ مجهود. وقد أثّر هذا التموضع القسري لبكركي على حجم شموليّة مرجعيتها في الشارع المسيحي، فوصل الأمر بعجز غبطة البطريرك على جمع أبنائه من القيادات المسيحية على طاولة واحدة مهما كان سقفها.
انعكس واقع البطريركية بسبب التنافس المسيحي-المسيحي الحاد سلباً على المستوى الوطني. ذهب البطريرك بعيداً في خطابات سياسية غير مدعّمة لا مسيحياً ولا وطنياً ،فترك لوحده في ساحة الحياد السلبي. ووصل سقف خطاب البطريرك السياسي إلى شنّ هجومٍ على المقاومة، أدّى إلى امتعاض القيادات الروحية من الطائفة الشيعيّة، وانجر الطرفان إلى السجال السياسي غير الروحي وغير الوطني.
حادت بكركي عن دورها المرجعي فكان ثمن ذلك تعطّل القمم الروحيّة؟
والأكثر غرابة أن بكركي قفزت فوق قيم الإرشاد الرسولي من أجل لبنان للبابا القديس يوحنا بولس الثاني وخارج الإرشاد الرسولي للشرق الأوسط للبابا الراحل بنيديكتوس السادس عشر.
لماذا لم تعد البطريركية جسر حوار ما بين المسيحيين والمسلمين؟ وحتى ما بين المسلمين؟ لماذا التخلي عن هذا الدور الريادي لصالح دور فئوي لا يخدم المسيحيين، بل بالعكس يجعلهم طرفاً في نزاعٍ هم بغنى عنه؟
هل يعود الكردينال الراعي من روما، ويفتح صفحة جديدة ويمدّ يده لإخوانه رؤساء الطوائف للجلوس على طاولة والتفكير بمسؤولية عن كيفية إنقاذ هوية لبنان؟
ألا يستدعي انهيار الدولة، “إماتة” ومبادرة من صاحب الغبطة للشروع بإنقاذ أبناء بلده من المؤامرات؟ لا يكفي أن تكون أبواب بكركي مفتوحة للجميع، بل أن يكون قلبها أيضاً مفتوحاً لسماع شجون ومخاوف الشركاء الحقيقيين بالوطن. إنّ تعطيل دور بكركي في الحوار كان بداية المؤامرة. هل من يتّعظ؟
نقول كلامنا هذا من موقع الحرص على دور بكركي الوطني في وقت قدمت الأحزاب المختلفة أولوياتها الفئوية على الأولويات الوطنية.