صفقة القرن محتوى قديم في توقيت وشكل جديدين: السلام مقابل السلام!
يجمع عدد م الخبراء بأن مضمون "صفقة القرن" ليس جديدا، غير أن شكل تقديمه والتوقيت جديدان ويمكن تلخيص المستجد بأمرين:
1- تنفيذ الجزء الأهم من توصيات وثيقة CLEAN BREAK ( التغيير الجذري) وهي الوثيقة التي أشرف على كتابتها "ريتشارد بيرل" عضو في البنتاغون في فترة رئاسة "رونالد ريغان" والذي عمل لاحقا كمستشار عسكري لـ “جورج بوش” الابن عام 1996 وقدمت الوثيقة لرئيس وزراء العدو آنذاك بنيامين نتنياهو، و قد ضم فريق الدراسة الذي صاغ الوثيقة كل من “جيمس كولبرت" من المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي ، و "تشارلز فيربانكس جونيور" و "ميراف وورمسر"من جامعة جونز هوبكنز ، و "دوغلاس فيث" من فيث و شركاء زيل ، و"روبرت لونبرغ " و "ديفيد وورمسر" من معهد الدراسات الاستراتيجية والسياسية ، و “جوناثان تاروبي” من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والذي رأينا في الشهر الماضي قيام قياديين وممثلين للجيش الحر بحضور ندوة عقدها هذا معهد لدراسة التطورات في المنطقة وحضر فيها “تشاك هيغل” وزير الحرب الأمريكي و"تسيبي ليفني" وزيرة العدل الصهيونية ورجال أعمال صهاينة أبرزهم "موتي كاهانا".
ووضعت الوثيقة خطة استراتيجية لضمان امن إسرائيل (المُرمز لها في الوثيقة باسم الملكوت) وذلك من خلال طرد سوريا من لبنان – سابقاً- وزعزعة الاوضاع في الداخل السوري مستعينين بالأردن وتركيا مما سيسهل قيام إسرائيل بضربات عسكرية على سورية تؤدي إلى إنهائها وإسقاط نظامها كما في العراق ، وتقوم الوثيقة على أولوية تدمير العراق ومن ثم سورية ومن ثم حزب الله ومن ثم إيران .
في عام 2005، ابتدأ العمل بالوثيقة فيما يخص سوريا – بعد نجاحهم في تدمير العراق- عن طريق اغتيال الرئيس رفيق الحريري وتم جمع الحشد الدولي على سوريا لضرورة خروج القوات السورية من لبنان وأقر مجلس الأمن القرار الرقم 1559
وتتحدث هذه الدراسة – الوثيقة عن وجوب إضعاف الخصم كي تفرض عليه الشروط الجديدة للتسوية السلمية واستبدال معادلة "الأرض مقابل السلام" بمعادلة "السلام مقابل السلام."
2- نجح الأميركي والإسرائيلي بإنهاك الدول العربية وتقسيمها وإثارة الإضطرابات فيها وضرب جيوشها وإثارة أخطر الفتن على الأمة العربية وهي الفتنة الإسلامية – الإسلامية بعد أن نجحت الى حد بعيد بإثارة الفتنة المسيحية – الإسلامية.
ونجح الرئيس ترامب بعقد الصفقات المالية والتجارية مع عدد من الدول العربية تحت عنوان حمايتها من الخطر الإيراني، وها هو يتوجها بأهم الصفقات وهي صفقة القرن.
أما في الجانب الإقتصادي فيقول المحللون "إن عدة مشروعات كبرى في خطة الرئيس ترامب الاقتصادية البالغ حجمها 50 مليار دولار إنما تعكس مقترحات سابقة تعثرت جراء الصراع. "
وتدعو الخطة، التي يقودها جاريد كوشنر صهر ترامب، إلى إنشاء صندوق استثمار عالمي لدعم الاقتصاد الفلسطيني واقتصاد الدول العربية المجاورة بنحو 179 مشروعا في مجالي البنية الأساسية والأعمال.
قال مفاوض السلام الإسرائيلي السابق شاؤول أرييلي إن كثيرا من أوجه هذه الخطوة ليس بالجديد.
وأضاف أرييلي، الذي يعمل الآن محللا في مؤسسة التعاون الاقتصادي التي تدافع عن حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي "معظم الخطط طُرح بالفعل في عهد إدارة (الرئيس الأمريكي السابق باراك) أوباما".
تستهدف الخطة، التي قدمت في وثيقة من 40 ورقة، "خفض معدل الفقر بين الفلسطينيين إلى النصف وزيادة كمية المياه الصالحة للشرب في الأراضي الفلسطينية.
وقال طارق باكوني المحلل لدى مجموعة الأزمات الدولية "هذه الخطة تفشل في الإقناع حتى بعرضها آفاقا اقتصادية مبتكرة – فيما يمثل الحد الأدنى من التوقعات".
طبقا للخطة هناك اقتراح بإقامة ممر للتنقل بتكلفة خمسة مليارات دولار، ويشمل طريقا سريعا وربما خطا للسكك الحديدية، بين الضفة الغربية وقطاع غزة عبر إسرائيل.
