عمى استخباراتي إسرائيلي:أين ومتى وكيف سيرد حزب الله؟
محمد صادق الحسيني
العالم كله مشدود بابصاره وآذانه الى حارة حريك حيث كلمة السر عند صاحب اليقين و سيد الصمت القاتل والكلام الفاصل.. .!فيما الكيان الصهيوني منقسم على نفسه افقيا وعموديا كما لم يحصل منذ قيامه…
التظاهرات العنيفة تحيط بحكومة تعيش اشد حالات ضعفها …
والكورونا تحاصر كل الرموز الحاكمة في تل ابيب موجة بعد موجة …
والمستشفيات مزدحمة الى درجة الاختناق ..
ومليون عاطل عن العمل
وأزمة اقتصادية حادة
ورئيس العصابة الحاكمة يترنح وغارق حتى عنقه في مشاكل قانونية وسياسية حادة…بعدما جاءت خطوته بالهروب بمشاكله الى خارج الكيان من خلال العدوان على محيط مطار دمشق قبل ايام لتزيد استفحال ازمته على عكس ما كان يخطط…
ويبقى الكل مشدوداً بعيونه الى الشمال والرد المرتقب لحزب الله …
في هذه الاثناء يقول رئيس "معهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي "اللواء احتياط عاموس يادلين:
إن الجيش الإسرائيلي يتجهز لاحتمال أن يشن حزب الله هجوما على أهداف إسرائيلية ..
ويضيف وفق القناة 7 العبرية: "الحساب معروف، وقد يتصرف حزب الله باتجاه خطير ما سيلاقي ردة فعل من الجيش منذ اللحظة الأولى لأي هجوم، مبينا أن الرد سيكون تكتيكيا وديناميكيا. …!
ولكن فجأة تأتي الاوامر لوزراء الكبينت والجميع: توقفوا حالًا وفورًا عن الحديث بما يحدث في الشمال.
تقديرنا انهم يتخبطون وان ردهم على هجوم من حزب الله سيكون محدوداً، هذا ان حصل ، وفي حال قيام حزب الله بالرد على ردهم وقام بتوسيع رده فانهم سيوسعون تحركهم بواسطة القصف الجوي ولكن داخل فلسطين المحتلة .
وتقديرنا ان ذلك بسبب خشيتهم من سيناريو قيام حزب الله بالتقدم داخل الجليل ،وهو ما دفعهم لاخلاء المنطقه الحدودية كي يفسح المجال لسلاح الجو بتدمير قوات الحزب التي يتوقعون دخولها اليها ما سيضطرهم لتوسيع قصفهم الجوي هناك …
هذا ما اراد قوله يادلين وهذه هي خطتهم …
المعنيون بقراءة الموقف من جانب محور المقاومة بالمقابل يؤكدون بان خططهم كلها ستكون فاشلة وعقيمة ، لان جيشهم وجمهورهم في مثل هذا السيناريو سينهاران بعد اول مجموعة صواريخ تطلق على تل ابيب
وحيفا…!
من جهة اخرى قالت مصادر عسكرية متابعة لجبهة الشمال – الجنوب ، بان طبيعة اعادة الانتشار العسكري والامني الاسرائيلي في جبهة الشمال في ظروف التوتر العسكري والسياسي العام ، بين محور المقاومة والمحور الاميركي والمواكبة لزيارة قائد هيئة الاركان الاميركيه ، الجنرال مارك ميلي للكيان الصهيوني ، ما يلي :
1. ان زيارة الجنرال مارك ميلي للكيان جاءت بناءً على طلب اسرائيلي ، انطلاقاً من تقديرات الاركان العامه الاسرائيليه العاجزة عن تحديد نوع رد حزب الله ، والتي لم تستثنِ اي احتمال بشأن رد الحزب ما يعني ان الاركان الاسرائيليه ليس لديها اي تقدير واضح حول ما اذا كان الرد سيكون من الجو او في الجو او في البحر ام رداً صاروخياً ضد القوات البرية الاسرائليه ، كما ان لا يقين لديها من ان الرد لن يكون من ايران مباشرة مثلاً ، بعد اعتراض الطائرة المدنية الايرانية ، او من سورية التي تتعرض اراضيها لقصف جوي وصاروخي اسرائيلي متواصل .
