كتب واصف عواضة – خاص الحوارنيوز
منذ أكثر من أسبوع تعمل قوات الإحتلال الإسرائيلي في الناقورة (بلدتي)، تدميرا وحرقا وتجريفا للبيوت والطرق والبساتين والمزارع ،وتقتل كل مناحي الحياة في البلدة الخالية أساسا من السكان.
يجري كل ذلك على بعد أمتار من أكبر موقع لقوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان ،وعلى مرأى ومسمع من مقر القيادة الدولية لهذه القوات والذي يحوي أكثر من 2500 ضابط وجندي ،ولا يشفع لنا أن هذا المقر الأممي يقوم على أرض بلدتنا المنكوبة بأبخس الأثمان.
كما يجري ذلك على مرأى ومسمع من اللبنانيين جميعا ،حكاما ونوابا ومواطنين ،ولا يقتصر ذلك على بلدتنا،بل يشمل كل قرى وبلدات الشريط الحدودي،من الناقورة حتى شبعا،على الرغم من قصائد الإدانة والإستنكار التي تضج بها الساحة اللبنانية.
ولذلك ،أعرف أن صرختي هذه لن تقدم أو تؤخر في هذا الحدث أو تلجم العدو عن ممارساته الشائنة ،وأن هذه الكلمات ستبقى “صرخة في واد” ،ومع ذلك سوف أصرخ حتى يُبَح صوتي وتختنق حنجرتي.
لكن أكثر ما يؤلمني ويوجع فؤادي ومفاصلي أن ذلك يحصل في ديارنا ،ثم يأتيك حاقد يُفترض أنه من بني جلدتك اللبنانية “العنيدة” ،ونعرف جميعا تاريخه الميليشاوي، ليحيّي إسرائيل على هذه الأعمال ،بحجة أنها توفر على الدولة والجيش اللبناني مهمة إقتلاع تحصينات “حزب الله” من الجنوب اللبناني.ثم يأتيك آخر من هذه الجلدة لينبئنا بأننا “لا نشبهه” .وقد ثبت فعلا أننا لا نشبهه ولا يشبهنا ..فنحن أهل الجنوب والبقاع والضاحية نشبه شعبنا اللبناني العظيم الذي احتضن أهلنا النازحين في الجبل بجناحيه وفي صيدا وطرابلس وعكار وزحلة ودير الأحمر وغيرها..وكفى!
وعود على بدء،
أهل الشريط الحدودي غاضبون ،وغاضبون جدا ،وهذا حقهم ،ضناً بأملاكهم وأرزاقهم التي تُدمّر وتُباد أمام مرأى العالم،وتكاد تخنقهم الغصة ،لأنهم صدقوا إتفاق وقف النار .لكنهم ليسوا حاقدين ،لأنهم من جهة ،سعداء بالسكينة والهدوء في المناطق المنكوبة الأخرى ،جنوبا وبقاعا وضاحية،ومن جهة أخرى يشعرون بالغصة التي تنتاب المقاومين المكبّلين عن ردة الفعل على هذا العدوان.
لن أطيل ،سوف نعود يوما إلى بلداتنا ،وسيكون لنا كلام آخر فوق ركام بيوتنا!