شطب التوظيفات بين الحق والباطل (عماد عكوش)
د. عماد عكوش – الحوار نيوز
قَبِل مجلس شورى الدولة شكليا الطعن المقدم من جمعية المصارف بما خص خطة الحكومة، والتي تضمنت شطب ديون مصرف لبنان اتجاه الاخرين ،والتي تتضمن توظيفات المصارف التجارية لدى مصرف لبنان . هذا القرار من ناحية الشكل هو صحيح ،وهو كان متوقعا كون قرار الحكومة قدم لهذا الطعن كل المقدمات التي يحتاجها للوصول الى هذا القرار.
فقرار الحكومة من حيث المبدأ مخالف للدستور اللبناني الذي كفل الملكية الفردية والملكية الخاصة ، كما ان قانون النقد والتسليف لا يسمح بوضع اليد على الودائع وشطبها دون استخدام الاصول ودون وجود موجبات قانونية لهذه الحالة كالافلاس مثلا ، وكون المصارف لم تفلس ولم يعلن أفلاسها وكون هذه التوظيفات لها أثر فعلي على الودائع لأنها تمثل اكثر من تسعين بالمئة من الودائع ، فلا يمكن التصرف بالودائع بهذا الشكل .
كالعادة هناك نقص وعدم دراية في اصدار الخطط والقوانين وحتى القرارات القضائية ، وهذا ما لاحظناه في العديد من المناسبات وبدأت مع القرار الشهير في بداية الازمة، والذي صدر عن المدعي العام المالي والذي جمد فيه أصول المصارف، ثم تراجع عنه بسبب النقص في القرار ، حيث كان المفترض ان يتضمن التجميد فقط الاصول الثابتة للمصارف من عقارات وتجهيزات ، كما كان يجب ان يشمل املاك رؤساء وأعضاء مجالس الادارة والمديرين التنفيذيين في المصارف ومدققي الحسابات ، ويبدو ان قرار القاضي كان مقصودا بهذه الصيغة التي صدرت عنه حتى يتراجع عنه لاحقا تحت ضغط الشارع واصحاب الودائع .
الى قرار رفع الاجور الاخير والذي تم تعديله عدة مرات بسبب النقص في التفاصيل ، الى قرار الحكومة بشطب ديون مصرف لبنان اتجاه الغير والذي في طياته واضح انه مقصود بهذه الصيغة حتى يتم رفضه لاحقا ، لأن الجميع يعلم ان شطب الديون يعني شطب للودائع بطبيعة الحال .
كان يمكن لخطة الحكومة ان تتحدث عن دراسة هذه الديون واعادة تقييمها من عدة نواح :
الناحية الاولى كان يمكن احتساب الفوائد التي دفعت على هذه التوظيفات منذ بداية الازمة في الوقت الذي لا تدفع المصارف اي فوائد للمودعين وبالتالي حسم هذه الفوائد من الدين .
الناحية الثانية كان يمكن دراسة القروض التي تم تقديمها للمصارف بالدولار الأميركي، ومن ثم دفعها وتسديدها لاحقا على سعر 1500 ليرة لبنانية .
الناحية الثالثة كان يمكن احتساب الفوائد التي جنتها المصارف من منصة صيرفة ،وبالتالي حسم هذه الايرادات من الدين والتوظيفات .
الناحية الرابعة كان يمكن للحكومة وخطتها ان تتضمن اعادة دراسة الهندسات المالية التي تم تقديمها للمصارف، وحسم هذه الهندسات من التوظيفات لانها حق للدولة وللمواطن .
كل هذه الامور كان يمكن ان تتضمنها الخطة والقرار الحكومي قبل الحديث عن الشطب ، لكن كان المطلوب وقف الخطة للقول للناس إننا غير قادرين ان نفعل شيئا ، وبالتالي ما يصدر عن الحكومة هو باطل في الاساس ولا يريد تحصيل حق .