وهذا يعني في العلم العسكري باختصار ان العدو يعاني من
"عمى استخباراتي" …!
2. ان الهدف من طلب الجيش الاسرائيلي زيارة رئيس الاركان الاميركي هو بحث مدى التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن "اسرائيل " في حال قيام قوات حلف المقاومه برد عسكري واسع النطاق ، وهو ما أكد عليه ، عملياً وبشكل مباشر ، وزير الحرب الاسرائيلي ، الجنرال بني غانيتس ، عندما قال للصحفيين ، بعد اجتماعه مع الجنرال كيللي مباشرة ، بان قائد الاركان الاميركي ، قد اكد للطرف الاسرائيلي ، خلال الاجتماع به ( وزير الحرب ورئيس الاركان الاسرائيلي ورئيس الموساد وقائد شعبة الاستخبارات العسكريه في الجيش الاسرائيلي ) على ما يلي :
-يجب مواصلة الضغط على ايران ووكلائها . ولا ننصح احداً بتجربة قوة "اسرائيل" ( ما يعني انها رسالة طمأنة رقم واحد – المترجم ) .
-اننا لا نسعى لاي تصعيد ( الجنرال ميللي يقول ذلك ) ولكننا سوف نقوم بكل عمل ممكن لحماية امن المواطنين الاسرائيليين ، على كل الصُعُد وتحت كل الظروف . ( رسالة طمأنه ثانيه للاسرائيليين واخرى طلب تهدئة من حلف المقاومة يقول فيها ان الاركان العامة المشتركه للجيوش الاميركيه ليست لديها النية في تصعيد عسكري مع حلف المقاومه – المترجم ) .
٣)وللتأكيد على الطبيعه الحقيقيه لزيارته ، فقد قام الجنرال كيللي بزيارة قاعدة نفتاڤيم الجويه الاسرائيليه ، الواقعه بالقرب من مدينة بئر السبع بجنوب فلسطين وتفقد منشآتها ، ولم يقم بزيارة الجبهة الشماليه .
فماذا يعني ان الزيارة ، ذهبت باتجاه هذه القاعدة الجويه الاسرائيليه بالذات ، البعيده عن الجبهه الشماليه ، وما هي اهدافها !؟
4. ان الاجابة على التساؤل اعلاه تكمن في ان هذه القاعدة تضم بطاريات الدفاع الصاروخي الاميركيه المولدة للصواريخ ، من طراز ثاد THAAD ، والذي تم نشره في هذه القاعده بتاريخ ٣/٣ /٢٠١٩ حسب تصريح رسمي ، ادلى به الناطق العسكري الاسرائيلي ، الكولونيل جوناثان كونريكوس ( Leutnant Colonel Jonathan Conricus ، واعلن فيه وصول تلك البطاريات الاميركيه الى القاعده وبدء تشغيلها .
اذن فزيارة هذه القاعده تعني ، ان الجنرال ميللي اراد ان يقول لمضيفيه الاسرائيليين بان الولايات المتحده جاهزة للدفاع عنكم في حال تعرضكم لهجمات صاروخيه ايرانيه ( نظام الدفاع الصاروخي يتعامل مع الصواريخ الباليستيه القادمة من الفضاء ) .
5. اما ما يؤكد ان طبيعة زيارة الجنرال الاميركي هي طبيعة زيارة طمأنة وليست زيارة اعلان حرب .فهو ان محادثته مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ، نتن ياهو ، قد تمت عبر الدائرة التلفزيونيه المغلقه ، وليس بشكل مباشر . ولا اعتقد اطلاقاً ان من يريد التخطيط لحرب واسعة ، ضد محور المقاومة ، بالتعاون مع قاعدته العسكرية المسماة "اسرائيل" لا يجتمع مع رئيس وزرائها ، ولمدة طويلة وجهاً لوجه ، وذلك لان من سيتخذ قرار الحرب كما يفترض هم ليسوا الضباط الاسرائيليين ، الذين التقاهم الجنرال ميللي ، وانما نتن ياهو نفسه .
