طرابلس الغنية بفقرائها الفقيرة بأغنيائها..ليست قندهار!
كتب أكرم بزي
من يريد إحراق "الفيحاء"، بل من يريد إحراق 3500 عام من التاريخ، أي منذ أيام "الكنعانيين"، الذين أسسوها مروراً بالرومان، والبيزنطيين، والفرنجة، والمماليك، والعثمانيين، وغيرهم… هل تريدون لنا أن نصدق أنهم كانوا يريدون احراقها من أجل "ربطة الخبز".
غنية طرابلس بفقرائها، وفقيرة بأغنيائها…
لا ليس لأجل "رغيف خبز"، بل طرابلس توزع "الحلوى" على الجوار والعواصم كافة وباقي الدول إن شئت!
المدينة التي توزع الحلوى لا تجوع، بل الجياع أباطرة السياسة والرأسمال المتوحش الذين لا عمل لديهم الا مصادرة قوت الفقراء وتكديس أموالهم وممتلكاتهم لهم ولورثتهم ولمريديهم من مرتزقة الشارع والزعران.
لا نريد أن نصدق أن حفنة من "الزعران" يعملون ليلاً نهاراً، لاثارة الفتنة، تحت عناوين جذابة وبراقة، تارة تحت عناوين "ثورية" وتارة تحت عناوين "اجتماعية".
منذ أحداث عرسال في عام 2014 ، كانت المدينة على موعد مع المخططات لاحتلالها وجعلها امتداداً ل"الثورة السورية"… 33 معركة بين جبل محسن والتبانة، مئات القتلى وآلاف الجرحى والمدينة تئن تحت النار، والكل يحاول استغلال الاحداث ليكسب على طريقته… الاستثمار السياسي بأبشع اوجهه لم ينقطع، اكثر من ثمانمائة ألف لاجئ سوري، بل قيل مليون واكثر، يعيشون فيها، يتم استغلالهم والمتاجرة بهم، ليتجلى امتداد الصراع السوري بصورة أوضح من أي مكان آخر في طرابلس.
في دراسة لمؤسسة كارنيغي في العام 2014، أطلقت على طرابلس اسم "قندهار لبنان". ترى ما الذي أريد من هذه التسمية؟.. "ففي قندهار كانت النزعة الاجتماعية المحافظة والأيديولجية الدينية المتطرفة، هي الدوافع الأساسية للتطرف، ومن هنا فإن عملية التطرف التي تجري حاليا في المدينة الساحلية تبدو أكثر تعقيداً وبالتالي يجب الا توصف بانها نتاج للتعصب الديني، فجذور هذه الظاهرة عميقة وهي في بعض الأحيان محلية او وطنية او إقليمية، حيث يمتد نطاق التطرف الى ما هو ابعد من اسوار طرابلس ليشمل قطاعات كاملة من المجتمع اللبناني".
لا ..إنها ليست "قندهار" لبنان… انها "الفيحاء" بما تعنيه الكلمة…
من استعمل السلاح ليقتل، من فجر 17 قنبلة بوجه القوى الأمنية اللبنانية، من الذي أحرق البلدية التاريخية، والتي تحتوي أرشيف الفقراء وأهل المنطقة برمتها، أتريدون لنا ان نصدق أنهم أهل طرابلس؟.. من أين "للجائع" أن يأتي بالسلاح، لو لم تكن هناك عصابات، تلتحف بعباءات "الثوار"، وتفعل فعلها وتختفي بسواد الليل البارد…
نعم فيها الفقراء، وفيها أغنى أغنياء لبنان، وما أكثرهم، لكن فقراءها أغنى من أغنيائها بأخلاقهم وكرمهم ومحبتهم لا يستطيعون احراق مدينتهم.
فتشوا عن أصحاب السلطة، والمندسين، والمستثمرين ،وأعتقد أنهم باتوا معروفين من الأجهزة الأمنية كافة…
حذار اللعب بالنار، فإنها لن تبقى في "طرابلس الشام" بل ستمتد الى كل لبنان…