صندوق النقد الدولي حيال لبنان: ابتزاز سياسي أم تعاون اقتصادي؟
دانييلا سعد – الحوارنيوز خاص
يصر صندوق النقد الدولي على التعامل مع لبنان وفق خطاب آحادي لا يرى سبيلا للإنقاذ غير سياسة الاستدانة من الخارج ،والتي هي هي من تسبب في الانهيار الشامل للإقتصاد الوطني، بعد فشل الطبقة السياسية الحاكمة على إدارة شؤون البلاد الاقتصادية وتنازعها العلني على تقاسم الغنائم والحصص والمنافع على حساب بناء الدولة الرشيقة والرشيدة.
لا شك أن العناوين التي يطرحها خبراء صندوق النقد الدولي هي عناوين أساسية في كل إصلاح، لكن ربط ذلك بالإستدانة الحكمية أمر غير منطقي. فلبنان قادر على القيام بنفسه ولديه الموارد الذاتية وما يكفي من تدفقات مالية خارجية تعينه على الخروج من أزمته تدريجا لمجرد البدء بإصلاحات شاملة وتقود هذه الإصلاحات حكومة تكون موضع ثقة عامة.
لقد دخل الى لبنان خلال العام الجاري ما يقارب الخمسة مليارات دولار (دون احتساب المبالغ الكبيرة التي تدخل مباشرة من المغتربين الى ذويهم) وهذا مؤشر إيجابي لكنه غير ذي أثر مباشر على الاقتصاد لغياب خطة تعافي فعلية تشمل مجموع الإصلاحات: الاقتصادية (صناعة وتجارة وخدمات) والضريبية والإدارية والمصرفية (إعادة هيكلة المصارف وتقرير مصير الودائع)، الكفيلة بإطلاق دورة الاقتصاد وفق تصور جديد لدور لبنان وميزاته التفاضلية وقدرته على المنافسة.
لبنان قادر على القيام من كبوته ولا حاجة مطلقة لخطاب الابتزاز الذي يتبناه الصندوق، وعبر عنه أمس رئيس بعثة الصندوق إلى لبنان ارنستو راميرز ريغو في إيجاز عبر الانترنت مع صحافيين في بيروت إن استمرار الوضع الراهن “يشكّل أكبر المخاطر”.
ويقول خبراء إن موسم الصيف الحالي سيجلب الى لبنان نحو مليار دولار من مجموع السياح أو الوافدين والمغتربين على أقل تعديل، وقد ينشط القطاع العقاري على هامش هذه الحركة، لكن ذلك لا يرقى الى مستوى الإنقاذ دون الخطة الشاملة.
وتوقع راميرز ريغو انه ومع الاستمرار في إرجاء تطبيق الإصلاحات، سيكون هناك “نقص في الاستثمارات الأجنبية، وأن يبقى البلد في وضعية غير مستدامة”، في وقت “لا يريد أحد أن يقرض دولة تعجز حكومتها عن الوفاء بالتزاماتها الخارجية”، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وحذّر من أن حالة عدم اليقين السائدة في لبنان تُشكّل “الخطر الأكبر” على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في البلاد التي انهكتها أزمات متعددة، في غياب تطبيق إصلاحات ضرورية ومع استمرار الشلل السياسي.
واعتبر أن “من شأن التنفيذ الحاسم لخطة شاملة للتعافي الاقتصادي أن يحد بشكل تدريجي وثابت من الاختلالات، وأن يشكل ركيزة للسياسات للمساعدة في استعادة الثقة وتسهيل العودة إلى مسار النمو”.