عرفت عناية جابر أول مرة في أواسط الثمانينات في فرقة نبيه الخطيب للموسيقى العربية كواحدة من مطربي الفرقة التي ذاع صيتها في لبنان والعام العربي.لكن عناية الصبية الحلوة المرحة التي تعددت مواهبها ،ككاتبة وشاعرة وفنانة تشكيلية،بقيت صورتها في خيالي وذهني في دار الأوبرا المصرية في القاهرة وهي تؤدي رائعة أم كلثوم “غنيلي شوي شوي” وسط جمهور يتمايل طربا وتصفيقا وإعجابا.
هذا الصباح صدمني نبأ وفاتها في اتصال من الزميلة دلال قنديل ،فاتصلت بصديقنا وزميلنا المشترك عبيدو باشا الذي أكد لي النبأ المفجع،حيث وجدت ليلا وقد هوت في أرض منزلها جثة هامدة.
رحلت عناية وحيدة بعدما ملأت ساحتها ضجيجا،وأتحفت أصدقاءها الكثر بمواهبها لأكثر من أربعة عقود من الزمن ،وهي المولودة في بيروت عام 1958 ،وتعود جذورها الى بلدة السلطانية في قضاء بنت جبيل بجنوب لبنان حيث تلقت علومها الأولى، بعدها تابعت دراستها ونالت إجازة في العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية.
كتبت عناية في جريدة “السفير” وفي القدس العربي في الشأن الثقافي والفني. بالإضافة إلى ذلك فهي فنانة تشكيلية و مغنية أحيت عدة حفلات مع فرقة نبيه الخطيب، منها في دار الاوبرا المصرية ،إيطاليا ،الاونسكو، الجامعة الاميركية، مسرح المدينة -لبنان وفي عدة عواصم عربية واجنبية.
في الشعر لها:
طقس الظلام
مزاج خاسر
ثم انني مشغولة
استعد للعشاء
امور بسيطة
ساتان أبيض
جميع أسبابنا
لا أخوات لي
عروض الحديقة
في عددها الصادر اليوم كتبت الزميلة زكية الديراني في جريدة “الأخبار”عن عناية جابر بعنوان “رحيل صادم”:
“إذا لمست قلبي ولو بريشة يصرخ من الألم”، عبارة أخيرة دوّنتها الشاعرة والتشكيلية عناية جابر (1958 – 2021) على صفحتها الفايسبوكية، قبل أن ترحل فجر اليوم. تدوينة ما لبثت أن انتشرت بين محبيها، وتحوّلت الى رثاء. هكذا، وبهدوء تام، رحلت جابر عن 63 عاماً، تاركة حالة من الصدمة والحزن في الوسط الثقافي.
وللشاعرة اللبنانية باع طويل في الأدب والثقافة والفن التشكيلي وحتى الغناء، فقد جمعت هذه الميادين بكفة واحدة، على مدى أربعة عقود من الزمن. بدأت رحلتها عام 1994، مع إصدارها ديوان «طقس الظلام» لتتسع في ما بعد رقعة اصدارتها، من «مزاج خاسر»، «ثم أنني مشغولة»، «استعد للعشاء»، و«أمور بسيطة»، و«ساتان أبيض»، و«جميع أسبابنا»، و«لا أخوات لي»، و«لا أحد يضيع في بيروت».
جابر التي تلقت علومها الأولى في مسقط رأسها «السلطانية» (جنوب لبنان)، استكملت دراستها لتنال إجازة في العلوم السياسية من «الجامعة اللبنانية»، وتدخل بعدها عالم الصحف والدوريات المحلية والعربية، وتكتب كناقدة في الشأنين الثقافي والفني. الى جانب تمرّسها في عالمي الكتابة والشعر، اتجهت صاحبة «ساتان أبيض»، الى عالم الغناء، وقامت بتقديم عدد من الأغاني القديمة بصوتها المرهف أمثال :«يا ليلة العيد»، و«ما دام بتحب بتنكر ليه»، و«على خده يا ناس ميت وردة»، على مسارح «الأونيسكو» و«المدينة» و«دار الأوبرا» المصرية. عرفت جابر بمناخاتها الشعرية التأملية والتعبيرية التي تأخذنا الى عوالم العزلة والإنكسار وأحوال الجسد بعد الإشتياق والحنين، بلغة مرهفة وجريئة في آن معاً.(انتهى)
رحم الله عناية جابر ولروحها السلام ،وخالص العزاء لعائلتها الكريمة وللأصدقاء.
ولذكراها الطيبة ، أغنية “يا فجر لما تطل” التي أنشدتها بصوتها ذات يوم.