عقدة “الضغط العسكري” تلازم حكومة نتنياهو..لكنها لا تحل مشكلة الرهائن (حلمي موسى)
كتب حلمي موسى من غزة:
من بين اكثر التعابير استخداما على ألسنة القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، تعبير الضغط العسكري. وزاد استخدام هذا التعبير في كل حديث عن تبادل الاسرى او صفقة وقف اطلاق النار.
فالدولة التي كانت تتباهى بامتلاك اقوى ترسانة عسكرية في الشرق الأوسط، وربما ثامن او تاسع اقوى جيش في العالم، يصعب عليها تقبل الخضوع لاشتراطات قوة عسكرية غير نظامية من قطاع غزة. وكانت ترى ان بوسعها ممارسة ضغط عسكري وحصار اقتصادي وتدمير هائل لمقدرات الحياة في القطاع بشكل يسمح لها بفرض ارادتها وتمرير رغبتها.
والواقع انه كان هناك بين دهاة السياسة والعسكر في اسرائيل من رفض هذه الفكرة، ودعا من اللحظة الأولى الى “عدم ركوب الرأس” والقبول بتبادل اسرى على قاعدة تصل حتى لمبدأ جميع ما لدى اسرائيل من اسرى مقابل جميع ما لدى المقاومة من اسرى. لكن غطرسة اليمين الحاكم آثرت تفكيرا مغايرا خصوصا في ظل صمت دولي او تشجيع غربي.
ولم تقرأ القيادة الاسرائيلية تجربتها السابقة. وكانت على الطاولة بشكل واضح تجربة التعامل مع اسر جلعاد شاليط. وقد استخدمت اسرائيل على نطاق اضيق من الحرب الاخيرة منطق الضغط العسكري المتصاعد. لكنها اضطرت حتى بعد سنوات وبقيادة نتنياهو نفسه لتوقيع اتفاق تبادل تم فيه الافراج عن اكثر من الف اسير فلسطيني مقابل شاليط وحده.
واليوم بعد مرور اكثر من احد عشر شهرا على الضغط العسكري، يجد الاسرائيلي ان هذا الضغط لم يجلب له الا مزيدا من توابيت الاسرى. فقد تم تحرير أسرى اسرائيليين اساسا بفضل اتفاقات، لكن بالضغط العسكري لم يتحرر سوى عدد لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة. وطبعا كان مبرر الضغط العسكري هو ايضا اجبار حماس والمقاومة في غزة على تليين شروطها والقبول بسقف مقبول إسرائيليا، لكن هذا لم يحدث.
واليوم تقريبا والحرب تركض نحو نهاية عامها الاول يشعر القادة الاسرائيليون بخيبة كبيرة جراء اتضاح عجزهم عن تحقيق هدف الضغط العسكري في كل ما يتصل بتبادل الاسرى. ويضطر العديد من القادة الاسرائيليين للاعتراف في هذه النقطة بالعجز. فقد بقي حتى الآن في ايدي المقاومة حوالي ١٠٥ من الاسرى الاسرائيليين احياء او اموات، من دون توفر فرصة حقيقية لاستعادتهم.
والدور الامريكي المتناقض في كل ما يتعلق بتبادل الاسرى واضح ووصل تقريبا الى نقطة العجز. فالدعم والاحتضان الامريكي الهائل لاسرائيل لم يدفع الاخيرة لتقبل الحلول الوسط الامريكية. وتتردد امريكا في عرض حل وسط يكون مقبولا على حماس واسرائيل بسبب انحيازها الكلي والواضح للموقف الإسرائيلي، وادعائها الكاذب بأن العقبة تكمن في حماس وليس في حكومة نتنياهو رغم اقرار اغلبية الاسرائيليين بخلاف ذلك.