وتبلغ أقصر مسافة بين الضفة وقطاع غزة نحو 35 كيلومترا.
وكانت اتفاقات السلام الانتقالية التي وقعت في التسعينات تتضمن إقامة ”ممر آمن“ بطول 47 كيلومترا عبر إسرائيل بين غزة والخليل بالضفة الغربية. وتشمل المقترحات مد خطوط للسكك الحديدية وأنفاق وجسور معلقة وخط حديدي أحادي (مونوريل).
وتتضمن الخطة أيضا رفع كفاءة المنشآت في نقاط العبور الرئيسية على حدود قطاع غزة بما في ذلك مع مصر. وبسبب المخاوف الأمنية أبقت مصر على معبر رفح مغلقا في أغلب الأوقات مما حرم القطاع من الممر الرئيسي له إلى العالم.
تقترح خطة كوشنر تطوير محطة الكهرباء الوحيدة في غزة بتكلفة قدرها 590 مليون دولار. ويعاني القطاع منذ سنوات من انقطاع الكهرباء بصورة يومية ولفترات طويلة. وخلال العام الأول من تنفيذ المشروع ستصل عدد ساعات استمرار خدمة الكهرباء في غزة إلى 16 ساعة على الأقل يوميا.
وقبل إعلان الاقتراح كانت قطر تجري بالفعل محادثات مع مسؤولين إسرائيليين بشأن إنشاء خط جديد للكهرباء يمتد من إسرائيل إلى غزة على أن تشارك قطر في تمويل هذا المشروع. ويوفر الخط الجديد 100 ميجاوات إلى غزة التي يصلها في المجمل حاليا 120 ميجاوات من إسرائيل. ويقول الفلسطينيون إن القطاع بحاجة إلى ما بين 500 و600 ميجاوات.
كما تتضمن خطة كوشنر 1.2 مليار دولار في شكل قروض وتمويل من القطاع الخاص لمحطات كهرباء تعمل بالغاز في الخليل وجنين بالضفة الغربية.
وصندوق الاستثمار الفلسطيني، وهو صندوق السلطة الفلسطينية السيادي، هو المستثمر الرئيسي في مبادرة حالية لبناء محطة كهرباء في جنين. ويقول الصندوق إن بناء المحطة يحتاج لرأسمال قدره 600 مليون دولار وهو نفس القيمة المذكورة في اقتراح فريق ترامب.
ووُضع حجر الأساس لهذا المشروع في أواخر عام 2016 وطرح صندوق الاستثمار الفلسطيني وشركاؤه عطاءات لبناء هذه المشروع. ووفقا لوثائق راجعتها رويترز سيمول الشركاء المشروع بقيمة 180 مليون دولار بينما ستمول ”مؤسسات تنمية ومالية دولية (المشروع بقيمة) 420 مليون دولار“.
وقال مصدر مطلع إنه حتى إذا جرى توفير التمويل والبناء الكامل لهذا المشروع فإن تشغيله سيكون مستحيلا بدون إمدادات الغاز وهو ما يتطلب موافقة إسرائيل.
تدعو الخطة الأمريكية إلى ضخ ”استثمارات كبيرة“ في البنية التحتية لزيادة إمدادات المياه في قطاع غزة، بما في ذلك منشآت لتحلية المياه تهدف إلى زيادة إمدادات المياه الصالحة للشرب للفلسطينيين، من حيث نصيب الفرد، إلى مثليها في غضون خمس سنوات.
وبالفعل، أعدت سلطة المياه الفلسطينية، بالشراكة مع مؤسسات دولية من بينها المفوضية الأوروبية وبنك الاستثمار الأوروبي والاتحاد من أجل المتوسط والبنك الإسلامي للتنمية، برنامجا استثماريا شاملا ومتكاملا لمحطة التحلية المركزية في غزة.
وفي عام 2018، قال الاتحاد الأوروبي إنه تلقى دعما ماليا دوليا للمشروع قيمته 456 مليون يورو.
ولم يتم تنفيذ أعمال المشروع حتى الآن، غير أن المفوضية الأوروبية أشارت في أبريل نيسان إلى ”تقدم كبير“ في المناقشات الجارية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بخصوص دخول مواد البناء إلى غزة. ولا تزال إسرائيل تفرض قيودا مشددة على الواردات القادمة إلى غزة، قائلة إن بعض مواد البناء قد تستخدم في تصنيع أسلحة.
تشمل اقتراحات فريق ترامب ما قيمته مليار دولار من المنح والقروض وتمويلات القطاع الخاص لتطوير حقل بحري للغاز الطبيعي في قبالة غزة. ويملك صندوق الاستثمار الفلسطيني حاليا حقل الغاز بالكامل.
وتشير تقديرات صندوق الاستثمار الفلسطيني إلى أن تطوير الحقل سيتكلف مليار دولار، وهو ما يتوافق مع الأرقام الواردة في مقترح فريق ترامب.