سياسةمحليات لبنانية

صراعنا مع الشيطان

الحوارنيوز – صحافة

تحت هذا العنوان كتب نبيه البرجي في الديار يقول:

تعقيباً على قنبلة هيروشيما، وصف الياباني ياسوناري كاواباتا الرئيس هاري ترومان بـ”الرجل الذي أقال الشيطان من المهمة التي أوكلته اياها الكتب المقدسة لكي يحل محله”.  في حالنا، هل نحن في صراع مع كائنات بشرية أم مع الشيطان؟

لم نعد بحاجة الى أي دليل اضافي، لندرك أن الغرب زرع اليهود بيننا، نحن الخارجون للتو من تلك الليلة العثمانية الطويلة، وهم الذين عاشوا وتفاعلوا مع الايقاع الأوروبي منذ عصر الأنوار وحتى عصر المداخن، لكي نبقى على قارعة الزمن.

ما حدث يوم “الثلاثاء الأسود” في لبنان، لا يدع مجالاً للشك في أن الساعة الآن ليست الساعة الكبرى، دون أن نذهب مع تلك التعليقات العربية والغربية، التي تقول ان الايرانيين ورطوا حلفاءهم لا سيما في لبنان بتفجير الجبهات، وهي الورقة الذهبية التي تلقفها بنيامين نتنياهو، لمحاولة جر الأميركيين الى المؤازرة العملانية، لتنفيذ شعاره “تغيير الشرق الأوسط”، ولو اقتضى ذلك احراق الشرق الأوسط، قبل أن تعرّيه الحرب في غزة حتى العظم.

التعليقات تقول ان آية الله خميني الذي أدرك ما تداعيات وما احتمالات أي انفجار عسكري واسع النطاق، خطا أكثر من خطوة باتجاه ادارة جو بايدن، لكنها الخطوات في المكان والزمان الخطأ، وهذا ما يحاول نتنياهو، ان بالسياسات البهلوانية أو بالسياسات البربرية، استغلاله الى ابعد مدى، وهو الذي يقف على قرن ثور.

نعلم مدى الهوة السيبرانية بيننا وبين “اسرائيل”، ولكن ثمة ثغرة قاتلة قد حدثت، مع علمنا كيف تفتح كل الأبواب وفي أي مكان “للموساد”، بنشاطاته الأخطبوطية التي تتركز بالدرجة الأولى على حزب الله.

هذا ما يحملنا على استعادة بعض المحطات المحورية في المسار التكنولوجي والالكتروني “الاسرائيلي”، لتتضح لنا أسباب الهوة بيننا وبينهم. البداية مع “أحباء صهيون”، هؤلاء الذين وفدوا الى فلسطين في منتصف القرن التاسع عشر، وأقاموا المستوطنات بتواطؤ بين رئيس الوزراء البريطاني الفيكونت بالمرستون والبارون دو روتشيلد.

في عام 1912 فكروا بإنشاء “التخنيون” (معهد “اسرائيل” للتكنولوجيا)، ليوضع قيد العمل عام 1924، ويساعد على تصنيع بعض المنتجات الكهربائية التي كان يتم تصديرها الى الأسواق العالمية، حتى إذا بدأت تتبلور ملامح الدولة العبرية، دعا حاييم وايزمان عام 1947 روبرت أوبنهايمر، أبو القنبلة الذرية الأميركية وهو يهودي، الى المساعدة في بناء مفاعل ديمونا الذي ما لبث أن بوشر بإنشائه في الخمسينات، بمؤازرة تقنية من رئيس وزراء فرنسا غي موليه، صديق دافيد بن غوريون، ليصبح جاهزاً للعمل عام 1964، بصناعة الرؤوس النووية.

وفي عام 1981، حين فكر الرئيس رونالد ريغان اطلاق برنامج “حرب النجوم” بإقامة منصات فضائية مزودة بمدفعية اللايزر والجزيئيات الالكترونية، لتدمير أي صاروخ عابر للقارات خلال 7 أو 8 ثوان، حط المدير التنفيذي للمشروع الجنرال جيمس أبرامسون في “تل ابيب” للتوقيع على اتفاقيات تتعلق بتصنيع “اسرائيل” أجهزة خاصة بذلك البرنامج… تصوروا… وصولاً الى برمجية “بيغاسوس” (الحصان المجنح في الميثولوجيا الاغريقية) التجسسية، والتي أطلقتها شركة (NSO )  “الاسرائيلية”، ليتبين الجانب الفضائحي من تلك البرمجية بتجسسها على الساسة والصحافيين، وحتى على بعض قادة العالم، مع اعتبار أن هناك 117 شركة عالمية متخصصة في الالكترونيات أقامت لها فروعاً مركزية في “اسرائيل”، في حين تغرق دولنا ومجتمعاتنا العربية في ثقافة الحلال والحرام.

لن ندع الصدمة تذهب بنا بعيدأ في التشاؤم. مثلما تمكنت المقاومة من ارساء معادلة توازن الرعب على المستوى العسكري، بالرغم من الفوارق الهائلة في التوازن التقليدي بين القوى، لا بد أن تكون هناك وسائل لإرساء معادلة توازن الرعب على المستوى السيبراني، بالرغم من الهوة الهائلة بين الجانبين.

في صيف 1982، أوحى آرييل شارون لأوريانا فالاتشي بـ”أننا آلهة الشرق الأوسط”، لتعلّق ساخرة ” لعلك تعلم ما كانت نهاية آلهة الاغريق والرومان”. لن يكون صراعنا مع “اسرائيل” مثل صراعنا الأبدي مع الشيطان، ثمة عشرات آلاف الصواريخ التي تشبه صاروخ “طوفان” اليمني، لتنفجر في رأس بنيامين نتنياهو…

كل اللبنانيين تعالوا فوق نزاعاتهم العبثية والقبلية، في وجه ذلك النوع من البربرية. لتكن… بارقة أمل!!

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى