حسن علوش – خاص
أول ما يستوقفك في الكتاب الموسوعي: “صفحات من تاريخ المكسيك- حقائق وقائع ورؤى” هو الجهد الكبير الذي بذله المؤلف المحامي نبيه سليم الشرتوني ليخرج الكتاب بحلة تليق بالمكسيك وبالعلاقات التاريخية بين المكسيك ولبنان وشعبيهما.
فالمحامي الشرتوني، مغترب أقام في المكسيك وأخلص لها، لكنه كمثل مواطن لبناني لم يغادر وطنه قط.
لم تثنه مهنة المحاماة عن شغل الثقافة وتعزيز علاقات المغتربين اللبنانيين مع الشعب المضيف والمحب في المكسيك.
لم تشغله مسؤولياته المتعددة عن سعيه لتمتين أواصر اللبنانيين، مغتربين أم منتشرين، في المكسيك بوطنهم الأم.
فكانت له مؤلفات عدة في الشعر والأدب باللغة العربية وباللغة المكسيكية وابدع في تأليف معجم للغة العربية المحكية كمدخل لإستعادة من خسر لغته الأم قبل أن يخسر هويته الأساس…
ساهم في دراسات متعددة تناولت الدستور اللبناني ودراسات مقارنة بين الدستورين اللبناني والمكسيكي، سنتناوله لاحقاً بالتفصيل، أما الآن فسنعرض سريعاً لكتابه المعنون أعلاه والذي ألّفه وقدّمه بإسم الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم إلى الشعب المكسيكي لمناسبة المئوية الثانية لإستقلال دولة المكسيك (1821 – 2021).
أراد المؤلف لكتابه أن يكون مرجعاً لجميع البلدان الناطقين باللغة العربية، وهو حصيلة دراسات ومراجع وأبحاث تعود إلى الوقائع التاريخية بمظاهرها وعهودها التي رافقت المكسيك.
وقد نوه نائب وزير السياحة الفيدرالي المكسيكي هومبرتو هرننديز حداد بالكتاب “كمساهمة ثقافية جزيلة”، واعتبر “أن الترجمة القيمة للتاريخ المكسيكي إلى اللغة العربية من قبل المؤلف “لهي إعادة التأكيد مرة أخرى، على الصداقة الخصبة والودودة بين لبنان والمكسيك، والتي أبداً لا تنفصم ولا تنتهي”.
واعتبر السفير اللبناني نهاد محمود الكتاب ” تعبيرا عن الاهتمام بتعريف القارئ العربي بجانب هام من الوقائع المكسيكية حول البلد والبشر وحول الشخصية المكسيكية الناتجة عن انصهار العناصر الإنسانية المختلفة عبر الأحداث والزمن”.
مقدمة تاريخية لدخول الإنسان إلى القارة الأميركية ليبدأ المؤلف بسرد معطيات ثقافية واقتصادية وجغرافية وتاريخية وأخرى ذات بعد روحي ليدخل في عرض لمسار الاستقلال بدءاً من صبيحة يوم الأحد 16 أيلول من العام 1810 ” … وفي رواق كنيسة سيدة الآلام Nuestra Señora de Dolores في ولاية غواناخواتو، وأمام ما يقارب الألف من المؤمنين، أطلق الكاهن ميغل هيدالغو صرخته المبشرة بولادة الوطن المكسيكي والمعروفة تاريخيا بإسم صرخة دولوريس El Grito de Dolores داعيا إلى الوحدة بين أبنائه وحضّ الحاضرين على الجهاد من أجل إعلان شأن الأمة المكسيكية”.
تاريخ مشوق من محطات الثورة المكسيكية ومن تضحيات الشعب وقادته مع ما تخللها من مسارات سياسية ومواجهات ميدانية وصولا لإعلان الاستقلال وبناء الدولة.
فقد ” دخل إيتوربيدي Iturbide في 27 أيلول على رأس جيش العاصمة فإستقبلته الجماهير بالترحاب وأقواس النصر والأعلام والألعاب النارية. تحول حلم كاهن هيدالغو إلى واقع بعد مضي أحد عشر عاماً من بدء هذه الطريق الثورية نحو الاستقلال. ثم استقلت المكسيك عام 1821 وتقرر أن تكون أمة مستقلة.
صفحات غنية تكمن أهميتها في تقديم تجربة ثورية مفعمة بروح التضحية أضحت وطناً يستحق الانتماء اليه والدفاع عنه.
رغم تعدد الثقافات والأفكار فإن المواطنين المكسيكيين تجمعهم إرادة الوحدة وحب الوطن.
يعرض الكتاب لبيوغرافيا الرؤساء الذين تسلموا قيادة البلاد ومسارات التطور الإداري والدستوري.