رأي

عندما تخرج الحروب عن المحرمات والممنوعات والخطوط الحمر؟!(واصف عواضة)

 

كتب واصف عواضة- خاص الحوار نيوز

لعل أخطر ما في الحرب التي تقودها إسرائيل على غزة منذ نحو ثلاثة أشهر، أن أخبارها اليومية في نظر الكثيرين، صارت أو كادت أن تكون عادية ومُملّة ،على الرغم من حجم الشهداء والمصابين الفلسطينيين والدمار اللاحق بالقطاع،وذلك على قاعدة : “وصرت إذا أصابتني سهام- تكسرت النصال على النصال”.

فعلى مدى اربع وعشرين ساعة ،ليل نهار، باتت الأخبار تحمل نفس العناوين :قتل ،دمار ،خراب ،تصريحات إسرائيلية مكررة تهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور.

الفلسطينيون في غزة بات عندهم الموت والحياة سواء بسواء،وصار البحث عن رغيف خبز أو نقطة ماء ،أكثر أهمية من مصيرهم ،مُسلِّمين أمورهم إلى الله ،وإلى مقاومتهم الباسلة التي ما زالت تقاتل على كل محاور القطاع. لقد خسروا الكثير الكثير في الأرواح والأنفس والممتلكات،لسان حالهم  “لا يضير الشاة سلخُها بعد ذبحِها” على حد القول المأثور، و”ما لجرح بميت إيلام” كما يقول أبو الطيب المتنبي.

حتى الإسرائيليين أنفسهم،تغلغل الملل واليأس إلى صفوفهم،بعدما أوهمتهم قيادتهم السياسية والعسكرية ،أن غزة لقمة سائغة يمكن إبتلاعها بسرعة ،وأن حماس والمقاومة الفلسطينية في القطاع مجرد عصابة يمكن إجتثاثها من الجذور بأقل كلفة،لكنهم باتوا بعد ثلاثة أشهر يضربون أخماسا بأسداس بعدما فشلت آلتهم العسكرية في تحقيق أي هدف من الأهداف المعلنة للحرب، وراحوا يحسبون ألف حساب،ليس لنهاية الحرب ليعودوا إلى حياتهم الطبيعية ،بل لمستقبل وجودهم في هذه المنطقة.

أما الرأي العام العربي والعالمي فصارت أخبار الحرب بالنسبة إليه كأي برنامج تلفزيوني مسلٍّ ،أو كنشرات الأخبار التي تتكرر يوميا على الشاشات،بعضه يتألم ويتأسف شفقة على أهل غزة ،وبعضه الآخر لا يبالي بما يحصل وكأن ما يجري في غير دنياه ،اللهم إلا بعض التظاهرات الإحتجاجية التي لم تغن ولم تثمر في أنظمة ينتابها التخلي أو العجز أو التآمر.ولولا قبس مقاومات داعمة في لبنان والعراق واليمن تصدت لجرائم العدو،لما حفل العالم بما يجري في غزة،ليس حرصا على شعب يباد جماعيا ،وإنما تخوف هذا العالم من اتساع رقعة الحرب وتأثر مصالحه في المنطقة بسعيرها.

ثمة من يرى أن مرد هذا الواقع المزري ،يعود أولا وآخرا،إلى أن إسرائيل كسرت في حربها على غزة كل قواعد الحروب وخرقت الخطوط الحمر،قتلا وتدميرا وتجويعا وانتهاكا وعنصرية،تحت شعار “حق الدفاع عن النفس” الذي منحتها إياه دول تدعي الحريات والديموقراطية وحقوق الإنسان.وبناء عليه خرجت هذه الحرب من دائرة المحرمات والممنوعات ،وصار كل شيئ ،أي شيئ، مباحا ومحللا بالنسبة لإسرائيل،وعاديا بالنسبة للمشاهدين.

في الخلاصة ،الحرب مستمرة ،ولا يعرف أحد موعدا لنهايتها ،لكنها ستنتهي يوما ما حتما،ولن يكون ما بعدها كما قبلها ،وأيا كانت نتائجها فثمة شيئ قد تغيّر،فلا إسرائيل ولا العالم العربي والدولي،ولا أحد يمكنه أن يتجاهل ما حصل في السابع من أكتوبر، وما يزال يحصل ،ومن يعش ير..

كل عام وأنتم بخير.    

   

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى