سياسةمحليات لبنانية

العلامة الخطيب من مارون الراس:نأمل أن تكون الزيارة المقبلة للقدس الشريف

 

الحوار نيوز – خاص

لمناسبة ذكرى الانتصار على العدو الاسرائيلي في الربع عشر من آب عام 2006 ،زار نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب اليوم المنطقة الحدودية في الجنوب وتوقف في حديقة إيران في مارون الراس ،وتحدث عن هذه المناسبة آملا أن تكون الزيارة المقبلة للقدس الشريف والصلاة في المسجد الأقصى. 

وقال العلامة الخطيب بالصوت والصورة:

وكان العلامة الخطيب أصدر بيانا لمناسبة الذكرى السابعة عشرة لعدوان تموز 2006 جاء فيه:ِ

ربما تصور الكثيرون ان المقاومة معزولة عن الأمة بل مرفوضة منها بل معادية لها وهي تفضل ما يسمى السلام  مع العدو على الوقوف إلى جِانب المقاومة.
ربما هذا هو الانطباع الحاصل مما جرى بعد انتصار الرابع عشر من آب عام ٢٠٠٦ خصوصا بعد ما حدث من تطورات في المنطقة العربية والاسلامية من حروب مذهبية سواء في العراق أو سوريا وما احدثته من تصدعات في الجسم الوطني والإسلامي ومن مجازر وسفك دماء وخراب مدن وقرى وكوارث وعداوات وضغائن واحقاد، وبالنتيجة ان المقاومة حُمِّلت نتيجة هذه الحروب واُلبِست هوية مذهبية وتمت شيطنتُها، ووصفت انها تنتمي الى محور الشر. الا ان عودة إلى ما قبل حصول هذه الاحداث وما جرى عقب انتصاري الفين والفين وستة من تحرير لبنان، وانتصار غير مسبوق عام، وما لاقته من تأييد شعبي على مستوى ما هو ابعد من العالم العربي والإسلامي مما اجبر بعض الانظمة إلى مسايرة هذا الانتصار والمساهمة بمحو آثار العدوان بترميم وبناء ما دمرته آلة العدوان الإسرائيلي، يدل بما لا شك فيه ان الأمة مع المقاومة وليست على الإطلاق مع السلام الإسرائيلي وهو ما أظهره الشعبان المصري والاردني حتى قبل انتصار المقاومة في لبنان، بل وحتى شعوب البلدان التي ذهبت حكوماتها  للتطبيع مع العدو الصهيوني لم تساير حكوماتها في التطبيع معه.
لقد كانت آثار هذين الانتصارين في لبنان على العدو بالتمسك بخيار المقاومة، الذي اثبت جدواه، وأكّد على أنّ الانتصار على العدو ممكنٌ بل حقيقي، مما فضح الحكومات التي تبنت رؤية  الاستسلام وعرّاها امام شعوبها التي تذرعت بأن الانتصار في هذه المعركة  مع العدو مستحيل بل سيؤدي إلى المزيد من الخسائر والهزائم وان الامر العقلائي يدعو إلى الاستجابة ( للسلام ) معه.
لقد كان الانتصار والتحرير الذي انجزته المقاومة فضيحة مدوية للقوى والحكومات وللجمعيات السياسيةالتي استسلمت للعدو أمام الشعوب العربية والاسلامية وشكل ضربة قاسمة للإنجاز الاسرائيلي الذي اعتبر انه انتصار نهائي له على العرب، وانه اوجد انقلابا للرأي العام العربي والإسلامي سيكون للمقاومة فيه الكلمة الفصل في الصراع القادم معه ومن يقف وراءه، وللقوى والحكومات التي دخلت أو أدخلت في هذا المسار.
لذلك كان على هذه الحكومات والجهات السياسية ان تفكر في الأسلوب الذي يقلب هذه المعادلة ويعيد الأمور سيرتها الاولى، فكانت الخديعة الكبرى باستغلال واقع الشعوب العربية وما تعانيه من مشكلات وازمات اجتماعية وسياسية وتنموية وفشل في تحقيق الاستقلال الذي تحلم به والتخلف على كافة الصعد فاوعزت إلى الجهات المرتبطة بها ان تركب حالات الاعتراض، وتاخذها إلى غير وجهتها الصحيحة إذ كانت هذه الحركات تفتقد القيادة المنبثقة من واقعها  وتاريخها وثقافتها وتقودها قوى خفية من وراء الستار وعبر الفيسبوك والتواصل الاجتماعي وامبراطوريات اعلامية حتى اسميت بثورات الفيسبوك، لتوجيهها باتجاهين؛
الاتجاه الاول:  تمثل في عدم تحقيق اي نتيجة على المستوى الداخلي لانها بدون قيادة حقيقية لها برامجها واجنداتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، سوى انها ترفع شعار النظام الديمقراطي من دون أن يكون في ايديها القدرة على صنع ذلك، لأن القيادة الحقيقية لهذه الحركات بيد الغرب الذي لا يعنيه ان تتحول أنظمة الحكم إلى أنظمة ديموقراطية، بل العكس هو المطلوب وان تبقى هذه الشعوب مقموعة لتبقي على سيطرتها وتحافظ على مصالحها. وبهذا تحولت هذه التحركات الشعبية إلى انقلابات بطريقة اخرى.
الاتجاه الثاني: تمثل في معاداة المقاومة وتصويرها على أنها حركة مذهبية، الهدف منها خدمة النفوذ الايراني الشيعي المعادي  للمذهب السني الذي يمثل  اتجاه الاغلبية السكانية للبلاد العربية والاسلامية كما يمثل الاتجاه القومي الفارسي المعادي للعروبة وان الصراع هو صراع عربي فارسي وشيعي سني وسخرت لهذه الكذبة الكبيرة والخطيرة الامكانيات المادية والاعلامية والعسكرية الهائلة والفتاوى المذهبية الجاهزة المرتبطة والتي تديرها مراكز الاستخبارات المحلية والدولية التي فتحت لها الابواق الاعلامية ابوابها لتبث سمومها، وأدخلت شعوب المنطقة في فتن مذهبية وقومية خطيرة حطمت البلاد والعباد، وقد الفت الجيوش لهذه الغاية من المرتزقة التي جلبت من اصقاع الارض بحجة الدفاع عن المذهب السني المستهدف من المذهب الشيعي الفارسي المزعوم، ومع ان وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون لم تخفِ مسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية عن هذه الفتنة والتخطيط لها، إلا أنها سرت في المنطقة سريان النار في الهشيم، وقام الغرب بدعمها علنا بالمال والرجال والاعلام والسلاح والتجييش الفكري.
 وللأسف  فقد انطلى الامر على الاغلبية من الناس بمن فيهم بعض التنظيمات الاسلامية المعروفة التي تبين قصر نظرها وأرتباطها الايديولوجي ببعض الدول الإقليمية التي ربما خيل لها ان الفرصة سانحة لتعيد سيطرتها على العالم العربي مستخدمة هذه التنظيمات لتحقيق أحلامها المستحيلة، وربما اذا أحسنّا الظن انها لم تدرِ انها استُخدمت كأداة لتحقيق الأهداف الغربية، وإزالة عوامل التهديد للكيان الاسرائيلي، والقضاء على المقاومة، فكانت عاملا اساسيا فيما جرى من نتائج خطيرة على المنطقة في استنهاض العامل المذهبي  والذي حقق بعض  أهداف الغرب في أضعاف جبهة المقاومة في وجه العدو، ولكن جبهة المقاومة استطاعت ان تفشل أهداف الغرب وتنتصر على الفتنة وتعيد الأمور إلى نصابها رغم الخسائر الفادحة التي تكبدتها، وأن تفسح المجال لبعض الدول المهمة في المنطقة العربية والاسلامية في البدء بالتفلت من هيمنة  الغرب على قرارها، واعادة النظر في حساباتها، والقيام ببعض الخطوات كان لها اثرها المهم في تخفيف الاحتقان المذهبي، واعادة اللحمة الى مكونات الامة، بعد الفشل في الاطاحة بجبهة المقاومة التي تمثلها إيران والعراق وسوريا ولبنان.
 اننا نأمل بأن تتمكن هذه المساعي الإيجابية من تعميق التعاون فيما بين بلدانها، للتحرر كليا من هذه الهيمنة التي لن تكون يسيرة اوسهلة وسيستخدم الغرب كل الاعيبه الشيطانية ويمارس كافة الضغوط لتخريب هذه الاتجاه.
ان انتصارات المقاومة على العدو الاسرائيلي ومن ورائه الغرب لم يكن انتصارا مذهبيا، كما يريده ويصوره الغرب، وإنما كان انتصارًا للأمة، تشترك فيه مكوناتها معا كما يحصل في التعاون بين قوى المقاومة اللبنانية والفلسطينة.
ان العدو الاسرائيلي اليوم وبعد التقارب الخليجي الايراني وبالاخص السعودي الايراني والسعودي السوري يشعر مرة  أخرى بالخيبة، وأمام تحدي المقاومة بالعجز واليأس من امكانية البقاء، ويرى اقتراب نهايته المحتومة، وانه لن يبلغ الثمانين التي بدت علاماتها ظاهرة في الانقسامات الداخلية التي لم تستثنِ عمودَ كيانِه  الفقري  وهو الجيش، الذي يقف عاجزا أمام تحدي المقاومة له على الحدود بخيمة يخاف اقتلاعها، وليس له بعد فشله في سحق المقاومة بعد حصارها بالفتنة المذهبية من أمل بالبقاء، بعد ان استعادت الامة وعيها، وعادت إلى رشدها.
الأمة اليوم تحتضن المقاومة وترى فلسطين والمسجد الأقصى وكل المقدسات قضيتها الاولى، وان كل انتصار على العدو انتصار لها، بما فيه انتصار الرابع عشر من آب ٢٠٠٦.

 فكل انتصار والأمة بخير، والوطن بخير، وقد تغلبا على كل عوامل الانقسام ومن الفتنة والتفرقة المذهبية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى