د.أحمد عياش
ما ان وطأت قدماي ارض مطار القاهرة لأول مرة حتى استقليت سيارة اجرة باتجاه الفندق مشترطا على السائق المرور صوب ضريح الرئيس جمال عبد الناصر .
لم يتذمر. ركن سيارته وتوجهت الى المسجد حيث يرقد الهرم الرابع.
اعدت قراءة الكلمات على الشاهد عدة مرات وفي كل مرة كنت اعيد تلاوة سورة الفاتحة.
ليس حدثاً عابرا ان تقف في حضرة الامة العربية ،في حضرة نضال أمة، في حضرة قائد تاريخي خذله السفهاء وانتصر له الشرفاء .
عدت الى السائق الذي بادرني في السؤال عن سرّ كثير من العرب يتوقون لزيارة ضريح رئيس ما اتى لمصر بغير الجوع والدمار والفقر والعوز والقمع من المخابرات…
لم اناقشه،لربما كان من المخابرات المصرية…
في ردهة استقبال الفندق،جلس اطباء كُثر يتحدثون في السياسة،اغلبهم كانوا يكيلون الاتهامات ويبررون حكاياهم اما بعدائية الرئيس تجاه الاخوان المسلمين، او بطموحاته للسيطرة على ثروات الخليج او بميوله السوفياتية ضد الاميركيين الاقوياء والاغنياء.
زعموا ان عبد الناصر تحالف مع دول الفقراء فاتى بالفقر الى بلاده …
سألني احدهم رأيي،قلت:
تخيلوا التاريخ العربي بعد انهيار الدولة العثمانية وهجوم المستعمرين لوراثة الامة، من دون الرئيس جمال عبد الناصر ومن دون هواري بومدين واحمد بن بلا ومن دون منظمة التحرير الفلسطينية.
صمت الجميع وتركوني على مقعدي لوحدي.
بعد عشرين سنة،التقيتهم في مكان آخر كانوا يبررون تطبيع دولهم مع العدو الأصيل ويتهمون الفلسطينيين بسوء التدبير والتهور…
نظروا نحوي،تذكروني، لم يطلبوا رأيي انما غادروا المكان بسرعة كأني فاسق اتيتهم بنبأ يفضح خياناتهم من اجل المناصب والمال والوظائف…
الفارق بسيط انما كبير.
اناس عاشوا وماتوا بكرامتهم واناس عاشوا وماتوا بلا كرامة.
اناس حكموا ولم يسرقوا بلادهم وضحوا في سبيل امتهم وأمموا خيرات ارضهم لصالح شعبهم، وأناس باعوا بلادهم وخانوا امتهم وخصخصوا ثروات ارضهم لشركات اجنبية
سجل انا عربي….فهل تغضب*.
هذا هو القائد الفذ جمال عبد الناصر.
زر الذهاب إلى الأعلى