صور من معاناة اللبنانيين العائدين من الخرطوم (حلا ماضي)
حلا ماضي – الحوارنيوز- خاص
في الحروب تتشابه قصص المعاناة..
في الحروب لا فرق بين ابن البلد والمغترب..
في الحروب يترك الإنسان ممتلكاته وجنى عمره و “يعانق سلامته وروحه” عله يخرج من جحيم الحرب..
حتى السلامة تبقى محفوفة بالخطر حتى لحظة الوصول الى الوطن..
على مدى ثلاثة أيام ماضية كان اللبنانيون الذين تم اجلاؤهم من السودان الى بور سودان بحرا ،ثم الى جدة في المملكة العربية السعودية، ثم الى مطار بيروت، يصلون الى المطار بعيون حزينة وقلق على جنى العمر على مدى عشرات السنوات .
بعيدا عن البيانات والاستقبالات الرسمية في المطار كانت ملامح وتعابير وجوههم تقول الكثير ..
هو اللبناني الذي ملّ الحروب والقتال والقنص والموت المجاني ليذهب الى بلد اخر يبحث عن رزقه،تماما كما فعل المواطن خالد حدارة من عكار شمال لبنان عندما قرر المغادرة الى السودان منذ أكثر من عشر سنوات وتأسيس مصنع للأسمدة هناك ،وهي المدة التي لم يزر خلالها لبنان، بل كان همه وهدفه مساعدة أهله وتأمين مستقبله !
يقول خالد: “بين ليلة وضحاها تغير كل شيء لاستيقظ صباحا على صوت الرصاص و القنابل ورائحة الدخان تملأ الأجواء.
يتابع: لم يكن حتى بمقدوري الاطمئنان على مصنعي ومصدر رزقي ! كل ما شاهدته على طرقات السودان جثثا مرمية على مداخل الأبواب ..حتى الصليب الأحمر لم يكن بإمكانه لمّ الجثث نظرا لعدم إحترام او الإلتزام بأي هدنة ..لم اعد افكر بشيء سوى الوصول بخير الى بلدي والعوض على الله”!!
اما الشاب فادي ج. من طرابلس فالصدمة تبدو على وجهه لدى وصوله الى المطار،ويشكر جميع من ساهم بوصولهم الى لبنان.هو غادر الى السودان منذ أسابيع فقط ولكنه خبر فيها تجربة عصيبة.
يقول :لا أصدق اني وصلت الى لبنان.. فالرحلة من السودان الى بور سودان كانت مغامرة بحد ذاتها، اذ كنا نشاهد المسلحين يتسلقون على السيارات أمامنا ويستولون عليها وينهالون بالضرب على من فيها! ونحن في الباصات معنا نساء و أطفال! والرصاص يدوي بين الشوارع ،بقينا على قلقنا اثناء الرحلة بحرا لمدة 17 ساعة تقريبا في البحر لا نعرف ماذا ينتظرنا على الطريق الى ان وصلنا بخير الى المملكة العربية السعودية ومنها الى لبنان.
ومن قلب محروق يعرف نتائج الاقتتال يأسف رجل الأعمال اللبناني زاهر م. على ما وصلت اليه الأمور في السودان ، “ذلك البلد الغني بموارد طبيعية وبشرية ، وقد حالت عطلة الأعياد خلال الاسابيع الماضية ووجوده في لبنان من بقائه في السودان حيث يعمل.
ويقول: كل شي يعوض الا حياة الإنسان.
و لقصة السيدة اللبنانية من ال محيدلي المتزوجة من مواطن سوداني بعد ومرارة من نوع اخر، لطالما عانت منه النساء اللبنانيات المتزوجات من غير لبناني في اكثر من مناسبة ،وهو موضوع يتطلب وبجدية، معالجة انسانية قبل ان تكون قانونية او سياسية.
فلتلك السيدة اربعة أطفال وقد انتهت صلاحية جوازات سفرهم وهي طبعا بحاجة لتجديد مستنداتهن الرسمية، ولكن الحرب في السودان والفوضى هناك حالت دون ذلك، وطبعا رفضت تلك السيدة ترك بناتها لوحدهن هناك !!
ولا تتوقف تلك السيدة عن توجيه الشكر لأمين عام الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير الذي رفض تركها مع أولادها في اي بلد وأصر على احضارها الى لبنان، وسفير لبنان في مصر والبعثة الدبلوماسية في المملكة العربية السعودية التي تعاملت معها بكل انسانية ومسؤولية.
لا شك بأن تجربة اللبنانين مع اندلاع الحرب في السودان عصيبة وقاسية، ولكن تضافر ابناء الجالية اللبنانية برئاسة سعد الله ميقاتي ومساعدة الدول العربية وبشكل خاص المملكة العربية السعودية، حالت دون تدهور الأمور نحو الأسوأ وأدت الى وصول اللبنانين بخير الى وطنهم .
والرزق على الله!