“صح النوم ” في نقابة اطباء بيروت!
لفت إنتباهي خبر نشرته مواقع الكترونية عدة يتضمن كلاما منسوبا لرئيس حزب سياسي لبناني، يتحدث فيه عن هدر كبير في قطاع الصحة وذلك خلال رعايته نشاطا لقطاع الأطباء في حزبه. وكان لسان حالي هل أن رئيس الحزب على علم بما يجري في نقابة الأطباء؟
فاض عجبي عندما أخذ الكلام منسق المهنة في المناسبة نفسها وراح يدافع عن سلوك حزبه في إدارة شوؤن النقابة قائلاً: "منذ سنوات يتعرض حزبنا في نقابة الأطباء لحملة شعواء ظالمة تحاول إتهامنا في الفساد وسوء الإدارة".
أثار هذا الكلام فضولي، خاصة وأنا أعلم أن عدداً لا بأس به من مناصري هذا الحزب يتبوأون مراكز إدارية عليا في النقابة وفي الوقت نفسه هم أعضاء في الحزب المذكور.
العجب كل العجب في أن المنسق يجعلنا نسأل هل يحق لأي حزب لبناني أن يسّير أمور النقابة ضارباً عرض الحائط القوانين والأنظمة الداخلية التي تنيط مهمة إدارة هذا الصرح النقابي بمجلس النقابة؟ أليس هذا إعترافاً واضحا من المنسق بإستئثار السلطة حين تتدخل كوادر حزبه بشؤون نقابة الأطباء؟ ألا يعتبر ذلك فساداً حين تتدخل السياسة في إدارة أي قطاع من قطاعات المهن الحرة؟ بربكم، هل سمعتم عضوا في حزب سياسي يدافع عن سلوك حزبه في إدارة نقابة؟ ألا يؤكد ذلك المثل الدارج: يلي في مسلة تحت باطو بتنعرو؟
الأسوأ هو عندما قال المنسق أن ثمة جهة قد هددت شركة عالمية لتدقيق حسابات النقابة لسنة 2015-2016 وذلك بهدف تغيير مضمون تقريرها . أود أن أعلمه أن هذه الشركة لا تصنيف عالميا لها إلا في مخيلته وذلك للأسباب الآتية:
أولا، ان المدققين في هذه الشركة ليسوا سوى مجرد متعاقدين.
ثانيا، هل تعلمون ان هذا الفريق ليس لديه امر مهمة مسجل بديوان أمانة سر النقابة لإجراء التدقيق؟
ثالثا، أتعلمون أن هذا الفريق دخل النقابة بأمر شفهي صادر عمن وقع العقد؟
رابعا، أتعلمون أن العقد الموقع بين الطرفين (النقابة وشركة التدقيق) ليس له ملحق رسمي بأسماء المدققين؟
خامسا، هل تعلمون ان أحد المدققين هو موظف رسمي لدى شركة المحاسبة التي قامت بأعمال محاسبة النقابة لسنة 2016؟ فهل يجوز أن يكون المدقق هو نفسه الذي يمارس الرقابة على عمله؟.
سادسا، أتعلمون أن أحد المدققين قد أدلى بإفادة كاذبة أمام القضاء وهو يرفض حاليا مواجهة هذا القضاء في سياق متابعة ما أدلى به.
سابعا، أتعلمون أن هذه الشركة قد خالفت دفتر شروط العقد في عدة مجالات ولاسيما في حصر التدقيق والمعلومات عبر إداري واحد في النقابة.
ثامنا، أتعلمون أن هذه الشركة ورغم ما ورد آنفاً قد أقرت بأن هناك 250.000 دولار اميركي قد صرفت في نقابة الأطباء لسنة 2015 بدون حسيب ولا رقيب وأكثر المستفيدين هم من أنصار جهة حزبية معينة.
تاسعا، على سبيل المثال لا الحصر، هل يحق لأي موظف كبير في القطاع العام او الخاص أن يصطحب عاملة التنظيف الأجنبية لخدمته وخدمة عقيلته أثناء السفر وأن يخصص لها غرفة في فندق عريق على حساب المؤسسة التي يعمل فيها والمؤتمن على أموالها، على غرار ما فعل أحد المسوؤلين في نقابة الأطباء؟
عاشرا، هل يحق لموظف أن يولم لأصدقائه بمبلغ باهظ على حساب صندوق المؤسسة التي يتولى إدارته؟
حادي عشر، هل يمكن ان تمٌر تعهدات في النقابة للشركة نفسها بمبالغ طائلة بدون عروض اسعار علماً أن مدير هذه الشركة هو من أعز أصدقاء صاحب التوقيع في نقابة الأطباء؟
الأمثلة والأسئلة كثيرة في الهدر والفساد في نقابة أطباء لبنان في بيروت، لكن يكفي أن نقول لهم أن لا غطاء على أحد، ولا إستثناء لأحد، ولا تبرير لأحد، هلموا وطالبوا برفع السرية المصرفية عن كل الأطباء والإداريين ممن تحوم حولهم الشبهات.
وللمنسق ولكل أصدقائه ومحيطه: صح النوم.
(*) رئيس الجمعية اللبنانية لطب الأطفال