رأي

صراع الغربان لا صراع الديكة(نبيه البرجي)

 

الحوارنيوز – صحافة

 

تحت هذا العنوان كتب نبيه البرجي في صحيفة الديار يقول:

اصرارنا أن نبقى عند الصفر، غالباً تحت الصفر. يوما بعد يوم نزداد يقيناً بكارثية وضعنا، بمأسوية وضعنا. لا دولة، لا شعب، لا هوية، سوى العتابا والميجانا. كنا ونبقى مثلما وصفنا زياد الرحباني “أورطة عالم مقسومين”. سفير احدى دول “اللجنة الخماسية” ضاق ذرعاً بنا، قال “انكم في بلد قد يكون نسخة عن الجنة، أكثر من مرة قلت لساستكم لا تكونوا الغربان التي تنهش لحم بعضها البعض”!

ما يتردد في الظل حول مداولات تشكيل الحكومة، يظهر كم أن العديد من ساستنا يشبهون تماثيل الشمع. هؤلاء لا يستشعرون ما يجري حولنا وفوقنا وتحتنا. قيادة مجنونة في “اسرائيل” لا تدري الى أين يذهب بها جنونها. وفي سوريا قيادة تحتار اذا كانت تحت الطربوش العثماني، أم تحت عمامة الحجاج بن يوسف الثقفي. لعلنا لم نعلم أن ثمة رجلاً في البيت الأبيض يلهو بالكرة الأرضية، كما يلهو بطابة الغولف في منتجعه السحري على ضفاف الكاريبي. وحين لا ندري أمام أي شرق أوسط سنكون، هل هو صراع الديكة على أرضنا أم صراع الغربان؟

كيف لعرّابي المافيات الانطلاق من منطق المغارة الى منطق الدولة؟ السفير اياه قال “انكم أمام فرصة ذهبية اقليمياً ودولياً”، لكننا أيضاً أمام رئيس جمهورية لم يخلع بعد ثيابه المرقطة، وأمام رئيس حكومة بثقافة أكاديمية وعملية مترامية. كيف للثنائي ان يشق الطريق وسط هذه اللوياجيرغا؟

الوالغون في لعبة الزبائنية يصرون على المحاصصة، كما لو أن الجمهورية لم تتحول الى أشلاء. ليس الفرنسيون وحدهم الذين حذروا من تحويل الدولة الى مقبرة، وليس فقط الى مغارة. تصوروا أن مايك بومبيو الذي أقيم له عشاء فاخر تحت الثريات، حتى أن بعض الساسة بدوا على شاكلة راقصات الباريزيانا أيام زمان، يقول لصديق لبناني هو صاحب شركة في فرجينيا “شعرت هناك بأنني بين قطع أثرية”!

لبنان الآن أمام مرحلة اقليمية في منتهى الدقة وفي منتهى الخطورة، وأمام مرحلة دولية في منتهى الدقة وفي منتهى الخطورة. العالم يرتعد. ثمة رجل على رأس العالم بأفكار غرائبية، وبتصرفات غرائبية. راقص محترف أمام الجمهور، لتظنّ أنه يرقص على أرصفة الجحيم. بالرغم من ذلك يعد بعالم أفضل، كيف؟ اسألوا الصحافي الشهير بوب وودورد الذي يقول عنه أنه يحاول أن يتسلق التاريخ بطريقة من يتسلق النار. الساسة عندنا يتسلقون الهواء أم يتسلقون الخراب؟

بديهي القول أننا أمام تحولات كبرى. الأميركيون هم الآن من يمسكون بالعصا (العصا الغليظة). من الطبيعي أن يكون هناك طرف ما مَن يتوجس من انعكاسات هذه التحولات، ليس فقط على وضعه، بل وحتى على وجوده. حين يصرح وزير الدفاع “الاسرائيلي” يسرائيل كاتس “سنضرب بقوة كل أذرع الأخطبوط الايراني حتى اجتثاثها”. الكلام صدر غداة الاحتفال الأمبراطوري في الكابيتول ـ وهو الهيكل الأكبر ـ اذ لا أذرع الآن الا لأميركا، نستعيد أقوالاً لوزير الخارجية ماركو روبيو الذي يستشف منه أن حلف أميركا حلفاء طبيعيون لـ “اسرائيل”.

أين الأخطبوط الايراني قياساً على الأخطبوط “الاسرائيلي” العابر للأمكنة، والأخطبوط الأميركي العابر للأزمنة؟ تداخل عاصف بين الشكوك وبين الهواجس. بالرغم من ذلك، لا أحد يكترث بقول الوزير الراحل ميشال ادة “الحكومات عندنا تتشكل بعقلية الماعز لا بعقلية الكهنة”.

ذات يوم قال ميشال شيحا “لبنان اتفاق مختلف عليه”، ليواجه برأي آخر “لبنان خلاف متفق عليه”. هذا كان في أيام “أكلة الجبنة”. الآن أيام من يأكلون حتى عظامنا، لكننا أمام براغماتية بعض القوى (وبالرغم من بهلوانيات قوى أخرى) لا نستطيع الا أن نتوقع حكومة للمرحلة. بالملابس المرقطة؟!

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى