الحوار نيوز – صحافة
تحت هذا العنوان كتب محمد خواجوئي في صحيفة الأخبار اليوم:
طهران | دخلت صفقة تبادل السجناء بين إيران والولايات المتحدة (10 آب الماضي)، مرحلة التنفيذ، الذي يُتوقّع اكتماله بحلول الأسبوع المقبل. ويُمثل الاتفاق الأخير أحد المؤشّرات المهمّة إلى إحراز الطرفَين تقدُّماً في المحادثات، وخصوصاً خلال الأشهر الستة الأخيرة، بعدما بَذلت كلّ من مسقط والدوحة جهوداً حثيثة في مجال التوسّط بينهما. وتأسيساً على الاتفاق المُشار إليه، سيتمّ إطلاق سراح كلّ من سيامك نمازي، وعماد شرقي، ومراد طاهباز، واثنَين آخرَين من مزدوجي الجنسية لم تُعلن هويّتهما، من السجون الإیرانیة، على أن يصار، في المقابل، إلى الإفراج عن خمسة مواطنين إيرانيين محتجزين لدى الولايات المتحدة، إلى جانب 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمّدة لدى كوريا الجنوبية. وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، وقّع، الثلاثاء، إعفاءً من العقوبات للسماح للبنوك في كوريا الجنوبية بتحرير 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المحتجزة في هذا البلد منذ قرار الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي، عام 2018، وفرْضها عقوبات مشدّدة على الجمهورية الإسلامية. وشدّد بلينكن على أن «مبلغ الـ6 مليارات دولار سيتمّ الاحتفاظ به في حسابات مقيّدة في قطر، حيث سيكون متاحاً فقط للتجارة الإنسانية».
من جهته، أعلن الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في تصريحات صحافية أدلى بها أول من أمس، أن «اتفاق تبادل السجناء بين إيران وأميركا سيُحسم في توقيته المحدّد»، مضيفاً أن «السجناء الأميركيين في إيران يتمتّعون بأتمّ الصحّة». كذلك، أكّدت البعثة الدبلوماسية الإيرانية لدى الأمم المتحدة «الإفراج قریباً عن 5 رعايا إيرانيين تمّ سجنهم باتهامات غير قانونية في شأن الالتفاف على الحظر الأميركي»، موضحةً أن بعض هؤلاء سيبقى في الولايات المتحدة، فيما البعض الآخر سيعود إلى إيران. وأوردت البعثة الإيرانية الأسماء التالية المفرج عن أصحابها، وهي: مهرداد معین أنصاري، کامبیز عطار کاشاني، رضا سرهنك بور کفراني، أمین حسن زاده، وکاوه لطف الله أفراسیابي. وكانت المحادثات المتعلّقة بصفقة تبادل السجناء بدأت في عام 2021، بالتوازي والتزامن مع محادثات إحياء الاتفاق النووي، وذلك بوساطة عُمانية وقطریة، لكنّ الطرفين دائماً ما أعلنا أن الأولى لا علاقة لها بالثانية، وتتبع مساراً منفصلاً. وعلى الرغم من أن المفاوضات النووية كانت قد توقّفت قبل نحو عام، إلا أن إيران وأميركا أغلقتا بالفعل ملفّ السجناء بعد التوصّل إلى اتفاق في هذا الخصوص. ویقول بعض الخبراء والمصادر المطّلعة إن الاتفاق الأخیر ليس سوى جزء من صفقة أوسع، وإنْ لم تكن بحجم «خطّة العمل الشاملة المشتركة» (الاتفاق النووي).
كانت المحادثات المتعلّقة بصفقة تبادل السجناء بدأت في عام 2021، بالتوازي والتزامن مع محادثات إحياء الاتفاق النووي
ونظراً إلى الدافع الهشّ لدى مسؤولي الطرفَين لإحياء الاتفاق النووي، ثمة مؤشرات تُظهر أن طهران وواشنطن تتحرّكان في اتّجاه تحقيق ضربٍ من الاتفاقات المحدودة والمؤقتة وغير المكتوبة. وتقوم الفكرة الرئيسة لتلك الاتفاقات على قاعدة «الأقلّ مقابل الأقلّ»، بحيث يكون في مقدور كل من الطرفَين الحصول على تنازلات محدودة وضئيلة من الآخر، في مقابل منحه تنازلات من النوع نفسه. ويعني ما تَقدّم، أن تقوم إيران، وفي ظلّ الحفاظ على هيكلية برنامجها النووي، بخفض سرعته وأبعاده قليلاً؛ وفي المقابل تقوم أميركا، وفي ظلّ الحفاظ على هيكلية العقوبات على إيران، بخفض حدّتها وشدّتها قليلاً. وبما أن هذه الصفقات غير رسمية ولا تتمتّع بطابع حقوقي، فهي ستكون مقبولة ومُرضية لكلتا الحكومتَين الإيرانية والأميركية، لكونهما تخشيان القضايا الهامشية التي قد يفرزها أيّ اتفاق رسمي ومكتوب داخل بلديهما. ولهذا السبب، قلّما يبدي الطرفان حماسةً لبثّ فحوى محادثاتهما في وسائل الإعلام، بل يمضيان بها قُدماً بصورة هادئة.
وإجمالاً، فقد ظهرت، خلال الشهر الأخير على وجه التحديد، مؤشرات كثيرة تشير إلى تسجيل تقدُّم في مسار المحادثات بين إيران والولايات المتحدة، أهمّها: 1- الاتفاق على إطلاق سراح السجناء الأميركيين، في مقابل تحرير بعض الأرصدة الإيرانية المجمّدة؛ 2- تناقص سرعة إنتاج اليورانيوم العالي التخصيب في إيران؛ 3- تخفيف القيود على مبيعات النفط الإيراني وبعض الانفراجات المالية؛ و4- انحسار التوتّرات الإقليمية. وفي الوقت الذي دخل فيه اتفاق تبادل السجناء حيّز التنفيذ، يقوم مجلس محافظي «الوکالة الدولیة للطاقة الذرية»، في اجتماعه ربع السنوي الذي بدأ الإثنين، بمراجعة قضايا مختلفة، بما في ذلك الملفّ النووي الإيراني، حیث تقول أوساط دبلوماسیة ومصادر مطّلعة إن الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية المتبقية ضمن الاتفاق النووي (فرنسا، بريطانيا وألمانيا)، ليست لديهما «خطط» لإصدار قرار ضدّ إیران خلال هذا الاجتماع. وبدلاً من ذلك، وبإيعاز من واشنطن، سيجري تقديم بيان غير ملزم إلى مجلس إدارة الوكالة، یطالب الجمهورية الإسلامية بزيادة تعاونها مع الأخيرة. وبحسب رئيس «منظّمة الطاقة الذرية الإيرانية»، محمد إسلامي، فإن «العملية الحالية لا تُظهر أن الأجواء ستتّجه نحو قرار وإجراءات تجبر إيران على اتّخاذ موقف قوي وردود فعل قانونية حاسمة».
وعلی صعید آخر، وفي إجراء يبدو أنه يهدف إلى الضغط على حكومة بايدن علی خلفیة الاتفاق مع طهران، مرّر مجلس النواب الأميركي، مساء الثلاثاء، مشروع قانون مقدَّماً من الحزبَين الديمقراطي والجمهوري بعنوان «مهسا أميني لحقوق الإنسان والمساءلة الأمنية»، بغية فرض مزيد من العقوبات على إيران، قبيل الذكرى السنوية الأولى للاحتجاجات التي اندلعت علی خلفیة وفاة الشابة مهسا أمیني فی أحد مراکز الشرطة في طهران. ويطالب مشروع القانون، الرئيس الأميركي، بفرض عقوبات تمنع التملّك والحصول على التأشيرات عن المرشد الأعلی، آیة الله علي خامنئي، والرئيس إبراهيم رئيسي، وأيّ شخص «متواطئ في تمويل أو توفير الموارد لانتهاكات حقوق الإنسان أو دعم الإرهاب». وينصّ مشروع القانون على أن هذا يتطلّب من الرئيس الأميركي فرض عقوبات في غضون 90 يوماً من إقرار المشروع ليصبح قانوناً، وإعادة فرضه سنوياً بعد ذلك. وسيتمّ إرسال المقترح إلى مجلس الشيوخ لإقراره، قبل إرساله إلى بايدن للتوقيع عليه ليصبح قانوناً.