اذن فهذا دليل آخر على ان هدف الزياره تبديد الرعب ، الذي يعيشه قادة "اسرائيل" السياسيين والعسكريين ، من قبل سيدهم الاميركي ، خاصة وانه بات يعرف انهم وجيشهم لا يشكلون مصدر ثقة وانتصارات بل وانهم لم يسجلوا سوى الهزائم ، منذ ما بعد سنة ١٩٦٧ وحتى اليوم وليس في الافق انهم سينجزون انتصاراً حتى آخر يوم مما تبقى في عمر دويلتهم .
6. اما بخصوص ما يتردد حول رفع حالة التأهب والحشود الاسرائيليه على الجبهة الشماليه ، فلا بد من توضيح النقاط التاليه :
أ) ان قيادة الجيش الاسرائيلي لا تمتلك ادنى حدٍ ، لا عن طبيعة رد حزب الله ، ولا عن حجمه . وهو ما جعل شعبة الاستخبارات العسكريه الاسرائيليه تتخذ قرارات بتكثيف عمليات الاستطلاع ، لكافة قواطع العمليات في جنوب وجنوب شرق لبنان البقاع الغربي وصولاً الى الهرمل ) ، بواسطة الطائرات المسيرة وليس بواسطة قوى الاستطلاع البشريه ، خوفاً من وقوعهم في أسر قوات حزب الله .
ب) ان قيادة الجيش الاسرائيلي قد الغت مناورةً ، كانت مقررة ، في الجولان السوري المحتل ، خوفاً من استفزاز الجيش السوري وقوات حلف المقاومه الاخرى ، على الجبهتين اللبنانية والسورية .
ج) ان القياده العامة ، لهيئة الاركان الاسرائيليه ، قد اصدرت أمراً لكافة وحداتها ، العاملة على طول الجبهة الشماليه ، وصولاً الى مزارع شبعا وتلال كفار شوبا ، باخلاء كافة مواقعها وسحب كافة آلياتها بعمق ٦ كيلو مترات ، كي لا تكون هذه الوحدات اهدافا سهلةً لرد حزب الله المؤكد ، حسب تقدير القيادة العسكريه الاسرائيلية .
ج) ان اي قيادة عسكريةٍ تخطط لعمليات هجومية ، داخل ارض العدو ، لا يمكن لها ان تقوم باخلاء مواقعها الاماميه ، التي تشكل رؤوس جسور للقوات البرية والمدرعة ، التي يفترض ان تتقدم باتجاه الاهداف المعاديه لاحتلالها والتثبت فيها .
اما قيام هيئة الاركان العامه الاسرائيلية باتخاذ الاجراء المعاكس تماماً فانه يعني انها تطبق خطةً دفاعيةً ، تتمثل في سحب وحداتها من تحت النيران المباشره لقوات العدو ( الصواريخ المضادة للدروع ومدافع الهاون والمدفعيه المباشره ( عديمة الارتداد كالمدفع ١٠٦ ملم ) والتي تغطي عمق الستة كيلومترات ، وذلك بهدف اقامة ما يطلق عليه في التعبيرات العسكريه : عُقَدْ مقاومه دفاعيه ، بهدف وقف تقدم قوات العدو ( حزب الله في هذه الحاله ) الى عمق اكبر ، وذلك لافساح المجال امام سلاح الجو الاسرائيلي للتعامل مع القوات المهاجمة ووقف تقدمها وتلافي دخول القوات البريه والمدرعة في معارك مباشره مع مقاتلي حزب الله ، والتي لن يكون الطرف الاسرائيلي قادراً على تحقيق اي مكسب من وراءها .
د)اما اذا كان البعض يعتبر قيام الاركان العامه الاسرائيليه بوضع ، الكتيبه رقم ١٣ في لواء غولاني ، بتصرف قيادة الجبهة الشماليه بمثابة حشد اسرائيلي لتنفيذ " عمليه كبيرة" ضد حزب الله في جنوب لبنان ، فهو على خطأ كبير ، ذلك لان اي عملية اسرائيليه ، من هذا الحجم ، تحتاج الى ٥-٦ فرق كاملة كي تتمكن من بدء هجوم كبير ، وبغض النظر عن تفاصيل عمليات الكر والفر ، فان مثل هذه العملية ستؤول بكل تأكيد الى الهزيمة وليس فقط الى الفشل بحسب اعتقاد المحللين العسكريين المختصين.
7. وبالعودة الى مايتعلق بخصوص وصول حاملة الطائرات النوويه الاميركيه ( يطلق عليها نوويه لانها تعمل او تسير بالطاقة النوويه وليس بانها تحمل اسلحة نووية بالضروره ) ، ثيودور ايزنهاور ، مع مجموعتها القتالية ، المؤلفه عادة من ١٠-١٢ سفينه حربيه ، تضم مدمرتين وفرقاطتين وطرادين وسفينتي انزال وسفينة او سفينتي تزويد وامداد وزورقي صواريخ ، وغير ذلك ( مثل سفن ورشات الصيانه او سفن المستشفيات ) ، التي وصلت ، عبر قناة السويس ، الى البحر المتوسط ، حيث ستتمركز هذه القوه جنوب شرق جزيرة كريت اليونانية ، فان السبب الحقيقي ، وراء هذه الخطوة الاميركيه ، فهو امر لا علاقة له اطلاقا ، باحتمالات عمل هجومي امريكي اسرائيلي مشترك ضد حلف المقاومه ، وانما هو عباره عن عملية " حفظ سلام " امريكي في شرق البحر المتوسط .
وللمزيد من الدقة والتوضيح فان سبب نشر هذه القوة في تلك المنطقه وفي هذه الظروف بالذات يتعلق بالنزاع التركي اليوناني على الحدود البحرية وبالتالي على الثروات النفطية والغازية في شرق المتوسط .
8. فكما هو معروف ، فان سفينة التنقيب عن النفط التركيه " أوروك رايز " ( Oruk Reis ) ، التي كانت راسية في ميناء انطاليا التركي حتى صباح اليوم ، قد تحركت باتجاه جزيرة كاستيلريزو ( Kastelrizo ) اليونانيه ، التي لا تبعد سوى اربع كيلومترات عن الشواطئ التركيه ، حيث ستقوم هذه السفينه التركيه باجراء عمليات دراسه ومسح بحثًا عن مكامن النفط والغاز ، في مياه هذه الجزيره اليونانيه ، اضافة الى مياه جزيرتي رودوس وكريت ، التي تعتبر تركيا ان من حقها التنقيب في مياههما . وهو الامر الذي اشعل توترات بحرية كبيره ، بين تركيا واليونان ، تنذر بنشوب حرب بين الدولتين الاطلسيتين . وهو الامر الذي دفع المستشاره الالمانيه ، انجيلا ميركل ، بمهمة وساطة عاجلة ومكثفه ، بين اليونان وتركيا ، وذلك لمنع وقوع حرب ، بانتظار وصول القوه البحريه الاميركيه الضاربه ، التي ستكون بمثابة قوات فصل او فض اشتباك بين الطرفين ، خاصة وان لدى سلاح البحريه التركيه ما مجموعه ٢٥ سفينة حربية منتشرة في تلك المنطقه .
وعليه فلا داعي للتهويل بهذه القوة الامريكية الوافدة خاصة وان من سيواجهون اي عدوان محتمل ، سواءً بواسطة هذه القوة البحريه او غيرها ، لا يخشون المواجهة ويعرفون كيف يواجهون وينتصرون وهم من معدن غير قابل لا للاهتزاز ولا الارتجاج ولا التراجع في زمن اليقين بالنصر اياً كانت سيناريوهات المواجهة.