عبد اللهيان في الرياض: الاتفاق يعود إلى «واقعيّته»
الحوار نيوز – صحافة
تحت هذا العنوان كتب محمد خواجؤي في صحيفة الأخبار:
طهران | للمرة الأولى منذ 8 سنوات، زار وزير خارجية إيران، حسين أمير عبد اللهيان، العاصمة السعودية الرياض، ما يمثّل مؤشراً إلى أن اتفاق آذار الماضي، المبرم بين البلدين برعاية صينية، يمضي قدماً، على رغم هشاشة التفاؤل خلال المرحلة الماضية إزاء وتيرة التعاون الثنائي، وكذلك أثر الاتفاق على الملفات المختلفة في المنطقة. وتأتي زيارة عبد اللهيان، التي بدأت الخميس، رداً على الزيارة التي قام بها نظيره السعودي، فيصل بن فرحان، لطهران قبل شهرين، وهي كان مقرّراً أن تستغرق يوماً واحداً، قبل أن يضاف إليها يوم آخر، خُصّص للقاء وزير الخارجية الإيراني، وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، أمس، ما عزّز من طابع الخطوة السياسي والديبلوماسي. وأفادت وكالة الأنباء السعودية الرسمية، «واس»، بأن عبد اللهيان وابن سلمان بحثا الفرص المستقبلية للتعاون بين بلديهما وسبل تطويرها، مضيفةً إنّهما «ناقشا تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة تجاهها». وعقب اللقاء، قال وزير الخارجية الإيراني إنّ الاجتماع كان «صريحاً ومثمراً ومفيداً»، وجرى فيه «التشديد على أنّ الأمن والتنمية هما من حق الجميع». وأكد أنّ «قضية فلسطين والقدس هي محور القضايا في العالم الإسلامي»، وأضاف: «وليّ العهد السعودي أرسل تحياته إلى قائد الثورة والجمهورية الإسلامية، السيد علي خامنئي».
وعلى الرغم من أن اتفاق آذار الماضي شكّل منعطفاً في العلاقات الثنائية، فاتحاً الباب على خفض التصعيد بين الرياض وطهران، بيد أن بعض التطورات، خلال الأسابيع الأخيرة، تسبّبت في تراجع النظرة الإيجابية إلى الاتفاق، إذ شكّل تباطؤ السعودية في إعادة افتتاح سفارتها في طهران ومزاولتها أنشطتها الديبلوماسية في الفنادق الإيرانية، والتماهل في إيفاد عبد الله العنزي سفيراً للمملكة إلى إيران، على رغم بدء السفير الإيراني علي رضا عنايتي مهامه في الرياض، إضافة إلى تعثّر مسار محادثات السلام بشأن اليمن، ومواقف السعودية ضد إيران في ما يخصّ حقل «الدرة/ آرش» الغازي، وزيادة التحركات العسكرية في الخليج وعدم تغيير السياسات السعودية تجاه لبنان، مؤشّرات إلى أن التفاؤل المفرط يجدر أن يصبح أكثر واقعية.
بعض التطوّرات تسبّبت في تراجع النظرة الإيجابية المبالغ فيها تجاه هذا الاتفاق
نظرة الرياض المشوبة بالحذر
يرى برديا عطاران، الباحث في معهد بحوث «جریان» في طهران، أنه على الرغم من أن زيارة أمير عبد اللهيان للسعودية تمثّل تقدماً وتطوراً في العلاقات، إلا أن «السعوديين لا يبدون حرصاً كبيراً على تعزيز العلاقات ورفع مستواها مع طهران». ويقول عطاران، في حديث إلى «الأخبار»، إن «الهدف الرئيس للسعوديين من الاتفاق هو احتواء إيران، وذلك من أجل الحدّ من التوترات في المنطقة، وأن يتمكنوا من حسم حرب اليمن بشكل أسرع». كما يرى أن «السعوديين لا يملكون دافعاً كبيراً لتمتين العلاقات الثنائية وتعميقها، وأحد المؤشرات إلى ذلك هو المماطلة في إعادة افتتاح السفارة السعودية في طهران وإيفاد سفير ومزاولة أنشطة السفارة والقنصلية من الفنادق». ويرى أنه «إن كان مقرّراً ألا تنتفع إيران من الاتفاق مع السعودية، فإنه يتعيّن عليها أن تطلب من الجانب الصيني بوصفه ضامناً للاتفاق، أن يتدخل ويؤكّد أن الضفتين الشمالية والجنوبية للخليج، يجب أن تتحرّكا بالاتجاه نفسه، وبشكل متوازن في ما يتعلق بالأمن والتنمية المستدامة».
التدخلات الأميركية والإسرائيلية
من جهته، يرى كامران كرمي، الصحافي والباحث الزائر في «معهد دراسات الشرق الأوسط الاستراتيجية» في طهران، أن زيارة وزير الخارجية الإيراني للرياض هي «بمنزلة تأكيد آخر على الحرص على توطيد العلاقات الثنائية في ضوء النظرة إلى القضايا الإقليمية، تأسيساً على بيان 10 آذار في بكين»، وإظهار لكون «الطرفين يخطوان خطوات بطيئة، لكنها متواصلة لحسم ملف العلاقات الثنائية». ويقول كرمي، في حديث إلى «الأخبار»، إن «نظرة إيران اليوم إلى الاتفاق أصبحت أكثر واقعية، وطهران تتّخذ خطوات بطيئة ومتّزنة بما يتناسب مع السلوك السعودي»، مضيفاً إن «السعودية ترى في سلوك إيران في اليمن عاملاً مصيرياً في مسار العلاقات مع طهران». ويعتقد كامران أن «سلوك الإدارة الديموقراطية في واشنطن تجاه السعودية، وسعيها لإنجاز تطبيع بين الرياض وتل أبيب» يمثّلان «عاملين مصيريين أيضاً، من جهة إيران». وينظر كرمي في الوقت ذاته، بنظرة لا تخلو من التفاؤل إزاء مستقبل العلاقات؛ إذ «على الرغم من العوامل المذكورة، فإن خريطة طريق الاقتصاد السياسي للسعودية في المنطقة، والزحف الصيني في الخليج، يشكّلان عاملين أساسيين، يسهمان في إرساء العلاقات الإيرانية – السعودية».