صراع الارادات على أرض فلسطين: لِمنْ ستكون الغلبة؟(جواد الهنداوي)
د. جواد الهنداوي – الحوارنيوز خاص
إرادة المقاومة وإرادة التطبيع وإرادة الاحتلال والتطرف: المقاومة بشقيّها السياسي، والذي تقوده السلطة الفلسطينية ، والعسكري بقيادة فصائل المقاومة الفلسطينية العلنية والسرّية المعروفة وغير المعروفة.
إرادة التطبيع ، والتي ستبقى على مستوى حكومات ولن تخترق ضمائر الشعوب العربية، التي تشهدُ وتستنكر إحتلال وجرائم وظلم اسرائيل لأرض ولشعب فلسطين. ومع الحكومة الجديدة لاسرائيل ، برئاسة نتنياهو وبن غفير ، لن يواجه الفلسطينيون والعرب الاحتلال ، وانما مأسسة يهودية الكيان مصحوبة بالعنصرية وبالتطرف و بالدعوات لقتل الفلسطينين و العرب.
يُعّلمنا تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي ، والذي سيبقى ، رغم اتفاقيات السلام واتفاقيات التطبيع ، صراع عربي اسرائيلي ، دّرساً استراتيجياً هو توظيف اسرائيل لعنصر الزمن والتنازلات العربية: كلمّا مّدَ العرب و الفلسطينيين يدهم للسلام ، كلماّ امعنت اسرائيل في جرائمها، وامتدت و توسّعت جغرافياً في ارض فلسطين.
كَبُرتْ مساحة اسرائيل وكَثُرت مستوطناتها في الضفة وفي القدس بعدما وافقت السلطة الفلسطينية على اتفاقيات اوسلو عام ١٩٩٣ ؛ لن تُبقِ اسرائيل أرضاً لتقوم عليها الدولة الفلسطينة! واليوم ، وبعد التطبيع مع بعض الدول العربية ، نشهدُ توجهاً حكومياً وشعبياً اسرائيلياً اكثر عداء للشعب الفلسطيني و اكثر تطرفاً واقصاء لحقوق الشعب الفلسطيني ! هكذا للاسف تعاملت اسرائيل مع السلطة الفلسطينية التي قبلت بشروط اوسلو وبخارطة فلسطين وفقاً لاتفاقيات اوسلو، وهكذا تتعامل اسرائيل مع القضية الفلسطينية والعرب بعد ان فتحوا ابواب ديارهم لها، و عقدوا اتفاقيات وصفقات سياسية وعسكرية ومالية وسياحية .
ولكن ، يخطئ من يعتقد ،بأنَّ امن ووجود اسرائيل مرهون باتفاقيات السلام والتطبيع الاسرائيلي العربي ، لن تنعمْ اسرائيل بسلام دون ان يكون للفلسطينين دولة وسلام .
يخطئ قادة الاحتلال حين يتمسكون بالسلام العربي ويهملون السلام الفلسطيني ، التطبيع لن يحمِ اسرائيل ، والتعاون الامني بين السلطة الفلسطينية وسلطة الاحتلال ، ومنذ عقديّن من الزمن ، لم يمنعْ الفصائل الفلسطينية من تنفيذ عمليات ضد جيش الاحتلال في ارجاء فلسطين ، و أصبحَ الفلسطينيون اكثر ايماناً بخيار المقاومة وطريق الاستشهاد ، و عمليات المقاومة اليوميّة والمتنوعة والمتطورة هي الشاهد على ذلك .
أصبحَ للمقاومة الفلسطينية و للقضية الفلسطينية حاضنتيّن؛ الاولى قومية عربية قوامها ارادة الشعوب العربية ، والدول العربية الداعمة والرافضة للتطبيع ،والحاضنة الثانية اقليمية اسلامية داعمة بالسلاح وبالتكنولوجيا . كذلك أصبحَ للقضية الفلسطينية شريانان للبقاء و الصمود ؛ احدهما سياسي يرتكز على جهود السلطة الفلسطينية في تفعيل ادوات القانون الدولي ومحكمة العدل الدولية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير ، وقد تُوجّت هذه الجهود بقرارات الجمعية العامة للامم المتحدة ، واحدها احال ملف القضية الفلسطينية امام محكمة العدل الدولية لابداء رأيها بالاحتلال والاستيطان و مسؤولية اسرائيل ،والقرار الثاني ، والذي صدر في ٢٠٢٢/١١/١٨ ،وبموجبه وافقت الجمعية العامة للامم المتحدة على وضع آليات قانونية لتمكين ألشعب الفلسطيني من ممارسة حق تقرير المصير ، وقد حضي القرار بتصويت ١٦٧ دولة لصالحه .
و الشريان الاخر ،والذي يكرّس ديمومة القضية الفلسطينية ،هو شريان المقاومة المستمرّة داخل الاراضي المحتلة . كلاهما ( السياسي و المقاومة ) كفيلان بضمان تفوّق الارادة الفلسطينية ازاء ارادة التطبيع و ازاء ارادة الاحتلال وحكومة التطرف والعنصرية والصهيونية.
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل