صراع في بيروت بين “قِمّة الأنظمة البرجوازية” و”دعاة التغيير الديمقراطي”
مرة أخرى يستنفر الوطنيون اللبنانيون عصب الشارع ليتدفقوا من كل حدب وصوب باتجاه ساحة بشارة الخوري وسط العاصمة اللبنانية بيروت.
ربما هي الصدفة التي أتت بهم الى رمز الاستقلال اللبناني الرئيس بشارة الخوري، كأنهم يطالبون باللاوعي الوطني الجمعي، ليس فقط رفع المطالب المحقة للناس إنما إعادة هيكلة الجمهورية اللبنانية التي أرسى أسسها الرمزان الرئيسان بشاره الخوري ورياض الصلح.
صحيح أن صيحات الوطنيين لا تصل الى قاعة مؤتمر القمة التنموية العربية في وسط بيروت، لكن لا يمكن ترك الشارع العربي يتيما بلا حراك شعبي يحتج ويتمرد على حال اقتصاد العرب و وضعهم الاجتماعي السيء، بقيادة الأنظمة البرجوازية العربية.
حراك الوطنيين اللبنانيين اليوم زوّد الوطن بحرارة يفتقدها. صحيح أنها حرارة لا تنتج كهرباء ولا تأتي بماء و لا ترفع أجر الكادح ولا تعيد مالا منهوبا ولا تقوّم إعوجاجا في أجهزة رقابة الدولة ولا يعيد للقضاء هيبته، إنما هي حرارة ضرورية لتحريك أرواح أسيرة في أجساد ميتة لمواطنين يعتقدون أنهم أحياء وما هم بأحياء إنما شُبّه لهم، مواطنين بقوا في منازلهم رغم الفقر والجوع والضياع والانسلاب الوهمي بغد أفضل و برغم انفلاش النكات والسخرية والاشمئزاز والأحجيات السياسية الفكاهية بين الناس عن حالهم اولا وعن حال الطبقة النبيلة الحاكمة ثانيا وعن حال الكهنة، كبار التجار والقضاة ثالثا ورابعا وخامسا.
إعادة هيكلة الجمهورية اللبنانية كما إعادة هيكلة الديون كما اعادة هيكلة روح المواطنية اللبنانية ،مطالب لم ترفع في التظاهرة إنما قالتها ضوضاء أقدام المتظاهرين بلا وعي ثوري لا ينطق عن الهوى انما هو حتمية تاريخية.
الحراك اليوم أعاد "المارين بين الكلمات العابرة " ليجمعوا اسماءهم ولينصرفوا ،الا انهم إن عادوا فربما لن يعودوا الا كمئة فارس شجاع ملثم لانقاذ وطن أثخنوه بالجراح، ليعرفوا كيف يدخلون الى الوطن من بوابة الفقراء بيروت.
تحية لمن تظاهر البارحة ولمن تظاهر اليوم ولمن سيتحرك غدا ،ولكل من رفع راية حمراء. فمن هنا تبدأ الخارطة والكلمات وهنا سقطت سعدى، وهنا قال خليل شيئا ومات وما بدلّوا تبديلا.