ما تزال قضية توقيف رئيس مجلس إدارة شركات "نيسان" و"ميتسوبيتشي" و"رينو" اللبناني الأصل كارلوس غصن في اليابان، تحظى باهتمام محلي وعالمي،حيث قررت السلطات اليابانية اليوم تمديد توقيفه عشرة أيام رهن التحقيق،بتهمة التهرب من الضرائب.
وذكرت مصادر خاصة ل"الحوار نيوز" مساء اليوم أن أسهم شركة "نيسان" هبطت اليوم بشكل كبير ما خلف خسارة لواحدة من أقوى الشركات اليابانية بنحو أربعة مليارات دولار أميركي،في حين قررت الشركة عزل غصن من منصبه ،وكذلك فعلت شركة "ميتسوبتشي"،في وقت جمدت شركة رينو الفرنسية رئاسته للشركة وعينت نائبا للرئيس يقوم مقامه الى حين انتهاء التحقيق الياباني.وقد زاره اليوم السفير الفرنسي في اليابان باعتباره يحمل الجنسية الفرنسية ،وقال "ان من واجبنا أن نقف الى جانبه انطلاقا من هذه الصفة"،فيما يتابع السفير اللبناني في طوكيو نضال يحيى هذه القضية بتكليف من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وكانت الشرطة اليابانية أوقفت كارلوس غصن قبل أيام في طوكيو ،حيث اقتحمت طائرته في المطار وألقت القبض عليه وبدأت التحقيق معه على الفور،بتهمة التهرب الضريبي .وقالت المصادر الخاصة ل"الحوار نيوز" ان المبلغ المطالب به غصن يقدر بسبعة وثلاثين مليون دولار فقط ،وليس المبالغ الكبرى التي تحدثت عنها بعض وسائل الاعلام،والتي قدرت بأكثر من مائتي مليون دولار.
وقد أحدث توقيف غصن ضجة كبيرة في اليابان انطلاقا من أهمية الشركتين اللتين يرأسهما ،خاصة وأنه أنقذ شركتي نيسان ورينو منذ تسلم رئاستهما وحقق للشركة اليابانية أرباحا خيالية.وعلى هذا الأساس يحظى غصن بتعاطف ياباني كبير ،خاصة في الأوساط الاقتصادية ،على الرغم من أن التهرب الضريبي في بلد كاليابان يعد جريمة وليس شطارة.
ويعد كارلوس غصن واحدا من كبار رجال الاعمال في العالم ،وهو من أصول لبنانية ويحمل الجنسيتين الفرنسية والبرازيلية ،وقد ولد في التاسع من آذار/ مارس 1954 في مدينة بورتو فاليو البرازيلية. وهو يشغل منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذ لشركتي نيسان اليابانية، ورينو الفرنسية، ورئيس مجلس الإدارة لشركة ميتسوبيشي. ومنذ حزيران /يونيو 2013 إلى يونيو 2016 شغل منصب رئيس مجلس إدارة مصنع السيارات الروسية أفتوفاز، اضافة إلى ذلك فهو يشغل منصب رئيس مجلس إدارة والرئيس التنفيذي لتحالف رينو- نيسان (الشراكة الاستراتيجية لنيسان ورينو التي تمت بناء على اتفاقية مساهمة فريدة من نوعها). وقداستحوذت منتجات هذا التحالف، والذي يضم أفتوفاز وميتسوبيشي، منذ سنة 2010 على ما يقارب 10% من السوق العالمي إلى أن أصبح عام 2016 واحدا من أكبر أربع مجموعات منتجة للسيارات في جميع أنحاء العالم..
وأدى نجاح غصن في إعادة الانتعاش الاقتصادي وزيادة أرباح رينو بعد قيامه بإعادة هيكلة جذرية للشركة في أواخر 1990، إلى تلقيبه ب Le Cost Killer.. وفي بداية عام 2000 نتيجة إنقاذه لشركة نيسان من الإفلاس الموشك سنة 1999، حصل غصن على لقب "السيد حلَّال المشاكل. "
بعد التحول المالي والانتعاش الاقتصادي الذي حققته نيسان على يد غصن، قامت مجلة فورتشين الأميركية بمنحه لقب رجل أعمال آسيا لهذا العام. وفي عام 2003 صنفته كواحد من أقوى 10 رجال أعمال خارج الولايات المتحدة، وقام إصدارها الآسيوي بانتخابه كرجل العام.
وقد أوضحت استطلاعات الرأي التي نشرت في صحيفة فاينانشال تايمزوشركة برايس وتر هاوس كوبرز، حصول غصن على المركز الرابع ضمن قائمة أكثر رؤساء الأعمال احتراما في عام 2003 ، وكثالث أكثر رؤساء العمل احتراما في عام 2004 و2005. هذه الإنجازات أدت إلى سطوع اسمه بسرعة كبيرة في اليابان وفي عالم الأعمال، وقد أرخت حياته في كتب المانجا الكوميدية اليابانية.
عرض على غصن إدارة – على الأقل – اثنتين من شركات صناعة السيارات، جنرال موتورز وفورد.لكن قراره بتخصيص 4 مليار يورو (أكثر من 5 مليار دولار) لقيام رينو ونيسان معا بصناعة تشكيلة كاملة من السيارات الكهربائية، تضم سيارة نيسان ليف التي وصفت بأنها (أول سيارة كهربائية عالمية عديمة الانبعاثات بسعر مناسب)، كان واحدا من 4 عناوين للفيلم الوثائقي نقمة السيارات الكهربائية عام 2011
أمام كل هذه المعطيات يبقى السؤال المحير :لماذا يقدم رجل بهذا المستوى على التهرب الضريبي وهو يعرف سلفا خطورة مثل هذا الأمر ؟وهل أن مؤامرة ما دبرت ضد هذا الرجل العالمي؟
بانتظار جلاء التحقيق في احدى أرقى دول العالم ،تبقى هذه الأسئلة من دون أجوبة.