سياسة

عسكريّون وأمنيّون للأوقات الصعبة(نبيه البرجي)

 

الحوارنيوز – صحافة

تحت هذا العنوان كتب نبيه البرجي في صحيفة الديار يقول:

 

 

 “باستطاعتكم أن تسألوا الشيطان، فقط، ما في رأس بنيامين نتنياهو”.  كلام مسؤول فرنسي ينقله الينا زميل من هناك.  أكثر من ذلك.  واشنطن توحي بأنها تشق الطريق أمام لبنان بالورود، وتل ابيب تقول علناً انها تريد أن تقطع عليه الطريق بالنيران.

 هكذا تنفيذ اتفاق وقف النار، بالغارات الجوية، والاصرار على البقاء فوق الأرض اللبنانية، ما دامت اسرائيل قد احترفت القاء المواثيق، والقرارات، الدولية في سلة المهملات.  ولقد رأيناها كيف تتعامل مع الرئيس الانتقالي في سورية أحمد الشرع الذي قال أمام الملأ “اسرائيل ليست عدوتنا”، وتقدم نحوها بغصن الزيتون، دون أن يتفوه بكلمة واحدة اعتراضاً على احتلالها اليومي للأراضي السورية، لتغدو دباباتها على أبواب دمشق.

 بعدما وجه وزير الدفاع الاسرائيلي يسرائيل كاتس، بالغطرسة اياها، وبالفظاظة اياها، رسالة من قمة جبل الشيخ” الى الشرع “نحن نراقبك من هنا”، بعث اليه برسالة أخرى، أثر الغارة على دمشق، “أينما يوجد تنظيم ارهابي ضد اسرائيل، سيجد زعيم الجماعة الاسلامية المتطرفة طائراتنا تحلق في السماء، وتهاجم الأهداف الارهابية”.  ما الذي يمنع كاتس من اعتبار “قصر الشعب” هدفاً ارهابياً وتقوم الطائرات بضربه؟ هذا ليس سؤالاً في الخيال.

 الكلام الاسرائيلي الى الشرع، وهو الوالي العثماني، أم الى رجب طيب اردوغان الذي يزمع اقامة قاعدتين عسكريتين في البادية السورية، وترابط فيه 40 طائرة بحجة الدفاع عن سورية كما لو أنه لا يرى كيف سقطت سورية عسكرياً بيد ايال زامير.

كل الاحتمالات (الخطرة) واردة، ما دام نتنياهو قد قال، علناً، انه ينفذ على الأرض ما قضت به التوراة.  ما يستشف من التعليقات الاسرائيلية ان أركان الائتلاف خائفون من أن يجرهم دونالد ترامب الى المسار الأميركي الذي قد لا يتطابق مع المسار التوراتي.  مصادر أوروبية تتحدث عن أن الأوامر أعطيت الى وكالة الاستخبارات المركزية، والأجهزة الاستخباراتية الأخرى، بمراقبة أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية، بالرغم وجود تنسيق، وعلى كل المستويات، بين أجهزة الجانبين.

هل ثمة خوف أميركي على حياة ترامب، وبعدما كان مسؤولون سابقون في مكتب التحقيق الفديرالي (FBI ) قد ألمحوا الى مسؤولية الموساد في اغتيال الرئيس جون كنيدي (تشرين الثاني 1963 ) لأنه أمر بايفاد بعثة الى اسرائيل للتفتيش على برنامجها النووي، أي عشية بدء العمل بمفاعل ديمونا.

 لبنان في الوقت الصعب، وفي المفترق الصعب.  المفارقة المثيرة هنا أن الحكومة الاسرائيلية ضد التطبيع الذي يراهن عليه ترامب (رهان مقدس) لاحتواء الشرق الأوسط باعتباره الخاصرة الرخوة بالنسبة الى الولايات المتحدة في الصراع الكبير حول الشرق الأقصى، وقد لوحظ أن الأبحاث الأميركية عادت الى التساؤل حول ما اذا كانت الصين، وبعد أن تستكمل ترسانتها العسكرية “ستقفل أبواب الباسيفيك في وجهنا”، وهذا ما كان اليابانيون يفكرون فيه، وكان عقابهم قنبلة هيروشيما.  اي قنبلة الآن لمعاقبة التنين؟

 عسكرياً، وأمنياً، لبنان في نقطة الخطر. لهذا تم اختيار قائد للمؤسسة العسكرية، كما قادة المؤسسات الأمنية، بمنتهى الدقة وعلى أساس الكفاءة والفاعلية.  لا نعرف قائد الجيش العماد رودولف هيكل.  الكثيرون يتحدثون عن مناقبيته العسكرية وعن كونه من ألمع ضباط الميدان (وهذا ما يركز عليه الاسرائيليون لدى اختيارهم رؤساء الأركان).

 هذا ما ينطبق على مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء رائد عبدالله الذي أثنى عليه زملاؤه الضباط، وأقرباؤه الذين تجمعني بالعديد منهم صداقة قديمة، كرجل مترفع، وفاعل، ومتميز، أيضاً مدير عام أمن الدولة اللواء ادغار لاوندس، كضابط بيدين نظيفتين ويمارس مهماته بمنتهى الاتقان.  ثم نائبه العميد مرشد الحاج سليمان الذي عرفت من زملائه ومن أقربائه، وبالحرف الواحد، “عمق شخصيته” التي لم يتوقف يوماً عن تطويرها بالقامة المنتصبة.

 ليبقى المدير العام لأمن الدولة اللواء حسن شقير ونائبه العميد رمزي الرامي، ابن الجارة البقاعية تربل، والذي اعترف بتقصيري تجاهه، وهو الانسان الحقيقي، والضابط المحترم. الآن بوجود رجل على رأس المديرية العامة، الصديق الرائع، الذي يعتبر مثالاً في الرقي الأخلاقي وفي فاعلية الأداء.

اللواء شقير البعيد عن الهاجس السياسي، وعن اللوثة (والتبعية) السياسية التي أغرقت الكثيرين في لعبة الوحول.  أيضاً البعيد عن الضوء منذ أن كان في مديرية المخابرات كنموذج للدماثة، وللفاعلية، ليضطلع بدور بالغ الحساسية في مجال مكافحة الارهاب.  باختصار، رجل المهمات الصعبة.  أحياناً رجل المهمات المستحيلة.  نعرف الكثير عن هذه المهمات، والى حد تكليفه بمهمات معقدة خارج البلاد وذات منحى اقتصادي وخدماتي واجتماعي، لينجزها بنجاح وخارج الضوء والضوضاء.

 هؤلاء القادة يدركون مدى دقة المرحلة.  مرحلة التحولات، وربما المفاجآت، الكبرى، على مستوى الشرق الأوسط.  عندما يكون لبنان، كنقطة تقاطع بين لعبة الأمم ولعبة القبائل (وحتى لعبة الطوائف)، في مهب الاحتمالات بوجود رجل على الجانب الآخر من الحدود سقط، للتو، من سروال يهوذا…

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى